أكد تقرير "شيب آند بونكر" الدولي، أن قرار "أوبك" في اجتماعها الوزاري الأخير أثار عديدا من التساؤلات حول آليات ضخ هذه الزيادة الإنتاجية التي تقدر بمليون برميل يوميا إلى المستهلكين.
ولفت إلى أن أبرز ملامح الاجتماع تمثلت في مراعاة احتياجات المستهلكين كمبدأ رئيس لـ"أوبك" وهو ما أكد عليه كل من المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، ونظيره الإماراتي سهيل المزروعي رئيس مؤتمر عام "أوبك".
وأوضح التقرير - المعني بالشحن والمخزونات -، أنه مثلما جاءت الزيادة متوقعة منذ تحقق التوافق عليها في منتدى سان بطرسبيرج بين وزيري الطاقة السعودي والروسي فان المحللين الدوليين يرون أن التحديد الدقيق للزيادات ومصادرها ستأتي قريبا جدا وستكون متوافقة مع التوقعات التي ترى أن السعودية وروسيا وبعض منتجي الخليج هم الأقدر على إجراء هذه الزيادات في ظل صعوبات تواجه منتجين آخرين.
وأشار التقرير إلى أن الأسعار منذ ختام الاجتماع كسبت نحو 3 في المائة، وهو ما يؤكد أن الزيادة أقل من توقعات كثيرين علاوة على توقعات أخرى بأن الزيادة فعليا ستكون أقل من مليون برميل يوميا حتى نهاية العام الجاري، وقد لا تتجاوز بحسب تقديرات البعض عمليا 700 ألف برميل يوميا بسبب ضعف القدرات الإنتاجية لعدد غير قليل من المنتجين.
ونقل التقرير عن توقعات محللين دوليين أن السوق سيظل ضيقا في المعروض النفطي حتى لو تم ضخ الزيادة المعلن عنها بالكامل وذلك نظرا لنمو الطلب بشكل أسرع إلى جانب الانخفاضات الأوسع المتوقعة في إنتاجي فنزويلا وإيران بسبب صرامة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليهما وسيكون الأمر أكثر صعوبة في الربع الرابع من العام الجاري.
وتوقع التقرير إضافة زيادات إنتاجية متتالية تبدأ من اجتماع المنتجين في الثالث من كانون الأول (ديسمبر) المقبل، لافتا إلى أن اجتماع لجنة مراقبة خفض الإنتاج الوزارية في الجزائر في أيلول (سبتمبر) المقبل سيتم خلالها تقييم أثر الزيادة ورفع توصيات جديدة لتطورات السوق إلى وزراء الدول المنتجة في "أوبك" وخارجها.
وأوضح التقرير أن العوامل الجيوسياسية ستكون ذات تأثير واسع في السوق النفطي على المدى القصير بسبب ملف العقوبات على إيران وفنزويلا بالدرجة الأولي وهو ما يدعم صعود الأسعار، إضافة إلى نمو الطلب بشكل جيد.
وأشار التقرير إلى أنه في وقت لاحق سيشهد النمو الاقتصادي في الاقتصاديات الناشئة بعض التباطؤ بينما في المقابل فهناك استمرار الزيادة في إنتاج دول خارج "أوبك" وهو ما يرجح معه بقاء الأسعار في مستويات متوسطة غير مفرطة في الارتفاع.
وفي سياق متصل، استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على انخفاض في أول رد فعل في الأسواق على قرار منظمة "أوبك" والحلفاء من خارجها بزيادة الإنتاج بنحو مليون برميل يوميا وذلك خلال اجتماعهم الموسع في فيينا يومي الجمعة والسبت الماضيين.
لكن الأسعار تلقت في وقت سابق دعما من بيانات "أوبك" الإيجابية عن قوة الطلب خاصة في النصف الثاني من العام الجاري إلى جانب ما طرحته من رؤية تفاؤلية لوضع السوق خلال السمنار الدولي السابع الذي شهد تقاربا واسعا بين دول الإنتاج والاستهلاك والشركات الدولية.
وفي هذا الإطار، قال لـ"الاقتصادية"، بيل فارين برايس مدير شركة "بتروليوم بوليسي انتلجنس"، إن الزيادة الإنتاجية التي أقرها المنتجون في "أوبك" وخارجها يراها البعض متواضعة، متوقعا أن يليها زيادات أخرى تدريجية وهو أمر إيجابي ولصالح السوق كما أن "أوبك" في اجتماعها الأخير أكدت على التماسك والرؤى المشتركة في التعامل مع تطورات السوق وهذا إنجاز جيد ومميز في حد ذاته.
وأشار إلى أن المقترحات الروسية كانت كبيرة نسبيا وتصل إلى 1.5 مليون برميل يوميا ولكن "أوبك" فضلت مستوى أقل من الزيادة وأخذت في الاعتبار عدم قدرة الكثير من المنتجين على زيادة الإنتاج بسبب الصعوبات الفنية وأيضا المخاطر الجيوسياسية.
من جانبه، قال لـ"الاقتصادية"، جون هال رئيس شركة ألفا أنرجي البريطانية، "يحسب لـ"أوبك" أنها نحت جانبا الخلافات السياسية واعتمدت مبدأ الحلول الوسطية وهو ما قادته بتميز السعودية وتمكنت من خلال هذه السياسات النفطية الهادئة من استيعاب المعارضة والخروج بالاجتماع بشكل سلس إلى مرحلة من التوافق الجيد والواسع".
وأشار إلى قول المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، أن بلاده منحازة للمستهلكين وتراعي تطلعاتهم وهو ما أسهم في تهدئة الأسعار وزيادة أجواء الثقة في السوق وانحسار المخاوف من احتمال وقوع نقص حاد في الإمدادات، ما قد يلهب الأسعار خاصة في ضوء النمو المتسارع في مستويات الطلب خاصة في النصف الثاني من العام الجاري.
بدوره، أكد لـ"الاقتصادية"، روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات، أن صفقة خفض الإنتاج ما زالت قائمة ومن الصعب التخلي عنها في الأمد القريب، مشيرا إلى أن ما حدث في اجتماع المنتجين الأخير يمكن تلخيصه في أنه خطوة استباقية لمنع حدوث أزمة في المعروض وفي الوقت نفسه إرضاء المستهلكين عن طريق خفض حمى الأسعار وجعلها في مدى متوسط وبشكل توافقي بين مصالح المنتجين والمستهلكين.
وذكر أن دول العقوبات الاقتصادية وهما إيران وفنزويلا حاولا تغيير أجندة الاجتماع ليميل إلى الجانب السياسي ولكن السعودية وروسيا نجحتا في حماية المنظمة من هذا الانجراف بعيدا عن دورها الرئيس وذلك من خلال تشديدهم على دور المنظمة الرئيس في قراءة تطورات السوق ومتابعة بيانات العرض والطلب وعلاج أوجه الخلل من خلال قرارات هادئة تجنب السوق أي صدمات وتدفع في اتجاه تسريع معدلات النمو الاقتصادي العالمي.
وفيما يخص الأسعار، انخفضت أسعار النفط أمس، في وقت يضع متعاملون في اعتبارهم زيادة متوقعة للإنتاج قدرها مليون برميل يوميا عقب اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" في فيينا الأسبوع الماضي.
وعلى الرغم من هذا رجح محللون أن تظل أسواق النفط العالمية تتسم بشح نسبي هذا العام.
وهبطت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت إلى 74.25 دولار للبرميل، بحلول الساعة 06:36 بتوقيت جرينتش، بانخفاض 1.7 في المائة بالمقارنة مع الإغلاق السابق.
وبلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 68.42 دولار للبرميل بانخفاض 0.2 في المائة، حيث تلقت دعما يفوق ما تلقاه برنت بفعل انخفاض طفيف في أنشطة الحفر الأمريكية وتوقف إمدادات من كندا.
وقفزت الأسعار في البداية بعد الإعلان عن اتفاق "أوبك" أواخر الأسبوع الماضي للاعتقاد بأن الاتفاق لم يدعم الإمدادات بالقدر الذي كان يتوقعه البعض.
وتخفض "أوبك" وشركاء غير أعضاء في المنظمة بما في ذلك روسيا منذ 2017 الإنتاج بواقع 1.8 مليون برميل يوميا لتقليص الإمدادات في السوق ورفع الأسعار.
وفي الولايات المتحدة، خفضت شركات الطاقة الأمريكية عدد منصات الحفر النفطية بواقع مصفاة واحدة وهو أول خفض في 12 أسبوعا، ما يقلص إجمالي عدد منصات الحفر إلى 862 وفقا لما قالته بيكر هيوز يوم الجمعة الماضي.
وارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 71.89 دولار للبرميل يوم الجمعة الماضي، مقابل 70.96 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق، كما خسرت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 72.79 دولار للبرميل.
© الاقتصادية / زاوية