حاوره : إبراهيم الحجاجي
كيف تنظرون الى واقع الاقتصاد اليمني في ظل المتغيرت الراهنة؟
- الاقتصاد اليمني كسيح، وهو يعاني من اختلال هيكلي يتمثل بعدة عوامل أهمها ضعف القطاع الانتاجي والاعتماد على الاستيراد لاننا شعب مستهلك.. وأنا نبهت منذ بداية الثمانينات الى خطورة وضع كهذا وعرضت إصلاح هذه الهيكلة لكن للاسف بدلاً من الاصلاح الهيكلي فوجئنا بتضاؤل الاهتمام امام السياسات والمتغيرات الاخرى، وضاعت علينا فرص كبيرة وصار الاقتصاد آخر هم يمكن التفكير فيه، واصبح ثانوياً رغم اننا بلد نامٍ، ولو تلاحظ أن الدول المتقدمة همها الاساسي سواء في خططها الاستراتيجية أو حتى على مستوى البرامج الانتخابية وعلاقتها بالدول الاخرى يكون تركيزها على حركة النهوض الاقتصادي، لكن عندنا للأسف من وجهة نظري كمراقب اقتصادي أرى ان الاقتصاد آخر ما يفكر به المسؤولون في بلادنا، ودون مراعاة حق البلد والمواطن الاقتصادي والمعيشي.. نعم مرت فترات كان فيها نوع من التحسن النسبي، ولكن تأتي أزمات تطغى عليها، مثلاً حرب صيف 94م وغيرها..كما حصل في الوقت الراهن، كما أن الحكومة فوتت فرصة كبيرة بالطفرة النفطية التي حصلت خلال العشر السنوات ما قبل 2008م..
إذاً أين الخطط الاقتصادية التي نسمع عنها؟
- عندك مثلاً ما يسمى بالخطة الخمسية وهو تقليد صار مملاً لا معنى له، نعم هناك خطط، لكن اتحدى أي مسؤول قرأ الخطة ونفذها كما صيغت، دون تدخلات وانحرافات تفرضها الوساطات.. صحيح نحن نخطط ونأتي بخبراء لكن في الاخير تصبح هذه الخطط على الهواء، لانه وكما ذكرت تأتي احداث صغيرة او كبيرة تلهينا عن الهدف الاساسي، ومن المفروض أن الهدف الاساسي هو رفع المستوى الاقتصادي للبلد والمعيشي للمواطن، يجب أن نحاول بقدر ما نستطيع حتى وإن حصلت هزات لا نتأثر بها أو تعيقنا عن المضي نحو الهدف الرئيسي، فالمسؤول الضعيف يصبح عنده عادة إرضاء الجهة الفلانية او الشيخ الفلاني تلك الارضاءات تأتي من اموال مخصصات الخطة، والارضاء يحول الخطة الى المسار غير الطبيعي وهذا يؤثر على الاقتصاد بالاضافة الى ان هناك تصرفات من بعض الاشخاص ليست غبية فقط او عفوية بل قد تكون مقصودة وانا هنا لا أحب توجيه الاتهامات وبعض المسؤولين للاسف يحاول ان يصلح الوضع اثناء ما يكون موجوداً في منصبه، وكثير من الناس يفكرون بهذا التفكير، بمعنى اجعل الوضع تمام في عهدي وبعدي الطوفان، وبعض المسؤولين يفكر كيف يرضي المنظمات الدولية انا سمعتها من بعض المسؤولين، يقدم لك نصيحة ان تمشي وراء هؤلاء الخبراء الدوليين باي شكل، لان عدم التجاوب وتنفيذ رغباته سيؤثر عليك عند الرئيس أو مسؤول ارفع منك اذا بلغ من هذا الخبير، بمعنى "مشّي" وخلاص دون مراعاة المخاطر التي تترتب عن ذلك.. والانتباه لأمن الاقتصاد الوطني. ولهذا السبب حصلت هفوات كبيرة وكثيرة في حق المصلحة الاقتصادية العامة للبلد وذلك لعدم وجود التكافؤ، لان الخبير يأتي من جهة معينة بسياسة معينة ومدروسة فبعضها نجحت في بعض البلدان وبعضها فشلت، بالمقابل ان المسؤول لا تتوفر لديه القدرات الكاملة لاتخاذ القرار، وكل ما أطلبه أنا أن الوزير او المسؤول يستشير مساعديه من وكلاء ومدراء وخبراء في هذا الجانب وهذا ليس عيباً، بل من الكفاءة، وليس من حق وزير أو رئيس مصلحة ان ينفرد بالقرار.. وأنا اشجع الوزير او المسؤول ان يستعين بخبراء واختصاصيين في هذا الجانب.
ونتيجة الخوف على الكرسي من خلال الارضاء والانفراد بالقرار والاعتماد على سياسة اقتصادية عرجاء، بمعنى الاعتماد على السياسة النقدية فقط وتحميلها مسؤولية اصلاح الوضع دون غيرها من السياسات الاقتصادية، اصبح الاقتصاد اليمني كسيحا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
واستخدمنا وسائل اقتصادية في غير محلها كما درسناها في علم الاقتصاد لا تكون الا مؤقتة فقط، مثلاً لو حصل تذبذب مفاجئ للريال دون مبرر يمكن البنك المركزي ان يتصرف ويرفع الفائدة قليلاً على الريال وذلك بشكل مؤقت لشهر أو ثلاثة أو ستة أشهر حتى تتخذ الاجراءات اللازمة، لكن ان تصبح سياسة ثابتة لسنوات فهذا أمر مخيف..
اذاً ما أسباب ضعف الاقتصاد الوطني؟
- لم يكن ضعف الاقتصاد بسبب قلة الموارد فنحن بلد غني بالموارد ولسنا أفقر من الأردن أو عمان أو كثير من الدول ذات الاقتصاد الجيد رغم قلة مواردها، لكن لضعف السياسات الاقتصادية والمالية لدينا في اليمن وكذا ولعدم الاهتمام بموارد البلد وتطوره.
شكى بعض المستثمرين من عدم اهلية الاراضي المخصصة للاستثمار.. رأيكم في هذا؟ خاصة في المناطق الصناعية؟
- نحن من اول البلدان التي خططت للمناطق الصناعية من بداية السبعينات، للاسف كان فشل ذريع ان تحجز الاراضي او المناطق الصناعية بدراسات من قبل خبراء يمنيين ودوليين، وفي الاخير تحصل هناك خروقات واعطيك مثل المجمع الصناعي بصنعاء تم تجهيزه من كافة الجوانب حيث ان المستثمر ياتي يضع الهنجر ويباشر العمل، تفاجئنا بناس يدعون الملكية لهذه الارض، وشكلت لجان وفوجئت عندما اشترتها الدولة باكثر بكثير من المجمع الحالي بما يعادل ضعف ونصف، وكان فيه اراضي وهمية مبالغ فيها ومع ذلك جاءوا ناس وادعوا الملكية، طبعاً انا كنت اعمل حينها بوزارة الصناعة قبل ان انتقل الى النفط تفاجئنا بعمارات تنشأ من داخل اراضي المجمع.. طبعاً عندنا قوانين ممتازة لكن في الاخير تعتمد على شخص الوزير او ما ماثل رغم ان بعض المسؤولين مظلومين.
برأيكم ماذا عن السياسة المالية والنقدية؟ وماذا عن سعر الفائدة الذي ارتفع مؤخراً؟- كما ذكرت في بداية الحديث ان سعر الفائدة وسيلة انقاذ مؤقتة، لعدة اشهر ولا تستخدم الا في حال تراجع معدل صرف الريال وزيادة التضخم حتى تتخذ اجراءات وسياسة قوية تشجع الاستثمار والتوظيف في البلاد وننمي الاقتصاد، بعد ذلك نتراجع عن سندات سعر الفائدة، طبعاً هذا يحصل لفترة معينة في حال تدهور العملة ولفئات معينة، والذي حصل اولاً: نفذوها خطأ فبدلاً من ان يشتروا اسهم من الافراد الذين لم يستطيعوا الاستثمار، اشتروها من الشركات والبنوك والمؤسسات الحكومية وهذه انا اعتبرها فضيحة العصر، فهذه السياسة حسب ما درسناها وتعلمناها هي ان تسحب العملة من المستهلك اصحاب السيولة غير القادرة على الاستثمار، مثلاً شخص يملك مائة الف ريال لا يستطيع ان يستثمر فيها، في هذه الحالة تأخذ الحكومة هذا المبلغ كقرض تشجعه ان تحفظ فلوسه ويحصل على فائدة معينة، وانت يا حكومة هذه الفلوس التي اخذتها اقرضيها للاستثمار لا تستخدمها في الاستهلاك الحكومي، استخدمها في الصناعة والانتاج، في الاستثمار فإذا شجعت الاستثمار وضفت ناس اكثر، واذا وضفت ناس اكثر يزيد الانتاج، وفي حال زيادة الانتاج المحلي حتى وان كان هناك استهلاك لا تحتاج الى قروض من الخارج.
لكن ما حصل هو العكس وللاسف نفذوها خطأ، سمحوا للبنوك تشتري، سمحوا للشركات، حتى انك تجد شركات لديها مليارات مثل هيئة المعاشات، كل هذه وغيرها بدل ان يعملوا مشاريع تحد من البطالة وتدعم التنمية في البلد تودع البنك المركزي لتنهب بهذه الطريقة.. وبهذه الحالة يتعطل الاستثمار. وانا من هنا وعبر هذا المنبر المتميز هذه الصحيفة التي اصبحت نافذة ممتازة تتناول قضايا الاقتصاد في البلاد اشكرها والقائمين عليها واشكرك شخصياً على المحاور الهامة التي طرحتها، من هنا ادعوا محافظ البنك المركزي الحالي وارجوه رجاءً خاصاً اولاً ان يبدأ بالتدريج ان يمنع منعاً باتاً بيع هذه السندات للبنوك او الشركات او الجهات القادرة على الاستثمار. ثانياً: يحاول ولو بسعر فائدة بسيط الاقراض لاصحاب الصناعات الصغيرة والمشاريع الصغيرة ايضاً وتشجيعها.
كلمة اخيرة تود قولها؟
- ادعو نفسي وكل مواطن قبل ان ندعو المسؤولين نحاول قدر الامكان ان نتعاون، لاننا مجتمع اعلامي علينا ألاّ نسمع الى الاشاعات في مجالس القات وغيرها، فالاقتصاد اكثر قطاع يتأثر بالاشاعات، يجب ألاّ نفرح بالكلمات ونلوم بعضنا البعض، علينا ان نعمل جميعاً لبناء بلادنا، فكل واحد مسؤول في البلاد.