أكد وزير المالية السابق الدكتور سيف مهيوب العسلي، أن نتائج مؤتمر الرياض ستكون مخيبة للآمال، متوقعا أن يفشل المؤتمر نتيجة غياب الرؤية الاقتصادية لدى الحكومة اليمنية وعدم الاستفادة من التجارب السابقة.
ماهي توقعاتك بالنسبة لمؤتمر أصدقاء اليمن والذي سيقام في الرياض؟
- للأسف الشديد أعتقد أن النتائج ستكون مخيبة لآمال الكثيرين والمؤتمر فاشل مئة بالمئة، ويعود ذلك لأننا لا نتعلم من تجاربنا السابقة، نحن ذهبنا إلى لندن عام2006م وتم تحقيق نجاح في ذلك الوقت لأننا أعدينا خطة إصلاح اقتصادية متكاملة ومقنعة، ووافق عليها الشركاء وبالتالي تم الدعم، ولكن تم التراجع عن الخطة في 2007م وتم إيقاف كل ما تم تخصيصه.
الآن الحكومة ستذهب إلى الرياض وهي صماء بكماء عمياء لا ترى إلا حاجتها، حكومة ليس لها توافق سياسي لأن الأزمة مازالت مغيمة على اليمن، ولا توجد رؤيا واضحة، والمانحون لن يقدموا على مساعدات وهم يعلمون جيدا أن المساعدات غير قابلة للاستيعاب.
ولا ننسى الأوضاع السياسية في البلد قد تنفجر في أية لحظة وبالتالي من العبث البدء بأي مشروع، وأيضا الحكومة بموازنتها وبرنامجها أحدثت إجراءات لا تتفق مع المانحين من حيث الشفافية والمسائلة وتخصيص الموارد، وبالتأكيد سيقول المانحون(لا تدرون ماذا أنتم فاعلون)، وبالتالي لن يساعد المانحون إلا من يساعد نفسه ومن العبث الذهاب الى مؤتمرات كهذه دون جدوى ووجود رؤيا مقنعة متكاملة للأطراف التي ستقدم المساعدة.
هل تتوقع من الوزراء الثمانية تقديم مشاريع جديدة؟ أم سيطالبون بالإفراج عن المنح المجمّدة من عام 2006؟
- لن يقدموا منحا جديدة طالما والمنح السابقة لن تصرف،لذا فلا فائدة من تقديم منح جديدة، لكن المشكلة أن المخصصات التي تم الاتفاق عليها قبل الثورة غير قابلة للتنفيذ نظرا لوجود متغير جديد وهو الثورة والاضطرابات الأمنية والسياسية وعدم الوضوح وبالتالي ستكون هناك مشكلة مركبة، فالمانحون سيستخدمون هذه الأموال وفقا لما تم الاتفاق عليه في السنوات الماضية، لكن الحكومة لا تدرك أن تتنفذ هذه الاتفاقيات غير ممكن نظرا للأوضاع، وكان على الحكومة أن تكون مبدعة وتفهم الموضوع على حقيقته، وبالتالي تتقدم بخطة استثنائية تتوائم مع متطلبات المانحين ومع الظروف الموضوعية في البلاد. فالحكومة صماء وبالتالي ستصاب بالإحباط كما أصيبت سابقا.
كيف يمكن للحكومة الاستفادة من المساعدات التي ستقدم لها؟
- هنا لا بد أن نفرق بين حالتين، الأولى هي إعادة الاستقرار في البلد وهذا يتطلب نوعا آخر من المساعدات، والشرط الضروري هو تحقيق توافق سياسي ليس كما هو موجود الآن، وإنما توافق سياسي ورؤيا واضحة، فالمانحون يدركون أن هناك محاولة من الأطراف لإفشال الحكومة نفسها ومن داخل الحكومة، وبالتالي لن تتخذ قرارات جذرية ولم تقدم رؤيا مقنعة لها ناهيك عن الشعب.
كان بالإمكان تقديم حزمة من المجالات التي تم مساعدة اليمن بها، على وجه الخصوص الإنسانية المؤقتة، وتذهب إلى الفقراء،ثم البدء بالمشاريع التي تخدم التنمية والتي تحتاج إلى وقت لإعدادها وهنا سنكون حققنا هدفين لإنقاذ البلد مما هو عليه وتهيئة المرحلة القادمة.
ما الأسباب التي أدت إلى فشل استيعاب الحكومة والنظام السابق بالمبالغ التي تعهد بها المانحون في المؤتمر؟
- لأنه لم يكن هناك توافق بين المشاريع التي تقدمت بها الحكومة والمعايير التي يطلبها المانحون، على سبيل المثال إن المانحين سياستهم الجديدة هي التركيز على الشفافية والمسائلة ويطلبون وجود مناقصات شفافة ومعايير واضحة ولا يتطلب أن يكون حجم المشروع كبيرا، بحيث تكلفة الدراسة تكون مقبولة
الشيء الآخر إن الحكومة لم تقدم المخصصات اللازمة لإقامة هذه الدراسات، وأخيرا إن المشاريع قسمت إلى مشاريع كثيرة جدا لا ترى إلا بميكروسكوب وبالتالي المانحون لم يروها، ولم يكونوا قادرين على مراقبتها، وتم تخصيص هذه الموارد بأي طريقة فقط لإرضاء الفساد لينال كل طرف نصيبه.
برأيك هل تنفيذ المشاريع من قبل الحكومة نفسها أفضل أم من شركة تابعة للدول المانحة؟
- الدمج بين الفكرتين هو الأفضل، وذلك عن طريق تهيئة القطاع الخاص الكفؤ والتعامل مع المعايير الدولية من المجالات التي لا توجد في اليمن قطاع خاص لها وأيضا الاستفادة من الخبرات الدولية.
لكن المؤكد أن الحكومة ليس لها القدرة على التنفيذ لهذه المشاريع في الإطار المؤسسي والكفاءات والإطار القانوني الإشراف اليومي على هذه المشاريع غير ممكن أساسا لعدم وجود الإمكانيات.
ماهي خيارات النجاح أو الفشل في المؤتمر القادم؟
- الفشل 100بالمئة ولا يوجد أي نجاح له، وقد تم تأجيل المؤتمر عدة مرات ولم يحدث أي تغيير حقيقي في توجه الحكومة، وهي ستذهب للمؤتمر بنفس المطالب السابقة وستسمع نفس الرد.
أقدمت على إصلاحات مالية، وتعثر الكثير منها بسبب إبعادك عن الوزارة، هل الوزارة الحالية برئاسة صخر الوجيه مستمرة بتنفيذ هذه الإصلاحات أم أنها توقفت؟
- لسوء الحظ توقفت عند خروجي من وزارة المالية، واجتثاث معظمها، والعودة إلى الاسلوب السابق، وهذا يعتبر من المؤشرات الأولية على أن الوزير الحالي صخر الوجيه ليس لديه الخبرة ولا القدرة للتعامل مع الأوضاع المالية، والدليل على ذلك أن الموازنة التي تقدم بها مجلس النواب هي أسوأ من الموازنة السابقة بكثير لأنها تركز على الإنفاق الجاري وتخلق التزامات جديدة تتجاوز الموارد المتاحة لليمن خلال المرحلة القادمة، وبالتالي تعد الموازنة عبئا واستهتارا وخرقا جديدا لكل القوانين المالية التي يتعامل بها العالم، وهذا يدل على أن الفترة 2012م ستكون أسواأ، لأن الموازنة الجديدة ستفرض التزامات جديدة في السنوات اللاحقة.
مجلة الاستثمار العدد (40) مايو 2012م