حوارات نُشر

رئيس جمعية حماية المستهلك: القانون يشترط علينا توكيلا رسميا من المتضررين لرفع دعوى ضد أية جهة

وفرت الأحداث السياسية التي تمر بها اليمن مجالا واسعا لضعفاء النفوس للعبث بسكينة الوطن وحياة المواطن.. فمئات السلع والأدوية الفاسدة تباع على قارعة الطرق والمخازن، ومئات الأصناف من المبيدات السامة تدخل إلى كل قرية دون رقيب أو حسيب لتحصد آلاف المصابين بالأمراض المختلفة بسبب سموم محرّمة دوليا وسلع فاسدة تباع على أرصفة الشوارع، إلى جانب زيوت غير صالحة للاستخدام- مصنعة محليا- تتسبب في تعطل وسائل النقل الخاصة بالمواطنين، فضلا عن العديد من القضايا المبلّغ عنها لا تزال في المحاكم دون بت.

“مال وأعمال” تفتح ملف العبث والعابثين بصحة المواطن وإهدار أمواله، وتطرق أبواب الجهات ذات العلاقة، بدءا بالمعنيين بحياة المستهلك والمواصفات والمقاييس وغيرها من الجهات الحكومية بهدف إيجاد الحلول والحد من العبث.. 

صورة مصغرة لما يجري يلخصها الأخ فضل مقبل منصور رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك في هذا الحوار... تفاصيل:


 أين تقف الجمعية اليوم من المخالفات والمخالفين؟

-الجمعية اليمنية لحماية المستهلك منظمة غير حكومية (NGO) تسعى لتوعية المستهلك وإيجاد وعي استهلاكي لدى كافة شرائح المجتمع عبر كافة الوسائل المتاحة وحمايته وتسعى لإيجاد علاقة قوية  بينها وبين المستهلك،  تتلقى يومياً عشرات الشكاوى من المستهلكين من مختلف المحافظات اليمنية بخصوص سلع غذائية ودوائية وخدمات....الخ، وتقوم الجمعية بمناقشة تلك الشكاوي واتخاذ الإجراءات الممكنة، وذلك بمخاطبة الجهات المعنية بحماية المستهلك لاتخاذ الإجراءات القانونية إزاء تلك المخالفات مثل وزارة الأشغال العامة والطرق، ومكاتب صحة البيئة، فيما يتعلق بالسلع الغذائية كونها معنية بتنفيذ قانون الرقابة على الغذاء، ووزارة الصحة العامة والسكان، ووزارة الكهرباء، ووزارة المياه،  ووزارة الصناعة والتجارة، باعتبارها معنية بالرقابة على السلع المغشوشة والمقلدة والمنتهية وغيرها، استنادا إلى قانون التجارة الداخلية، وهيئة المواصفات والمقاييس إلخ.. ولم يقتصر العمل بالتخاطب وإنما يتم النشر عبر وسائل الإعلام المختلفة والمتابعة وتصعيد القضايا إلى رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء بصورة دائمة، في حالة عدم تجاوب الوزارات المختصة ولكي لا نذهب بعيدا فسأتحدث عن العام الماضي، فعلى سبيل المثال الجمعية خاطبت رئيس مجلس الوزراء السابق الدكتور علي محمد مجور عند بداية أزمة الغاز في ابريل 2011 وكذلك نائب رئيس الجمهورية سابقا الرئيس حاليا المشير عبد ربه منصور هادي في يونيو 2011 عندما بدأت الكهرباء بالانقطاع عن أمانة العاصمة وبعض المحافظات وأزمة المشتقات النفطية وطالبت في مذكراتها التدخل لوضع الحلول والمعالجات، وعند تشكيل حكومة الوفاق الوطني في 2011 تقدمت الجمعية برسالة  لرئيس مجلس الوزراء في حكومة الوفاق الوطني الاستاذ محمد سالم باسندوة بتاريخ 4 ديسمبر 2011 أشارت فيها الى آثار الأزمة السياسية والتي تجرّع ويلاتها المستهلكون في عموم مناطق اليمن، وعدم حصولهم على أدنى مقومات الحياة الإنسانية الكريمة من خدمات وغذاء وصحة... الخ ، ويواجهون ظروفا أقل ما يمكن وصفها بغير الإنسانية. وطرحت الجمعية  مجموعة من القضايا التي تهم المستهلك وطلبت أن تكون  ضمن برنامج الحكومة الذي سيقدم لمجلس النواب وهي كما يلي:


أسعار السلع

القضية الأولى أسعار السلع الغذاء والدواء: طلبت الجمعية إعادة أسعار السلع الغذائية والأدوية إلى ماكانت عليه مطلع العام 2011 ، والحد من ظاهرة المخالفات في محلات إعداد وتحضير الأغذية من مطاعم وأفران، ما حوّل غالبيتها إلى بيئات خطيرة لانتقال الأمراض المعدية، فضلاً عن حرمان المستهلك من حصوله على حقه في غذاء وخبز صحي. مع تضاعف أسعار الخبز منذ مارس 2011 إلى ضعفين حيث يباع الرغيف بعشرين ريالا ويزن من خمسين إلى ستين جراما.


الكهرباء

القضية الثانية الكهرباء :طلبت الجمعية إيجاد الحلول الجذرية والعاجلة لمشكلة الكهرباء وإعادة التيار الكهربائي لأمانة العاصمة وعدد من المحافظات  والتي قطعت عنها الكهرباء لفترات تزيد عن عشرين ساعة في اليوم منذ بداية الأزمة، دون إدراك للخسائر والأضرار الكبيرة التي لحقت بالمستهلكين وبمصالحهم وبتعاملاتهم. كما تتطلع الجمعية أن تكون من ضمن برنامج الحكومة زيادة توليد الطاقة الكهربائية بالغاز  إلى ثلاثة آلاف ميجا وات والاستفادة من المبالغ المرصودة في برنامج دعم اليمن والذي لم تتمكن الحكومات السابقة من الاستفادة منه.


المشتقات النفطية

القضية الثالثة المشتقات النفطية: طلبت الجمعية من الحكومة إعادة أسعار المشتقات النفطية(البترول- الديزل- الغاز) إلى ما كانت عليه في فبراير 2011 وحل مشكلة الاختناقات في هذه المشتقات، حيث كان لها النصيب الأكبر في تأزيم الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة للمستهلكين، عندما لجأت الحكومة إلى زيادة سعر البترول إلى 120% عن سعره السابق. وارتفع سعر الغاز المنزلي إلى 200% في الأسواق وعلى السيارات الكبيرة والمتوسطة وانعدم في معارض المؤسسة دون ان تحرك الجهات الرقابية ساكنا وكأن الأمر لا يعنيها.


المياه

القضية الرابعة المياه:طلبت الجمعية من الحكومة  معالجة هذه المشكلة والتي تتفاقم يوما بعد آخر وتعد من أهم المشاكل ،ولم تجد المعالجات لها ولم تنفذ المشاريع التي أعلن عنها كمشاريع التحلية لمدن تعز وإب وعدن، وإيجاد الحلول لبقية المحافظات بما فيها أمانة العاصمة والحد من الاستنزاف الجائر لحوض صنعاء نظرا لما يعانيه المستهلكون في عموم الجمهورية من عدم توفر المياه وارتفاع أسعاره ثلاثة أضعاف في المدن والأرياف، وتداعيات ذلك في زيادة انتشار الأمراض والأوبئة لقلة النظافة وتخزين المياه بوسائل وأدوات غير صحية.


الأغذية والأدوية

القضية الخامسة الرقابة على الأغذية والأدوية: طلبت الجمعية إنشاء هيئة مستقلة تعنى بالرقابة على قطاعات مهمة مثل الغذاء والدواء، بحيث تكون مرجعية علمية موثوقة في إعداد وتطبيق المواصفات والقواعد الفنية المعتمدة، والرقابة على استيراد وإنتاج الغذاء والدواء أسوة بالهيئات التي أنشئت في معظم دول العالم بما فيها دول الجوار لحل المشكلة المتمثلة بالعبث الموجود في سوق الدواء والغذاء والإهمال والتقصير من الجهات المختصة والتداخل فيما بينها. وتوفير علاجات مهمة مثل علاج السكري والكبد والقلب واللقاحات المهمة وغيرها من الأمراض والتي تقدمها المنظمات الدولية كمساعدات وتظل حبيسة المخازن إلى أن تنتهي صلاحيتها، ما يجعل المرضى يتكبدون معاناة وخسائر كبيرة في البحث عنها وشرائها من الصيدليات بأسعار قياسية لمن يستطيعون، في حين أن غالبية المرضى قد يدفعون حياتهم نتيجة عدم قدرتهم على شراء هذه الأدوية. ولم يقتصر الأمر عند هذا بل تفشت كذلك أمراض خطيرة كشلل الأطفال والحصبة، والكساح وحمى الضنك وغيرها من الأمراض التي عجزت الجهات المعنية عن اتخاذ تدابير فاعلة للسيطرة عليها، ما يعني تدني مستوى الرعاية الصحية وانهيارها.


المبيدات

القضية السادسة المبيدات: طلبت الجمعية الحد من استمرار ظاهرة استيراد وتهريب مبيدات محظورة ومحرمة دولياً، تترافق مع استخدامات عشوائية لتلك المبيدات، مع غياب الدور الرسمي للحد من هذه الممارسات، والتوعية والإرشاد بمخاطر الاستخدام العشوائي للمبيدات وإعمال قانون المبيدات ولائحته التنفيذية، علاوة على بيع وتخزين هذه المبيدات الخطرة بطرق بدائية وفي مناطق التجمعات السكانية  في أمانة العاصمة ومختلف المحافظات، ما ألحق ويلحق أضراراً صحية بالغة بسكان تلك المناطق وإصابتهم بأمراض خطيرة مثل السرطان، الفشل الكلوي التهابات الكبد أمراض الرئتين أمراض الجلد وغيرها نتيجة استنشاقهم للروائح والأبخرة المتصاعدة من محلات البيع ومن مخازن المبيدات.


المرتبات والأجور

القضية السابعة إستراتيجية المرتبات والأجور: طلبت الجمعية إعادة النظر بإستراتيجية الأجور وبما يتوافق مع مستوى المعيشة وأسعار السلع والخدمات والتعليم والصحة وغيرها من الأسس التي تبنى عليها الاستراتيجيات لا أن تعتمد على تقديرات شخصية ،إضافة إلى إعادة النظر بالمبالغ البسيطة التي تصرف كضمان اجتماعي للحالات الفقيرة والمعدمة، فمتوسط استهلاك أسرة واحدة مكونة من خمسة أشخاص لمادة الخبز فقط يتجاوز 15000 ريال (خمسة عشر ألف ريال) في الشهر والحد الأدنى للأجور 20000 (عشرين ألف) شهريا وهذا يعني أن الإستراتيجية تعمل على زيادة الفقر.

وهناك العديد من القضايا والمواضيع التي تتبناها الجمعية وهي منشورة على موقعها كما نشرت بمختلف وسائل الاعلام.  


إشكالية المحاكم

 هل رفعت شكاوى أو قضايا بالنسبة لهم؟

-الجمعية رفعت خلال الفترة الماضية  عددا من القضايا أمام المحاكم، وحصلت على أحكام ضد وزارات حكومية، الا أن المشكلة تكمن بأن القانون اشترط لرفع الدعوى من قبل الجمعية أن يكون لديها توكيل رسمي من المتضررين ، ونتيجة لتدني مستوى الوعي الاستهلاكي والقانوني بحقوق المستهلك لدى عامة المستهلكين لم يتقدم المتضررون من رفع الدعوى لدى المحاكم مباشرة أو توكيل الجمعية برفع الدعوى استنادا الى قانون حماية المستهلك رقم 48 لسنة 2008 والذي أتاح للمتضرر رفع الدعوى للحصول على التعويض اللازم.

كما أن الجمعية حالياً تدرس عبر الدائرة القانونية رفع دعوى قضائية أمام المحكمة ضد شركة طيران اليمنية جراء تعاملها مع المستهلك (الراكب ) بناء على شكوى مقدمة من مجموعة من المسافرين اليمنيين الذين أُلغيت حجوزاتهم على الرحلة رقم 682 المغادرة من مطار كوالالمبور الى صنعاء يوم الخميس 8 مارس2011 واستبدلتهم بجنسيات أخرى الأمر الذي ألحق بالركاب اليمنيين أضراراً نفسية ومادية.


دعم إعلامي

 ما هي الجهات الداعمة للجمعية؟ معنوية.. مؤسسية.. حكومية؟

- بالنسبة للدعم المعنوي،أولاً ، النشاط الذي تقوم به الجمعية هو نشاط عام غير ربحي يخدم المستهلك بمختلف شرائحه، والقضايا التي تتبناها الجمعية هي قضايا تهم الجميع فالداعمون هم ممن يتمتعون بالهم الوطني ومن يدافعون عن الإنسان وعن حقوقه وينشرون الوعي السليم، وهم من يطبقون النظام والقانون، ونستطيع ان نقول بان  الجهات الداعمة هي وسائل الإعلام اليمنية المختلفة، رسمية حزبية أو اهلية، كلها تساند الجمعية في بث الوعي الاستهلاكي بين المستهلكين وتعتبر الداعم القوي للجمعية، يليها بعض الجهات الرسمية التي تتفاعل مع قضايا المستهلك وتتجاوب من خلال اتخاذها الإجراءات القانونية المناسبة حيال شكاوى الجمعية والمستهلكين وفقا للنظام والقانون. ومنها على سبيل المثال الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس.


معوقات

 ما هي المعوقات التي تواجه الجمعية ؟ وما رؤيتكم لحلها؟

-تقف أمام الجمعية جملة من المعوقات المعنوية والمادية ، تتمثل المعوقات المعنوية بعدم تفاعل الجهات المعنية مع ما تتبناه الجمعية من قضايا تهم المستهلك وتقصيرها عن ممارسة المهام والاختصاصات المناطة بها، وتطبيق القوانين والمواثيق الدولية المتعلقة  بحماية المستهلك مما يتعرض له من انتهاك لحقوقه الثمانية التي أقرتها الأمم المتحدة عام 1985م.

- التداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة الحكومية مما يؤدي إلى الاهمال في أداء مهامها على الوجه المطلوب.

- افتقار الكثير من الجهات الحكومية الى الفنيين المتخصصين في مجال الرقابة على الأغذية والأدوية حيث إن معظم العاملين في هذا المجال غير متخصصين وبعضهم أميين لا يقرءون ولا يكتبون.

- الكثير من السلع التي تدخل البلاد لا تخضع للمواصفات والمقاييس كالملابس والالكترونيات والتلفونات وأدوات التجميل والمواد الصحية.. الخ ولا توجد عليها أي رقابة ولا توجد جهة مختصة بذلك.

أما المعوقات المادية فهي كبيرة جداً وتشكل عائقا دون تحقيق الكثير من أهداف وبرامج وأنشطة الجمعية التوعوية والتثقيفية وشراء العينات، وإعداد الفلاشات التوعوية، وصحيفة المستهلك والملصقات، كما لم تتمكن الجمعية من استكمال إنشاء فروعها في المحافظات لعدم توفر الموارد المالية والتشغيلية لتلك الفروع، إضافة إلى عدم تجاوب السلطات المحلية بتوفير الإمكانيات اللازمة كمصاريف التشغيل للفروع القائمة وتنفيذا لتوجيهات الحكومة.

-لم تتمكن الجمعية من إجراء الدراسات والمسوحات الميدانية لكثير من القضايا التي تهم المستهلك لعدم توفر الموارد المالية، وماتحصل عليه الجمعية من مبلغ مالي سنوي من الحكومة لا يفي باحتياجاتها الأولية كأجور للمقر وأجور للموظفين وكهرباء وماء وتلفون وانترنت، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد فالدعم السنوي يخضع للخصم بل وصل عام 2009 الى النصف ولم يعاد حتى هذا العام الى ما كان عليه.


صحيفة مال وأعمال العدد (95) 18 ابريل 2012م


 

مواضيع ذات صلة :