اقتصاد خليجي نُشر

الكويت الثالثة خليجياً في دليل تنمية الحكومة الإلكترونية

 
 
 
جاءت نتائج الكويت في دليل تنمية الحكومة الإلكترونية (EGDI) 2016 الصادر عن إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة (UNDESA) الأفضل منذ 2003، فالمركز 40 الذي حققته الكويت جعلها تحتل المركز الثالث بين دول الخليج الستة بعد أن كان مركزها الأخير، مقلصة بذلك الفجوة مع أفضل دولة خليجية (البحرين) إلى أقل درجة منذ 2003.
(ملاحظة: المركز 1 هو الأفضل والمركز 193 هو الأسوأ).
 
فهل تحقق الكويت مفاجأة سعيدة في عام 2018 فتتبوأ المركز الأول أو الثاني خليجيا وتنتقل بتصنيفها من «عالي» إلى «عالي جدا»؟ هذا ما سنستقرؤه في هذه الدراسة.
 
بتحليل نتائج الكويت في أركان دليل تنمية الحكومة الإلكترونية الثلاث: الخدمات الإلكترونية، والبنية التحتية لوسائل الاتصال، والرأسمال البشري، يتبين أن الكويت متأخرة بشكل رئيسي في الخدمات الالكترونية فهي تحتل المركز الخامس خليجيا وتتأخر عن الإمارات (الأولى في هذا المجال) بنسبة 16%.
 
في المقابل، تتبوأ الكويت مراكز جيدة في الركنين الآخرين. لذلك يجب على الحكومة أن تركز جهدها في المرحلة المقبلة على تحسين البوابة الإلكترونية الرسمية (e.gov.kw) والمواقع الإلكترونية للجهات الحكومية، خاصة التربية والصحة وقوى العمل والشؤون الاجتماعية والمالية والبيئة.
ونقدم في هذه الدراسة نبذة تعريفية عن دليل تنمية الحكومة الإلكترونية، ثم نستعرض أداء أفضل الدول عالميا وعربيا وخليجيا، وبعد ذلك نتناول أداء الكويت في الدليل عن العام 2016 مفصلين أوجه القوة والضعف، ونختتم بعرض أهم التوصيات.
 
دليل تنمية الحكومة الإلكترونية
 
يصدر دليل تنمية الحكومة الإلكترونية (E-Government Development Index - EGDI) مرة كل عامين منذ 2008، وظيفة الدليل هي تقييم مواقع الشبكات الإلكترونية الوطنية، وكذلك سياسات واستراتيجيات الدول في توفير خدماتها الرئيسية من خلال الحكومة الإلكترونية، وبذلك يقيس الدليل قدرة كل دولة على المشاركة في مجتمع المعرفة.
ويتكون الدليل من ثلاثة أركان تقيس نطاق وجودة الخدمات الالكترونية، ومستوى تطور البنية التحتية لوسائل الاتصال، والرأسمال البشري.
 
ويندرج تحت ركني البنية التحتية لوسائل الاتصال والرأسمال البشري تسعة مؤشرات، ويعتمد قياس كل من البنية التحتية لوسائل الاتصال والرأسمال البشري على بيانات صادرة عن الاتحاد الدولي لوسائل الاتصال (ITU)، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (UNESCO)، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP).
 
أما الخدمات الإلكترونية، فيتم قياسها بشكل منهجي من قبل خبراء في المواقع الإلكترونية، بحيث يتم تقييم الموقع الإلكتروني للبلد بما يشمل البوابة الوطنية (national portal) وبوابة الخدمات الإلكترونية (e-services portal) وبوابة المشاركة الإلكترونية (e-participation portal)، إضافة إلى المواقع الإلكترونية للجهات الحكومية التي تعنى بالتعليم والعمل والخدمات الاجتماعية والصحة والمالية والبيئة.
 
ويعتمد في تحديد قيمة الدليل ومكوناته من أركان ومؤشرات على درجة من 0 إلى 1، فدرجة الدليل هي عبارة عن متوسط غير وزني لدرجات الأركان الثلاثة المكونة له، فدرجات الدليلين الخاصين بالرأسمال البشري والبنية التحتية لوسائل الاتصال تعتمدان على أوزان مؤشرات كل منهما، وتستخدم محصلة الدرجات لتحديد مراكز الدول في الدليل ومكوناته.
 
وقارنت الدراسة درجات دليل تنمية الحكومة الإلكترونية وأركانه الثلاثة للكويت مع سنغافورة على سبيل الاقتداء، فلقد استطاعت سنغافورة أن تحقق نتائج متميزة في كل أركان الدليل رغم صغر مساحتها (719 كلم)، وعدد سكانها المقارب للكويت (5.6 ملايين)، ويلاحظ من المقارنة أن الخدمات الإلكترونية هي مجال خصب للاستفادة من خبرات سنغافورة، نظرا للفجوة الكبيرة في درجتي البلدين.
 
وعرضت درجات ومراكز الدول العربية في دليل تنمية الحكومة الإلكترونية، مصنفا إياها إلى ضعيفة (درجتها أقل من 0.25)، ومتوسطة (درجتها بين 0.25 و0.50)، وعالية (درجتها بين 0.50 و0.75)، وعالية جدا (درجتها أعلى من 0.75)، والملفت أن جميع الدول الخليجية تتصدر القائمة بترتيب عال أو عال جدا، وأن نصف الدول العربية حاصل على تصنيفات ضعيفة أو متوسطة، ما يستوجب تحرك على مستوى جامعة الدول العربية.
 
أما بالنسبة للدول الرئيسية في المنطقة، فتحتل تركيا المركز 68 عالميا وإسرائيل المركز 20 وإيران المركز 106 عالميا.
 
وقارنت أداء الكويت مع شقيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي الخمس (الإمارات والسعودية وقطر والبحرين وعمان)، حيث يلاحظ أن البحرين والإمارات تتبادلان المركزين الأول والثاني فيما بينهما بينما تتبادل قطر والكويت والسعودية المركزين الثالث والرابع فيما بينها، وأن الكويت استطاعت أن تحقق تقدما ملحوظا من خلال تبوئها المركز الثالث في 2016 بعد أن كان مركزها الأخير في 2014.
 
وتم عقد مقارنة بين درجات دول مجلس التعاون الخليجي في دليل تنمية الحكومة الإلكترونية وأركانه الثلاثة، ففيما عدا عمان، نرى أن جميع الدول الخليجية تجاوزت درجاتها 0.65، كما نلاحظ تقدم الإمارات الملحوظ في الخدمات الالكترونية بينما حلت الكويت في المركز قبل الأخير متقدمة على عمان.
 
وفي البنية التحتية لوسائل الاتصال، نجد البحرين في المقدمة تليها الكويت بفارق بسيط.
 
أما في الرأسمال البشري فالسبق للسعودية يليها ثلاث دول الفارق بينها ضئيل هي قطر والكويت والبحرين.
 
وعرضت تطور أداء الكويت من 2003 إلى 2016 مقارنة مع متوسط أداء دول مجلس التعاون الخليجي وأداء أفضل دولة خليجية في كل سنة من سنوات القياس، حيث يلاحظ أن أداء الكويت تحسن بشكل مطرد، وقلص الفجوة مع أفضل دولة خليجية (البحرين) إلى أقل مستوى في عام 2016 (16 مركزا فقط).
 
وتم رصد تطور درجات الكويت المستمر منذ 2003.
 
حيث يلاحظ أن معدل التحسن الأخير قد بلغ 13%، وهذا المعدل ضعف ما تحتاجه الكويت لتصل إلى حد التصنيف 0.75 الذي عنده تمنح الدول تصنيف «عالي جدا»، ما يقربها من مقارعة الكبار.
 
توصيات ختامية
 
تدعو نتيجة الكويت في دليل تنمية الحكومة الإلكترونية للعام 2016 وتطور أدائها على مدى السنوات السابقة إلى التفاؤل الشديد بأنها ستنتقل في إصدار عام 2018 القادم إلى مصاف الدول التي تمنح تصنيف «عالي جدا» وربما يجعلها تتبوأ أحد المركزين الأول أو الثاني خليجيا.
 
وفيما يلي نسوق بعض التوصيات التي ربما تكون مفيدة للمعنيين:
 
1 - على الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات - الجهة الحكومية المسؤولة عن بوابة الكويت الإلكترونية الرسمية - بذل المزيد من الجهد لزيادة عدد ونوع وجودة الخدمات الالكترونية الحكومية التي يتم تقديمها سواء من خلال أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف الذكية.
 
ويمكن في هذا السياق الاسترشاد ببوابات الدول التي تحتل المراكز العشر الأولى في دليل تنمية الحكومة الإلكترونية، بالإضافة إلى الإمارات والبحرين.
 
2 - على الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات التعاون مع الجهات الحكومية التي تحظى باهتمام القائمين على الدليل (التعليم والصحة والقوى العاملة والشؤون الاجتماعية والمالية والبيئة) من أجل تحسين جودة ومحتوى مواقعها الإلكترونية.
 
وبالمثل يمكن الاسترشاد في ذلك بمواقع الدول العشر الأولى والإمارات والبحرين.
 
3 - على الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات التنسيق مع الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية للتواصل مع اليونسكو والعمل على تحديث البيانات الخاصة بالرأسمال البشري، حيث يلاحظ أن بعض بيانات المؤشرات التي تم الاعتماد عليها في حساب دليل الرأسمال البشري قديمة جدا (2004)!4 - على الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات التنسيق مع الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات للعمل على تحسين أداء الكويت في مؤشرات البنية التحتية لوسائل الاتصال.
 
التعريف بمعد الدراسة
 
أ.د طارق عبد المحسن الدويسان حاصل على البكالوريوس والماجستير والدكتوراه من جامعة ولاية أريزونا في عام 1990 في الهندسة الصناعية والنظم الإدارية.
 
ويعمل حاليا أستاذا في قسم الهندسة الصناعية والنظم الإدارية في كلية الهندسة والبترول في جامعة الكويت. وهو كذلك مؤسس ومدير شركة رواد العالمية للاستشارات والتدريب الصناعية والإدارية التي أسسها في 2005.
 
وهو حائز على جائزة الإنتاج العلمي 2014 في مجال العلوم الهندسية من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.
 
 Al Anba 
 

 

مواضيع ذات صلة :