آراء وأقلام نُشر

مفاهيم إدارية.. مستويات القيادة، في أي مستوى أنت؟

عبد القوي حسان

إذا كان كل شيء منشؤه ومعاده للقيادة كما يقول جون سي ماكسويل في كتابه "المستويات الخمسة للقيادة"، فإن الكثير من القادة لا يملكون من القيادة شيء سوى المنصب، وهنا يبدو لغز القيادة معقداً، حاول ماكسويل تقديم حلول لهذا اللغز، من خلال تحديد خمس مستويات للقيادة.

مفاهيم إدارية.. مستويات القيادة، في أي مستوى أنت؟

المستوى الأول: المنصب (الحقوق):

تولي المنصب القيادي هو أدنى وأول مستويات القيادة، فالعاملون يتبعونك لأنهم مجبرون على ذلك، فالمنصب بديل زائف لقدرتك على التأثير، فمن يصلون إلى هذا المستوى هم فقط رؤساء، وليسوا قادة، لديهم مرؤوسين وليس أعضاء فريق.

المنصب هو المستوى الوحيد الذي لا يتطلب قدرات أو مجهوداً للوصول إليه، يمكن لأي فرد أن يتولى منصباً، لذلك نجد الكثير من الرؤساء في مناصب عالية، وقدراتهم ضعيفة، وسيظلون في هذا المستوى طالما وقدراتهم الضعيفة لم يتم تطويرها وتنميتها،

المشكلة الأكبر أن أصحاب هذا المستوى يعيشون في دائرة (وهم المعرفة) يعتقدون امتلاك المعرفة وهم أجهل الناس بها، وبالتالي يظنون أنهم ليسوا بحاجة إلى تطوير مهاراتهم لمجرد وصولهم إلى هذا المنصب، هذا الأمر لا يضر صاحب المنصب وحده، وإنما الشركة بأكملها.

المستوى الثاني: القبول (العلاقات):

في حين يركز أصحاب المستوى الأول (القيادة بالمنصب) على أنفسهم فقط، يركز القادة الذين انتقلوا إلى هذا المستوى على الآخرين، وعليه فإن الموظفين لن يكونوا مجبرين على القيام بالأشياء لمجرد أن المدير يطلب منهم ذلك، لكنهم سيرغبون بالعمل لأنهم يحبون القيام به، ومن ثم سيصبح العمل أكثر ابداعاً وإمتاعاً.

عندما يتحلى القائد بالعدالة والنزاهة والمطالبة بحقوق العاملين وحمايتها، فإنه يكتسب ثقة من حوله، وكلما زادت ثقة الموظفين بالقائد، أصبحت علاقتهم به أقوى وأفضل، وحينها يصبح القائد أكثر تأثيراً وفاعلية.

وعليه، يمكنك أن تحب الناس دون أن تقودهم، وبالتالي تؤثر فيهم، ولكن لا يمكنك أن تقودهم دون أن تحبهم، وبالتالي ينعدم التأثير، هذا هو ما يعنيه المستوى الثاني.

المستوى الثالث: الإنتاجية (النتائج):

من مخاطر الوصول إلى المستوى الثاني في القيادة (مستوى القبول) هو أن القائد قد يغريه التوقف عند هذا المستوى بحكم العلاقات التي وفرها للفريق، لكن القائد الكفء لا يوفر بيئة عمل ممتعة، بل عليه أن ينجز الأعمال، لذلك عليهم الارتقاء إلى المستوى الثالث والذي ينبني على النتائج، ففي هذا المستوى يكسب القادة التأثير والمصداقية ويبدأ الأفراد في اتباعهم اعترافاً بما حققوه للشركة من أهداف ونتائج.

الإنتاج هو ما يميز القادة الحقيقيين عن الأشخاص الذين يعتلون مناصب قيادية فقط؛ فالقادة في هذا المستوى يساعدون موظفيهم على الاقتراب من تحقيق النتائج، كما يجذب القادة المنتجون أفضل المواهب، فدائماً ما يرغب أفضل الموظفين في الانضمام إلى الفرق الناجحة.

المستوى الرابع: تنمية الأفراد (تجديد الإنتاج):

يصبح القادة عظماء في هذا المستوى لأنهم يستثمرون كل شيء من أجل تنمية أفراد الفريق وتطوير مهاراتهم، مما يخلق بيئة عمل إيجابية، من مزايا تنمية الأفراد ألا يتوقف نجاح الشركة على المدير أو القائد، فالقائد الجيد يحرص على تنمية أعضاء الفريق، حتى يضمن بذلك أن تواصل الشركة النجاح حتى لو تركها في أي لحظة، فتنمية الأفراد تعني أن هناك آخرين يمكن أن يتولوا مناصب قيادية في المستقبل.

في هذا المستوى يرتفع الأداء، فهناك أكثر من قائد في الفريق، وكل منهم يساعد في تحسين أداء كل فرد بالفريق، وبالتالي يرتفع مستوى العمل الجماعي ويقوى الشعور بالولاء للشركة.

المستوى الخامس: القمة أو الزعامة (الاحترام):

هذا المستوى أرقى وأصعب مستويات القيادة، يتطلب الوصول إليه درجة كبيرة من المهارة، وموهبة طبيعية في القيادة، هذا المستوى لا يعني أن تصنع من الأفراد قادة، بل تنمية مهارات القادة، بحيث يكون لديهم الإمكانية والرغبة في تنمية قادة آخرين.

مستوى القمة ليس المستوى الذي يرتاح عنده القادة، ويكتفون بمشاهدة نجاحهم، وإنما هو المستوى الذي يُحدث به القادة أكبر تأثير في حياة الآخرين، فيعالج القادة الكثير من التحديات، ويساعدون من حولهم على الارتقاء الوظيفي، فالقادة في هذا المستوى لا يعملون على تنمية الأفراد ليكونوا موظفين أفضل، وإنما تنميتهم ليكونوا قادة ويصنعون من بعدهم قادة جدد.

أخيراً: فإن الترقي بهذه المستويات، ووصولك إلى مستوى أعلى لا يعني ترك المستوى السابق، بل تضيف مستوى جديداً إلى الذي سبقه، فالقيادة عملية تراكمية، وتذكر أن الترقي في هذه المستويات يحتاج إلى وقت أطول وجهد كبير، لكن السقوط أسهل وأسرع، والأهم مما سبق عليك تقييم نفسك بمهنية وموضوعية لتحدد مستواك القيادي، والعمل على تحقيق مستوى أعلى.


 

مواضيع ذات صلة :