عربي ودولي نُشر

رؤية استراتيجية جديدة لمحور دول الخليج بزعامة السعودية امام النفوذ الايراني

شهدت الفترة الاخيرة ولا سيما الايام القليلة الماضية تصعيدا جديدا في اللهجة والحرب الكلامية بين ايران وجيرانها العرب الخليجيين. ففي تحذير واضح هو الثالث من نوعه خلال ثلاثة اسابيع قالت السعودية امس، ردا على التصريحات الايرانية وتضامنا مع حلفائها الخليجيين، إنها لن تتهاون مع أي تهديد لسيادة دول الخليج العربية. 


وندد ولي عهد السعودية الامير نايف بن عبد العزيز مساء امس في الرياض بـ «الممارسات غير المقبولة» لايران حيال الامارات في مسالة الجزر الثلاث.


«واشار الى وقوف السعودية ودول المجلس » صفا واحدا « مع البحرين والامارات » في الحفاظ على السيادة والاستقرار باعتبار ان أمنيهما جزء من أمن دول المجلس كافة .. وإن أي أذى تتعرض له أي من دولنا هو أذى يمسنا جميعا.


«واعتبر الامير نايف ان » التحديات التي تواجهنا عديدة ومتنامية بحجم مكانة دولنا وموقعها الإستراتيجي وتأثيرها في اقتصاديات شعوب العالم واستقرارها وما نناقشه في لقائنا هذا يعكس الادراك التام لهذه التحديات.


«وجاء هذا بعد اعلان ايران الاسبوع الماضي عن نشر انظمة هجومية ودفاعية في الخليج محذرة على لسان قائد القوات البحرية في الحرس الثوري الإيراني الأدميرال علي فدوي » إننا لن نسمح لأي عدو أن يدخل هذه الجزر أو يدخل الأجواء البحرية الإيرانية وسنرد على أي عمل عدائي بقوة.


وحذرت إيران الثلاثاء الماضي من أن نشر مقاتلات أميركية في دولة الامارات العربية المتحدة سيعرض الامن في المنطقة للخطر.


«وردا على التصعيد الايراني اجرت قوات درع الجزيرة، التابعة لدول مجلس التعاون الخليجي، تمارين مشتركة اطلق عليها اسم » جزر الوفاء في اشارة الى الجزر الاماراتية الثلاث، في ابوظبي يومي الاحد والاثنين الماضيين.


«وفي محاولة لتهدئة الاوضاع، وفي تحذير مبطن، دعا الناطق باسم الخارجية الايرانية رامين مهمانبرست في تصريح المسؤولين في الإمارات العربية المتحدة الى ضرورة » الامتناع عن الإدلاء بتصريحات غير حكيمة من شأنها أن تضر بالعلاقات الثنائية بين البلدين.


ان خروج العراق، او بالاحرى تغييبه، عن جبهة الصراع العربي الاسرائيلي – لو افترضنا ان جبهة كهذه ما زالت قائمة رسميا ونظريا على الاقل – وانهاء دوره كقوة اقليمية امام الطموحات الايرانية، غيّر المعادلة السياسية والعسكرية واحدث خللا في التوازن الاستراتيجي في المنطقة لصالح اسرائيل في المدى البعيد ولصالح ايران في المدى القريب، واضعف موقع الدول الخليجية وجعلها مكشوفة امام تحديات ايران وطموحاتها المتنامية. وهذا ما دفع هذه الدول للتفكير في اعادة تشكيل وتنظيم بنيتها العسكرية والدفاعية لخلق توازن استراتيجي بينها وبين ايران وبما يتلائم مع الاوضاع الجديدة ليس فقط في منطقة الخليج وانما في عموم المنطقة لا سيما بعد ثورات الربيع العربي وما يجري حاليا في سوريا.


لكن دول الخليج ومعها حليفتها الرئيسية الولايات المتحدة تعي جيدا ان قدراتها العسكرية لا تمثل، كميا على الاقل، قوة حقيقية امام الآلة العسكرية الايرانية وترسانتها الصاروخية الضخمة، ولا يمكنها التصدي بمفردها لايران في حال تعرضها لهجوم من قبلها. لهذا فهي تعتمد على تحالفاتها مع القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة في حساباتها الاستراتيجة الدفاعية.


«وجاء نشر الولايات المتحدة لطائرات » اف – 22 المتطورة الاسبوع الماضي في دولة الامارات العربية المتحدة في اطار هذا التقييم وتوكيدا لهذا الواقع. 


من جانبها انهت فرنسا والامارات امس اسبوعين من المناورات العسكرية المشتركة في صحراء ابوظبي غير البعيدة عن مضيق هرمز الاستراتيجي حيث الجزر الثلاث التي تسيطر عليها ايران.


المفارقة ان الولايات المتحدة - بتعاون او تواطؤ وتأييد علني او ضمني من دول الخليج - بتدميرها البنية والالة العسكرية العراقية اضعفت العراق امام القوة الايرانية الصاعدة في الخليج والمنطقة عموما وهي تسعى الان لدعم دول الخليج وتعزيز قدراتها كبديل للقوة العراقية التي سبق ان دمرتها.


ان الاحداث التي عصفت بالمنطقة منذ اندلاع الثورات العربية واستمرار الازمة السورية وتجدد الاحتجاجات في البحرين دفعت باتجاه تبلور تحالفات جديدة وتكريس التحالفات القديمة بين مختلف الاطراف المتنافسة. فبينما تحاول ايران ترسيخ دورها السياسي في المنطقة وتعزيز وجودها العسكري في الخليج، تسعى دول الخليج، بقيادة السعودية، من جانبها وبالتعاون مع حليفها الاميركي، الى بناء قدراتها العسكرية وتنظيم دفاعاتها المشتركة في وجه ما تعتبره خطرا ايرانيا متزايدا يهدد كياناتها.


ان استمرار الازمة السورية واحتمال سقوط النظام هناك وما سيتبعه من تداعيات على هيكلة التحالف بين حزب الله في لبنان وايران وكذلك بين الاخيرة وباقي الاحزاب والتكتلات الشيعية في العراق والمنطقة سيضعف ايران الى حد كبير وسيقوي موقف الدول الخليجية.



 

مواضيع ذات صلة :