وهذه حقائق دامغة لا تحتاج إلى دليل ، فهم بلا شك ووفق ما ورد في كثير من الصحف العالمية والتحقيقات الصحفية ، أنهم وراء الأزمة الاقتصادية العالمية ، خاصة بعد أن سحبوا من الإيداعات البنكية الأمريكية والعالمية أكثر من أربع تريليون دولار ، مما أوقع العالم بأسره في زلزال اقتصادي ، ربما لا مثيل له عبر التاريخ كما يصفه البعض .
ويبدو أن الأمور في السودان خاصة فيما بتعلق في مذكرة اعتقال الرئيس السوداني ، تأخذ منحى أكثر عمقا وبعدا وخطورة ، عما تناوله الكثير من المحللين ، فلا شك أن قرار الاعتقال على علاقة وثيقة بالقرار الأمريكي ، الذي يتم تغذيته وتوجيهه من قبل الموساد الإسرائيلي ، وأن أمريكا عندما ترفع شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان والعالم الحر، إنما ترفعها لخدمة أهدافها القومية ومصالحها الإستراتيجية ، خاصة على ضوء رفض البشير لكل أساليب الهيمنة والتدخل الخارجي المدعوم أيديولوجيا وسياسيا وعسكريا ، من بعض دول الجوار الذي امتد إلى دارفور والوسط ، إلى جاني مشكلة الجنوب القديمة الجديدة . لقد وقع الرئيس السوداني ضحية مؤامرة حيكت ضده في الخفاء ؛ بسبب ما يتميز به عن كثير من قادة العالم ، فكان قائدا للقوات السودانية في حرب 1973 والتي أبلت بلاءاً حسنا في قتال العدو الإسرائيلي على الجبهة المصرية ، وهو معروف بوطنيته وانتمائه العميق للأمة وقضاياها ؛ من أجل ذلك دعمت إسرائيل جيش الرب في أوغندا بالمال والسلاح ، وهو الجيش الذي أباد هناك قرى مسلمة بأكملها ، وتحالف مع جنوب السودان ليكون شوكة في حلق نظام البشير، وساهم الموساد في رفع وتيرة الانقسام في السودان ، في جميع أبعاده العرقية والأيديولوجية والسياسية ، وارتفعت بنسبة كبيرة جدا عن فترة حكم ما قبل البشير. منع البشير الهجرة اليهودية التي فتح النميري أبوابها مشرعة ليهود الفلاشا من خلال أرض السودان ، كذلك لم يشهد السودان من قبل صراعات أيديولوجية وحزبية كما يشهدها اليوم ، ومن المعروف أن مثل تلك الصراعات تفرز مشكلات صعبة ، منها إعاقة أي برنامج نهوض وإصلاح يقوم به البشير وهذا هو أحد الأهداف التي يسعى إليها التدخل الخارجي ، وتحديدا في السودان .
وتعتبر مذكرة اعتقال البشير رسالة أخرى جديدة للنظام العربي الرسمي ، مثلها مثل تلك الرسائل التي وجهها الموساد من قبل لصدام حسين ، ورفيق الحريري وياسر عرفات رحمهم الله ، ويقال لعبد الناصر من قبل في ملابسات موته ، وهي صفعة مؤلمة للكرامة العربية إن بقي منها شيء ، وتمكن البشير من زراعة وإعمار مناطق واسعة من أرض السودان ، تلك الأراضي التي تكفي لوحدها لإطعام العالم العربي قاطبة ، كما نقل شعبه نقلة نوعية في جميع ميادين الحياة ؛ بسبب النجاح الاقتصادي الذي حققه البشير ، لذلك كان البشير نموذجا جيدا من تلك النماذج التي قدمت لشعبها خدمات كبيرة نوعية ذات قيمة ومدلول ، فكان لا بد من ترويضه من أجل الخضوع لسياسة البنك الدولي التي يهيمن عليها الموساد الإسرائيلي ، والذي يرسي معالم السياسة الاقتصادية للبلدان التي يتعامل معها الصندوق ، وكان لا بد من الخضوع للإملاءات الأمريكية والتوجهات الغربية ، خاصة لما يتمتع به السودان من ثروة النفط ، وثروات معدنية وطبيعية كبيرة ، والمخطط الذي يحاك ضد السودان اكبر من أن يكون مجرد عملية تفتيت وتجزئة لأراضيه ، مع أن هذا أحد الأهداف الأخرى التي يسعى الموساد لتحقيقها هناك ، عن طريق الدول المجاورة مثل تشاد وأوغندا ، من حيث تشكيل الدعم الرئيسي للمتمردين ، وتوفير والملاذ الآمن لهم ، لتغذية كل عوامل التوتر على أرض السودان ، كما فعلت أمريكا مع الصومال ن عندما دفعت أثيوبيا للتدخل العسكري ضد قوات المحاكم .
مخطط التقسيم في المنطقة العربية قائم ، ويجري تنفيذه ليس فقط في السودان بل في العراق وفلسطين ولبنان والصومال ، وهناك مخططات أخرى للتقسيم سيجري تنفيذها عندما تحين الظروف المناسبة ، في كل من مصر والسعودية والإمارات العربية ، والمغرب العربي ودول الخليج العربي ، وليس هذا من باب التهويل بل ما جاء على ألسنتهم ومذكراتهم ومواثيقهم : فقد قدم كيسنجر دراسة تم اعتمادها عام 1974 م من قبل الإدارة الأمريكية بعنوان "مذكرة الأمن القومي 200" ومن أهم افتراضاتها وتوصياتها هي أن النمو السكاني خاصة في دول العالم الثالث ، يعتبر تهديدا للأمن القومي للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين ، لأن تزايد أعداد السكان في تلك البلاد ، سيؤدي إلى استهلاك الثروات المعدنية هناك من قبل تلك الشعوب .
ومن المعروف أن صياغة جزء كبير من مشروع الشرق الأوسط الجديد كانت قد تمت منذ منتصف التسعينات ، وتم تقديم ذلك من قبل بيرل كمقترح سياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو ، في عام 1996 ، عن طريق "معهد الدراسات الإستراتيجية والسياسية المتقدمة" في واشنطن والقدس .
ويقول أيوجين روستو (رئيس قسم التخطيط فى وزارة الخارجية الأمريكية ، ومستشار الرئيس جونسون لشؤون الشرق الأوسط حتى سنة 1967م): يجب أن ندرك أن الخلافات القائمة بيننا وبين الشعوب العربية ، ليست خلافات بين دول أو شعوب ، بل هي خلافات بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية ويستطرد قائلاً : لقد كان الصراع محتدما ما بين المسيحية والإسلام ، من القرون الوسطى ، وهو مستمر حتى هذه اللحظة .
ويتابع قائلاً : إن الظروف التاريخية تؤكد ، أن أمريكا إنما هي جزء مكمل للعالم الغربي ، فلسفته ، وعقيدته ، ونظامه ، وذلك يجعلها تقف معادية للعالم الشرقي الإسلامي ، بفلسفته وعقيدته المتمثلة في الدين الإسلامي ، ولا تستطيع أمريكا إلا أن تقف هذا الموقف المعادى ، للعروبة والإسلام إلى جانب العالم الغربي ، والدولة الصهيونية . هذا ما قاله روستو. ويحذر ليندون لاروش الديمقراطي الذي يرأس لجنة لاروش للعمل السياسي من الافتراض الخاطئ ، حول ماهية أهداف المحافظين الجدد ، وبوش وتشيني والقوى التي تقف خلفهم.
ويقول موضحا: "إن هدفهم هو ليس إخضاع مناطق معينة سياسيا كمستعمرات ، بل إزالة جميع المعوقات التي تقف في طريق النهب الحر للكوكب ككل .والعراق هي أول الخطى بما تمتلكه من بترول مجاني ، وسوريا هي حجر عثرة أمام إعادة مد أنابيب البترول إليها ، هذا بجانب السوق المفتوح والمرتكز الصهيو أمريكي ، لمنع أي نشاط قومي أو عقائدي يفكر في الاستقلال في المنطقة ، ويستمر ليندون لاروش قائلا :إن نيتهم هي ليست فتح أراضي جديدة ، بل تحقيق إزالة كل بقايا السيادة القومية ، وتقليص عدد سكان العالم من البشر إلى أقل من مليار نسمة .
فهدفهم في أفغانستان والعراق على سبيل المثال ، هو ليس السيطرة على هذين البلدين ، بل إزالة أمم قومية عن طريق إطلاق قوى الفوضى والدمار. ويحذر ليندون لاروش الديمقراطي ، الذي يرأس لجنة لاروش للعمل السياسي من الافتراض الخاطئ ، حول ماهية أهداف المحافظين الجدد ، وبوش وتشيني والقوى التي تقف خلفهم. انتهى .
لقد أثبتت التحقيقات أن الموساد وراء إعدام أكثر من ألف ومائتي عالم عراقي في مختلف التخصصات ، منذ غزو العراق حتى اليوم ، لذلك فكل دماغ عربي يقدم نموذجا جيدا أو جديدا في أي مجال من مجالات الخدمة ، ويُبدي عبقرية إبداع في العلوم أو الاقتصاد أو التطوير أو التسليح ، فمصيره بالقطع سيكون مثل مصير علماء الذرة والصواريخ والاقتصاد والهندسة الذين أعدمهم الموساد بدم بارد من قبل مثل :
1- الدكتور يحيى أمين المشد : يعد من القلائل البارزين في مجال المشروعات النووية ، في الثالث عشر من يونيو (حزيران) عام 1980 وفي حجرة رقم 941 بفندق الميريديان بباريس ، عُثر على الدكتور يحيى المشد جثة هامدة مهشمة الرأس .
2- الدكتورة سميرة موسى : كانت عالمة مصرية في أبحاث الذرة ، حيث أنها كانت تستطيع إنتاج القنبلة الذرية بتكاليف رخيصة ، وفي طريق كاليفورنيا الوعر المرتفع ، ظهرت سيارة نقل فجأة لتصطدم بسيارتها بقوة ، وتلقي بها في وادي عميق .
3- العالم سمير نجيب : عالم الذرة المصري تحطمت سيارته ، ولقي مصرعه على الفور .
4-دكتور نبيل القليني اختفى منذ عام 1975 وحتى الآن ، كان هذا العالم قد أوفدته كلية العلوم في جامعة القاهرة إلى تشيكوسلوفاكيا ؛ للقيام بعمل المزيد من الأبحاث والدراسات في الذرة.
وقد كشفت الأبحاث العلمية الذرية التي قام بها عن عبقرية علمية كبيرة ، تحدثت عنها جميع الصحف التشيكية .
ثم حصل على الدكتوراه في الذرة من جامعة براغ . وفي صباح يوم الاثنين الموافق 27/1/1975 دق جرس الهاتف في الشقة التي كان يقيم فيها الدكتور القليني , وبعد المكالمة خرج الدكتور ولم يعد حتى الآن .
5- الدكتور نبيل احمد فليفل : عالم ذرة عربي شاب، استطاع دراسة الطبيعة النووية, وأصبح عالماً في الذرة وهو في الثلاثين من عمره ، وهو من مخيم "الأمعري" في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، رفض كل العروض التي انهالت عليه ، وفجأة اختفى الدكتور نبيل , ثم في يوم السبت الموافق 28/4/1984 عثر على جثته في منطقة بيت عور .
6- الدكتور العلامة على مصطفى مشرفة : مفخرة المصريين ، تتلمذ على ألبرت اينشتين ، وكان أهم مساعديه في الوصول للنظرية النسبية ، وأطلق عليه اينشتاين العرب , وعثر على د. مصطفى مشرفة مقتولا في 16 يناير عام 1950 بالسم.
7- الدكتور جمال حمدان : أهم جغرافي مصري، وصاحب كتاب "شخصية مصر".
عمل مدرسا في قسم الجغرافيا في كلية الآداب في جامعة القاهرة ، وأصدر عدة كتب إبان عمله الجامعي .
تنبأ بسقوط الكتلة الشرقية قبل 20 عاما من سقوطها، وألف كتاب " اليهود أنثروبولوجيا" يثبت فيه أن اليهود الحاليين ليسوا أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين .
وفي سنة 1993 عثر على جثته والنصف الأسفل منها محروقاً ، واكتشف المقربون من د. حمدان ، اختفاء مسودات بعض الكتب التي كان بصدد الانتهاء من تأليفها, وعلى رأسها كتابة "اليهودية والصهيونية", مع العلم أن النار التي اندلعت في الشقة لم تصل لكتب وأوراق د. حمدان, مما يعني اختفاء هذه المسودات بفعل فاعل حتى الآن.
8د. سلوى حبيب الأستاذة بمعهد الدراسات الأفريقية , "التغلغل الصهيوني في أفريقيا ، والذي كان بصدد النشر, مبرراً كافياً للتخلص منها عثر عليها مذبوحة في شقتها, وفشلت جهود رجال المباحث في الوصول لحقيقة مرتكبي الحادث ليظل لغز وفاتها محيراً, خاصة أنها بعيدة عن أي خصومات شخصية ، وأيضاً لم يكن قتلها بهدف السرقة , ولكن إذا رجعنا لأرشيفها العلمي سنجد ما لا يقل عن ثلاثين دراسة في التدخل الصهيوني في دول أفريقيا على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي .
9- الدكتور سعيد سيد بدير: كان عالما فذا في هندسة الصواريخ ، تخرج في الكلية الفنية العسكرية ، وعين ضابطا في القوات المسلحة المصرية ، حتى وصل إلى رتبة مقدم ، وأحيل إلى التقاعد برتبة عقيد بناء على طلبه ، بعد أن حصل على درجة الدكتوراه من إنجلترا ، ثم عمل في أبحاث الأقمار الصناعية في جامعة ليزيزع الألمانية الغربية ، وتعاقد معها لأجراء أبحاثه طوال عامين ، وهناك توصل المهندس الشاب من خلال أبحاثه إلى نتائج متقدمة ، جعلته يحتل المرتبة الثالثة على مستوى 13 عالما فقط في حقل تخصصه النادر في الهندسة التكنولوجية الخاصة بالصواريخ0 رفض الجنسية كما رفض كل من سبقوه ، ورفض البقاء ، وقرر العودة ، فزادت التهديدات فعاد إلى وطنه وذهب إلى زيارة أقاربه بالإسكندرية , وهناك قتل .
10- العالم اللبناني رمال حسن رمال : أحد أهم علماء العصر في مجال فيزياء المواد كما وصفته مجلة لوبوان، التي قالت أيضا إنه مفخرة لفرنسا ، كما تعتبره دوائر البحث العلمي في باريس ، السابع من بين مائة شخصية تصنع في فرنسا الملامح العلمية للقرن الحادي والعشرين ، جاءت الوفاة في ظروف مريبة ، ويعتقد أنه مات مسموما ، حيث حدثت الواقعة في المختبر، ووسط الأبحاث العلمية التي تحدثت عنها فرنسا ، كما جاءت الوفاة عقب وفاة عالم مسلم أخر، هو الدكتور حسن كامل صباح .
11- الدكتور حسن كامل صباح "إديسون العرب" : يصل عدد ما اخترعه حسن كامل الصباح من أجهزة وآلات في مجالات الهندسة الكهربائية والتلفزة وهندسة الطيران والطاقة إلى أكثر من 176 اختراعًا.
وقد حدثت الوفاة المفاجئة عندما كان حسن كامل الصباح عائدًا إلى منزله، فسقطت سيارته في منخفض عميق ، ونقل إلى المستشفى، ولكنه فارق الحياة ، وعجز الأطباء عن تحديد سبب الوفاة ، خاصة وأن الصباح وجد على مقعد السيارة دون أن يصاب بأية جروح مما يرجح وجود شبهة جنائية خاصة .
12- الدكتورة السعودية سامية عبد الرحيم ميمني : كان لها اكبر الأثر في قلب موازين عمليات جراحات المخ والأعصاب، كما أنها جعلت من الجراحات المتخصصة الصعبة جراحات بسيطة سهلة بالتخدير الموضعي .
عرض عليها مبلغ من المال والجنسية الاميركية مقابل التنازل عن بعض اختراعاتها ، ولم يكن المبلغ بسيطا ، بل كان العرض خمسة ملايين دولاراً أميركي إضافة للجنسية الأميركية ورفضت العرض .
واستمرت الدكتورة سامية في دراستها وإنجاز أبحاثها ، ولم يصبها اليأس ، إلى أن حلت الفاجعة الكبرى عندما نشرت محطة ال Cnn صورا لجثة الدكتورة الشهيدة، حيث قتلت خنقا في شقتها ، ووجدت جثتها في أحدى المدن الأميركية داخل ثلاجة عاطلة عن العمل .
هذه هي أمريكا وهذه هي إسرائيل ، فاليوم السودان وغدا من سيكون ؟
-----------
ملاحظة : الأسماء الواردة في ثنايا هذا المقال
وصلت إلى بريدي الالكتروني من موقع الكتروني
*كاتب فلسطينى مستقل