آراء وأقلام نُشر

تعميق الاستقرار الاقتصادي

نعمان الصهيبي

بقلم معالي الاستاذ نعمان الصهيبي*

يشهد العالم في هذه الفترة مرحلة من التدهور الاقتصادي العالمي المعتمد على هيمنة القطب الأحادي الذي أصاب

مفاصل الاقتصاد العالمي في الصميم ويوشك على إدخاله في مرحلة الكساد الكبيرة بعد أن أطاح بشركات استثمارية عملاقة وهوى بأسعار النفط وقلص معدلات النمو العالمي إلى حد كبير، وبات يهدد ملايين الناس بالبطالة وفقدان التوازن المعيشي.
ولأن اليمن جزء من هذا العالم تأثراً وتأثيراً فقد ألقت عليه الأزمة العالمية بظلالها القاتمة، وتأثرت موارد البلاد وعائداتها من جراء الهبوط الحاد في أسعار النفط الذي تعتمد عليه الموازنة العامة للدولة بنسبة تزيد عن «61 ٪ ناهيك عن اعتمادنا أيضاً على الدعم والمساعدات الخارجية التي ستتأثر بسبب الأزمة العالمية، ما أضطر الحكومة إلى اتخاذ قرار صعب لامناص منه والمتمثل في تخفيض «50 ٪» من بعض بنود نفقات الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجاري 2009 وهو إجراء تقشفي وإلزامي لمواجهة الهزة العنيفة التي تعرض لها اقتصادنا جراء النقص الحاد في الإيرادات النفطية.
وفي هذا السياق أصدرت الحكومة عدداً من القرارات التي تعمل على تخفيف الآثار السلبية للأزمة وأهمها قرار مجلس الوزراء رقم «467» لسنة 2008م، والذي ألزم كافة وحدات الموازنات العامة للدولة بتنفيذ اجراءات ضبط الإنفاق المحددة في القرار، وذلك على ضوء قوانين ربط الموازنة التي تضمنت نصوصاً واضحة تفوض الحكومة بموجبها باتخاذ التدابري اللازمة لخفض النفقات بما يتلاءم مع تدفق الموارد في حالة استمرار تراجع أسعار النفط الخام عن المقدر في الموازنة وبما يحافظ على بقاء عجز الموازنة عند الحدود الآمنة.
ونؤكد هنا على أن هذا القرار جاء بعد مراجعة دقيقة لأوجه الإنفاق التي يمكن تخفيضها، وكانت توجيهات فخامة الأخ رئيس الجمهورية-حفظه الله-واضحة بهذا الشأن حيث أكدت على ضرورة قيام الحكومة باتخاذ الاجراءات الكفيلة بتخفيف آثار الأزمة وبما لا يؤثر على الأنشطة التنموية في بلادنا، ومن هنا ركز قرار النفقات على عدم المساس بمخصصات المرتبات والأجور، وكذلك مخصصات أوجه الانفاق الحتمي الأخرى ومخصصات برامج شبكة الأمان الاجتماعي المختلفة ناهيك عن اعتمادات تنفيذ مشاريع البرنامج الاستثماري قيد التنفيذ، وكافة المشاريع التي يتم تنفيذها بتمويل مشترك محلي وأجنبي، وكذا المشاريع الاستراتيجية التي رصت لها اعتمادات في الموازنة، كل هذه البنود لم يمسها القرار نظراً لأهميتها. وما ركزت عليه عمليات الخفض بشكل أساسي هي بنود الإنفاق غير الحتمي مثل: الوقود والزيوت وبدل السفر ووقف شراء وسائل النقل والأثاث.
وفي نفس الوقت فقد حرصت الحكومة على التركيز على توسيع أوعية الايرادات غير النفطية وبالتحديد الايرادات الضريبية التي تمثل المصدر الرئيسي التي تعتمد عليه الدول غير النفطية لتمويل موازناتها.
وما أود التأكيد عليه هو أن الوضع الراهن يتطلب الاستمرار في تنفذ الاصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية على المستوى الكلي للحفاظ على الانجازات التي تحققت خلال الفترة السابقة وبما يساعد على تعزيز الاستقرار والنمو الاقتصاديين، وكل ذلك لن يتأتى إلا من خلال الشراكة الحقيقية بين الحكومة والقطاع الخاص لتحقيق التشغيل الكامل لموارد وطاقات المجتمع المادية والبشرية وبما يحفز الاقتصاد خلال مرحلة الركود، ورفع موارد الدولة الضريبية لتعويض النقص من عائدات النفط بما يمكنها من الوفاء بالتزاماتها تجاه الوطن والمجتمع وتلبية طموحات البناء والتنمية.









وزير المالية اليمني *


 

مواضيع ذات صلة :