كشف تقرير صحفي أن إسرائيل احتالت على مليون مهاجر روسي في العام 1989 من خلال فرض قيود عليهم تمنع هجرتهم إلى أي دولة في العالم وخصوصا الولايات المتحدة باستثناء إسرائيل وذلك من خلال دفع رشى للديكتاتور الروماني السابق نيكولاي تشاوشسكو.
وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الأربعاء إن عملية الاحتيال الكبرى هذه نفذها جهاز «ناتيف» الاستخباري الذي يركز نشاطه بين اليهود في دول الاتحاد السوفييتي السابق وأوروبا الشرقية وبمصادقة رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه إسحاق شامير.
يشار إلى أن الهجرة الروسية الكبرى لإسرائيل في بداية التسعينات غيّرت التوازن الديمغرافي بين العرب واليهود في إسرائيل وبين الفلسطينيين والإسرائيليين في المنطقة الواقعة بين نهر الأردن والبحر المتوسط.
«وقالت الصحيفة إن هدف الحملة التي نفذها » ناتيف كان منع اليهود الروس الذي خرجوا من الاتحاد السوفييتي المنهار من الهجرة إلى الولايات المتحدة وذلك وفقا لخطة وضعها كيدمي.
والجدير بالذكر أن قرابة ثلث المهاجرين الروس إلى إسرائيل ليسوا يهودا وفقا للإحصائيات الإسرائيلية.
«وقالت الصحيفة إن بداية » احتيال ناتيف « كان بظاهرة بدأت في موجة هجرة اليهود السوفييت الأولى في بداية سبعينات القرن الماضي والتي تم إطلاق تسمية » تسرب « عليها لأنه بدلا من هجرة هؤلاء إلى إسرائيل » تسربوا « إلى الولايات المتحدة بعد وصولهم إلى فيينا تحت رعاية منظمات يهودية نشطت في أوروبا الغربية مثل » ياس « و» جوينت، بينما حاولت إسرائيل مواجهة هذه الظاهرة من دون أن تنجح في توجيه هؤلاء المهاجرين إليها.
«ومع بداية انهيار الاتحاد السوفييتي في أيلول-سبتمبر العام 1989 بدأ يفكر الكثيرون من اليهود بمغادرة الاتحاد السوفييتي والهجرة منه لكن في إسرائيل تعالت مخاوف من تزايد » التسرب.
«وقال كيدمي في هذا السياق إن » هذه كانت اللحظة المناسبة لأخذ هؤلاء الأشخاص وتوجيههم إلى الوجهة الصحيحة بالنسبة لنا، ولو فوّتنا هذه اللحظة لوصل أفراد فقط إلى إسرائيل.
وعندها طوّر كيدمي طريقة غايتها فرض قيود على اليهود الذي يرغبون بمغادرة الاتحاد السوفييتي المنهار وزرع شعور بهم بأنه لا خيار أمامهم باستثناء الهجرة إلى إسرائيل.
«وقال كيدمي إن » الفكرة كانت أن من حصل في موسكو على تصريح خروج إلى إسرائيل سيحصل على تصريح بالهجرة إلى إسرائيل أيضا..ومن دون ذلك لم يكن بإمكانه أن يخرج من الاتحاد السوفييتي وعدم الدخول إلى أي دولة إلا إذا أظهر تذكرة طائرة إلى هنغاريا أو رومانيا، وقد اهتممنا بأن لا تسمح الترتيبات في محطات العبور في بودابست أو بوخارست لهم الوصول إلى أي مكان آخر باستثناء إسرائيل.
«وأضاف كيدمي أن اختيار هاتين الدولتين لم يكن من قبيل الصدفة » ففي رومانيا اتفقنا مع تشاوشسكو العزيز، رحمه الله! أن يذهب اليهود الذين يصلون إليه إلى مسار واحد فقط وهو إسرائيل وفي غالبية الحالات لا يسمح لهم بمغادرة المطار، كما توصلنا إلى ترتيبات مشابهة في هنغاريا.
«واردف أن » طاعة القطيع لدى المهاجرين والضغوط النفسية والتربية السوفييتية عملت جميعها لصالحنا.
«وتمكنت إسرائيل من الحصول على تعاون تشاوشسكو بالمال وقال كيدمي إن ضابط المخابرات الإسرائيلي وأحد مؤسسي » ناتيف « شايكيه دان » توصل إلى صفقة مع سيكريتيتا، أي المخابرات الرومانية، وبموجبها تحصل رومانيا على 100 مليون دولار على شكل قرض من الولايات المتحدة وبالمقابل يهتم الرومانيون بأن يخرج اليهود باتجاه واحد فقط وهو مطار بن غوريون في تل أبيب.
«وأكد كيدمي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه إسحاق شامير صادق على خطة الاحتيال هذه وحتى أنه عندما أعرب عدد من المسؤولين في وزارة الخارجية الإسرائيلية عن دهشتهم من هذا الأسلوب الذي وصفوه بأنه » غير أخلاقي « رد عليهم شامير بالقول » اهتموا بشؤونكم ولا تزعجوا احدا.
«وقال كيدمي » كنت مرتاح الضمير حينذاك وأنا مرتاح اليوم أيضا حيال ما فعلته في هذه الحملة من أجل الدولة، لكن فيما يتعلق بمصير الأشخاص «المليون مهاجر» فإنني اليوم أشكك في الأمر.
«واضاف » ألم أتجاوز الحدود المسموح لبني البشر للتأثير بصورة متطرفة كهذه على مصير مئات آلاف الأشخاص؟ ليس لدي جواب شاف على هذا السؤال الصعب.
العرب أون لاين