ويمثل نجاح تطبيق المشروع نقلة نوعية في الكويت، إذ إن الوضع الراهن لإصدار التراخيص يقوم على استخراج أصحاب الأعمال لتراخيص متعددة من جهات مختلفة، بينما تخضع المرحلة الأولى من مشروع الرخصة الذكية لإشراف خمس مؤسسات حكومية، هي وزارة التجارة والصناعة، وبلدية الكويت، وقوة الإطفاء العام، والهيئة العامة للقوى العاملة، والهيئة العامة للغذاء والتغذية، ما يعني شمولها لجميع الموافقات الرقابية بتواريخ صلاحية متزامنة، وتقليص زمن إصدار التراخيص عبر نظام رقمي متكامل، وفقا لما أورده تقرير نشرته منصة biometricupdate المتخصصة في نشر الأخبار والتحليلات والأبحاث المتعلقة بسوق التكنولوجيا البيومترية عالميا.
ومن شأن ذلك تبسيط الإجراءات وتعزيز شفافية بيئة الأعمال، وتسهيل التفتيش والرقابة عبر نظام رقابي موحد، فضلا عن دعم التحول الرقمي في دولة الكويت بتحديث تلقائي للبيانات وربط الجهات التنظيمية، وفقا لما أورده تقرير نشره موقع هيئة تشجيع الاستثمار المباشر في الكويت (KDIPA).
وتبدأ المرحلة الثانية من المشروع بحلول 15 إبريل/نيسان المقبل، وتشمل الأنشطة الخاضعة لإشراف وزارة الإعلام، والهيئة العامة للاتصالات، والهيئة العامة للصناعة، والتي تضم الإنتاج الإعلامي، والإعلانات، والبرمجيات، والمصانع، بينما تنطلق المرحلة الثالثة بحلول 15 مايو/أيار المقبل، أما المرحلة الرابعة للمشروع فتنطلق بحلول 15 يونيو/حزيران.
بيئة الأعمال في الكويت
يشير الخبير الاقتصادي الكويتي، محمد رمضان، لـ "العربي الجديد"، إلى أن الرخصة الذكية تمثل مجموعة من الرخص المدمجة من مختلف الهيئات والوزارات والمؤسسات الحكومية في رخصة واحدة، بحيث تكون جميع التواريخ متماثلة ومتقاربة، موضحا أن هذا النظام يسهل الإجراءات بدلا من الاضطرار إلى تكليف مندوب للذهاب إلى كل جهة حكومية على حدة لإنهاء رخصة معينة، إذ تتم جميع الإجراءات مرة واحدة من مكان واحد.
وتتميز هذه الرخصة بإمكانية إنجازها إلكترونيا أو بمراجعات بسيطة جدا، حسب رمضان، الذي يؤكد أن هذا الأمر يوفر تكاليف كبيرة، خاصة على المشاريع الصغيرة التي قد تشكل أي تكلفة، مهما كانت صغيرة، عبئا كبيرا عليها.
ورغم أن البنك الدولي أوقف مؤشر بيئة الأعمال منذ عام 2021، ما يجعل من الصعب قياس أثر تطبيق الرخصة الذكية من خلال جهة محايدة، إلا أن رمضان يتوقع أن نظاما كهذا سيساهم في تحسين بيئة الأعمال بشكل ملحوظ، لافتا إلى أن الحكومة الكويتية تعهدت بجدول زمني واضح.
وحول التحديات المحتملة في تطبيق الرخصة الذكية، يوضح رمضان أن التنفيذ قد لا يكون مفيدا بالدرجة المتوقعة، وقد تظهر مشاكل كثيرة في التنفيذ، أو قد لا ينتهي المشروع في الفترة الزمنية المحددة، لكنه يستدرك بأن هذه التحديات يمكن التغلب عليها مع الوقت إذا كانت هناك إرادة حقيقية.
ويرى رمضان أن التعاون مع شركات عالمية مثل غوغل من شأنه تحسين تطبيق الرخصة الذكية بالكويت، لأنه سيضمن السير المنضبط على جدول زمني ويقلل من الصعوبات المحتملة ويساعد على سير المشروع بشكل جيد.
تسجيل الشركات
في السياق، يشير الخبير الاقتصادي، علي سعيد العامري، لـ "العربي الجديد"، إلى أن الرخصة الذكية يمكن أن تساهم في تسهيل ممارسة الأعمال في الكويت بعدة طرق، رغم بعض التحديات التي قد تواجهها، فهي توفر منصة موحدة لإتمام الإجراءات الحكومية مثل التسجيل التجاري ودفع الرسوم واستخراج التراخيص، كما تقلل من الحاجة إلى زيارة الدوائر الحكومية بشكل متكرر، مما يوفر الوقت والجهد.
ويضيف أن هذه الرخصة تتيح إتمام عمليات تسجيل الشركات وإصدار التراخيص بشكل أسرع، مما يشجع رواد الأعمال على بدء مشاريعهم بسرعة، وتسهم في تقليل الحاجة إلى الوسطاء وتبسيط الإجراءات، مما يساعد في خفض التكاليف الإدارية للشركات الصغيرة، كما توفر شفافية أكبر في الإجراءات الحكومية، مما يقلل من الفساد الإداري ويعزز الثقة بين المستثمرين.
ويلفت العامري إلى فوائد أخرى للرخصة الذكية تتمثل في تشجيع الشركات الصغيرة على أن تبني التقنيات الرقمية، مما يعزز كفاءتها وقدرتها على المنافسة، كما أنها تساهم في تحسين تصنيف الكويت في مؤشرات سهولة ممارسة الأعمال، مما يجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
غير أن العامري يشير إلى تحديات تواجه تطبيق الرخصة، منها ما يتعلق بالبنية التحتية التكنولوجية، مثل ضعف سرعة الإنترنت أو نقص الخدمات السحابية المتقدمة، إضافة إلى احتمال مواجهة تطبيقها بمقاومة من الموظفين الحكوميين أو رواد الأعمال الذين اعتادوا على النظام التقليدي.
كما أن بعض أصحاب الشركات الصغيرة قد لا يكونون على دراية كافية بالتقنيات الرقمية. ويلفت العامري إلى أن بعض القوانين والأنظمة الحالية في الكويت قد تكون غير متوافقة مع متطلبات التحول الرقمي، ما يستدعي تحديثها، فضلا عن أن تكاليف تطوير وتطبيق نظام الرخصة الذكية قد تكون مرتفعة، خاصة إذا تطلب الأمر تدريب الموظفين وتحديث البنية التحتية.