آراء وأقلام نُشر

«ما زال على قيد الحياة »..!!

«مازال على قيد الحياة».. عبارة تبعث على التفاؤل وتشع بريقاً بالرحمة والأمل، لكنها تحمل في باطنها الوحشية والإجرام؛ لأنها كلمة السر عند الصهاينة للتحريض على القتل والإبادة!!
وتلك العبارة: هي عنوان لأحدث كتاب أصدره اثنان من حاخامات اليهود «يتسحاق شابيرا» و«يوسي اليتسور»، تناولا فيه بالشرح أحدث الطرق لكيفية قتل الأغيار (غير اليهود)، حيث يقدم على صفحاته الـ 230 إرش ادات لكيفية القتل.
وهذا الكتاب الذي يجري توزيعه على مواقع الإنترنت تم إصداره في ذكرى اغتيال المتطرف «مائير كاهانا» التاسعة والعشرين، كتكريم لواحد من أخطر المحرضين على إبادة كل من هو عربي على أرض فلسطين.
والكتاب لم يأت بجديد في مسألة مشروعية قتل الأغيار (غير اليهود) حتى وإن كانوا أطفالاً رضعاً، أو شيوخاً عجزة، أو نساء آمنات، فمنذ قيام الكيان الصهيوني وفتاوى حاخامات اليهود لم تتوقف عن شحذ همم الجيش والعصابات الصهيونية بوجوب إبادة أهلنا في فلسطين، ولقد تم تنفيذ المذابح الصهيونية الإجرامية في فلسطين بدءاً من «دير ياسين» حتى «مذبحة غزة» الأخيرة، استناداً لتلك الفتاوى، ولم يستثنوا منها طفلاً ولا امرأة ولا شيخاً!
فخلال الحرب الأخيرة على غزة (27/12/ 2008- 18/1/ 2009م)، نشرت صحيفة «هاآرتس» الصهيونية أن العميد «آفي رونتسيكي» الحاخام الأول في الحاخامية العسكرية لجيش الاحتلال (الهيئة الدينية المكلفة بتوجيه الإرشادات للجنود)، وزع كراسات إرشادية على الجنود المشاركين في العدوان على غزة أمرهم فيها بعدم الرحمة مع المدنيين!
قائلاًً: «الوحشية مطلوبة مع الأغيار (غير اليهود).. اقتلوا النساء والأطفال في غزة».
وقال «عاموس هارئيل» المراسل العسكري للصحيفة: «إن حاخام الجيش ألقى مواعظ أمام معظم ألوية الجيش التي شاركت في الحرب، لحثهم على التعامل بوحشية مع المدنيين الفلسطينيين»، بحجة أنه لا يوجد مدنيون بين الفلسطينيين!!
وهذا عين ما حدث في غزة، وقد شاهده العالم على امتداد واحد وعشرين يوماً من الحرب، وليس غريباً على «يهود» تلك المعتقدات الإجرامية، لكن الغريب هو أنهم يحظون بالرعاية والحماية لتحقيقها، عبر سلسلة طويلة من السياسات والمواقف الغربية، والتي كان آخرها موقف الولايات المتحدة الرافض لتقرير «جولدستون» في مجلس حقوق الإنسان الدولي، ثم لما تمت الموافقة بالأغلبية على تبني التقرير ورفعه للأمم المتحدة التي تبنته بدورها، استبق مجلس النواب الأمريكي يوم الثلاثاء3 نوفمبر الجاري جلسة الأمم المتحدة بإدانة التقرير، بزعم أنه متحيز ضد «إسرائيل»، وتلك الإدانة من مجلس النواب الأمريكي إقرار من الإدارة الأمريكية بأحقية اليهود في ارتكاب ما يشاؤون من مذابح ضد الأغيار (أهلنا في فلسطين)، حتى وإن رفع قاض يهودي مثل «جولدستون» توصية بالإدانة، وحتى لو تبنت الأمم المتحدة تلك الإدانة!!
وتدريب اليهودي على كراهية العرب والتشوق لقتلهم والتعطش إلى دمائهم تبدأ منذ نعومة أظفاره؛ حيث يرضع كراهية العرب والمسلمين في مدرسته وعبر المناهج الدراسية، وقد سجلت الدكتورة صفاء عبدالعال في دراسة نشرت مؤخراً بعنوان: «تربية العنصرية في المناهج الإسرائيلية»، إن تلك المناهج تشحن عقول التلاميذ بالحقد والكراهية، وتدعو لضرورة إزالة العرب من الوجود إذ تصفهم بالثعابين والأفاعي المتعطشين للدماء!
هذه هي عقيدتهم ونظرتهم إلينا، ولم يعد قادة كيانهم يخفون ذلك، والكتاب الأخير لم يصدره الحاخامان وحدهما، وإنما صادق عليه عدد آخر من الحاخامات بعد مراجعته ثم مباركته، ومنهم: الحاخام «يتسحاق جينزبورغ»، والحاخام «دوب ليئور»، والحاخام «يعكوف يوسف»... وآخرون. ويحوي هذا الكتاب مئات النصوص التوراتية التي تخدم على فكرة واحدة، وهي: مشروعية قتل اليهودي لكل من هو غير يهود، أي أحقية الكيان الصهيوني في إبادة الشعب الفلسطيني!
بقي أن نعلم أن الكتاب الجديد صدر في عهد أشد الحكومات الصهيونية تطرفاً، وهو بلا شك يشد من أزرها، ويحاول حشد الجماهير اليهودية المتطرفة خلفها، في مواقفها الداعية لإبادة الشعب الفلسطيني، وتهويد القدس كاملة بعد تشريد أهلها... فمن يفاوض عباس إذن؟! إنه يفاوض من يستحلون دمه ودم أهله، حتى ولو صافحهم وتبادل معهم الابتسامات والقبلات؟!
من زاوية أخرى فقد يلفت قائل الانتباه إلى أن الكيان الصهيوني ليس كله متبنياً هذه العقيدة الإجرامية حيال العرب، وبالأخص أهلنا في فلسطين، فهناك أصوات ترفض هذه الفتاوى، مثل الكاتب «إسرائيل شاحاك»، الذي أصدر عام 2008م كتاب «تاريخ اليهود.. دين اليهود»، وأثبت فيه عنصرية الكيان الصهيوني، بناء على تلك الفتاوى العنصرية من الحاخامات، وذلك صحيح، لكن صوت «شاحاك» وغيره - وإن كان مهماً - يذهب أدراج الرياح.. فكل المذابح التي ارتكبت ضد الفلسطينيين كانت بناء على فتاوى الحاخامات!
هؤلاء الأفاعي لا يصلح معهم إلا دك رؤوسهم بصواريخ القسام.. لكن المنبطحين والمهرولين لم يدركوا ذلك بعد!

* كاتب مصري ومدير تحرير مجلة المجتمع الكويتية
Shaban1212@gmail.com


 

مواضيع ذات صلة :