في خضم الأزمة السياسية الخانقة وفوق بحر متلاطم من الأشواك والعراقيل التي تخيم على أرض وسماء اليمن، هناك من يحاول ولا يفقد الأمل في الغد بل ويسعى بكل قوته وعنفوانه إلى الإنحياز إلى المواطن وحقه في تأمين إحتياجاته التموينية والحياتية، هكذا وزارة الصناعة
والتجارة ضمن منظومة الحكومة والقيادة السياسية تبدو ملاذاً للفقراء وسنداً للمستهلك في كل مكان، تعمل في ظرف إستثنائي صعب جداً بعد تدمير مقرها في الحصبة وإتلاف محتوياته، وتستشعر مسؤوليتها الوطنية بالعمل الدؤوب على توفير السلع ومحاربة الإحتكار والتهريب وتحسين الأسعار.
وفي حواره مع «26سبتمبر» يتناول الأخ المهندس هشام شرف عبدالله- وزير الصناعة والتجارة قضايا تتعلق بأحوال السوق التمويني منذ مطلع رمضان وأوضاع الأسعار وتوفر المشتقات النفطية وخصوصاً البنزين والديزل والغاز المنزلي، حرص الوزير النشيط والمجتهد على إعلان بشائر متعددة عن تأمين السلع وتوقع تراجعا قريبا في الأسعار، وتحدث بتفاؤل مبني على حيثيات يراها قائمة عن قرب إنتهاء الأزمة في بعدها السياسي والإقتصادي والأمني،
نص الحوار:
> الوضع التمويني بعد حوالي ثلث شهر رمضان ما هو تقييمكم من حيث توفر المواد والسلع وأيضاً مستوى الأسعار؟
>> أحب قبل أن أتطرق إلى الوضع التمويني أن أنوه إلى أمر آخر، وهو أن قرب اليمن ومحاذاتها مع السعودية وعمان والإمارات فيما بعد خفف الضغط التمويني على إستيراد السلع إلى حد كبير لا نتصوره، ونحن محظوظون أننا محاطون بجيران لديهم فائض كبير في الإنتاج مما ساعد في إستقرار الوضع التمويني أثناء الأزمة، ومع قدوم شهر رمضان أقدر دور القطاع الخاص والتجار اليمنيين في أنهم إستخدموا مدخراتهم الخاصة في تلك الفترة من مارس إلى نهاية مايو وكان لهم دور كبير في إستجلاب الكثير من المواد التي يحتاجها السوق اليمني وبالذات من دول الخليج، وما يأتي من البحر وعبر الموانئ من بضائع الدولة تفتح الإستيراد له بالسعر الرسمي.
نأتي إلى موضوع توفر السلع التموينية فقد توفرت السلع في اليمن بشكل ظاهر للعيان، فتوجد كل السلع المطلوبة في المتاجر الاستهلاكية وعن طريق عدن والمكلا والحديدة إنتشرت السلع، المفارقة الوحيدة التي لنا ملاحظة عليها هي الأسعار، ما حدث من مارس وحتى منتصف يوليو هو أن السلع التي كانت تأتي إلينا كانت تواجهها مشكلة النقل، وكانت هذه الفترة مميزة بشحة المواد البترولية، وكثير من التجار كان يتجه إلى السوق الإستهلاكية لنقل المواد عن طريق الموانئ المعروفة وكان يضيف كلفة النقل بشكل غير عقلاني، يعني إذا كان سعر الديزل 50 ريالاً للتر الواحد ويشتريه بنحو 150 ريالاً، كان البعض يعكس ذلك في سعر السلعة مما أحدث زيادة في أسعار المواد الغذائية بالذات مع أن مكون النقل في سعر المادة لا يجب أن يزيد عن 5- 10%، وهو ما كنا نأمل بعد حلحلة المشكلة النفطية أن ينزل. الدولة تدخلت في هذا الموضوع مع نهاية شهر أبريل وتم التوجيه لكل الموانئ وفروع شركة النفط أن تزود كل القاطرات والمركبات التي تحمل مواد غذائية بالديزل المدعوم، وهذا معناه أن الفروقات إن وجدت تكون في سعر الدولار، ما شهدته هذه الفترة من مارس إلى نهاية يوليو كانت هناك فروق في سعر الدولار بسبب شحة المعروض وكان البنك المركزي يعرض الدولار في السوق مما يحدث بعض التوازن، وإنعكاس سعر الدولار كان مقبولا حيث كان 213 ريالاً للدولار الواحد وإرتفع إلى 230 ريالاً ومن المعروف أن المواد الأساسية هي التي تحظى بالدعم من البنك المركزي وبقية المواد لاتحظى بأي دعم فيما يتعلق بسعر الدولار.
التجار والأسعار
> وكيف كان تعامل التجار؟
>> قبل شهر رمضان جلسنا مع التجار وكبار المستوردين وشكرناهم على وقوفهم الثابت مع المواطن اليمني بالدرجة الأولى ومع الدولة بالدرجة الثانية وطلبنا منهم التعقل في الأسعار، فإذا كان الديزل توفره الدولة اليمنية فلا داعي إلى أن تبقى الأسعار بشكل عال والكل وعدنا خيراً، فعلاً وجدنا الجميع متعاونين، قد يكون موضوع العرض والطلب هو ما أحدث إرتباكاً بسيطاً في السوق، كان المفروض أن تنزل الأسعار بنسب متفاوتة لكن الطلب الكبير جعل الأسعار لم تنقص بشكل كبير، بعض المواد نزلت أسعارها بشكل بسيط، وأتوقع كوزير الصناعة والتجارة من خلال البيانات بعد أن خف الطلب أول أسبوع من رمضان أن يكون هناك تراجع في أسعار السلع لأن هناك كميات كبيرة منها، وبالتالي فإذا لم يكن هناك طلب عليها سيخفضها التاجر، ولهذا أتوقع من خلال تعاون التجار ومن خلال توفر الديزل ثانياً ومن خلال حدوث هدوء نسبي لسعر صرف الريال بعد فتح خط مأرب للتصدير وسنصدر أول كمية هذا الشهر أن يعود البنك المركزي إلى ممارسة دوره الطبيعي في إحداث توازن في سعر العملة وهو ما يقوم به دائماً، لقد صرفنا مبالغ كبيرة مما نستلمه من إيراد النفط خلال الأشهر الماضية لكن هذا كان على أساس إحداث توازن في السوق اليمنية بالنسبة للدولار وحتى لا يطلع الدولار بشكل كبير، وأتوقع في الأيام القادمة أن تكون هناك انخفاضات في أسعار السلع.
> هل هناك مؤشرات إيجابية يمكن أن نزفها إلى المواطن؟
>> توقعاتي كوزير مع توفر الديزل اليوم الخميس وهو موجود في الجمهورية بكميات كبيرة مع توقعات بوجود إنفراج للأزمة السياسية أن تنخفض الأسعار بحدود 5- 10%، وأيضاً مع نزول الأمطار وتراجع حدة الطلب لأن المشكلة الكبيرة هي زيادة الطلب خلال الشهور الخمسة الماضية وتكدس المواد المختلفة من السلع الغذائية والمشتقات، قانون العرض والطلب هو الذي يتحكم وكلما ضعف الطلب تراجع السعر، وأتمنى من الأخوة المواطنين ترشيد الإستهلاك وأحب أن أؤكد لهم أن اليمن لن تخلو يوما من السلع لأننا على حدود دول مصدرة للمواد الغذائية وهي دول متعاونة وغنية، وتجارهم تعاونوا بشكل ممتاز مع التجار اليمنيين.
المشتقات النفطية
> ما هي أوضاع المشتقات النفطية حالياً وخصوصاً البنزين والديزل والغاز المنزلي؟
>> يجب أن نعود إلى الوراء قليلاً، كانت هناك مؤامرة كبيرة جداً تهدف إلى إحداث تململ وعدم الرضا والإنفلات فيما يتعلق بالحد من وصول المشتقات النفطية إلى السوق، وكان التركيز على أمانة العاصمة وفعلاً تحققت بعض هذه الأهداف في الأشهر الأولى أبريل يونيو، لكن والحمدلله وبفضل توجيهات القيادة السياسية وعمل الحكومة المتضامن وشركة النفط التي تستحق تقديراً وثناءً خاصاً لأنها تعاملت في أقسى الظروف في تأمين النفط، وأحضرنا كميات كبيرة من النفط في فترة كانت الأمور متفاقمة بشكل لا يمكن تصوره، كانت أهم نقطة في المشتقات النفطية شحة الإمكانات المالية الإستيرادية، والسوق لم تكن تحتاج الإستيراد فقط ولكن ضعف الإستيراد ووصولها كان أزمة كبيرة ووزعت آلاف البراميل من البنزين والديزل ولكن إذا استمررنا بنفس السياسة القديمة وبنفس البترول العادي لم نكن نستطيع أن نصلح إختلال السوق، كان الأمل الوحيد لنا هو في إتخاذ خطوة جريئة تتمثل في إحضار بنزين مختلف يقضي بدرجة أساسية على التهريب والتخزين، لأن ما خزن وهرب كان كفيلاً بالقضاء على كل ما يمكن إستيراده، فاستوردنا البنزين المحسن بكميات كبيرة جداً تكفي اليمن لعدة شهور، بالإضافة إلى كونه قطع الطريق على السماسرة والمهربين له حتى خارج اليمن وأحدث هذا الإجراء إستقرارا في السوق، واستطيع القول كوزير عن حماية المستهلك ومحاربة الغش التجاري وكسر الإحتكار أن أؤكد أن السوق هادئة ومستقرة فيما يتعلق بمادة البنزين، صحيح أن هناك مناطق لم تعانِ من الأزمة الحادة والقوية في نقص المشتقات وخاصة الواقعة على الموانئ أو قريبة من الحدود من الدول المجاورة، وبالتالي هذا القرار أحدث بعض اللغط في تلك المناطق وعدم الرضا وطلبنا من هذه المناطق التعاون معنا في كسر شبكات التهريب والتلاعب والسمسرة، نعم أنهم كان لديهم بترول طول الوقت وإتخذنا قراراً بالتنسيق مع الفريق عبدربه منصور هادي نائب الرئيس بأن تكون هناك محطات للبترول العادي يستطيع المواطن أن يقف في الطابور لكن نقطع الطريق على السمسرة، وكل مواطن إذا أخذ 40 لتراً في فترة يحتاجها لن يكون هناك مجال لتهريب البترول والتلاعب به، ستكون هناك محطات من 2-3 تعبئ البترول العادي لكن الإختيار متروك لكل الناس أن يذهبوا إلى البترول الخالي من الرصاص وهو موجود بكميات ضخمة تمنع حصول أي أزمة وهو إجراء وقتي، الأزمة السياسية في اليمن كان يمكن أن تكلف اليمن في خمسة أشهر إحتياطي البلاد كاملا إذا استمررنا في إنزال بترول عادي إلى السوق ويقوم المهربون بتهريبه داخلياً وخارجياً، كان يمكن أن تقضي على كميات الإحتياطي الذي يخص البلد كله ولا يخص الحكومة وحدها ومن المهم جداً أن نتعامل معه بكل عقل وحكمة، هذه الخطوة كانت ناجحة وأتمنى دعم المواطنين فيها لأسباب إقتصادية وسياسية وأمنية.
> وماذا عن الديزل؟
>> حصلت شحة في مادة الديزل وهو يباع بخمسين ريالا للتر وسعره الحقيقي 175 ريالاً، بالتالي كذلك استوردنا كميات ضخمة منه حوالي 270 ألف طن كمرحلة أولى ستكون في السوق اليمنية اليوم الخميس 11 أغسطس وهي تكفي البلد أكثر من شهر، الإمارات مشكورة في لفتة طيبة أعلنت عن تقديم40 ألف طن من المادة وستكون متاحة أيضاً اليوم الخميس وهذه الكمية تكفينا لفترة مريحة وستنزل إلى السوق وليس هناك أي تعديل في سعر الديزل لأننا نستطيع أن نتحكم في ذلك، وهي مخصصة للمصانع والمعامل والمنشآت الرسمية والبنوك والمؤسسات ونعرف كل المتعاملين فيها وسيباع لهذه الجهات لمحاصرة التهريب.
المزارعون والمواطنون سيجدون ما يحتاجونه من مادة الديزل ونحن بصدد إستيراد كمية أخرى وبالتالي نفي بحاجة السوق حتى يعرف المواطن والمزارع والمصنِّع اليمني أن هذه المادة موجودة، لأن نقصانها يرفع الأسعار ويكثر السمسرة، وأطمئن المواطنين بأن الحكومة كلها تعاملت مع موضوع البنزين والديزل بعقلانية ومن خلال خطط متكاملة، لم نكن نتعامل برد الفعل بل شكلت لجنة وزارية عليا من الوزراء ذوي العلاقة من النفط والتجارة والمالية وشكلت غرفة عمليات مركزية برئاسة وزير الصناعة والتجارة تتواصل مع كافة أنحاء الجمهورية ومع كل مديرية لمعرفة إتجاه القاطرات والناقلات ووصول مادة الديزل والبنزين إلى كل مكان، وهذه الغرفة مكونة من كل الجهات ذات العلاقات بما فيها الجيش والأمن والمجالس المحلية، وهناك لجان في كل محافظة تضم ممثلين عن المجالس المحلية ولجان أخرى من المديريات وتعاملت مع المشكلة بكل جد ومسؤولية، مشكلتنا الكبيرة التي واجهتنا خلال هذه الفترة كانت التقطعات وكنا ومازلنا نأمل ونعمل عليها أن يتعاون المواطنون عندما تحصل تقطعات لقاطرات الديزل والبترول المفروض أن يكون المواطن رديفاً للدولة لأنه المستفيد الرئيسي، كان الناس يتقطعون لقاطرات شركات النفط لأسباب شخصية أو لغياب المادة لديهم، هذه التقطعات لعبت دوراً سيئاً خلال الأزمة ونتمنى ألا تتكرر لأن البترول يخص كل مواطن يمني وأيضاً الديزل والغاز، يخص أصغر مزارع وسائق السيارة إلى كل مصنع وإلى مطار صنعاء الدولي، ولهذا أطلب من كل مواطن أن يشعر أنه جزء من عملية إستقدام المشتقات وليس فقط مستلما وإذا صار شيء فيها فهو متضرر بشكل رئيسي.
الغاز المنزلي
> وكيف تتعاملون مع أوضاع الغاز المنزلي؟
>> بعد أن قطع علينا خط مأرب وهو إلى الآن مقطوع من القاطرات، صحيح تم فتح أنبوب النفط لكن قاطرات المازوت أو الغاز لا تمر، ولدينا كميات ضخمة من الديزل والمازوت موجودة في مأرب ويمكن نقلها إلى صنعاء ويمكن أن نشغل محطة صنعاء من الديزل في مأرب، لكنها التقطعات، نحن كدولة لسنا بصدد القتال أو مواجهة إخواننا في هذه المناطق لأن الهدف في النهاية خدمة المواطن وليس إشعال أزمة أو حرب مع من يقطعون الطريق، إعتمدنا في البداية على إستيراد الغاز وسمحنا بوصول المواد إلى صنعاء ونحن نعرف أنها مهربة للتخفيف من الأزمة، كلفنا عقال الحارات والناس في المجالس المحلية في إيصال المادة، كان التنفيذ إلى حد ما جيد وليس بالصورة المطلوبة التي توقعناها، الآن سنعود إلى وكلاء شركة الغاز الذين سيبيعون إلى المواطن مباشرة وذلك خلال الأسبوع القادم وهناك انفراجة كبيرة إن شاء الله في هذا الإتجاه، والسعر ستحدده شركة الغاز على ضوء التطورات لكنه سيكون رخيصاً قياساً إلى ما يباع في السوق الآن، هذه المواد تعاملنا معها بطريقة تحفظ كرامة المواطن، والحمدلله وصلنا إلى مستوى جيد، وأعتقد الأسبوع القادم سيشهد إنفراج كبير في السوق اليمنية، وهذا الإنفراج أرجعه إلى تعاون المواطنين والقبائل والمشايخ والجيش والأمن.
حملات ومخالفات
> وعن جهود الوزارة في ضبط المخالفات التموينية ووقف الإحتكار والتهريب في السوق؟
>> قبل أحداث الحصبة أصبنا بشلل بسيط في الوزارة ناتج عن جلطة، حصل شلل جزئي في ممارسة دور الوزارة للرقابة والإشراف ومكافحة التهريب بأمانة العاصمة، نحن نضع سياسات ولا نقوم بمكافحة التهريب ونعمم الخطط على كل فروعنا ونتعاون مع المجالس المحلية والجهات الضبطية وجهاز الأمن، الرقابة كانت موجودة ولكن شهري مايو ويونيو حصل فيهما الشلل في العمل، ما حصل أننا أتينا لوضع برنامج لمكافحة التهريب وبرنامج للتعامل مع زيادة الأسعار وللأسف وجدنا أن الوضع السياسي والاقتصادي والأمني كان يحول دون ممارسة الوزارة لوضعها الطبيعي، كنا في الأوضاع الطبيعية ننزل فرقاً فيها ضبط قضائي وأمن ونحقق ونرتب ونرفع تقارير ونأخذ الناس إلى المحاكم. جاءت فترة من مارس إلى منتصف يوليو كانت هناك إرباكات موجودة على كل المستويات، المحاكم لا يمكن أن تحيل الناس إليها في ظل هذه الظروف وفرق الضبط تذهب أحياناً إلى بعض المناطق المسلحة التي يتواجد فيها مهربون، وبعض المناطق كانت القاطرات تهرب البترول وتذهب إلى منطقة يكون التحكم الأمني فيها لقوات أخرى غير قوات الشرعية الدستورية، حتى بعض البقالات والمناطق التي كنا نحاول ضبط الأسعار فيها يدعي أصحابها أنك ليس لك أي سلطة عليهم، وبالتالي كان يمكن أن نصطدم بالمواطنين وتحصل مشاكل. إعتبرنا أنفسنا في حالة أزمة أو مشكلة أمنية وسياسية، وبالتالي حدث نوع من أنواع غض الطرف ومحاولة الهدوء إلى حين نصل إلى وضع متزن، الآن نحن إن شاء الله بدأنا من 15 يوليو بعد أن تأكدنا من وجود مواد غذائية كافية في البلد وإنسياب البضائع إلى كل أنحاء اليمن وبعد أن قام الفريق عبد ربه منصور بعشرات اللقاءات مع المعارضة وحرص المؤتمر على فتح الطرقات وإنهاء المظاهر المسلحة كان ذلك فاتحة خير بالنسبة لنا كوزارة الصناعة والتجارة أن نمارس بعض مهامنا الوضع كان قبلها حائلا للقيام حتى بزيارة فرن وتقول له إنه مخالف كان يدعي أن الديزل والكهرباء معدومة والقمح يباع له بسعر أعلى، الآن بدأت الأمور تضبط من منتصف شهر يوليو، وبدأنا نستلم تقارير إلى غرفة العمليات المركزية والتي كانت دمرت تماما في الحصبة بكل أجهزتها وتقاريرها فأصبح من الصعب أن تتعامل مع موضوع الأسعار والتحليلات والتقارير ورسم خطط، لكنها بدأت قبل حوالي أسبوعين ممارسة دورها من مكتب جديد استأجرته الوزارة في شارع حدة وهو يقوم بالتواصل مع مختلف أنحاء الجمهورية وعكس ذلك في تقارير إلى مجلس الوزراء ثم يتم تحليلها وعلى ضوئها تتخذ الإجراءات.
دورنا لم يكن طبيعياً ونحاول أن نتجه إلى العمل المنظم مع أمانة العاصمة ومع الغرف التجارية في صنعاء والمحافظات وأن نصل بالسوق اليمنية لأن يشتغل بآلياته الطبيعية، وهو لم يكن يعمل في إطار آليات طبيعية منذ نصف عام، ولولا وقوف التجار الكبار والمستوردين ومعظم التجار الوطنيين لكانت البلاد شهدت أزمة معيشية، لكنهم وقفوا معنا وبعضهم خسر وإستخدم بعض مدخراته الخارجية في إستيراد السلع غير الأساسية وبعضهم تحمل الفترة من فبراير إلى يوليو بكل قوة لكن هناك بعض المتلاعبين بالأسعار، في كل مجتمع في العالم هناك من يتعامل بمصداقية وهناك من يحاول في الوقت الضائع أن يحقق مكاسب غير مشروعة، وهم قلة نحاول من خلال الغرف التجارية أن نتعامل معهم.
> هل هناك تقييم حديث لخسائر اليمن الإقتصادية أومؤشرات جديدة في هذا الإتجاه؟
>> بالنسبة لوجود تقييم عملي نحن نتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للقيام بتقييم فعلي لما حدث من خسائر في اليمن من خلال خبراء وفرق ميدانية للنزول الميداني وفرق إلى المحافظات، أحياناً تقوم بالتقييم على محافظتين تتركز فيها المنشآت الصناعية ولكن لدينا 21 محافظة لا تدري ما حصل فيها في الزراعة أو العمالة الموسمية أو الرسمية أو السياحة، بدأنا بالإعداد لهذا البرنامج مع الأمم المتحدة وربما نتعاون مع أمريكا وأوروبا لتشكيل الفرق للوصول إلى الأرقام الحقيقية والتأثيرات الحقيقية التي حصلت، أعود إلى تقديراتنا في أوائل يونيو، وأنا كوزير للصناعة والتجارة من خلال لقاءاتي مع التجار والمستثمرين ورجال المال والأعمال، عندما قدرت في تلك الفترة أن الخسائر ما بين 3- 5 مليارات دولار لم أكن أتكلم من فراغ مع أسفي الشديد أن بعض الفضائيات غير المسؤولة أخذت هذه الأرقام للتسلية والتنكيت والسبب أنهم لم يكونوا على إطلاع بما يحدث في السوق اليمني، وكان البعض يرغب في أن تتضاعف الخسائر، هذه التقديرات إنطلقت من أننا لم نكن نصدر النفط الذي كنا نصدره عادة بل نستورد كميات كبيرة، ووصلت خسائرنا إلى 1.8 مليار دولار لإستيراد المشتقات النفطية والغاز وخسائرنا لتوقف النشاط في معظم المؤسسات التنموية والمشاريع، المبالغ التي خسرناها تنقسم إلى قسمين مباشرة مثل النفط، وبطء في تحصيل الجمارك والضرائب والكهرباء كما يقول وزيرها 100 مليون ريال يومياً لعدم بيع الطاقة التي تنتج من مأرب، الخسائر الأخرى غير المباشرة عبارة عن شلل في قطاع السياحة والذي يخلق فرص العمل، وأقول بصراحة أن الأزمة أضاعت علينا موسماً سياحياً كان من أفضل ما يكون خصوصاً في هذا الصيف والأمطار الجميلة في مناطق جميلة كان متوقعاً أن يحضر مئات الآلاف من اليمنيين من دول الخليج وكانت تدر على البلاد ملايين الدولارات، العام الماضي إستفدنا من السياحة مليار و100 مليون، وهذا العام إذا وصلنا إلى 50 مليون دولار يكون جيداً والسبب المخاوف والتهويل في الخارج، حيث حاول البعض أن يمحو اسم اليمن المميز سياحياً وتجارياً وإستثمارياً، أصبح اليمن بلدا لا يقصده الناس حتى مجرد ترانزيت وعلامة إستفهام ونقطة حمراء، أتوقع من خلال تقييمنا القادم أن تكون الخسائر كبيرة، في المقابل الخسائر المباشرة سنعالجها بعد إنفراج الأزمة السياسية.
ولا زالت هناك بعض المناطق الريفية بسبب بطء النشاط الإقتصادي تأثرت وقد تحتاج إلى مساعدات من الدول المانحة التي أعطت مؤشرات لمساعدتنا في المناطق الريفية، أو مناطق تحتاج إلى دعم سلعي ويكفي أن الصين مؤخراً أبدت إستعدادها في دعم النازحين في أبين، وهذا مؤشر أن العالم يقف مع اليمن طالما وقف أبناء اليمن مع بلدهم وأنفسهم.
توقف الصناديق الدولية
> بعض المؤسسات الدولية كالبنك الدولي أعلنت وقف عملياتها التمويلية في اليمن.. ما هو أثر ذلك على الإقتصاد الوطني؟
>> مع بدء الأزمة ووجود محاذير أمنية لدى المؤسسات التمويلية وحتى السفارات والصناديق وبعثاتها في اليمن رأى البعض أن يتم تأجيل أو تعليق بعض أنواع التعاون لأنها كانت تستدعي خروج طواقم إلى المحافظات وحضور شركات، البعض علق مؤقتا نشاطه، هذا التعليق متوقع في أي بلد، الآن كما ذكرت بعض الانفراج السياسي وجهود نائب الرئيس من جهة والموقف الإيجابي الذي أقره المؤتمر الشعبي أمام بقية الأحزاب ووجود رغبة في الحوار والمشاركة، هذه المؤشرات عندما تطلق للخارج ستكون إيجابية، لابد أن نظهر للآخرين أننا بلد مبشر بالخير لا كما حاول البعض أن يظهر العكس أن هناك حرباً أهلية وإنهيار إقتصادياً وسياسياً، عندما يريد البعض إرسال رسالة إلى الخارج يحاول القضاء على ماركة «اليمن» السياحي والثقافي والاستثماري والتي عملنا عليها خلال السنوات الماضية وبتعاون كل الحكومات السابقة، أتى البعض وحاول أن يمحو هذا الإسم وهنا تتردد الفعاليات الأجنبية البعض علق المساعدات مؤقتاً، وتحاول فهم هل اليمن ما يزال صالحا للعمليات التنموية، البعض للأسف من الباحثين للأسف ومدعي البحث العلمي في مجالات الشؤون اليمنية كانوا يعدون أبحاثاً عن اليمن فيها مغالاة وتهويل وربما يدفع لهم حتى يقوموا بهذا وكانوا يحاولون إظهار أن اليمن إنتهى سياسياً وإقتصادياً، كانوا يسعون إلى تخريب البلد وإحداث فوضى في اليمن من خلال أبحاث لا تستند على أرقام وإنما تستند على توجيهات خارجية، العالم لديه جهات مؤسسات أمنية وبحثية تحلل الأرقام خلال ستة أشهر كانت الرسائل غير واضحة وبعض هذه الدول كونت فكرة غير صحيحة عن واقع ما هو حاصل في اليمن، فمن يجلس في واشنطن أو بروكسيل إذا لم تكن لديه معلومات من الداخل واتصالات مع الدولة وأرقامها كان يعتقد أن هناك حرب أهلية والبلد مطفأة وفي أزمة مشتقات وأن كل شيء بدأ يتجه إلى الأسوأ. واقع الأمر يقول أننا مررنا بأزمة ووقفنا كشعب وحكومة بشكل مشترك لأن الصالح مشترك، كلنا في إطار منظومة واحدة، الآن بدأنا قبل فترة وسنواصل إعطاء المؤشرات الإيجابية للعالم، هذا البلد لم يسقط إقتصادياً ولم ينهار، نحن لم نستدن مالياً وهذا من المؤشرات المهمة، ومقدار الدين إلى الدخل القومي الإجمالي رقم بسيط جداً ومبشر بأن هناك إدارة إقتصادية قوية، هذا البلد لم يتوقف في الإتصال يوماً عن العالم في ظل الأزمة، المطارات والموانئ مفتوحة والإتصارت الهاتفية أيضاً، اليمن برغم كل هذه الإشكالات هناك سلطة ومؤسسات دولة وإن كانت تعمل بأقل من طاقتها الفعلية، ما حصل من إساءة لسمعة اليمن وما حصل من وفود ليمنيين في الخارج أضرت الشعب لأن الإضرار بسمعة وإسم اليمن دولة ومؤسسات وكبلد هو في النهاية يعود على البلد ككل وليس على فخامة الرئيس أو الحكومة أو الوزارات، فما رأيناه من بعض التحركات التنموية من بعض المؤسسات لوقف المبالغ إجراءات مؤقتة وأتوقع في القريب العاجل أن يعود التقييم الإيجابي عن اليمن، أعرف من خلال عملي سابقا في التخطيط إجراءات تتخذ إحترازا من البدء في بعض الأنشطة وقد يكون هناك عدم جدوى. لكن من خلال الإنفراج المتوقع من خلال تفهم حركات الشباب التي قامت خلال ستة أشهر، الكل سيبدأ في تقييم الوضع من جديد.
> ولماذا الشباب؟
>> إخواننا الشباب في الساحات وفي كل المدن لابد أن يعرفوا أنه ينظر إليها بكل إحترام وإجلال، هم إخواننا وبناتنا لكن لابد أن يعيدوا النظر فيما طرحه فخامة الرئيس قبل نحو 5 أشهر بأن يكونوا أحزاباً تمثلهم هم ولا تمثل بعض فرقاء العمل السياسي الذين يجيرون كل شيء لصالحهم بإسم الشباب، حزبان أو ثلاثة من الشباب يتحاورون مع المعارضة والدولة ووجودهم في مسرح العمل السياسي سواء كتعلم أو مشاركة أو الإطلاع هذا سيساهم في إعطاء اليمن نظرة إيجابية أمام العالم، فهم الشباب أمل المستقبل وأشجعهم على أن يسرعوا في تكوين أحزابهم وإستصدار برامجهم وتصوراتهم لمستقبل اليمن الاقتصادي والتنموي وهذا سيجعلهم قوة لها إمكانات كبيرة للتحاور مع الجميع ويجدون موقعا في عملية إتخاذ القرار السياسي، وأتمنى أن يساعد وجوهم في إعطاء العالم إنطباعا بأن اليمن بلد الحكمة والشباب والتنوع.
> تشرف وزارة التجارة على مشروع بيئة الإستثمار والأعمال.. ما هي جهودكم لتشجيع المستثمرين والشركات على العودة إلى اليمن؟
>> كان هناك مشروع ممول من الأمم المتحدة ومشروع ممول من الألمان وثالث من الإتحاد الأوربي وكانت تصب كلها في مجال تشجيع بيئة الأعمال وجذب المستثمرين إلى اليمن ويضاف إليها جهود هيئة الإستثمار والتي عملت خلال ثلاث سنوات برنامجاً ترويجياً من الصين شرقاً إلى أوروبا وأمريكا ودول الخليج، كان هناك عملية ترويج ضخمة للاستثمار وهذا أعطى للعالم فكرة كبيرة جداً عن اليمن، حصلت الأزمة السياسية وهذا أضر بما حصل من جهود للترويج، الآن عدنا للتعامل مع الأمم المتحدة لإعادة هذا النشاط لتحسين بيئة الأعمال وجذب المستثمرين من خلال نقاط اتصال في دول مختارة من العالم. الإتحاد الأوربي وألمانيا بدأنا نتحاور معهم في شأن معاودة نشاطهم الذي يشمل اليمن من جهة وبلدانهم لعمل نوع من الترويج عن طريق شركات حكومية أو استشارية خاصة أو المنتديات الإقتصادية وطباعة تقارير وبعض البيانات التي تنشر على مستوى العالم، هذه الجهود عندما تعود بدعم من الدولة والقيادة السياسية، الشعب لابد أن يعرف أنه بدون إستثمار خلال العشر سنوات تنمية ليس هناك أي حل للبطالة والحل أن نهيئ بلدنا للإستثمار وقدوم الآخرين إلينا سواء للإستثمار أو السياحة أو خلق أنشطة من شأنها أن تشغل أو تدرب الأيدي العاملة كانت لدينا مشاريع في عدن وتعز ومناطق أخرى لتدريب آلاف من العمال بدعم خليجي للذهاب إلى دول الخليج أو غيرها والتمويلات موجودة، وهذا لن يتم إلا في جو آمن وإستقرار وهدوء.
ومن خلال اللقاءات مع السفراء والتواصل مع الدول المانحة هناك توجهات إيجابية وأن هذا البلد الذي كان يخطط له الانهيار والفوضى والتقسيم خرج من مرحلة الهجوم المباشر وبدأ مرحلة التعافي وإن شاء الله أقتصادنا الوطني يتعافي من خلال هذه المؤشرات، الدول الكبرى والإقليمية ترى في استقرار اليمن وأمنه مصلحة دولية للجميع.
> وعن أرقام أو إحصائيات حجم الخسائر الإقتصادية يشير وزير الصناعة والتجارة:
«>> بعد التقييم الأخير حصلت بعض الأرقام الجديدة على الرغم من إنفراج أشياء كثيرة ووصول كميات من الغاز وتصدير البترول من المسيلة، فخلال فترة يونيو يوليو بدأنا تحركا مدروسا لتحديث تقارير عن حجم خسارة اليمن فعليا؟ وإن سألتني كوزير للصناعة والتجارة أقول أن رقم 8 مليار دولار قد يكون رقماً عقلانياً ومنطقياً، آلاف الناس سرحوا من أعمالهم أما جزئياً أو بشكل كامل، مصانع كثيرة جداً توقفت، معظم رجال الأعمال بدأ يصرف على » لا إنتاج، سمعت رقما من الغرفة التجارية أن القطاع الخاص خسر 17 مليار دولار، وأستطيع القول أن مبلغ 8 مليار حسب تقديري إلى نهاية يوليو رقماً تقديراً يقترب من الأرقام الفعلية لسبب بسيط من حيث مقارنة الناتج القومي الإجمالي لليمن والبطء الذي حصل في نشاط الناتج المحلي، الناتج القومي الإجمالي لليمن حوالي 33 مليار دولار لو أخذنا النصف 16 مليار وكنا في إطار بطء هذه الرقم بحوالي 40.35% من الناتج المحلي وهو يقترب من مبلغ 8 مليار دولار لكن تؤكده وتحدده التحليلات القادمة التي نبدأ فيها من نهاية يوليو بالتعاون مع الأمم المتحدة وقد نطلب دعماً من أمريكا والإتحاد الأوربي للوصول إلى الأرقام الفعلية ثم الوصول إلى خطة متكاملة لطلب الدعم من أشقائنا وأصدقائنا وهم مستعدون لتقديم الدعم لليمن ليظل بلد الأمن والإستقرار والسكينة.