تعتبر فرنسا إن مساعي السلام الأميركية بشأن حل أزمة الشرق الأوسط قد وصلت إلى حائط مسدود ، وأن الوسيط
الأميركي جورج ميتشل لم يستطع أن يحدث أي اختراق وذلك بسبب التعنت الإسرائيلي من جهة ، وبسبب عدم قدرة واشنطن على ممارسة أي ضغط على تل أبيب .ولهذا رأت باريس أن بإمكانها إخراج المنطقة من الجمود عبر استضافتها مؤتمر دولي للسلام.
يضاف إلى ذلك أن لدى الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي طموحات بشأن تمكين فرنسا من لعب دور دولي مميز ولهذا كان يقترح على الرئيس الأميركي باراك أوباما مساعدته في إدارة ملف الشرق الأوسط اعتماداً على المكانة التي يحتلها الإتحاد الأوروبي ، وعلى الدور الذي من الممكن أن تلعبه باريس في إطار هذا التكتل الدولي الهام .
ويبدو أن هناك حماساً فاتراً من الأطراف المعنية بأزمة الشرق الأوسط للمشاركة في مؤتمر دولي للسلام في باريس ليس بسبب موقف عدائي تجاه فرنسا بل لأن هذه الأطراف تعلم تماماً أن واشنطن لن تتخلى عن إدارة هذا الملف ،ولن تسمح لباريس بقطف ثماره ، كما إن إسرائيل لا تقبل أن يأتي الحل عن الطريق الأوروبي بسبب تخوفها من ضغوطات قد تتعرض لها من بعض الدول الأوروبية التي ليست على علاقات جيدة مع إسرائيل.
والخطوة الفرنسية ليست الأولى من نوعها بل سبقتها إلى نفس الطرح موسكو حيث قام وزير خارجيتها منذ عدة اشهر بجولات مكوكية شملت كل دول المنطقة بهدف تنظيم مؤتمر للسلام في العاصمة الروسية بمشاركة الجميع ،ولكن اصطدم بشروط وشروط مضادة من الدول المعنية وبعدم موافقة واشنطن الأمر الذي دفع بالخارجية الروسية إلى رفع هذا الطرح من أجندتها .
وهذا يؤكد أن باريس وأن استطاعت تنظيم مؤتمر للسلام على أراضيها إلا أن أي نجاح لمثل هذا اللقاء لن يتحقق لطالما أن واشنطن لا زالت تعتبر نفسها هي الوحيدة المعنية بإدارة كل الملفات العالمية ، وأن دور الآخرين يتوقف فقط على تقديم المساعدة والعون ويضاف إلى ذلك عامل آخر مهم وهو أن الرئيس الفرنسي ليس على علاقة جيدة مع حماس و حزب الله ، وليس طرفاً حيادياً في تأييده لإسرائيل ، كما أن سورية التي ترتبط الآن بعلاقة جيدة مع فرنسا لا توافق أن تتولى باريس مهمة لعب دور الوسيط في مفاوضات ثنائية غير مباشرة بينها وبين إسرائيل بدلاً من الدور الذي تلعبه تركيا في هذا الإطار ، فكيف بها إذاً أن توافق على أن يصبح ملف السلام في الشرق الأوسط بأيدي الفرنسيين خاصة وأن دمشق أعلنت أكثر من مرة أن لا سلام في الشرق الأوسط دون تدخل أميركي مباشر ودون رعاية أميركية .
مركز الدراسات العربي - الأوروبي - باريس







