ماذا عن برنامج صنع في اليمن، وكم مدته؟
- أولاً اشكر مجلة الاستثمار التي عودتنا على تبني القضايا الهامة خاصة تلك القضايا التي تحظى بأولوية صانع القرار ابتداء برجال الأعمال والمستثمرين من الداخل والخارج والرأي العام وغيرها من الهموم والمشاكل الاقتصادية، وبشأن برنامج صنع في اليمن تعلمون أن هذا الموضوع ليس بجديد وهناك مبادرات سابقة لإطلاق برامج مرتبطة بفعاليات صنع في اليمن وأخذت الشكل المؤقت ألمناسباتي الطارئ، ونحن الآن بصدد وضع القطاع الصناعي في مساره الطبيعي وخصوصاً بعد مؤتمر (الصناعة مستقبل اليمن) الذي عقد في المكلا أواخر ديسمبر 2008م، وسوف نحاول وضع النقاط على الحروف لتنشيط هذا القطاع سواءً في الجانب التشريعي أو الجانب الاستراتيجي وذلك بالشراكة مع القطاع الخاص لعدة سنوات.
هل استفدتم من تجارب بعض الدول في إطلاق هذا البرنامج؟
- هناك العديد من الدول تبنت مثل هذه البرامج ونجحت فيها بدرجات متفاوتة ونحن في بداية عملنا سعينا ان نعد تقييم لما تم سابقاً في اليمن من برامج وان كانت استثنائية وما تم في الدول المختلفة في هذا الإطار وتم توقيع اتفاقيات مع المنظمة العربية للتنمية الصناعية لإعداد وثيقة شاملة لبرنامج (صنع في اليمن) أعدت من قبل مركز استشاري مغربي ونتائج هذه الوثيقة اعتمدت على استبيان ميداني تم تنفيذه في عدد من المحافظات وخرج بتوصيات عديدة بشأن التعامل مع برنامج (صنع في اليمن) وقد استفدنا منه في إطار البرنامج الذي أعديناه.
الشراكة مع القطاع الخاص.. هل حددت قنوات للتواصل مع القطاع الخاص، وما هو دوركم في وزارة الصناعة لخلق شراكة حقيقية؟
- وزارة الصناعة والتجارة معنية بحكم القانون بالإشراف على مؤسسات القطاع الخاص من واقع قانون الغرف التجارية الصناعية، ولكن في الجانب التطبيقي وطوال السنوات الماضية ظهر سوء فهم لبعض المساءل وسوء تفاهم بالتزامن مع تعزيز العلاقات كي لا نجعل من القضية سلبية ٪100 وهناك قدر من التعاون والتنسيق بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص في العديد من القضايا وهناك سوء فهم ينبغي إزالته وهذه القضية التي نسعى لإزالتها ولدينا مجموعة مشاكل نحاول من خلال الدعم الخارجي الذي يساعدنا على تعزيز هذه العلاقات خاصة في إطار أن الدول تبنت منذ العام 1995م برنامج الإصلاح المالي والإداري وقد تم إعطاء القطاع الخاص دور كبير في تنفيذ المشاريع والبرامج وفتحت أمامه معظم المجالات، ونحن من خلال ذلك نسعى إلى تعزيز مفهوم الشراكة لأنه لا ينبغي أن تدعي الحكومة إنها قادرة بكفاءة عالية أن تؤدي مهامها ولا ينبغي أيضاً أن يدعي القطاع الخاص بمؤسساته الحالية انه قادر على التعامل مع الحكومة ومتطلبات النمو الاقتصادي بشكل كامل فكليهما بحاجة إلى تعزيز القدرات حتى ننتقل إلى شراكة حقيقية وواسعة في هذا المجال.
< لماذا لا توجد جهة متخصصة تشرف عليها وزارة الصناعة لدعم المشاريع الصناعية كما كان الحال سابقاً في البنك الصناعي؟
- طبعاً التطورات المتسارعة تؤثر على القرار السياسي بطبيعة الحال وكانت خلفية تصفية البنك الصناعي تتطلب أن تعود إلى الوراء وتستذكر الوضع الذي كان قائماً بداية برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي ووضع البنك الصناعي آنذاك والصعوبات التي واجهته وأيضاً المشاكل التي ترتبت على البرنامج وتمويل القروض التي منحها بالدولار وبسعر الصرف الحالي لقضاء الدين مقارنة بما كان ينبغي أن يسدده، طبعاً هذه كانت إحدى القضايا الأساسية التي تسببت بانهيار البنك الصناعي وسبب إفلاسه وبالتالي تصفيته، والآن نحن في أمس الحاجة إلى بنك لتمويل القطاع الصناعي، وهذه من جوانب القصور الواضحة، ومع ذلك المطروح الآن في النقاش وبحسب قرار المجلس الاقتصادي الأعلى مؤخراً إعادة النظر في إنشاء بنك للتنمية سواء للقطاع الصناعي أو غيره من القطاعات وخصوصاً أن الجانب التمويلي يمثل عقبة أساسية أمام تطور الصناعة وان شاء الله تدفع الوزارة بالوصول إلى نتيجة فيما يتعلق بإنشاء بنك للتنمية وهناك لجنة مشكلة من وزارة الصناعة والمالية وكذلك البنك المركزي والهيئة العامة للاستثمار.
< يجد القضاء التجاري نفسه عاجزاً عن حل بعض القضايا التجارية الجديدة التي لا يوجد لها قانون خاص بها.. فما حققه ذلك؟
- هذه المواضيع الجديدة هي جديدة على الجهاز التنفيذي للدولة وبالتالي على الجهاز القضائي، ولكن مهما كان الأمر فهناك تطور ينبغي إلا نغفله كإنشاء المحاكم التجارية التي لديها أساسيات في هذا الجانب وربما تساعد على قدر من التخصص وتناول القضايا التجارية بمعرفة ودقة أكثر مما كان في السابق، ومازالت هناك بعض الإشكاليات بطبيعة الحال في القضاء التجاري وسوف نحاول بقدر الإمكان التشاور في الوزارة مع القضاء التجاري حول القضايا والمستجدات بما في ذلك الملكية الفكرية وسنعمل على التنسيق لإقامة دورات تدريبية للقضاة التجاريين ونحن سعداء بإنشاء نيابة متخصصة للصناعة والتجارة لكي تساعد في بلورة القضايا قبل أن تحال إلى القضاء ولعل التطورات تتطلب الاستعجال في البت في القضايا التجارية لكي لا يتمادى الآخرون في تجاوز القوانين والتشريعات وخاصة ما يتعلق بالاحتكار والمنافسة.
< القطاع الخاص يتهمكم بعدم وجود رؤية واضحة وخطة إستراتيجية للصناعة الوطنية؟
- للأسف كما قلت مع برنامج الإصلاح المالي والإداري مال النشاط الصناعي بمجمله إلى القطاع الخاص على اعتبار ان القطاع الخاص أكثر قدرة وكفاءة للتعامل مع النشاط الاستثماري الصناعي وابتعدت بالتالي الدولة عن هذه الاستثمارات وبقائها في التحديد في الخدمات الاجتماعية، وبالطبع كان لابد أن نعيد النظر بعد مرور 15 عاماً على تنفيذ برنامج الإصلاح المالي والإداري وماذا تحقق من الأهداف التي من اجلها وضع البرنامج، وقد وجدنا أن القطاع الصناعي اقل القطاعات التي تمكنت من تحقيق التطور المطلوب خلال هذه الفترة لأسباب كثيرة وعديدة منها تهيئة البيئة المواتية للاستثمارات وحزمة التشريعات المحفزة للقطاع الصناعي.
لهذا كان لابد أن ن نصنع رؤية إستراتيجية أو ما سميناها بالإستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية وسعينا في إطار الحزمة التي خرجنا بها من مؤتمر المكلا 2008م من جهة ومن جهة أخرى إعادة النظر في التشريعات، لان التشريع يقربنا إلى مشروعين، مشروع قانون الاستثمار وقانون الحماية للمنتج الوطني، وأيضاً خرجنا بقرار مهم يتعلق بوضع إستراتيجية للتنمية الصناعية وتم الاتفاق مع الحكومة الماليزية لدعم اليمن في إطار إعداد هذه الإستراتيجية والاستفادة من الخبرة الماليزية وقد بدءنا قبل أكثر من عام ووصلنا إلى مرحلة متقدمة وهذه الخطة ليست إطار نظري وإنما تكتمل بخطة تنفيذية تحدد مشروع القطاع الصناعي الذي يمكن الاستثمار فيه.
< اعتبرتم تحديد مناطق صناعية في اليمن بداية الطريق بينما اعتبرها القطاع الخاص تبريراً للفشل الذريع.. فما تعليقكم على ذلك؟
- المناطق الصناعية نحن نتحدث عنها منذ 1996م في الخطة الخمسية الأولى بعد الوحدة المباركة وحددت الخطة الخمسية إقامة مناطق صناعية، ولكن للأسف الشديد لم يتحقق شيئاً ومع ذلك بدأنا في السنوات الأخيرة بخطوات عملية وملموسة لتنفيذ هذه المناطق الصناعية وخاصة ما يتعلق بالمناطق الصناعية في عدن، حيث قمنا بالإعلان للشركات الراغبة للدخول في التنافس وتقدمت بعض الشركات الدولية ولكنها أحجمت نتيجة للتطورات والأحداث التي حدثت خلال السنتين الماضيتين ومع ذلك لم نيأس ولم نتراجع وإنما استمرينا ندفع باتجاه إقامة المناطق الصناعية في محافظة لحج وثالثة في الحديدة وهناك مشروع المنطقة الرابعة في حضرموت. كما تم الاتفاق مع غرفة تجارة الحديدة لإنشاء شركة تقوم بتطوير المنطقة الصناعية هناك وبالفعل تم إنشاء الشركة قبل أكثر من شهرين ونحن حريصون أن تكون المناطق الصناعية مدروسة ولا نريد إن نقيم في كل محافظة منطقة صناعية وفي نهاية المطاف نجد أن الطلب على المناطق الصناعية لا يصل إلى المستوى الذي نتمناه.
< كيف تحددون المناطق الصناعية وتدعون المستثمرين لإقامة مشاريعهم وانتم تعلمون إن هذه المناطق وغيرها لا توجد فيها بنية تحتية؟
- البنية التحتية هي أكبر عائق للنشاط الصناعي وهذه حقيقة متفق عليها ليس من الآن وإنما من المسوحات السابقة وإذا عدنا لنتائج المسح الصناعي الأول الذي ظهر في العام 1996م فسنجد انه حدد معوقين أساسيين: مشكلة الأراضي والبنية التحتية ولهذا سعينا لإيجاد المناطق الصناعية للتغلب على مشكلة الأراضي، أما قضية البنية التحتية فالأمر متعلق بالجمهورية اليمنية وليس في المناطق الصناعية.
< ألا تخشون أن تتحول المناطق الصناعية إلى بؤرة للفساد؟
- سننظر لهذه القضية من ناحيتين أولاً أننا سنجنب المستثمر مشاكل الأراضي ولكن في نفس الإطار لا يمكن إعطاء الأراضي بدون شروط تؤكد لنا المستثمر الجاد وغير الجاد ونتأكد من المضاربين ونحن نبحث عن مطورين للمناطق الصناعية ابتداءً من تقديم البنية التحتية إلى الإدارة، ولا أخفيك انه تقدم لبعض مشاريع المناطق الصناعية من الشركات غير الجادة فتم استبعادهم، وثانياً العقود التي سوف توقع مع المستثمرين بالتنسيق مع هيئة الأراضي تشترط التنفيذ وفق إطار زمني وعلى ثلاث مراحل ما لم سيتم سحب الترخيص الأول من المستثمر غير الجاد بعد ستة أشهر فقط من منحه وقد استفدنا من ذلك في تجارب الدول الأخرى وتعتبر المجالس المجالس المحلية في نهاية المطاف هي المعنية بالإشراف على تنفيذ المناطق الصناعية.
< ما هي النسبة التي يشكلها القطاع الصناعي في الدخل القومي؟
- للأسف الشديد مساهمة القطاع الصناعي محدودة وضئيلة للغاية حيث تتراوح ما بين 5 - ٪6 إذا استبعدنا تكرير النفط هذا بالنسبة للصناعات التحويلية ويمكن أن نضيف لها الصناعات الإستراتيجية ونضيف المحاجر ولكن هذه النسبة ضئيلة جداً إذا ما قارناها بحالة الدول التي تشابه اليمن في مراحل تطورها المختلفة حتى حجم العمالة متدنية ربما يعكس هذا ليس تطور الصناعة وإنما طبيعة الصناعات والمنشآت التي اغلبها صغيرة، واعتقد أن اليمن اعتمدت في الفترات السابقة على تحويلات المغتربين الأمر الذي جعل قيمة العملة أعلى من القيمة الاقتصادية لها.
عن محلة الاستثمار