شباب ورياضة نُشر

جنوب أفريقيا تواجه تحديّات أمنية صعبة بمناسبة مونديال 2010

بدأ العدّ العكسي لمونديال 2010، هذه البطولة العالمية التي ينتظرها كل أربع سنوات الملايين من عشاق كرة القدم في مختلف أقطار العالم، والتي تُجرى للمرة الأولى منذ انطلاقها في القارة الأفريقية، وتحديداً في جنوب أفريقيا التي تضع حالياً اللمسات الأخيرة لملاعب بنتها خصيصاً لهذه المناسبة، ولمطارات عملت على تحديثها، وبناها التحتية، بهدف تأمين أفضل سُبل الراحة لمشجّعي كرة القدم.
ورغم الإحتياطات التي اتّخذتها الحكومة لتجنّب أي عمليات أو هجمات أمنية تُعرّض حياة المشاركين في مباريات بطولة العالم للخطر وتُفسد العُرس الكروي العالمي، تواجه الحكومة الأفريقية تحديّات صعبة، سيّما وأنّ جنوب أفريقيا تُعتبر من الدول الأقل أمناً في العالم ويبلغ معدل جرائم القتل فيها الخمسين يومياً، ما قد يُخيف عشاق كرة القدم ويمنعهم من السفر للمشاركة في المباريات.
وفي هذا الإطار، انتهت المرحلة الرابعة من عملية بيع التذاكر في السابع من نيسان 2010 بشكل غير مطمئن نظراً لعدم بيع نصف مليون تذكرة من التي طرحت في هذه المرحلة.
وللمرة الأولى، تحدّث المنظمون عن المشكلة المتوقعة والخاصة بإمكانية وجود مقاعد شاغرة عديدة في بعض مباريات البطولة. وتعود المؤشرات الأولى لهذه المشكلة إلى كانون الأول الماضي، عندما أجريت قرعة نهائيات البطولة ووزعت المنتخبات الـ32 على 8 مجموعات، دون أن يؤثر ذلك في عملية بيع التذاكر.
وربما فضّل مشجعو كرة القدم في أوروبا، الذين يمثلون الجزء الأكبر من مشجعي كأس العالم، البقاء في دولهم على السفر إلى جنوب أفريقيا بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية أو للخوف من ارتفاع معدلات الجريمة في جنوب أفريقيا.

وبدأت الاتحادات الوطنية لكرة القدم من كل أنحاء العالم في إعادة آلاف التذاكر التي لم تبع، ما دفع الاتحاد الدولي إلى تحويل تركيزه في اتجاه مشجعي جنوب أفريقيا أنفسهم من خلال زيادة عدد التذاكر المنخفضة الثمن والتي يصل ثمنها إلى 20 دولارا أو أقل. وارتفعت نسبة التذاكر المخصصة لمشجعي جنوب أفريقيا من 11 إلى 29 بالمئة من إجمالي عدد تذاكر البطولة والتي تصل إلى 2.9 مليون تذكرة.
ولكن هذه النسبة لم تبع حتى الآن، ما دفع الـ"فيفا" إلى الاعتراف في أوائل نيسان 2010 بأنه وقع في الخطأ.
واعترف سكرتير عام الـ"فيفا" جيروم فالكه بأن استراتيجية بيع التذاكر التي طبقتها المنظمة المكلفة بذلك، والتي تتخذ من سويسرا مقرا لها، كانت خاطئة لأنها اعتمدت اعتمادا رئيسيا على الانترنت وهي خطة ليست مفضلة في بلد لا يملك أكثر كثيرا من نصف سكانها حسابات مصرفية أو اتصالا مصرفيا عبر الانترنت.
وتأمل منظمة الـ"فيفا" أن تنفد تذاكر المقاعد الشاغرة عندما تطرح التذاكر الزائدة الباقية للبيع.
واعتاد مشجعو جنوب أفريقيا شراء تذكرة الدوري في بلادهم بأقل من 5 دولارات. وأشار نجم منتخب جنوب أفريقيا سابقا جون موشوي "كرة القدم هي رياضة الفقراء هنا".
وفي الوقت نفسه، بدأ سكان هذا البلد يدركون أن البطولة لم تعد "الإوزة الذهبية" بالنسبة لهم كما كانوا يعتقدون أو يتمنون. وتراجعت شركة "ماتش"، شريكة الـ"فيفا" في برامج الضيافة، عن حجز آلاف الغرف بالفنادق بعد أن حجزتها حصريا خلال فترة المونديال
وقال مدير التسويق بمجموعة فنادق "بروتيا"، أكبر سلسلة فنادق في جنوب أفريقيا، نيكولاس بارينبلات إن بعض الفنادق في كيب تاون وديربان لا يتجاوز إشغالها 50 أو 60 بالمئة من سعتها في الأيام التي تخلو من المباريات في هاتين المدينتين.
وبينما لجأ أصحاب الفنادق إلى رفع أسعار الغرف لضعفين أو ثلاثة أضعاف ثمنها خلال فترة البطولة، فجرت مجموعة فنادق "بروتيا" مفاجأة كبيرة بتقديم عروض خاصة لحجز غرفها بأسعار تبدأ من 465 راند (65 دولارا أميركيا).
ويرى بعض المحللين الاقتصاديين أن كأس العالم ربما تجلب على جنوب أفريقيا فوائد اقتصادية ملموسة ولكنها صغيرة.
يُذكر أن الحكومة في جنوب أفريقيا أنفقت 4.5 مليارات مليار دولار أميركي على البنية الأساسية الخاصة بكأس العالم والتي شملت بناء 5 استادات جديدة وتحديث 5 استادات قديمة، حيث كان مقرراً أن تتكلّف الاستادات 11 مليار راند ولكن الإجمالي ارتفع إلى 18 مليار راند. كما أوْلت حكومة جنوب أفريقيا أهمية خاصة لتحسين العملية الأمنية.
وربما لا يتعرض الزائرون الأجانب، الذين بلغ عددهم 9.9 ملايين زائر في 2009، كثيرا للجرائم العنيفة، كما استضافت جنوب أفريقيا 140 حدثا كبيرا منذ عودتها للانفتاح على العالم بعد انتهاء سياسة الفصل العنصري "أبارتايد" في بداية التسعينيات من القرن الماضي. ولكن وقوع أي هجوم خطير خلال فترة النهائيات قد يعود بصناعة السياحة في جنوب أفريقيا سنوات إلى الوراء، لاسيما أنّ أنظار مئات الملايين من جميع أنحاء العالم ستتجه إلى جنوب أفريقيا لمتابعة أحداث البطولة.

وعيّنت الحكومة في جنوب أفريقيا 41 ألف شرطي لتأمين فعاليات البطولة. وستخضع معظم الفنادق ونزل الضيافة إلى حراسة من أفراد أمن خاص طوال فترة البطولة.
ورغم كل هذه الاحتياطات، ما زال البعض غير مقتنع بتأمين البطولة جيدا.
ولذلك رفض بعض الفنيين في شبكة "إيه آر دي" الألمانية التلفزيونية السفر إلى جنوب أفريقيا للمشاركة في تغطية أحداث البطولة خوفاً من النواحي الأمنية.
وتكهّن المشككون بأنّ كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا سيكون مصيرها هو الفشل الذريع خاصة بعد مقتل زعيم اليمين الأبيض المتشدد يوجين تيريبلانش في مزرعته في الثالث من نيسان على أيدي اثنين من العاملين السود بالمزرعة.
وضاعف هذا الحادث من الاضطرابات العنصرية.
ولكن ذلك لم يؤثر على إيمان رئيس الـ"فيفا" السويسري جوزيف بلاتر وثقته في قدرة جنوب أفريقيا على استضافة بطولة ناجحة.


 

مواضيع ذات صلة :