ستكون قضية صياغة الدستور أهم مخرجات مؤتمر الحوار، لأن كل ماعداه ستنعكس في إطاره”.. هكذا يرتب عبد الملك المخلافي- عضو مؤتمر الحوار الوطني الأولويات في قضايا المؤتمر من حيث الأهمية.. في حديث مع (الاستثمار)
- “نحن بحاجة إلى عقد اجتماعي جديد بين اليمنيين، ممثل في دستور جديد وليس مجرد إصلاحات دستورية على الدستور الحالي. ستكون هذه أول فرصة تاريخية في التاريخ اليمني أن يتفق اليمنيون عبر مؤتمر الحوار الوطني على هذا العقد الاجتماعي الممثل في الدستور”.
يبرر عضو مؤتمر الحوار هذه الأولوية من منطلق ضعف رصيد اليمن في مجال الدساتير والتي لم تكن تأتي من إرادة شعبية خالصة، فيما اليوم لأول مرة تتوفر إرادة جماعية:
- “تاريخ الدساتير في اليمن قصير”، يؤكد المخلافي.. “وأيضاً كل الدساتير اليمنية في هذا التاريخ القصير الذي لا يزيد عن خمسين عاماً من ثورة سبتمبر؛ وبعدها ثورة أكتوبر؛ ودستور الوحدة؛ هذه كلها جاءت منحة من الحاكم، وجاءت من أعلى، لم تكن نتاجاً- لا لحوار وطني ولا لإرادة شعبية- رغم أننا بعد الوحدة انتقلنا إلى مرحلة الاستفتاء على الدساتير وهي خطوة متقدمة، ولكن كانت دساتير تصاغ من أعلى، هذه هي المرحلة الأولى التي يكون فيها اتفاق بين كل الفئات اليمنية على دستور جديد”.. لهذا يعتقد القيادي الناصري البارز بأن: “هذا الفريق وهذه اللجنة- أي الدستورية- هي لجنة هامة ستنعكس فيها أعمال كل اللجان الأخرى، سواء فيما يتصل بالحكم الرشيد، أو القضية الجنوبية، أو الحقوق والحريات وغيرها من اللجان”.
عام2013 م اتسم بوجود حدثين هامين هما: الحوار الوطني وقرارات هيكلة الجيش.. عن مدى انعكاس هاذين الحدثين على الاستقرار ومن ثم التنمية والاستثمار في البلد، يعتقد بوجود علاقة تلازمية بين الدستور والاستقرار والتنمية:
- “فوجود دولة قائمة على أسس وطنية وليس ميليشيات تتبع الحاكم وعائلته، ووجود دستور ضامن سوف يؤديان إلى استقرار، والاستقرار سوف ينعكس على الاستثمار والتنمية، لأنه بدون استقرار وبدون قوانين واضحة وبدون أن يكون هناك جيشا وطنيا محايدا لا يمكن أن يكون هناك استثمار”.. حسب المخلافي.
ويتابع:
- “علينا أن ندرك أن القوات المسلّحة والأمن من ناحية، سُلبت من وظيفتها الأساسية، المتمثلة في توفير الأمن والاستقرار، والتي تحوّلت إلى وسيلة وأداة للنفوذ، وعلينا أن ندرك بأن حالة الصراعات السياسية وعدم الاستقرار وغياب العدالة قد أعاقت الاستثمار في بلادنا ، ومن ثم فإننا نعوّل على المرحلة الانتقالية بأن يعاد فيها بناء الدولة بما في ذلك الجيش والأمن، وأن هذه المرحلة الانتقالية سوف تكون البداية لتنمية حقيقية من خلال الاستثمار والتنمية، والحقيقة أن بلادنا واعدة في هذا الجانب وتستطيع أن تجلب استثمارات كبيرة إذا توّفرت شروط الأمن والاستقرار”.
ويقول “شروط الأمن والاستقرار ستتحقق من خلال مجموعة من الإجراءات حددتها الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، منها هيكلة الجيش والأمن، ومنها الحكم الرشيد، ومنها الحوار الوطني الذي يعتبر أحد الأسس الهامة لبناء الدولة وتحقيق الاستقرار كما ذكرت، ومن ثم فإننا ندعو المتحاورين إلى أن يدركوا بأن اليمن قد أضاعت وقتاً طويلاً من عمر هذا الشعب، خلالها كانت هناك فرص كثيرة للتنمية والاستثمار والازدهار، وخلال مراحل تلك الفرص حصل تقدم هائل على مستوى العالم والمنطقة، وتدفقت موارد كبيرة للعالم والمنطقة كانت اليمن محرومة منها.. ومن ثم فإننا نقول لأعضاء مؤتمر الحوار بأن يدركوا ما ضاع من خلال حوار جاد ومسئول يتطلع إلى المستقبل ويقطع الصلة مع الماضي ، ويدركوا بأن اليمن والشعب لم يعودا يمتلكان ترفاً لإضاعة الوقت ولا ترفاً للخلاف، وهذا الحوار يجب أن يقطع الصلة مع الماضي الآن وإلى الأبد ، وأن نبني مستقبلاً مختلفاً نستطيع من خلاله أن ننطلق الى التنمية والبناء بعد أن يكون قد حدث استقرار فيما يتصل بالسياسة”.
يبدي المخلافي قدراً كبيراً من التفاؤل بخصوص مؤتمر الحوار، طلبنا منه مايتوقعه، لا مايتمناه، حول رؤيته للمستقبل القريب:
- “في حقيقة الأمر أنا متفائل ولست متشائماً أبداً”- وزاد: “أعتقد أن ما وصلنا إليه لم يعد قابلاً للبقاء، حتى وإن حاول البعض جرّنا إلى الماضي، لم يعد الماضي قابلاً للبقاء أو الاستمرار، وبحكم طبيعة الأشياء وبحكم التاريخ لن يقبل الشعب الذي قام بثورة عظيمة ببقاء هذا الوضع، ولا أعتقد بأن هذه النخبة من اليمنيين مهما اختلفت ستتحمّل مسئولية إضاعة هذه الفرصة التاريخية، ولا أظن بأن العالم سوف يقف متفرّجاً علينا ونحن نضيع فرصة تاريخية للاستقرار والأمن والتنمية وبناء يمن جديد، ولهذا أنا متفائل ولست متشائماً على الإطلاق”.
لا يكتفي بالتفاؤل فحسب، بل يعزّزه بنبرة تحدٍ للمتاعب:
- “أدرك بأن هناك صعوبات، ولكن رغم هذه الصعوبات فإن يمناً جديداً يصنع الآن”- قال المخلافي: “هذا اليمن الجديد أتوقع أن يولد مع انتهائنا من الحوار الوطني وهذه الفترة الانتقالية.. صحيح أنه لن يولد دفعة واحدة، ولكن سنسير في الطريق الصحيح وهذا ما تفعله الشعوب”.
مجلة الاستثمار العدد45