شارع الصحافة نُشر

الإعلام المصري.. انعكاس مفاجئ بنسبة 180 درجة عقب نجاح ثورة يناير

غيرت الصحف القومية والتلفزيون المصري موقفهم من ثورة 25 يناير التي أطاحت بحكم الرئيس السابق محمد حسني مبارك الذي إستمر 30 عاماً لعبت فيه مؤسسات الإعلام الرسمي دور «طبيب التجميل» لإخفاء ما شاب النظام والحكومة من عوار، في محاولة لتضليل المصريين، وإسترضاء النظام السابق وأعوانه.

«يبدو هذا جلياً في عناوين صحف » الأهرام ، الأخبار ، الجمهورية الذين هنئوا الشعب المصري ( بالبونط العريض) بتنحي مبارك وتخليه عن منصب رئاسة الجمهورية في 11 فبراير 2011، وذلك على الرغم من هجومها على الثورة وشبابها على مدار أيام الثورة... ولنبدأ بجوله حول ردود أفعال الصحافة والإعلام المصري تجاه الثورة :

الأهرام

«» الأهرام « تخلت عن الكلمة » المحظورة « التي كانت تشير إلى » الإخوان المسلمين وأصبحت تنشر اسم الجماعة، بما يعني اعترافا بوجودها، وتصنفها أيضا على أنها إحدى العناصر الشرعية لثورة 25 يناير، معتبرة القيادات السياسية التي ظهرت على السطح بأنها قيادات متسلقة، وهنا يبدو أنها تلمح لقيادات الأحزاب ولجان الحكماء التي حاورت عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية.

«وتقول الأهرام » إن هذه التحركات تهدف إلى غلق الباب على كل محاولات القفز على الثورة أو التحدث باسمها من قِبَل الذين ظهروا فجأة لتسول الزعامة السياسية.

متحدثة عن ائتلاف الثورة، نشرت أنه يضم 10 ممثلين عن شباب حزب الجبهة و6 أبريل والعدالة والحرية، والإخوان، و4 مستقلين من شباب الثورة، وحملة البرادعي، وأن هذا الائتلاف سيختار ممثليه في الحوار السياسي المشروط برحيل مبارك.

«وتحدثت الصحيفة عن مظاهرات التحرير وحددت الأرقام بدقة » شهد الميدان توافد العشرات منذ الصباح، تصاعد تدريجيا إلى مئات الألوف مع انتهاء مواعيد العمل الرسمية.

«وتوصفت الأهرام كل شيء بدقة مهنية عالية فتقول » إن المتظاهرين من مختلف الفئات والأعمار والتيارات والطبقات، والشعب تتطالب بإسقاط النظام، وأن عشرات الآلاف أدوا صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء في الميدان، ووقف الرجال مع النساء في صفوف الصلاة في مشهد أشبه بالصلاة في الحرم.

وتتحدث الأهرام عن رفض المتظاهرين لحضور الإعلامية منى الشاذلي، وأنها حاولت توجيه كلمة إليهم فرفضوا الاستماع إليها لنزولها الميدان متأخرة بعد 14 يوما.

«الجمهورية.. من التطرف للحزب الوطني إلى نقد » الداخلية

«صحيفة الجمهورية التي كانت متطرفة للغاية في انحيازها للنظام السياسي وللحزب الوطني، حتى أنها كانت تخصص معظم الصفحة الأولى لأخبار الحزب وتحركات جمال مبارك وصفوت الشريف، ولم تذكر اسم » الإخوان « مرة واحدة منذ تولي محمد علي إبراهيم رئاسة التحرير، مستبدلة إياه بتسمية » المحظورة؛ تبدو معتدلة الآن في حديثها عما يجري، وانحرف مؤشرها بنسبة 180 درجة في خطها التحريري.

«وأفردت » الجمهورية « ثاني موضوع في صفحتها الأولى للقاء الناشط وائل غنيم بعد إطلاقه من السجن، مع منى الشاذلي في قناة دريم، وقالت تحت عنوان » دموع وائل: كانت الدموع التي سكبها وائل غنيم في قناة دريم بمثابة سيف قطع رقبة الداخلية في عهدها السابق، صدقه وإخلاصه لوطنه أكدا أن الانتماء لمصر لا يكون بقانون الطوارئ أو خطف المواطنين من الطرقات.

الصحيفة إذن تهاجم الداخلية وقانون الطوارئ وتعترف بخطف المواطنين من الطرقات، مرتدة عما كانت تنشره حتى اليوم التالي لـ(25 يناير) حيث كانت تنظر إلى مصر بأنها واحة الحرية وأن ما يقوم به جهاز الشرطة هو لحمايتها من المتآمرين، وأن قانون الطوارئ يحميها من الإرهاب.

روز اليوسف.. احتجاجات ضد جبر وكمال

«وفي صحيفة » روز اليوسف « التي أطلقت على ما يجري في ميدان التحرير، وصف » مهزلة التحرير « ثار العشرات من العاملين والإداريين في مؤسستها » الأربعاء « لليوم الثاني على التوالي، احتجاجا على ما سمّوه » تردي الأحوال « داخل المؤسسة وصمت المسؤولين عنها، مع تراجع الأداء على المستوى المهني والمالي، مطالبين برحيل رئيس مجلس إدارتها كرم جبر ورئيس التحرير عبدالله كمال ورئيس تحرير مجلة صباح الخير محمد عبدالنور، وفق جريدة » اليوم السابع.

وهدد المتظاهرون أمس بالبدء في اعتصام مفتوح والانضمام إلى المتظاهرين في ميدان التحرير في حال عدم الاستجابة لمطالبهم.

الأخبار.. البالطو والحلاق والثورة غير المسبوقة

«» الأخبار « التي تعتبر الصحيفة القومية الأهم بعد » الأهرام لم تخل موضوعاتها من آثار التحول الكبير الذي تقف مصر على عتبته بعد 25 يناير..

«نشرت الصحيفة صورة » بالطو « معلق في ميدان التحرير وبجانبه عنوان » دماء شهداء 25 يناير على بالطو الدكتور محمود «. وتبدأ التفاصيل بـ» لن أغسل هذا البالطو.. سأظل فخورا بدم الشهداء عليه «، وهو القرار الذي اتخذه الطبيب محمود عقب الجمعة قبل الماضية التي سماها المتظاهرون في ميدان التحرير بـ» جمعة الغضب.

ومؤخرا قرر ألا يحتفظ بالبالطو له وحده، وإنما وضعه في مقدمة ميدان التحرير من ناحية عبدالمنعم رياض ليشاهده كل من يدخل الميدان.

«وتضيف الأخبار أيضا أن أحد المتظاهرين حاول تقبيل البالطو قائلا » هذا الدم غال علينا جميعا، فأصحابه لا يقلون عن شهداء حرب أكتوبر. وأشارت الصحيفة إلى معرض نظمه ثوار ميدان التحرير لملابس الشهداء على أحد جوانب الميدان.

«وتفرد » الأخبار « موضوعا بعنوان » حلاق الثورة مجانا عن الشابين سيد طه (30 عاما) وأحمد الرفاعي (28 عاما) اللذين شاركا الشباب المتظاهرين بصالون حلاقة لتصفيف شعورهم وتهذيب لحاهم حتى يظهروا بمظهر لائق أمام عشرات الكاميرات الفضائية المحلية والأجنبية.

«وفي عمود » نصف كلمة « الشهير الذي ينشره الكاتب الكبير أحمد رجب في صحيفة » الأخبار « كتب: مصر تشهد ثورة شبابية متحضرة أبرز سماتها الأمن والأمان، فهي ثورة غير مسبوقة لا في العالم ولا في التاريخ. أول ثورة ترفض كل ألوان العنف، فلم يطلقوا رصاصة، ولا أمسكوا بقنبلة، ولا فكروا في إيذاء إنسان، فالقتل ليس من مفردات ثورتهم الشريفة إذا شاهدنا بكاءهم على كل مصري استشهد. دموع وائل غنيم فجرت دموعي. ولم تكن دموع هذا الشاب النبيل دموع ضعف ولا انهيار. بل دموع إنسانية رفيعة.

» رئيس تحرير أسبوعية «أخبار اليوم» ممتاز القط الذي اشتهر بعبارة «طشة الملوخية» في مديحه بأحد مقالاته للرئيس مبارك، حتى أنه – على حد قوله - لا يتمتع بهذه الأكلة المصرية الشهيرة بسبب واجبات منصبه الكثيرة، تغيرت لهجته في تسجيله لما يحدث الآن قائلا عن شباب 25 يناير «سجل شبابنا بأحرف من نور بداية عهد جديد من الإصلاح السياسي الشامل.. قدموه من خلال أروع تظاهرة عرفها التاريخ السياسي بمصر.

التلفزيون المصري

» أما التلفزيون المصري والذي هاجم شباب الثورة واتهمهم بالعمالة للخارج وانهم أصحاب أجندات خارجية، وقللت من أعدادهم، حيث بث التلفزيون المصري الرسمي صباح السبت بيانا هنأ فيه الشعب والجيش على نجاح الشعب في خلع مبارك، وأطلق على المظاهرات اسم «الثورة العظيمة.

» وقال البيان الذي بثه التلفزيون صباح السبت ان «اتحاد الاذاعة والتلفزيون المصرية يهنىء الشعب المصري بثورته العظيمة التي قادها خيرة شباب مصر، ويقدم كل التحايا لقواتنا المسلحة لدورها العظيم في حماية الثورة وحفظ الوطن والمواطنين» .. وتعهد التلفزيون المصري للمشاهدين أن يكون «أميناً في رسالته في الفترة القادمة.

الإعلانات

انتعشت سوق الإعلانات في الصحافة المكتوبة المصرية نسبياً منذ تنحي مبارك يوم 11 فبراير, عقب كساد غير مسبوق خلال الأيام ال18 من المظاهرات المطالبة بريحله , غير أن إعلانات ما بعد الثورة كانت ذات طابع خاص ولم تسع إلى ترويج منتج أوخدمة بقدر ما سعى أغلبها لتسويق صورة أوتحسينها .

فقد حرص عدد كبير من كبريات الشركات المصرية والبنوك والهيئات على نشر إعلانات مدفوعة الأجر هدف أغلبها إلى النأي بالمؤسسة المعنية عن أفراد أسرة الرئيس المتنحي أو مسؤولين سابقين أو التأكيد على أن هذه الجهة أو تلك جزء من مستقبل مصر ما بعد الثورة.

ومنذ 12 فبراير يظهر يومياعلى صفحات أغلب الجرائد المصرية إعلان لشركة كبيرة أو بنك يعرض تاريخ المؤسسة و توزيع رأس مالها وبشكل مفصل أحيانا في خطوة لم تكن هذه المؤسسات لتقدم عليها في ظروف أخرى غير تلك التي تلت 25 يناير .


 

مواضيع ذات صلة :