عربي ودولي نُشر

النقد الدولي: الربيع العربي يحتاج لبرامج اقتصادية قوية لمحاربة البطالة

ذكر تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي أن دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تمر بفترة تغير غير مسبوقة، حيث تشكل المطالب الاجتماعية الملحة والبيئة الخارجية خطرا على الاقتصاد الكلي على المدى القريب.

وكشف التقرير الذي جاء بعنوان “مستجدات آفاق الاقتصاد الإقليمي” للمنطقة بأنه بالرغم من احتواء هذه المخاطر في العام الماضي إلا أن العام الحالي 2012 يشهد صعوبة نتيجة انخفاض النمو وارتفاع البطالة واستمرار الضغوط المالية والخارجية، بعد أن أفرطت في حكومات هذه الدول في السحب من احتياطيات النقد الأجنبي والمالية العامة.

وأكد التقرير أن هذه التطورات قد تعرقل التحول التاريخي للدول ما لم تقم حكوماتها بتحديث وتطوير نظمها الاقتصادية.

وأشار التقرير إلى أن التحولات السياسية في دول “الربيع العربي” متمثلة في مصر وتونس وليبيا أدت إلى حالة من عدم اليقين أثرت بدورها على الاستثمار والسياحة والنشاط الاقتصادي الكلي خلال عام 2012.

وقد واجهت الحكومات بهذه الدول ارتفاع الأسعار العالمية للسلع الأولية عن طريق زيادة الإنفاق من خلال زيادة الأجور ودعم الغذاء والوقود، ونتيجة ذلك ارتفع عجز المالية العامة إلى حوالى 8% من إجمالي الناتج المحلي.

ويرى التقرير أن هناك أولوية ملحة من حكومات الربيع العربي تتمثل في وضع وتنفيذ برامج وطنية جريئة للإصلاح، وتتطلب هذه الإصلاحات توفير قدر أكبر من المساواة في الحصول على الفرص الاقتصادية وتعزيز الشفافية وتحسين فرص الحصول على الائتمان من خلال تعزيز البنية التحتية للأسواق المالية وبيئة الأعمال عن طريق تقليص الروتين الحكومي وتبسيط الإجراءات والقواعد.    

وطالب خبراء النقد الدولي من هذه الدول بضرورة أن تحل شبكات الأمان الاجتماعي محل أنظمة الدعم المعمم والمهدر للموارد والذي يفيد الأغنياء غالبا، بجانب إصلاحات لمعالجة مشكلات ونظم التعليم والصحة وأسواق العمل.

في نفس السياق قال صندوق النقد الدولي إنه خلال عمليات الانتقال السياسي في أي مكان آخر يستغرق التعافي الاقتصادي حوالى من عامين إلى ثلاثة أعوام ليترسخ”

وأوضح الصندوق أن الدول المستوردة للنفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تواجه عاما صعبا في الوقت الذي تحاول فيه الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلى وسط عمليات انتقال السلطة السياسية.

وذكر صندوق النقد في تنبؤاته الاقتصادية الإقليمية، التي تصدر مرتين في العام والتي نقلتها صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية الخميس  3 مايو ، أن دولا مثل مصر وتونس نفدت لديها خيارات السياسات من أجل محاربة “تعافى اقتصادي بطيء وممتد” فى ظل الفترة الأطول من المتوقع التي استغرقتها خطوة التحرك من الدكتاتورية إلى الديمقراطية.

وأضاف أن عمليات انتقال السلطة أثقلت عاتق الاقتصاديات في عام 2011، في الوقت الذي انخفض فيه نمو الناتج المحلى إلى نسبة 2ر2 في المئة وهو أدنى من المستويات المطلوبة لمعالجة البطالة.

وأشار إلى أن الدخول لكل فرد تعرضت للجمود أو الانكماش في جميع الدول المستوردة للنفط ما عدا المغرب.

وقال الصندوق إن أسعار البضائع الآخذة في الارتفاع دفعت الحكومات إلى زيادة الإنفاق على الرواتب والدعم الحكومي، ففي عامي 2012 و2013 تواجه احتياجات خارجية ومالية تبلغ قيمتها 90 مليار دولار و100 مليار دولار على التوالي.

واعتبر الصندوق، الذي قال إنه ملتزم بدعم اقتصاديات الربيع العربي، أن هناك حاجة لمزيد من العمل على صعيد خطته لإقراض مصر 2ر3 مليار دولار.

وفى ظل إنفاق المنطقة لـ200 مليار دولار على الدعم، حث صندوق النقد الدولي الحكومات على تقليل الدعم الحكومي واستبداله بشبكات أمان اجتماعي للفقراء مشيرا إلى أن الأغنياء يستفيدون بشكل غير متناسب من دعم الوقود.

ودفع الصندوق بأنه ستكون هناك حاجة لتغييرات سريعة في السياسات لوقف تدهور آخر في مؤسسات هذه الاقتصاديات الهشة.

ونقلت الصحيفة عن مسعود أحمد المدير الإقليمي للصندوق قوله “خلال عمليات الانتقال السياسي في أي مكان آخر يستغرق التعافي الاقتصادي حوالى من عامين إلى ثلاثة أعوام ليترسخ”، مضيفا “ أن السبب فى نزول الناس إلى الشوارع هو شعورهم بأن الاقتصاد لا يوفر الوظائف الكافية والفرص للاستفادة من النمو”.

وأشار مسعود إلى أن تحديث الاقتصاد هو أجندة حقيقية تتمثل في زيادة الإنتاجية وخلق شبكات أمان حديثة - وليس دعما يستهدف أغراضا معينة - وتحسين بيئة التجارة وتوفير البنية التحتية.

ولفتت الصحيفة إلى أن البطالة لا تزال قضية هامة للمنطقة والأكثر إلحاحا للدول المستوردة للنفط، حيث إن تونس على سبيل المثال شهدت تزايد البطالة من حوالى نسبة 13  في المئة في عام 2010 إلى 19 في المئة في عام 2011.

وتوقع صندوق النقد الدولي أن يزداد الفائض الحسابي الحالي، الذي تضاعف إلى 400 مليار دولار في عام 2011، بصورة أكبر هذا العام والعام المقبل.

وقال الصندوق إن الإنفاق الحكومي تزايد بصورة درامية في الخليج على مدار الأعوام الأربعة الماضية حيث دعمت قطر الإنفاق العام بنسبة 84 في المئة والبحرين 64 في المئة والإمارات 52 في المئة وعمان 46 في المئة.



مجلة الاستثمار العدد (40) مايو 2012م


 

مواضيع ذات صلة :