العالمية التي أيقظت الواقع اليمني على عجز مالي خطير في الموازنة العامة
للدولة . لعل التخوف الكبير سينتج عن عدم الانصياع لتنفيذ سياسة تخفيض
النفقات التي انتهجها الحكومة منذ قرارها خفض ميزانية الدولة 50 % .
لقد
أعترف وزير المالية نعمان الصهيبي بشكل واضح ، بأن واقع الاقتصاد اليمني
مرير للغاية نتيجة الآثار السلبية للازمة المالية العالمية ، وهو ما يبعث
على أن الغد سيكون محفوفا ً بالمخاطر .
في الأسبوع الفائت ، بدت تتشكل أولى نتائج قرارات التقشف ،
فالاحتجاجات الشفوية التي أطلقها الموظفون الحكوميون كانت تذمرا ّ طبيعيا
ّ نتيجة خفض أجورهم الإضافية . وعلت أشكال تلك الاحتجاجات في عدد من
المؤسسات الرسمية ، لعل ما هو هام هو حصة المؤسسات الإعلامية التي كانت
أكثر المتأثرين بذلك نتيجة خفض ميزانياتها لمستوى النصف .
أكثر من
خمس مؤسسات إعلامية كبرى تابعة للحكومة أعلنت الأسبوع الفائت حالة التعثر
، مؤسسة الجمهورية للصحافة والنشر في تعز أوقفت إصدار4 ملاحق صحافية كانت
تطل على قرأها أربعة أيام في الأسبوع ، وأغلقت مكتبا ّ لها في لحج ،
وأغلقت مؤسسة 14 أكتوبر ثلاثة فروع لها في ثلاث مدن إغلاقا ّنهائيا ّ ،
وحذت على تلك السياسات بقية المؤسسات بخفض المستحقات والتوقف عن إنتاج
مشاريع جديدة .
صحيح أن الأمر برمته نتاج أزمة أصابت الجميع ، غير أن
ثمة أمر لم تدركه الحكومة وهو أن الدور الإعلامي له تلك الخصوصية
الاستثنائية عن بقية مؤسسات الدولة .
تخيلوا حجم النتائج التي ستحصد
نتيجة ذلك ، أكثر أسباب الضعف اليمني فيما يخص اقتصادنا الهزيل تصنف دائما
ً باعتباره ضعفا َ ناتجا ً عن تقديم اقتصادنا بصورة متباينة أمام العالم ،
بل أننا عاجزين تماما ً عن الحديث عنه ضمن الاقتصاديات الآمنة ، صحيح إن
الأمر بعيد جدا ً في جر هذه الجزيئية فيما يخص الإعلام .
غير أن الأمر يتطلب حضورا ً إعلاميا ً أكبر من حجم الاقتصاد الفعلي ، (
تماما ً كما فعلت تجربة دبي عندما بدأ آل مكتوم الترويج لشيء من لا شيء )
لا أن يكون خافتا ًكما هو عليه الآن .
منذ زمن ونحن نتحدث عن امتيازاتنا بشكل ناقص ، و نعمل على الترويج لكل
الأمور بصورة غير واضحة . ما من شيء نقترب منه الآن كي نثير انتباهه ،
مشكلة البلد في ظل أزمة مالية تتطلب جهدا ً في جذب رؤوس الأموال و
الاستثمارات الأجنبية المباشرة ، يتطلب الأمر تنفيذ مشاريع بنية تحتية
تقوى على جذب انتباه الكثير غير أن ذلك كله يتكئ اتكاء ً كليا ً على سلطة
الإعلام .
لن يأتي أحد إلا إذا ما قامت مؤسسات الإعلام بالمبادرة لذلك. ينبغي علينا
أن لانغفل أمرا ً كي نصل إلى أمور عدة ، ثم أننا سنظل منكمشين إلى الداخل
أكثر من انفتاحنا على الخارج . حتى اللحظة .. لسنا قريبين جدا ً .
*نائب رئيس تحرير صحيفة مال وأعمال