نعتقد أحيانا أن كل شيء قد ذهب إلى سراديب النسيان، وأن الصدأ وغبار الأيام قد أخفيا ملامح المشاعر المتأججة في الأعماق.
لكن مجرد صوت أو رائحة أو لمسة مفاجئة أو كلمة غير متوقعة يمكنها أن تحرك فيضاناً من الذكريات .. يمكنها أن تضيء ذاك السرداب المظلم .
مرت الأيام ببطء ورتابة وفي كل يوم يمر زمن تجمد عند لحظة ما .. عند موقف .. عند ابتسامة ... عند أغنية .. عند مكان ..
في الطرقات حكايات وحكايات
وفي المحلات عند الباعة قصص وروايات
نهر الأيام القديم توقف تحت الجليد محولاً كل الفصول إلى شتاء وسقيع .
عندما آنظر خلفي بحثاً عن الأمسيات القديمة وأحرك في ذاكرتي أوراق الصمت لا أجد غير قرية مهجورة وفيها أكواخ وسحائب ورعود و أمطار موسمية
" الزمن كفيل بمحو الجراح "
هكذا يقولون دائما
لكن الزمن عاصفة رملية وثلجية ونارية .
ما الذي يزيل صدأ الذكريات ؟
تلك المراحل والأطوار التي مضت بكل مافيها قد لا نهتم بها ولانقف طويلاً على عتباتها
لكن مقبض الباب ذاك يمسك بأطراف ثيابنا ويشد أرواحنا إليه ليخبرنا بأننا لانزال عالقون في هذا المكان والزمان.
نود فتح الباب لنرحل فنزداد تعلقاً كلما حاولنا الهروب .
حقبة زمنية محملة بأريج الأحلام .. ونسمات العليل الباردة التي كانت تطفئ لهيب قلوبنا
فصولٌ كثيرة عشناها نكتوي بلهيبها ونتجمد بزمهريها
أين نختبئ بقلوبنا ؟ وكيف نرحل بأرواحنا ؟
فثمة زمن حاضر في كل المراحل لا ماضي ولا مستقبل، هو الآن .