يعد القطاع الزراعي من أهم القطاعات الإنتاجية في الاقتصاد القومي اليمني، وتنبع هذه الأهمية من كونه أحد القطاعات الرئيسة المكونة للناتج المحلي الإجمالي، حيث تتراوح مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي مابين (15-20)% ، بالإضافة إلى كونه القطاع المنتج لسلع الغذاء وللمواد الخام اللازمة للعديد من الصناعات، حيث يعتمد السواد الأعظم من السكان على القطاع الزراعي وذلك بنحو 74%، ويحوي قرابة 2 مليون عامل ويشكلون نحو 53% من إجمالي القوى العاملة في البلاد.
وتمثل الموارد الطبيعية والموارد المادية والمالية أهم المرتكزات التي تقوم عليها البيئة الزراعية وتمثل الموارد الأرضية الزراعية المستخدمة في الاستثمار الزراعي بنسبة 3% من إجمالي أراضي الجمهورية. ويتصف القطاع الزراعي في الجمهورية اليمنية باستخدامه إمكانيات قاعدة الموارد الطبيعية من مياه وأراضي محدودة. وتشكل المساحة المزروعة نسبة 68% من إجمالي المساحة الصالحة للزراعة .
تتسم الزراعة اليمنية بتفاوت الخصائص المناخية الناتجة عن تفاوت معدلات الأمطار ودراجات الحرارة والرطوبة واختلاف الظروف الطبوغرافية مما أدى إلى اختلاف الأقاليم النباتية والذي ساعد على تنوع الإنتاج إلا أن اعتماد العديد من المناطق على الزراعة المطرية يؤثر على استدامة الإنتاج الزراعي. كما تعتمد مناطق أخرى على ضخ المياه الجوفية أو مجموعة الخزانات والسدود أو على الري بالسيول والغيول والينابيع المائية.
لعبت الدولة دوراً كبيراً في نمو القطاع الزراعي حيث ارتفع إنتاج الفواكه والخضروات نتيجة الحماية والدعم والمساندة كسياسة للدولة خلال الفترة السابقة لحماية الإنتاج المحلي ، حيث وصلت إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي. ولكن مع هذا المدى كان هناك انحسار في إنتاج الحبوب وخاصة القمح حيث انخفضت مساحته وإنتاجيته ولم يرافق ذلك تغيير نسبي في المحاصيل الغذائية الأخرى (ذرة رفيعة، ذرة شامية) وبالعكس ارتفعت النسبة في إنتاج الأعلاف (برسيم وشعير) وكان يفترض أن يرافق هذا الارتفاع تحسن نسبي في كمية ونوعية الثروة الحيوانية وما يرتبط بها من أنظمة فرعية بالرغم من ذلك لم يحدث سوى تغيير ضعيف في هذه الأنظمة وهو الأمر الذي يشير بوضوح إلى ضعف ترابط حلقات الإنتاج الزراعي داخلها أولاً، ومع عوامل الإنتاج خارجها ثانياً وبالذات الاجتماعي فيها والاقتصادي.
أما بالنسبة للصادرات الزراعية فهي متواضعة نسبياً وتتراوح بين (3-5) % من إجمالي الصادرات. في حين أن الواردات الزراعية تشكل مابين (15-20)% من إجمالي الواردات . وبالنسبة للحيازات الزراعية فإنها تمتاز بصغر الحجم حيث لا يزيد متوسط الحيازة الواحدة عن هكتار ، الأمر الذي يعيق استخدام التكنولوجيا الحديثة في تلك الحيازات، ومن المشاكل التي يعاني منها هذا القطاع بانخفاض الاستثمارات وهجرة العاملين الزراعيين من الريف إلى المدينة وتقلبات أسعار السلع الزراعية ، وضعف مستوى الخدمات المقدمة للمزارعين كالإرشاد والبحوث ومشاكل تسويقية تتعلق بضعف البنية الأساسية وبسبب تلك المعوقات والمشاكل أدت إلى انخفاض مستوى إنتاجية هذا القطاع .
وتسعى الحكومة إلى تحقيق تطور هذا القطاع من خلال العديد من المعالجات التي قامت بها وفي مقدمتها انتهاج مبادئ هادفة لتحديد الأهداف وصياغة السياسات وتطوير ملامح الاستراتيجية الزراعية من خلال قالبين هما: المزارعين أولاً ، التدخلات ثانياً . ولتلبية قاعدة القالب الثاني (التدخلات) يجرى تنفيذ خطط تطوير القطاع من خلال تحديد وتوزيع الأدوار بين أطراف العملية التنموية على المستوى التنفيذي والخدمي .
لإنتاج النباتي :
أ-محاصيل الحبوب : يتميز القطاع الزراعي اليمني بسيطرة الحبوب على معظم المساحات المزروعة وتكوِّن محاصيل الذرة والدخن الجزء الأكبر من الحبوب إضافة إلى الذرة الشامية والقمح وتعتمد زراعة الحبوب وبدرجة رئيسية على الأمطار مما يؤدي إلى تذبذب مستوى الإنتاج من سنة لأخرى ، ويعود ذلك لأسباب متعددة أهمها: ضعف الكادر الزراعي المؤهل وعدم اتباع خطة زراعية شاملة وكذلك بسبب الطفرة البترولية والتي أدت إلى طفرة اقتصادية في الدول المجاورة ثم اجتذاب أعداد كبيرة من الأيدي العاملة في الزراعة إلى خارج البلد كما أن من الأسباب التي تؤدي إلى انخفاض إنتاجية هذه المحاصيل ارتفاع تكاليف الإنتاج الناتجة عن ارتفاع تكاليف العمالة والمستلزمات والآلات الزراعية دون تغيير مماثل في الأسعار لهذه المنتجات وكذلك زيادة الاتجاه إلى استبدال الحبوب بمحاصيل أخرى تُدِرُّ ربحاً أكثر والطلب عليها مرن مثل: الفواكه والخضروات والقات. والافتقار إلى التنسيق والتخطيط في مجال البحوث الزراعية بحيث تكون الأولوية في البحوث للحبوب الغذائية وبالذات الحبوب القابلة لمقاومة الجفاف .
ب- محاصيل الخضروات : تتميز هذه المجموعة بكونها تعتمد على الري الدائم من العيون والآبار والسدود ، ولذلك فإن الإنتاج من الخضار قد اتسم بالنمو المستمر والاستقرار على عكس الحبوب التي تميزت بالتذبذب. وتعتبر البطاطس والطماطم من أهم محاصيل الخضروات وأكثر نمواً من حيث الإنتاج والمساحات المزروعة وقد بلغت المساحة المزروعة للخضروات عام 1991م (48023)هكتار إلى أن وصلت (72364)هكتار عام 2004م.
أما بالنسبة للإنتاج فقد زادت من (616139) طن في عام 1991إلى(717414)طن عام 2004م ومن أسباب هذا النمو زيادة الكثافة السكانية ، وكذلك ارتفاع معدل استخدام السماد الكيماوي والمبيدات الحشرية مما أدى إلى زيادة التوسع الرأسي بالتالي زيادة إنتاج الخضروات ، وزيادة الطلب على البصل والبطاطس من الدول المجاورة .
ج- محاصيل الفاكهة : تشتهر اليمن بزراعة أنواع مختلفة من الفواكه لعل أكثرها شهرة العنب اليمني ذو النوعية الممتازة .وتزرع الفواكه في المناطق التي تتوفر فيها المياه كالوديان أو بالاعتماد على الآبار والسدود . ارتفعت المساحة المزروعة للفواكه من (59065) هكتار عام 1991م إلى (80835) هكتار عام 2004م.
أما بالنسبة لإنتاج الفاكهة فقد تزايد من (316116) طن عام 1991م إلى (637792)طن عام 2004م لتغطية الزيادة في النمو السكاني وكذلك زيادة الوعي الصحي والثقافة الغذائية لدى الإنسان اليمني وزيادة الدخل الذي أدى إلى رفع القوة الشرائية لدى الفرد مما أدى إلى زيادة استهلاك أنواع الفواكه المختلفة لتغطية هذه الزيادة في الاستهلاك أدى إلى زيادة إنتاج الفواكه وكذلك تطور وسائل النقل وأساليب التغليف والتخزين ليسهل عملية نقل وتسويق الفواكه إلى المستهلك بشكل أحسن وأسرع وذلك من خلال تنشيط أعمال الإتحادات التعاونية الزراعية .
د - المحاصيل النقدية : تضم هذه المجموعة كلاً من البن والقطن والمحاصيل الزيتية والتبغ وعلى الرغم من الأهمية البالغة لهذه المجموعة كمحاصيل نقدية وصناعية إلا أنها لم تحقق تطوراً يذكر من حيث المساحات المزروعة أوالإنتاج والإنتاجية حيث بلغت المساحة المزروعة للمحاصيل النقدية عام 1991م(53048)هكتار إلى أن وصلت عام 2004م (194429)هكتار.
أما الإنتاج فنلاحظ زيادة فيه حيث وصل في عام 2004 (186553) طن في حين كان عام 1991م ( 27723 ) طن . وتطورت الإنتاجية في عام 2004 إلى طن/هكتار. وتعود هذه الزيادة إلى التوسع في زراعة القات بالرغم من أن معظم اليمنيين يتفقون على أن القات مشكلة كبيرة ومعقدة ومن مختلف الوجوه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والصحية.
هـ- الأعلاف : هناك مصادر محلية للأعلاف في الجمهورية اليمنية هي المراعي الطبيعية ،والمخلفات الزراعية -الأعلاف الخضراء المزروعة- المركزات العلفية .
أ-المراعي الطبيعية : تبلغ مساحة المراعي الطبيعية في الجمهورية اليمنية نحو 16مليون هكتار موزعة على مناطق بيئية شديدة التباين وتمثل المصدر الرئيسي لغذاء الثروة الحيوانية وتختلف طبيعة النباتات الرعوية المنتشرة وفقاً لطبيعة المناطق (منطقة تهامة - المرتفعات الوسطي مناطق السهول الوسطي والشرقية )حيث أن المناطق المشار إليها تتلقى معدلات مختلفة من الأمطار السنوية تترواح بين 100-400ملم لذلك فإن إنتاجية المراعي الطبيعية متباينة.
ب- مخلفات المحاصيل الزراعية والأعلاف الخضراء المزروعة: تعتبر مخلفات الذرة والدخن وقش القمح والشعير ومخلفات المحاصيل البقولية أهم المخلفات الزراعية التي تستغل في تغذية الحيوان وكذلك يعتبر القصب والذرة الرفيعة والشعير أحادي الغرض من الأعلاف الخضراء المزروعة .
ج- الأعلاف المركزة : وتمثل إنتاج الحبوب مثل الذرة والذرة الشامية والدخن والقمح والشعير. ويبلغ إجمالي إنتاج الحبوب وفقاً لإحصائية 2004 (384666)طن ولا يشكل إنتاج النخالة وكسب بذرة القطن وكسب السمسم معاً سوى نسبة قليلة من الإنتاج المحلي .
د - البقوليات : تتضمن هذه المجموعة كلاً من اللوبيا والعدس والفاصوليا والفول والحلبة وغيرها وعلى الرغم من أهمية هذه المجموعة لدى الشعب اليمني إلا أنها لم تحقق تطوراً كبيراً في إنتاجيتها ويعود أسباب ذلك إلى زيادة إنتاج القات، وكذلك قلة الأمطار في تلك الفترة.
الإنتاج الزراعي الحيواني:
يحتل هذا الجانب مكانة هامة في بنية الإنتاج الزراعي، حيث يساهم في توفير الغذاء لعدد كبير من سكان الريف وفي توفير فرص عمل لقطاع كبير من سكان الريف ، فالمزارع في ممارسة نشاطه الزراعي على الأراضي الزراعية المختلفة يقوم بزراعة الأعلاف لتلبية احتياجات حيواناته من الغذاء وبغض النظر أحياناً عما تنتجه هذه الأراضي من حبوب أو غذاء للأفراد، وتختلف طبيعة الماشية التي يحوز عليها المزارع باختلاف وتنوع البيئة الجغرافية والظروف البيئة الأخرى ، حيث يلاحظ أن حيازة الماعز والأغنام تسود في المناطق الشرقية وتنتشر تربية الأبقار والأغنام في المرتفعات الجنوبية والوسطي وسهل تهامة . وعلى الرغم من الفرص المتاحة نسبياً للنمو وزيادة تربية الماشية وبالتالي زيادة الإنتاج الحيواني ، إلا أن المستويات الإنتاجية تسير بمعدل منخفض لا تتفق كما في البيانات المتوفرة؛ ويعزي ذلك إلى عدم إعطاء الاهتمام الكافي لهذا القطاع الإنتاجي الحيواني من حيث الاستثمارات وإنشاء المزارع المتخصصة في تربية الماشية أو من حيث مجال ونوعية الخدمات البيطرية المتاحة والمقدمة للمحتاجين لها في مناطق تواجدهم بالإضافة إلى الإفراط في ذبح صغار الإناث ، وكذلك خطط التنمية وحجم الاستثمار الضئيل في هذا المجال يعكس حالة عدم الاهتمام الكافي للاستفادة الكاملة من الثروة الحيوانية والعمل على زيادة الإنتاج من المواد الغذائية الهامة كاللحوم والألبان ومشتقاته والبيض وغيرها . مما يظهر الحاجة الملحة في توفير سياسات محدودة وعملية هذا القطاع الهام ضمن إستراتيجية مدروسة يتم تنفيذ خططها على مراحل متتابعة ومترابطة ويحمل طابع الاستمرارية في النشاط البحثي والإنتاجي الهادف إلى تطوير الثروة الحيوانية وحسن استغلالها في توفير الاحتياجات الحقيقة للفرد من البروتين الحيواني والمساهمة في تحسين حياة الفرد في الريف والمدينة .
محددات الإنتاج الزراعي في اليمن
من المتعارف عليه أن أهم محددات النمو في الإنتاج الزراعي هي: عناصر الإنتاج الرئيسية الأرض ، العمل، ورأس المال وإضافة إلى الموارد المائية ومستوى التطور في استخدام الأساليب الفنية الحديثة في الإنتاج سواء الميكانيكية منها أو البيولوجية والخدمات البحثية والإرشادية اللازمة لنشر وتشجيع استخدام هذه الأساليب .
أولاً - الأرض : تعد الأرض من أهم محددات التوسع في القطاع الزراعي ، وأن حجم الإنتاج يتحدد بالمساحات المزروعة فعلاً خلال موسم معين أو سنة معينة .فإنه من خلال البيانات تبين أن إجمالي الأراضي المزروعة في الجمهورية اليمنية بلغت 1.133.480هكتار.
وعند فحص مكونات المساحة الإجمالية يتضح أن مجموعة الحبوب يتميز بدرجة عالية من التذبذب في مساحتها من سنة لأخرى كون زراعتها تعتمد على الأمطار والتي تختلف كمية سقوطها من موسم لآخر.
توزيع أراضي الجمهورية اليمنية
البيان |
المساحة |
النسبة |
Items |
Area |
% |
أراضي صخرية وصحراوية وحضرية |
30,000,000 |
54.05 |
أراضي مراعي |
22,600,000 |
40.72 |
غابات وأحراش |
1,500,000 |
2.70 |
أراضي مزروعة |
1,133,480 |
2.04 |
: ثانياً -الموارد المائية
وتعد اليمن من أفقر دول العالم في الموارد المائية، وتقع في أسفل سلم الدول الواقعة تحت خط الفقر المائي . إذ يتراوح المتوسط السنوي لكمية الأمطار بين 250- 400ملم .وتبلغ الحدود الدنيا بين 50- 100ملم وتصل إلى 800 ملم في الحدود العليا ، وتتميز الأمطار بعدم الانتظام والتذبذب وهو الأمر الذي ينعكس في تذبذب الإنتاج الزراعي لاسيما الحبوب التي تعتمد بدرجة شبه تامة على الأمطار.وتعتمد الزراعة المروية بدرجة أساسية على حفر الآبار الجوفية واستغلال المخزون المائي الجوفي المتجمع عبر العصور السابقة . لذا يجب وضع إستراتيجيه متكاملة للموارد المائية تأخذ بعين الاعتبار ضرورة الحفاظ على التوازن بين الكميات المسحوبة من المياه والمخزون منها مما يضمن ترشيد استخدامات المياه والحفاظ على المورد للأجيال القادمة كما أن توزيع المياه على الاستخدامات المختلفة يجب أن يجري على أسس اقتصادية تضمن تحقيق أقصى مردود للمجتمع وسيلقي الضوء على مصدريين رئيسيين تعتمد بلادنا عليهما بشكل أساسي .
أ- الأمطار : تعتبر بلادنا من البلدان شحيحة المياه بسبب موقعها الجغرافي حيث تقع ضمن البلدان شبه
القاحلة ويتراوح معدل سقوط الأمطار منها بين 50 ملم سنوياً في الشريط الساحلي إلى (00 5- 800 ملم) في المرتفعات الجبلية إلى أقل من 50 ملم في المناطق الشرقية تترواح كمية الأمطار السنوية مابين( 67.11مليار متر مكعب إلى 93مليار متر مكعب) .
في السنة تستحوذ المنحدرات الغربية والجنوبية الغربية والهضاب العليا على النسبة الأكبر من هذه الأمطار ثم تقل الأمطار تدريجياً بالاتجاه الشرقي والشمالي الشرقي وحتى ظهور المناخ الصحراوي على أطراف الربع الخالي وتبلغ نسبة هطول الأمطار إلى كمية التبخر حوالي 0.03الى0.25 وهو ما يميز المناخ القاحل إلى الجاف .
ب- المياه الجوفية : تبلغ كمية هذه المياه حوالي 10 بليون متر مكعب في حوض المسيلة، 205 بليون متر مكعب في حوض تهامة وتتوزع البقية من الاحتياطي الجوفي على بقية المناطق وتبلغ كمية السحب من المياه الاحتياطية 1.5بليون متر مكعب سنوياً عن طريق 55ألف بئر ارتوازية يتم سحبها من المياه الاحتياطية إذ يتم ضخ 3400 مليون متر مكعب من هذه المياه ومعظمه يذهب للنشاط الزراعي إذ يستهلك 90% من هذه الكمية و8%تذهب للقطاع المنزلي و2% للقطاع الصناعي ويمثل هذا الحجم من المياه المستخرجة ما يفوق معدل التغذية الجوفية بمقدار 900مليون متر مكعب؛ مما سبب في حصول انخفاض متزايد في منسوب المياه الجوفية؛ إذ يصل مستوى هذا الانخفاض في بعض الأحواض مابين 2-6 أمتار سنوياً وقد تفاقم هذا الوضع مع نهاية السبعينيات وبداية الثمانينات من القرن العشرين عندما بدأت أعمال حفر الآبار العميقة تتزايد بصورة كبيرة وبدأت مرحلة استنزاف كبيرة للمياه الجوفية عندما وجد المزارعون أن هناك مردوداً سريعاً لاستخدام هذه المياه في الزراعة .
ثالثاً - القوى العاملة: عند دراسة العلاقة بين مورد العمل والناتج الزراعي وبالنظر إلى كون الزراعة ليست مجرد عمل إنما أسلوب عيش وطريقة حياة.
جرت العادة على اعتبار إجمالي السكان النشطين اقتصادياً في القطاع الزراعي لمدى عمري معين يتراوح بين 15-65 تماماً هو المعبر عن القوى العاملة في القطاع الزراعي وينضوي تحت هذا التعريف نوعيات مختلفة من القوى منها: النساء والأطفال وكبار السن فضلاً عن الذكور في سن العمل . وبالنظر إلى واقع القوى العاملة في الجمهورية اليمنية نلاحظ تمركز قوة العمل الأساسية في قطاع الزراعة والصيد والحراجة والتي احتلت المرتبة الأولى حيث استقطبت القسم الأكبر من قوة العمل والتي تبلغ حوالي 55.70%من إجمالي العاملين في مختلف الأنشطة على مستوى الجمهورية وبالنظر إلى توزيع النشطين اقتصادياً بحسب النوع والنشاط الاقتصادي - يلاحظ أن أعلى نسبة للذكور يعملون في الزراعة والصيد والحراجة حيث بلغت 45.77%من إجمالي الذكور العاملين في مختلف الأنشطة الاقتصادية في الجمهورية وبالنسبة للإناث فإن إجمالي الإناث الآتي يعملن في قطاع الزراعة والصيد والحراجة بلغت 85.81من إجمالي العاملات في جميع الأنشطة الاقتصادية في الجمهورية .
رابعاً- رأس المال : يعد رأس المال من أهم محددات التطور في الدول النامية ، إذ أنه العنصر الأكثر ندرة بين عناصر الإنتاج الرئيسة ولذلك فإن عدم كفاية وكفاءة الموارد المالية سواء كانت بالنقد الأجنبي أو النقد المحلي كانت أحد المعوقات الرئيسة في تطور ونمو القطاع الزراعي.
خامساً- أساليب الإنتاج : إن من أهم أسباب التخلف الاقتصادي وضعف النمو هو انتشار أساليب الإنتاج التقليدية ضعيفة الإنتاجية .ويعد إدخال الأساليب الحديثة من أهم عوامل النمو الاقتصادي وفي القطاع الزراعي تشمل التقنيات الإنتاجية الحديثة التقنية الميكانيكية التي تتجه نحو تشجيع التوسع الأفقي وهي أساليب موفرة للقوى العاملة ومكثفة لرأس المال والأرض والتقنية البيولوجية والكيميائية والتي تتجه نحو تشجيع التوسع الرأسي والتكثيف الزراعي للقوى العاملة وزيادة إنتاجية الموارد المستخدمة من العملية الإنتاجية .في اليمن نلاحظ تقدم بطئ على طريق إدخال استخدام الأساليب الحديثة ونشرها سوى الميكانيكية أو البيولوجية والكيميائية ، وهذا يعني أن هناك فرصةً كبيرةً لزيادة الإنتاجية في الزراعة اليمنية عن طريق تكثيف استخدام الأصناف عالية الإنتاجية والأسمدة وغيرها ويمكن أن يعزى ذلك التقدم البطيء لعدة أسباب أهمها: الطبيعة الجبلية لليمن، علاوة على تفتيت الحيازات الزراعية، وعدم توفر مصادر كافية لتمويل نشر استخدام المكنة في القطاع الزراعي .
سادساً- البحث والإرشاد الزراعي: يعد الإرشاد الزراعي أهم العناصر في أي تنمية زراعية، ويتولى الإرشاد مسؤولية تحديث أساليب الإنتاج باكتساب المزارعين المعرفة والمهارة والقدرة على التغيير عن طريق نقل وتكييف التكنولوجيا الحديثة وتوطينها، ومساعدتهم على إيجاد الظروف المناسبة لتبنيها والاستفادة من نتائجها وتعود بداية الإرشاد الزراعي في اليمن إلى أوائل السبعينات من القرن العشرين . حيث جرى إنشاء مراكز التدريب وتأهيل الكوادر الإرشادية في كل من تعز وحبار وقد تزامن ذلك مع إنشاء مشاريع أبحاث زراعية في كل من: زبيد وتعز وسيئون ولحج .وقد أنشئت عام 1960م دائرة الأبحاث والإرشاد الزراعي في عدن ،كما أنشئت الإدارة العامة للإرشاد الزراعي والتدريب في صنعاء عام 1984م فضلاً عن هيئة البحوث الزراعية في تعز وفي عام 1990م دمجت هذه الكيانات في إطار واحد هو الهئية العامة للبحوث والإرشاد: ذمار ، مأرب ، سردد ،أبين ويعاني الإرشاد الزراعي اليمني من ضعف في الإمكانيات والكوادر ومن ضعف برامج التأهيل والتدريب وضعف الحوافز ووسائل النقل والمواصلات اللازمة والوسائل الإرشادية أما البحوث الزراعية فتعاني من نقص في إعداد الباحثين ذوي الخبرة والمؤهلين تأهيلاً علمياً وغياب الخطط البحثية المناسبة والناجم من ضعف الترابط بين الأنشطة البحثية والإرشادية .
سابعاً- العلاقة بين القطاع الزراعي والقطاع الصناعي : من المعروف أن النمو الزراعي يعد حافزاً لقيام صناعات تعتمد على تصنيع المنتجات الزراعية كصناعات التعليب والغزل والنسيج والزيوت والأعلاف فضلاً عن صناعات أخرى تجد لها طلباً كمدخلات في القطاع الزراعي كالأسمدة والمبيدات والآلات والمعدات الزراعية ويمكن تلخيص أسباب ضعف العلاقة بين القطاعين إلى ما يأتي :
أ- انخفاض الإنتاج الزراعي وعدم وجود فائض للتصنيع.
ب- ارتفاع أسعار المنتجات المحلية.
ج- محدودية السوق.
د- معظم الإنتاج الزراعي يستهلك ذاتياً من قبل المزارعين ولا يجري تداوله في الأسواق.
هـ- انخفاض الإنتاج من المحاصيل الصناعية.
و- لا يقدم القطاع الصناعي أي شيء يذكر للقطاع الزراعي كالأسمدة والمبيدات وهو ماساهم في ضعف إنتاجية القطاع الزراعي .
المشاكل الرئيسية في القطاع الزراعي في الجمهورية اليمنية :
1- ضعف الإنتاجية ، وعدم استدامة الزراعة المروية : اليمن بلد جاف ويساهم الري بمعظم القيمة المضافة في القطاع الزراعي ، إلا أن عملية الري مهددة بالهوامش المتضائلة وبالموارد الطبيعة المعرضة للاستنزاف ، ويعاني من تدهور الخدمات العامة خلال السنوات القليلة الماضية لم يكن هناك أي تحسن في عوامل الإنتاج وذلك بالنسبة لمعظم المحاصيل .
حيث نلاحظ أن التوسع السريع في الري من المياه الجوفية أدى إلى زيادة كبيرة في الدخول مما أدى إلى تجاوز سحب المياه الجوفية في بعض المناطق وبالإضافة إلى ذلك فقد أدت التكلفة المنخفضة لاستخراج المياه إلى عدم تشجيع المزارعين لاستخدام تلك المياه بكفاءة .
2- انخفاض الدخول في أنظمة الزراعة المطرية والثروة الحيوانية : كنظير للنمو السريع لقطاع الزراعة المروية ، حدث انحدار لأنظمة الزراعية المطرية التقليدية والثروة الحيوانية .غير أن هذه الأنظمة تقوم بدعم أفقر السكان الريفيين.
3- مشاكل طبيعية واجتماعية : طبيعية تتمثل في قلة الأرض الصالحة للزراعة ، شحة المياه ، تعرية الأراضي ، الزحف الصحراوي . واجتماعية تتمثل في تفتيت الحيازة الزراعية ، نمو سكاني مرتفع ، تدني مستوى الوعي بالنسبة للمزارعين.
4- مشاكل اقتصادية: عدم كفاية التسهيلات المالية ، نقص فرص العمل - ارتفاع الأسعار ، انخفاض الدخول ، تزايد الفقر .
ويمكن أن تكون مؤسسية تتمثل في ضعف البناء المؤسسي ، نقص المعلومات وانخفاض نوعيتها ، تدني القدرات المؤسسية للعاملين، تدني الفاعلية والكفاءة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
1- دراسة تحليلية للتنمية الزراعية وآثارها الهيكلية في الاقتصاد اليمني_ عامر عبد الحافظ-دكتوراه-جامعة بغداد-العراق.
2- دراسة تحليلية للآثار الاقتصادية لسياسية الإصلاح الاقتصادي على الائتمان الزراعي في الجمهورية اليمنية-ماجستير-جامعة صنعاء.
3- المجلة اليمنية للبحوث والدراسات الزراعية- الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي- اليمن.
4- إطار عمل للتعديلات الهيكلية لإصلاح قطاع الزراعة-وزارة الزراعة- اليمن
5- خطوات على الطريق ( السدود والمنشآت المائية)- وزارة الزراعة- اليمن.
6- كتاب الإحصاء السنوي(1999-2000-2002-1-2002).