اقتصاد يمني نُشر

اليمن يواجه صعوبات في حشد الموارد للموازنة العامة

أجمع المشاركون في منتدى الإصلاحات من وجهة نظر المانحين ،الذي نظمه مركز سبأ للدراسات الإستراتيجية الاثنين الفائت أن

اليمن يواجه تحديات وصعوبات في حشد الموارد الشحيحة في الأصل, ويعاني من سوء إدارة المتاح منها. و أكدوا على أن اليمن لا يواجه معوقات ومشاكل طارئة وحسب, بل لديه أيضاً اختلالات بنيوية في الإدارة والسياسة والاقتصاد والتنمية, بعضها حصيلة لتراكمات طويلة من سوء التدبير والفساد وعدم إنفاذ القوانين, مشيرين في الوقت نفسه إلى أن التصدي الحكومي للاختلالات, سواء منها الدائمة أو الظرفية الطارئة, غالباً ما يكون دون مستوى المشكلات القائمة أو المحتملة, على الرغم مما يحمله من طموحات وأهداف مسطرة لا يساعد الواقع الإداري والإجرائي على بلوغها, وهذا الوضع حسب بعض تلك الآراء يفوت على البلاد فرصاً كثيرة, معتبرين أن النجاحات تحتم على مختلف الأجهزة المعنية أن تشتغل بفعالية واحدة ومتناغمة, لأن قضايا الإصلاحات متعددة تشمل الاقتصادي، المالي، الإداري، والاجتماعي والثقافي والعلمي والسياسي والقضائي .. مما يجعل أي تقصير في أي مجال سبباً لظهور إشكالات جديدة تفضي إلى تعثر الإصلاحات من جهة, وتؤثر على وتيرة تدفق دعم المانحين بالشكل الذي يحقق الغايات المتوخاة من الإصلاحات. وقالوا أن اليمن يواجه صعوبات على أكثر من مستوى: المياه، وما تشكله زراعة القات من استنزاف لهذا المورد الشحيح في الأصل، والتعليم الذي تعاني مؤسساته من ضعف مزدوج على صعيد القدرات الاستيعابية التي تبدو ضعيفة أمام تلبية الطلب على الالتحاق بالمدارس, نتيجة لارتفاع نسبة النمو السكاني، وتراجع إنتاج النفط، وارتفاع البطالة التي يقابلها فرص عمل ضئيلة في القطاع العام, مقابل بطء نمو القطاع الخاص جراء عوامل وظروف أمنية وسياسية أعاقت نموه. مشيرين إلى أن هناك إمكانات محلية يمكن توجيهها لتحفيز مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية, مثل الاستكشافات النفطية المتوقعة والغازية، والبدء بتصدير الغاز، والمنطقة الحرة، وتوجيه استثمارات مهمة إلى البنى التحتية الأساسية كالمواني، والطرقات، والصرف الصحي، ومؤسسات التعليم بمختلف مراحله، والصحة، والضمان الاجتماعي، وتفعيل آليات المساءلة, ومكافحة الفساد, وفرض احترام القوانين والأمن. كل ذلك حسب هذا الرأي من شأنه أن يفتح آفاقاً واعدة تحرك عجلة التنمية في البلاد وتعزز ثقة الداعمين والمانحين لها. و كان الدكتور أحمد عبد الكريم سيف المصعبي - المدير التنفيذي للمركز - قد أكد في مستهل افتتاح المنتدى الذي اقيم في العاصمة صنعاء, على أن هذه الفعالية التي ينظمها المركز تهدف إلى جمع الباحثين المتمرسين والمسئولين المعنيين بملف الدعم والمنح المقدمة لبلادنا بممثلين وسفراء الدول الداعمة لليمن, من أجل إثارة نقاش علمي بناء في فضاء حر متحرر من القيود البروتوكولية وبعيداً عن الكياسة الدبلوماسية, بغية الخروج برؤى ومقترحات عملية تساعد صناع القرار على تطبيق السياسات التي من شأنها أن ترفع من الكفاءة التنموية لمختلف القطاعات ذات الصلة. وخلص المصعبي في كلمته إلى دعوة الحاضرين للنقاش بكل حرية ودون تحفظات, مشيراً في هذا الصدد إلى أن هذه التظاهرة العلمية ستحظى مخرجاتها باهتمام صانعي القرار, وسيطبق عليها قواعد "شتام هاوس" التي تتيح حريات واسعة للمتحاورين, وتحثهم على طرح أفكارهم بشفافية من جهة, وتحفظ خصوصية المتحدثين عند نقل وجهات نظرهم, بعدم الإشارة إلى أسمائهم أو صفاتهم أو مصادر معلوماتهم من جهة أخرى, وفقاً لتلك القواعد التي يطبقها المركز في عدد من فعالياته وأنشطته البحثية.

من ناحيته, أثنى نائب وزير التخطيط والتعاون الدولي الأستاذ هشام شرف على مبادرة مركز سبأ لتنظيم هذا المنتدى, لأنه يأتي في ظرفية حرجة شهدت وتشهد تحولات اقتصادية, وتقلبات عالمية مثيرة أثرت بقوة على تمويل الموازنة العامة خاصة, وعلى الاقتصاد اليمني عامة, مما يتطلب مواصلة مشوار الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها اليمن منذ منتصف التسعينيات. وفي الورقة الرئيسية للنقاش التي أعدتها الباحثة في المركز أروى البعداني, وقدمتها الأستاذة خلود ناشر مديرة العلاقات العامة والمؤتمرات, استعرضت المراحل التي قطعتها الإصلاحات في اليمن مبرزة النجاحات المحققة من خلال جملة من المؤشرات التي عملت على إيقاف تدهور الاقتصاد الكلي بعد الشروع بتنفيذ برنامج التقويم الهيكلي عام 1995, والعوامل التي أدت إلى تلك النجاحات خلال الفترة الماضية، وما يعترضها من تحديات نتيجة لتراجع أسعار النفط في السوق الدولية, الذي يشكل أهم مورد للموازنة العامة, وخلصت الورقة إلى أن اليمن يمر بمرحلة حرجة تستدعي حشد كل الإمكانات المتاحة والممكنة بما فيها دعم المانحين التي يعول عليها في الحد من التقلبات العالمية على التمويل العمومي في اليمن.


 

مواضيع ذات صلة :