في الذكرى الـ 29 لتوليه قيادة اليمن - فخامة الرئيس علي عبدالله صالح خص
« الاستثمار» بأول حوار صحفي مكرس لقضايا الاستثمار ينشر بالتزامن مع مجلة
C.K الأمريكية. أينما وليت وجهك في كل بقاع اليمن.. ستجد أن آفاقها إلى
التجديد والحداثة وقوة الاقتصاد والاستثمار لن تكون مغلقة على العالم في
قادمات الأيام. نعم.. لن تكون مغلقة، وفيها من يصنع الحداثة بتميز، وينتزع
دهشة العالم ببناء الثقة لثلاثي التنمية: الانسان، الاستثمار، الاستقرار.
ثلاثة ملفات واجبة ولعلها مصيرية لتجليها الدائم في الفكر الاستراتيجي
للرئيس علي عبدالله صالح، كما عبَّر عنها في أحاديثه وكلماته وأعماله؛
التي ستبدو شامخة ذات يوم حين يقدر للأجيال أن تقرأ تاريخ هذه الحقبة. في
هذا الحديث الهام.. لفخامة الرئيس لمجلة (الاستثمار) والذي ينشر بالتزامن
مع مجلة (سي. كيه- الأمريكية) يبدو الاهتمام بهذه الثلاثية واضحاً..
ويتأكد من خلاله أن الانسان اليمني هو الأغلى والأقدس في فكر الرئيس الذي
يبدو منظماً وقته لكافة مسؤولياته كرئيس دولة؛ ولهذه الملفات في أجندته
مكانة خاصة. عرف الرئيس علي عبدالله صالح بأفكاره الخلاقة ونظراته العميقة
التي تفصح عن شخصية رجل دولة وقائد متمكن من مهارات الاستماع والتحليل
واتخاذ القرار السليم بعملية ذهنية واحدة. أثناء اخراج هذه المقابلة
تذكرنا موقفاً للرئيس مع مسؤولي احدى الوزارات الايرادية، أو ذات الطابع
الاستثماري، والتي تتمتع بخبرات عالية وكفاءات علمية كبيرة. وجدنا كيف أن
علي عبدالله صالح كان يوجه اسئلته وكيف كان يثير الأفكار حد أنها كانت
تحرج المختصين وتذهلهم بعاصفة ذهنية من الأفكار والرؤى المستقبلية
الاستثمارية التي غابت عن مدارك البعض، رغم أنها من صميم اختصاصهم!!. ومع
أن اليمن مازالت تمور بكنوز المعادن والفرص الواسعة.. علينا أن نقرأ هذا
الحوار وأن ننصت إليه.. قراءة تعي تماماً مضامين المفردات؛ فالرئيس يقدم
دعوات جادة ليست من باب البراعة السياسية والدبلوماسية وليست ردوداً على
مجرد اسئلة، بل تقديم رؤية وتسويق مدروس لمقدرات وموارد اليمن لبناء
شراكات اقتصادية اقليمية ودولية. إنه يتعهد بتوفير مناخات وخدمات ومزايا
وفرص أوسع.. للمستثمرين; ورعاية كاملة تلخص الآفاق
المجلة: لقد سلط مؤتمر الاستثمار الأخير الضوء على بعض فرص الاستثمار المتوفرة في اليمن للمستثمرين الأجانب ومنح نظام "النافذة الواحدة" الجديد للهيئة العامة للاستثمار وهناك آمال كبيرة في حدوث طفرة استثمارية لكن المخاوف مازالت قائمة حول فاعلية تنفيذ هذه السياسة. هل كان المؤتمر ناجحاً بمعايير الانعكاسات الايجابية على واقع الاستثمار؟
الرئيس: مؤتمر فرص الاستثمار الذي انعقد مؤخراً في صنعاء مثّل فرصة جيدة لتبادل الكثير من الأفكار المثمرة بين المسؤولين والمستثمرين المهتمين بالاستثمار في اليمن وخاصة على صعيد البحث عن أفضل السبل الكفيلة بتشجيع الاستثمار وتقديم التسهيلات للمستثمرين وحيث تم الخروج برؤية حول أهمية ايجاد نظام النافذة الواحدة عبر الهيئة العامة للاستثمار من أجل أن يتمكن المستثمرون من انجاز معاملاتهم بسهولة ويسر ودون أية تعقيدات إدارية أو بيروقراطية .
كما أن حضور المستثمرين الى اليمن للمشاركة في ذلك المؤتمر أتاح لهم الاطلاع على الكثير من الفرص الاستثمارية الواعدة في اليمن وإمكانية المساهمة فيها سواء منفردين أو عبر شركاء.
المجلة: ماذا سيجد المستثمرون الأجانب من فرص ومزايا في اليمن؟
الرئيس: اليمن بلد زاخر بالفرص الاستثمارية المغرية سواء في مجالات الطاقة والغاز والمعادن أو في مجالات الصناعة والزراعة والأسماك أو السياحة بأنواعها والبناء العقاري أو الصحة أو الطرقات والنقل أو الاتصالات أو غيرها من المجالات..
ولدينا تشريعات قانونية ممتازة ومشجعة للمستثمرين وتقدم لهم كافة التسهيلات والضمانات الكفيلة بنجاح استثماراتهم.
المجلة: مامستوى اهتمامكم بالاستثمار انطلاقاً من أهميته في خدمة الاقتصاد الوطني؟
الرئيس: نحن نركز الآن على تعزيز البيئة الاستثمارية الجاذبة لمزيد من الاستثمارات وندرك بأن تدفق الاستثمارات على بلادنا سوف يسهم في الدفع قدماً بعجلة التنمية وبالتالي خدمة اقتصادنا الوطني وتوفير المزيد من فرص العمل للحد من البطالة ومكافحة الفقر وهذا الأمر سوف يكون له الكثير من الانعكاسات الإيجابية في الكثير من الجوانب ليس على مستوى اليمن فحسب، بل والمنطقة والعالم عموماً.
المجلة: كيف يعمل النظام الجديد لهيكلة الاستثمار عبر "النافذة الواحدة" وهل الهيئة العامة للاستثمار مهيأة بشكل كفء للاستجابة مع المطالب الجديدة الملقاة عليها؟
الرئيس: في إطار الترجمة الفعلية لقرارات مؤتمر فرص الاستثمار نعمل على تطوير هيكلية الهيئة العامة للاستثمار وتنفيذ رؤية (النافذة الواحدة) من أجل الدفع بعملية الاستثمار الى الآفاق المنشودة ونحن دوماً على استعداد للاستفادة من تجارب الآخرين ورؤاهم طالما كانت مفيدة لنا، ونعمل لتحقيق نجاحات لجذب المزيد من الاستثمارات إلى بلادنا، خاصة في ضوء نجاح المشاريع الاستثمارية السابقة الموجودة حالياً في بلادنا والتي تمثل نماذج حية أمام المستثمرين الجدد والفائدة مشتركة والفرص مغرية ومشجعة ونحن في القيادة نولي ملف الاستثمار اهتماماً خاصاً وهو يحظى بمتابعتنا الشخصية نظرا ًلأهميته ولحرصنا على تهيئة السبل والامكانيات لإنجاحه.
المجلة: في رأيكم ماهي أفضل الفرص المتوفرة وكيف ستكون تجربة الاستثمار في البلاد.. على أية شكل؟
الرئيس: لقد سبق لي أن أوضحت لكم ما هي المجالات التي يمكن الاستثمار فيها واليمن بلد واعد وغني بتنوع جغرافيته وبالإمكانات والفرص الاستثمارية المتاحة فيه وفي مختلف المجالات والمناشط الاقتصادية..
والمستثمرون سيجدون فيه مجالات وفرصا متعددة للاستثمار وسيضمنون تحقيق عائدات مجزية لهم، وما هو موجود من نماذج استثمارية ناجحة فيه خير دليل على ذلك. والاقتصاد اليمني قائم على الاقتصاد الحر وآلية السوق، وفيه للقطاع الخاص دور هام وكبير في عملية البناء وتنفيذ المشاريع الاقتصادية والانتاجية وفق رؤية قائمة على التنافس من أجل تحقيق الأفضل وتحقيق العائدات المجزية وفي إطار الالتزام بالنظام والقانون.
المجلة: يعتبر النفط والغاز والمعادن من الثروات الرئيسة لاقتصاد البلاد مستقبلاً .. يدر قطاع النفط أكثر من 70 % من العائدات للحكومة مما يؤدي الى اعتماد اليمن على هذا القطاع، وتحاول حكومتكم انعاش الاستثمار في قطاع كان يتضاءل وهناك استثمارات إضافية لتعزيز طاقة مصافي النفط ولكن: ماذا يحمل المستقبل لقطاع الثروة الطبيعية في اليمن؟
الرئيس: اليمن وكما قلت واعد بتنوع المصادر والثروات المخزونة فيه سواء في مجال النفط والغاز أو المعادن وحيث توجد حالياً العديد من الشركات ومن مختلف الجنسيات التي تقوم بعملية الاستكشاف والتنقيب واستخراج النفط والغاز والمعادن ..
وهناك عرض مستمر لقطاعات ومناطق امتياز جديدة في هذا المجال سواء في اليابسة أو في المناطق المغمورة في البحر.. كما أن عملية الاسكتشاف والتنقيب مستمرة سواء في مجال النفط والغاز أو في المعادن..
ويجري حالياً إنشاء مشروع عملاق لتصدير الغاز الطبيعي المسال عبر ميناء بلحاف على البحر العربي وبتكلفة تبلغ حوالي خمسة مليارات دولار يقوم به ائتلاف لمجموعة من الشركات تقودهم شركة توتال الفرنسية ..
ونحن نشجع الشركات سواء الوطنية أو من الدول الشقيقة أو الصديقة للاستثمار في هذا القطاع نظراً لما له من أهمية على صعيد توفير موارد هامة للاقتصاد الوطني. نحن متفائلون دوماً بأن المستقبل واعد بالخير في هذا القطاع ونتطلع على وجه الخصوص إلى أن تسفر عملية التنقيب في المناطق المغمورة عن نتائج إيجابية، كما أن بلادنا زاخرة بالمعادن سواء الرخام أو الجرانيت أو الحديد أو الذهب أو الزنك أو الجبس أو الأحجار الكريمة وغيرها من الأحجار المستخدمة في عملية البناء..
الإرادة والتصميم موجودان ونحن لن نألوا جهداً في بذل أقصى ما يمكن من الجهود من أجل استغلال هذه الموارد المتاحة بما يخدم التنمية وتطلعات شعبنا اليمني في النهوض والتقدم.
المجلة: استطاع اليمن مؤخراً تأمين مساعدات وصلت الى 4.7 مليارات دولار من البنك الدولي إضافة الى مساعدات مالية وفنية كبيرة من مؤسسة التمويل الدولي. ما هو الدافع الذي حفز المنظمات الدولية على التبرع بهذه المبالغ المالية الكبيرة؟
الرئيس: ما بذلته اليمن من جهود حقيقية في مجال الاصلاحات وإنجاز المشاريع التنموية عزز من صورتها ومكانتها لدى أشقائها وأصدقائها ولدى الجهات والمنظمات الإقليمية والدول المانحة، لهذا جاء مؤتمر لندن للمانحين لدعم مسيرة التنمية في اليمن وماحققه من نجاح ملموس، حيث حصلت منه اليمن على ما يقارب 5 مليارات دولار ليجسد حقيقة تلك النظرة الإيجابية لليمن لدى المانحين واستعدادهم للوقوف الى جانب اليمن في مسيرتها التنموية ونحن سعداء بذلك ونعمل على تعزيز تلك الشراكة القائمة مع المانحين خاصة أشقاءنا في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي الذين كان لإسهاماتهم الجيدة دور هام في إنجاح ذلك المؤتمر والخروج منه بمثل تلك النتائج وفي إطار الحرص المشترك اليمني- الخليجي على تسريع خطوات تأهيل الاقتصاد اليمني وإدماجه في اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي باعتبار أن ذلك فيه خدمة ومصلحة مشتركة للجميع ..
ونحن في اليمن نواصل بذل الجهود في هذا المجال وقطعنا شوطاً لا بأس به، ونحن مرتاحون له ونتطلع الى المزيد.
المجلة: ماهي الآلية التي وضعت للاستفادة من أموال المانحين؟
الرئيس: بالنسبة لكيفية الاستفادة من الأموال التي اعلنت في مؤتمر المانحين فإننا أكدنا استعدادنا لإيجاد آليات مناسبة وفعالة تضمن الاستفادة المثلى من تلك الأموال بما في ذلك إنشاء صندوق يتم وضع تلك الأموال فيه، التي سيتم تخصيصها لتمويل مشاريع خدمية وإنمائية سبق التفاهم فيها مع المانحين ثنائياً وهي مشاريع مدرجة ضمن خطط وبرامج معدة سلفاً ومتفق عليها ..
والحمد لله أن اليمن يحظى بثقة أشقائه وأصدقائه المانحين لما يمارسه من شفافية في التعامل معهم وكل ما يتم توفيره من تمويلات سيتم تسخيره لصالح إنجاز مشاريع تحتاجها عملية التنمية في بلادنا والإرتقاء بمستوى حياة المواطنين وسيتم ذلك بكل شفافية ووضوح وفي إطار معايير وأسس متفق عليها ولا خلاف حولها أبداً.
المجلة: كيف تنظرون الى احتمال تأثير إجراء تغيير في قيادة البنك الدولي على علاقته مع اليمن؟
الرئيس: أولاً علاقتنا بالبنك الدولي وبكل مؤسسات التمويل الدولية جيدة ومتطورة وقائمة على الوضوح والشفافية والثقة ولهذا فإن هذه العلاقات لا تتأثر بأية متغيرات ونحن حريصون دوماً على تعزيزها وتطويرها وفق رؤية واضحة وإيجابية.
المجلة: ما هي آمالكم المستقبلية فيما يتعلق بالمؤسسات والمستثمرين الذين يتخذون من واشنطن دي سي مقراً لهم؟
الرئيس: بالنسبة لتطلعاتنا إزاء المستثمرين في الولايات المتحدة الأمريكية فكما أكدت لك سابقاً نحن نرحب بهم ونشجعهم على الاستثمار في بلادنا وسيجدون منا كل الرعاية والاهتمام وبما يحقق المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة بين بلادنا وبين هؤلاء المستثمرين، وهناك استثمارات أمريكية ناجحة ومثمرة في اليمن يمكن الاقتداء بها وسنعمل دوماً على جذب المزيد من الاستثمارات الى بلادنا سواء كانت أمريكية أو غيرها وهذه هي تطلعاتنا وطموحاتنا لأن الاستثمار يحقق فوائد مشتركة للجميع ويعزز من العلاقات الثنائية بين البلدان والشعوب وهو يبني قاعدة متينة من تشابك المصالح تحمي العلاقات السياسية من أية متغيرات أو تقلبات في المواقف والظروف السياسية سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.. وكلما تشابكت المصالح المشتركة تعززت العلاقات وانفتحت أمامها آفاق أوسع للإنطلاق والإزدهار.
المجلة: فضلاً لو شرحتم أسباب تشكيل الحكومة الأخيرة بما في ذلك مدى المؤهلات والقدرات التي تتمتع بها الوجوه الجديدة للتعامل مع التحديات التي تواجه اليمن؟
الرئيس: تشكيل الحكومة الجديدة جاء وفقاً لمقتضيات المصلحة الوطنية والحرص على التجديد والدفع بدماء جديدة وكفؤة لتحمل مسؤوليات المرحلة القادمة خاصة بعد النجاح الذي حققته الإنتخابات الرئاسية والمحلية وما صاحبها من تقديم برنامج إنتخابي نال به رئيس الجمهورية والمؤتمر الشعبي العام الحزب الحاكم، الثقة من الشعب عبر صناديق الاقتراع وقد تضمن ذلك البرنامج رؤية لإنجاز مهام البناء المستقبلي ومن أجل يمن جديد ومستقبل أفضل .. لهذا اقتضت الضرورة إجراء التعديل الحكومي الجديد لإنجاز المهام الواردة في ذلك البرنامج وترجمة التطلعات الوطنية المنشودة .. والتجديد عموماً يظل مطلوباً ومهماً من أجل الحراك المستمر وتجاوز الجمود والعمل بما يخدم المصلحة الوطنية.
المجلة: ما حجم الفساد في اليمن وما هي الإجراءات المتخذة للتعامل مع هذه القضية؟
الرئيس: اليمن بلد محدود الإمكانات والموارد.. وقضية الفساد يجري تضخيمها من بعض الأطراف الحزبية أو الصحف التابعة لها لأهداف مقصودة وكيدية وللأسف أن البعض في الخارج يلتقط ذلك ويتعامل معه كحقيقة غير قابلة لأي تصحيح أو نقاش ومع ذلك فإننا نتعامل مع قضايا الفساد بجدية وحزم إنطلاقاً من إدراكنا بأن الفساد مهما كان حجمه خاصة في بلدٍ مثل بلدنا يضر بعملية التنمية ويعوّق الجهود المبذولة من أجلها لهذا أولينا هذه المسألة كل الاهتمام وتم تفعيل عملية الرقابة والمحاسبة سواء في البرلمان أو في الأجهزة المعنية بذلك وتم إحالة الكثير من القضايا، المرتبطة بالاعتداء على المال العام أو ممارسة الفساد المالي والإداري، الى القضاء وبصورة مستمرة لمحاسبة الفاسدين أياً كانوا.. كما أنه تم تنفيذ أجندة وطنية للإصلاحات ومنها ما يتصل بمكافحة الفساد حيث تم إصدار قانون للذمة المالية وقانون آخر لمكافحة الفساد، وتم تشكيل هيئة وطنية مستقلة لمكافحة الفساد بالإضافة الى انه تجرى مناقشة قانون للمناقصات والمزايدات الحكومية في مجلس النواب تمهيداً لاصداره وسيتم إنشاء هيئة وطنية مستقلة أيضاً معنية بشؤون المناقصات والمزايدات الحكومية كما أن اليمن بصدد الانضمام الى اتفاقية الشفافية الخاصة بعائدات الاستخراجات النفطية وذلك من أجل مزيد من الشفافية.. نحن بحاجة الى توظيف كل موارد البلد وإمكاناته وتسخيرها في مجالات البناء والتنمية والنهوض بمستوى حياة المواطنين.
المجلة: كيف استجابت اليمن لمطالب المنظمات الدولية المانحة لضمان استمرار وصول المساعدات؟
الرئيس: حواراتنا مستمرة مع الجهات والمنظمات الدولية المانحة والتي عبرت عن ارتياحها للخطوات التي قطعتها اليمن في مجال الاصلاحات والاستفادة من برامج المساعدات وحيث اعتمدنا في تلك الحوارات والتعاون مع تلك الجهات والمنظمات على مبدأ الشفافية والوضوح، ونحن في اليمن ليس لدينا شيء نخفيه أو نتردد في الكشف عنه ونستفيد من كل التجارب الإيجابية لدى الآخرين من أجل تعزيز كل ما هو إيجابي وتجاوز أية جوانب سلبية ونحن نهتم بالملاحظات ووجهات النظر التي تصلنا من اصدقائنا في تلك الجهات المانحة ونأخذ بكل ما هو إيجابي ومنطقي فيها، لأن الهدف هو الاستفادة المثلى من أية مساعدات أو منح أو قروض نحصل عليها من أجل خدمة التنمية في بلادنا.
المجلة: يقف اليمن في طليعة المحاولات الدولية لمعالجة الارهاب وبالدعم المادي والفني القوي المقدم من الولايات المتحدة الأمريكية ودول مجلس التعاون الخليجي.. تمكنت حكومتكم من تحقيق بعض النجاح في إلقاء القبض على إرهابيين واستئصال جذور الإرهاب ويبقى الكثير للقيام به. ما حجم مشكلة الإرهاب في اليمن وما هي الإجراءات التي تقومون بها للقضاء عليه وما هي المساعدات المطلوبة من الحكومة والمنظمات الدولية؟
الرئيس: اليمن كانت من أوائل الدول التي عانت من ظاهرة الإرهاب وتكبد الإقتصاد اليمني الكثير من الخسائر نتيجة تنفيذ الإرهابيين لعدد من العمليات الإرهابية قبل أحداث الـ11 من سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية أو ما تلاها وحيث تعرضت المدمرة الأمريكية يو. إس. إس كول لاعتداء إرهابي أثناء رسوها في ميناء عدن في اكتوبر عام 2000، كما تعرضت ناقلة النفط الفرنسية ليمبورج لاعتداء مماثل أثناء وجودها في ميناء ضبة بحضرموت بالإضافة الى العديد من الأعمال الإرهابية التي استهدفت زعزعة الأمن والاستقرار والإضرار بمصالح اليمن وعلاقاته مع الآخرين وآخرها حادث الاعتداء ضد السياح الأسبان ومرافقيهم اليمنيين في محافظة مأرب.
وتكبدت اليمن نتيجة لذلك خسائر كبيرة ولكن بحمد الله تمكن اليمن وفي إطار الجهود التي بذلها لمكافحة الإرهاب ودعمه للجهود الدولية المبذولة في هذا المجال أن يحرز نجاحات ملموسة في حربه ضد آفة الإرهاب وتجفيف منابعها واتخذت اليمن الكثير من الإجراءات الحازمة والسليمة سواء على الصعيد الأمني أو على صعيد إجراء الحوار الفكري الذي أجراه مجموعة من المستنيرين من علماء الدين مع العناصر الشابة والمغرر بها وأثمرت هذه الخطوات نتائج ملموسة شهد بها الكثيرون لليمن.. وبلادنا اليوم شريك فعال للمجتمع الدولي في الحرب ضد الإرهاب.
المجلة: برأيكم ماهي أفضل السبل لمواجهة التطرف والإرهاب؟
الرئيس: الحقيقة أن ظاهرة الإرهاب والتطرف ينبغي النظر إليها ومواجهتها من خلال إدراك الأسباب والمناخات المشجعة على تناميها حيث تستغل ظروف الفقر والبطالة وغياب العدالة الدولية في بعض القضايا الإقليمية لاستقطاب الشباب من قبل بعض المتطرفين للزج بهم لارتكاب أعمال عنف وإرهاب من أجل زعزعة الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، ولهذا من المهم أن تتضافر الجهود الدولية من أجل القضاء على مثل تلك البيئة المشجعة للإرهاب، وأن تقف الدول الغنية الى جانب الدول الفقيرة من أجل مساعدتها على التغلب على تحديات التنمية والقضاء على الفقر والبطالة وتجنب تطبيق معايير مزدوجة في التعامل مع قضايا النزاعات والمشكلات الإقليمية والدولية من أجل تفويت الفرصة على المتطرفين في استغلال مثل ذلك للتغرير بالشباب ودفعهم نحو ارتكاب أعمال العنف والإرهاب.. وكما قلت الإرهاب أصبح يمثل آفة دولية خطيرة تحتاج الى تضافر جهود الجميع في المجتمع الدولي لمحاربتها واستئصالها.
المجلة: في الوقت الذي يستمر فيه تهديد الإرهاب الذي يلقي بظلاله على الكثير من الدول في المنطقة اخترتم بناء علاقة قوية مع الحكومة الأمريكية وأصبح اليمن حليفاً هاماً في "الحرب على الإرهاب" ولقد قمتم مؤخراً بزيارة واشطن. ما هي أهم القضايا التي ركزت عليها المباحثات بين الرئيس بوش وفخامتكم؟
الرئيس: المباحثات التي أجريناها مع فخامة الرئيس جورج دبليو بوش خلال زيارتنا الناجحة للولايات المتحدة الأمريكية التي تمت في شهر مايو تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية ومجالات التعاون المشترك والشراكة القائمة بين اليمن والولايات المتحدة الأمريكية وعلى مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية والأمنية وجهود مكافحة الإرهاب.
بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر إزاء تطورات الأوضاع الراهنة في المنطقة وفي طليعتها التطورات في فلسطين والعراق ولبنان والصومال وأفغانستان، والملف النووي الإيراني. بالإضافة الى السبل الكفيلة بدفع جهود تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط وعلى ضوء المبادرة العربية للسلام التي تم إقرارها في قمة بيروت العربية وأكدتها القمة العربية في الرياض..وعبرنا للرئيس بوش والمسؤولين في الإدارة الأمريكية عن أهمية أن تضطلع الولايات المتحدة الأمريكية بدور فعال للدفع بمسيرة التسوية السلمية في المنطقة وذلك من خلال اقناع إسرائيل بالقبول بالمبادرة العربية التي تمثل الحد الأقصى الذي يمكن للعرب التنازل عنه من أجل تحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة.
المجلة: هل كانت الزيارة ناجحة؟
الرئيس: لقد كانت الزيارة بكل المقاييس ناجحة وتحققت من خلالها ثمار جيدة سواء على صعيد تعزيز العلاقات ومجالات التعاون المشترك، أو من خلال تلك التعهدات التي عبر عنها الجانب الأمريكي لدعم مسيرة الإصلاحات والديمقراطية والتنمية في اليمن التي حظيت بإعجاب وتقدير الأصدقاء الأمريكان والجهات الصديقة والمانحة لأن اليمن قدمت بذلك نموذجاً رائداً في المنطقة وخاصة في ضوء ما حققته الإنتخابات الرئاسية والمحلية التي جرت في شهر سبتمبر 2006م من نجاحات وما اتسمت به من الشفافية والنزاهة التي شهد بها لها المراقبون الدوليون الذين حضروها ونالت تقدير العالم.
المجلة: كيف ستتعاملون مع الزخم الذي نتج عن الزيارة في الفترة المقبلة خلال هذا العام؟
الرئيس: نحن حريصون دوما ًعلى تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية والشراكة القائمة بين بلادنا والولايات المتحدة الأمريكية وكما أوضحت فلقد تحققت نتائج إيجابية لتلك الزيارة التي قمنا بها للولايات المتحدة الأمريكية وخاصة على صعيد الحصول على الدعم الأمريكي لجهود اليمن في مجال التسريع بوتائر التنمية والتغلب على تحدياتها..
وقد تم تأهيل اليمن وتقديراً لجهودها وما حققته من خطوات متقدمة في مجال الإصلاحات والديمقراطية وحرية الصحافة ومشاركة المرأة واحترام حقوق الإنسان للاستفادة من برامج صندوق تحديات الألفية وحيث دخلت اليمن في مرحلة (العتبة) وهي مهيأة للانتقال إلى المراحل الأخرى من برامج الصندوق وهذا سوف يسهم في تعزيز جهود اليمن المبذولة في المجال التنموي والتغلب على مشكلات الفقر والبطالة.
ونحن أيضاً نتطلع إلى أن تكون الزيارة قد فتحت آفاقاً جديدة أمام قدوم الاستثمارات الأمريكية الى اليمن والتي ما من شك سيكون لها دور إيجابي في تنمية وخدمة المصالح المشتركة وفي الدفع بعملية التنمية في بلادنا.
ونحن دوماً نرحب بهذه الاستثمارات وغيرها من الاستثمارات من الدول الشقيقة والصديقة وستحظى من قبلنا بكل الرعاية والاهتمام والتشجيع.
خطــــــــــوات واثـــقـــــــــــة
الاستثمار نت
من الوحدة الى تحقيق مكانة دولية ينطلق الرئيس باليمن نحـو آفاق جديدة معتمـــــــــــــداًعلــــــــى 3 ملفـــــــات حاسمـــــــــــة : الانســــان، الاستثمــــــار، الاستقـــرار :