
بدأ مسلسل تراجع وهبوط قيمة الريال امام الدولار، مع بداية 1991م حين قفز سعر صرف الدولار من 9 الى 13 ريالاً، ومنها مؤشر التراجع يتصاعد على خارطة الرسم البياني في تسارع مخيف حتى بلغ نهاية الشهر المنصرم الى 225.9 ريال للدولار الواحد، الأمر الذي دفع أكثر اصحاب المدخرات والودائع بالريال اليمني الى تحويل أموالهم من الريال الى الدولار، وبهذا يكون تراجع العملة الوطنية على هذا النحو قد اسهم الى حد كبير في تعزيز قيمة الدولار وزيادة حجم تداوله في السوق المحلية، وبحسب آراء مهتمين لم تقف التبعات السلبية لتراجع الريال امام الدولار عند هذاالحد بل يتعداها الى حد التأثير المباشر على ذوي الدخل المحدود، اكثر الشرائح الاجتماعية تضرراً بسبب ارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية المستوردة، بالاضافة الى تعثر الصناعات المنتجة محلياً التي تعاني من تدني معدلات الارباح يصاحبه تراجع اضطراري في معايير الجودة ينتج عنهما تراجع وانسحاب للسلعة المنتجة محلياً لتفسح المجال لنضيرتها المستوردة، ويرى مختصون أن تدهور الصناعات المحلية وتدني معاييرها الانتاجية قد أدى الى تنامي حالة ضعف القدرة الشرائية للمستهلك اليمني بشكل مزمن. وتشير دراسة اقتصادية صادرة عن البنك الدولي ان ضعف القدرة الشرائية للمستهلك اليمني تعد من أهم العوامل المعيقة لتطور ونماء القطاع الصناعي في اليمن، وهنا تكمن خطورة تراجع قيمة الريال أمام قيمة الدولار على اعتبار أن تراجع العملة الوطنية يؤثر سلباً على القدرة الشرائية لمحدودي الدخل، الذين يمثلون غالبية المستهلكين في المجتمع.
ويحذر خبراء اقتصاد من مغبة تراجع اسعار العملة الوطنية، وفي هذا الخصوص دعا الدكتور طه الفسيل، استاذ المالية العامة بجامعة صنعاء الى ضرورة الحد من تنامي ظاهرة دولرة الاقتصاد اليمني، التي تتم بوتيرة عالية،
مضيفاً: أن على البنك المركزي إعادة النظر في ادارة السياسة النقدية لتصبح قادرة على الحد من ظاهرة الدولرة وزيادة حجم موارد النقد الاجنبي المتاحة للمؤسسات المصرفية والبنكية في اليمن، وانتقد الفسيل في دراسة اعدها حديثاً، البنك المركزي في آلية تدخله في سوق الصرف، مطالباً اياه بمنع كل التمويلات التي تمنح للعملاء لشراء العملات الاجنبية، او لتمويل شركات الصرافة والمنشآت الفردية او استخدام الأموال للمضاربة في اسواق الصرف الاجنبي، وحث على تحقيق اقصى حد ممكن من الاستقرار على المستوى العام للأسعار حتى لا يتجاوز معدل التضخم السنوي مستويات كبيرة، يصبح عندها تحسين المستوى المعيشي للمواطنين غير ممكن تحققه في ظل الجهود والامكانات المتوفرة حالياً.
وترى الدراسة ذاتها ان تحقيق استقرار للريال مقابل الدولار يتطلب اعادة النظر في هيكلة البنك المركزي الوظيفية بما يؤهله لتطوير سياسته النقدية وتوجيهها بهدف تحقيق استقرار مالي للقطاع المصرفي.
فيما يرى مصطفى نصر - رئيس مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي، ان تراجع اسعار العملة الوطنية جاء عقب قرار البنك المركزي اصدار عملة جديدة فئة 250 ريالاً نهاية العام الماضي.
مشيراً الى ان تراجع سعر العملة الوطنية امام الدولار يزيد نسبة الفقر في اوساط السكان ويسهم في خفض نسبة النمو الاقتصادي ومراكمة الأعباء المعيشية على المواطنين ويشجع على استرداد العملة لصالح أذون الخزانة. واكد خبير اقتصادي يمني، ان اغلب دول العالم استفادت من الازمة المالية التي مرت بها امريكا مؤخراً، اذ عززت قيمة عملاتها الوطنية مقابل الدولار إلا في اليمن حيث يحدث العكس.
وفي سياق ردود الفعل على هذا الحدث، كان مجلس النواب قد استدعى كلاً من وزير المالية نعمان الصهيبي ومحافظ البنك المركزي السابق احمد عبدالرحمن السماوي وقدما المسؤلان تقريراً مشتركاً للمجلس وردا على اسئلة بعض الاعضاء في الجلسة التي انعقدت صباح 22 مارس، وفي سياق حديثه امام المجلس قال وزير المالية مخاطباً النواب «انتم تعرفون جيداً العلاقة بين السياسة المالية والنقدية من خلال موازنة عام 2010م، والتي بلغ حجم العجز فيها 491 مليار ريال، وان الحكومة تمول هذا العجز من خلال اذون الخزانة والسندات الحكومية، وأوضح التقرير المشترك ان تراجع العملة الوطنية له اسباب كثيرة، اهمها موقف الحساب الجاري في ميزان المدفوعات ودعم الحكومة للمشتقات النفطية وتراجع عائدات السياحة وتراجع عائدات المغتربين، وبين التقرير أن السياسة النقدية تتم في إطار موارد محدودة من النقد الاجنبي معتمدة بشكل رئيسي على الصادرات النفطية وتراجع عائدات السياحة وتراجع عائدات المغتربين، وبين التقرير أن السياسة النقدية تتم في إطار موارد محدودة من النقد الاجنبي معتمدة بشكل رئيسي على صادرات النفط التي شهدت تراجعاً كبيراً في العائدات بلغ عام 2009م ما يعادل 1.95 مليار دولار، مقارنة بـ4.309 مليار دولار عام 2008م، بالاضافة الى التباطؤ في استقطاب وجذب الاستثمارات الاجنبية المباشرة، وعدم تفعيل البرامج والمشاريع الممولة من مؤتمر لندن عام 2006م.
مال وأعمال