وعايدة مسعود، البالغة من العمر 41 سنة، هي اسم على مسمى بامتياز، لأن
أحدا لا يبدو سعيدا ومنتعشا عبر الهاتف كما تبدو "أهيدا" التي هاجرت الى
أستراليا مع عائلتها من مدينة طرابلس حين كان عمرها عام واحد، فكل عبارة
تلفظها ترفقها دائما بضحكة، وهي ضحكة لها سبب تشرحه، فتقول: "أنا منسجمة
مع نفسي وسعيدة بطبعي، وأبتسم وأضحك دائما".
ولم تزر عايدة بلدها لبنان الا مرة واحدة خلال اقامتها لأربعة عقود في
أستراليا.. كان ذلك قبل 23 سنة، وأقامت أكثر من عام في طرابلس، فتعلمت
العامية هناك، ومن بعدها عادت الى سيدني، وفيها تعرفت الى ديمتري زناتي،
وهو يوناني اعتنق الاسلام حين اقترن بها قبل 10 سنوات، فأنجبت منه ابنين
وابنتين، احداهما تنزل الى الشاطيء بمايوه "لأنها صغيرة عمرها 6 سنوات.
أما شقيقتها التي تكبرها بعامين فتنزل بالبوركيني، فنحن عائلة مسلمة، نصلي ونصوم،
ونعيش منسجمين مع الاسلام" كما تقول.
وتوجز عايدة، التي كانت تعمل مصففة شعر في السابق، حكاية "البوركيني"
فتقول انها صممته لها شخصيا في البداية، لأنها كانت تشعر بحرج حين النزول
الى الشاطيء "فأنا مسلمة ولا أريد الظهور نصف عارية أمام السابحين" وحين
قامت بتصميمه نال اعجاب بعض صديقاتها وأقاربها، وراحت الواحدة بعد الأخرى
تطلبه منها، فكان انتشاره سريعا وسط المسلمات في سيدني، ثم انتشر في المدن
الأسترالية ببقية الولايات بعد أن بدأت الصحافة تتحدث عنه كظاهرة غريبة
على الأستراليين ممن يراه معظمهم الآن لباسا عاديا كبقية أزياء البحر
المعروفة.
ومن أستراليا عبر "البوركيني" الحدود ووصل الى أوروبا والشرق
الأوسط، حتى بلغ انتاج الشركة التي أسستها عايدة مسعود بين 3 و4 آلاف قطعة شهريا بألوان ومقاسات مختلفة، أرخصها قيمته 130 دولارا.
وتشرح عايدة ان الانتاج بالمفرق فاجأها كثيرا، لأنه تحول بسرعة الى انتاج
بالجملة، لذلك أسست شركة سمتها باسمها كما هو معروف في أستراليا، وهي "
شركة أهيدا" التي يعمل فيها الآن 21 موظفا، معظمهم من ألمانيا وأستراليا
ولبنان وفيتنام وباكستان.
أما زوجها ديمتري، الناشط باستيراد واعادة تصدير أمهات الكومبيوتيرات،
فيساعدها من حين لآخر، خصوصا في عمليات تصدير "البوركيني" التي بدأت منذ
عامين، ومستمرة للآن، خصوصا الى السعودية والبحرين وقطر والمغرب، كما والى
ألمانيا وكندا وهولندا وسويسرا والنروج واسبانيا "وفرنسا بشكل خاص. أما
اسرائيل فوصلتني منها طلبية لكني رفضتها.. لا أريد التعامل مع أحد هناك،
مع اني أعرف أن البوركينات كانت ستذهب الى مسلمين".
أما "المايوه الاسلامي" الذي ترغب بانتاجه للرجال، فلم تختر اسمه بعد
"لكنه سيكون لباسا للبحر يناسب الراغبين بالظهور محتشمين على الشاطيء، لأن
"
المايوه" الحالي فاضح مهما كانت نوعيته، وهو لا يناسب المرأة المرتدية
للبوركيني حين ترى على الشاطيء رجلا بمايوه عادي يكشف بعض ما يحرجها.
أما "المايوه الاسلامي" فسيحجب الكثير مما تبديه المايوهات الحالية،
وسينجح بالتأكيد" وفق تعبيرها.
والعبارات الوحيدة التي قالتها عايدة مسعود من دون أن ترفقها بضحكتها
المعهودة كانت عتابا لوسائل الاعلام العربية والاسلامية، فهي تستغرب كيف
أن البوركيني أثار الجدل في العالم كله طوال سنوات واحتل مساحات كبيرة في
الاعلام الغربي، وتسبب حتى بأزمات بين دول ومدن غربية منعته وحكومات
اسلامية دافعت عنه، من دون أن تقوم وسيلة اعلامية واحدة، عربية أو
اسلامية، بالاتصال بها لتسألها عن البوركيني ورأيها في ما يحدث بسببه هنا
وهناك.. طبعا، أخبرناها بأن عالمنا مختلف، أي عالم ينام ويستيقظ على القصف
وأخبار العمليات الانتحارية والأزمات والاجتماعات لحل الأزمات، وبالكاد
يثيره ما هو أقل أهمية.. عندها أنهت عايدة الحديث بضحكة طويلة منها،
وبالغت فيها أكثر مما ينبغي.
المصدر : العربية