اقتصاد يمني نُشر

خبراء اقتصاديون وسياسيون يؤكدون أن الجانب الاقتصادي الحلقة الأقوى في المؤتمر

 

الملف الاقتصادي يعتبر من أهم الملفات الهامة التي يجب أن يوليها مؤتمر الحوار الوطني جل اهتمامه؛ حيث يرى الكثير من الأكاديميين والسياسيين أن معظم الأزمات الحادثة في البلاد مردها إلى هشاشة الاقتصاد بالدرجة الأولى.

الاقتصاديون هم الأقدر على حل المشاكل

ويرى رجل الأعمال والسياسي البارز نبيل الخامري أن الاقتصاديين هم الأقدر علـى حــل مشـاكـل اليـمن, مؤكدا أن مؤتمر الحوار الوطني لن يغفل مسألة الملف الاقتصادي فهذا مهم جدا، لكن قد لا يكون بحسب ما يريده رجال الأعمال أو المستثمرون، لكن في كل الأحوال يجب على مؤتمر الحوار أن يناقش التنمية المستدامة لليمن في المرحلة القادمة ويناقش مشاكل الاستثمار، فالاقتصاد مر خلال الفترة الماضية بمرحلة ركود أفقدت عدداً من رجال المال والأعمال الكثير من رؤوس أموالهم وبالمقابل أخرجت الأزمة  الكثير من تجار السوق السوداء الذين لم يكن لهم وجود.

وشدد الخامري على ضرورة ألّا يكون  مؤتمر الحوار مرهوناً  بالمشاكل السياسية فقط بل عليه أيضا أن يضع حلولاً للمشاكل الاقتصادية في المقام الأول، فالثورة أيضا كانت لديها أهدافاً اقتصادية وهي رفع مستوى دخل المواطنين والدفع بعجلة التنمية الاقتصادية بما يوفر فرص عمل للشباب، ولا يجب على مؤتمر الحوار أن يخفق ويتجاهل قضايا الاقتصاد أو يرسم حدوداً معينة لمناقشتها، ونتمنى من الأخ الرئيس ألّا يتجاهل رجال الأعمال في وضع مستقبل اليمن القادم فهم عصب التنمية.

وقال الخامري بأن نجاح المؤتمر بالصورة التي يتمناها الجميع ستكون مفيدة للاستثمار والنهوض بالاقتصاد اليمني والخروج منه من مرحلة الركود إلى مرحلة التطور، وإن وافق الجميع أن تكون مصلحة اليمن هي العليا ورسخوا مبدأ الانتماء الوطني فأنا اعتقد أنه سيكون هناك تحسناً، كما أن ذلك مرهون بتوصيات المؤتمر وأنا  هنا لا أقول توصيات بل بالقرارات الحاسمة التي ستصدر عقب مؤتمر الحوار الوطني .

 مشيرا إلى أن الاقتصاد الخاص والمستثمرون عانوا خلال العقود الماضية من التهميش والابتزاز في كل الجوانب هل تعتقد أن الحوار الوطني سينصف هذا القطاع الهام؟

حوار تأسيس لبناء دولة

فيما يرى محمد الصبري, القيادي الناصري, أن الحوار القادم هو حوار تأسيس، فلا بد وأن ننظر لدور رجال الأعمال والاقتصاد بأنهم ليسوا أصحاب دكاكين وفق الطريقة التي جرى عليها التعامل مع الاقتصاد ومع رجال الأعمال، فهذه الطبقة المهمة التي لا تنهض أي دولة حديثة إلا بمشاركتها، تم التعامل معهم إما كأصحاب دكاكين أو أمناء صناديق، لذلك هناك شيء أنا قلق من وجوده بل وهو ظاهر أمامي في موضوع التحضير ورسم أهداف الحوار والمشاركة في الحوار، لست مطمئناً وليس هناك وضوح فيما يتعلق بالشراكة الاقتصادية والمالية بمفهومها الوطني، هناك ندوات تعقد بخصوص مشاركة بعض رجال الأعمال، لكن كمنظومة متكاملة إلى الآن لا اعرف ما هو دور هذا القطاع، ولا يمكن أتصور أن نخوض حوار تأسيس لبناء دولة وهذا الطرف المهم مش موجود.. هذا سؤال مهم ولكن الإجابة عليه تكون لمن يحضّرون للحوار، تكون بيد الرئيس، بيد الحكومة والقيادات الحزبية. ونحن نتحدث عن شراكة كل أفراد المجتمع في حوار التأسيس بقناعة وطوعية، لا أرى رجال الأعمال حاضرين بخصوص هذا الموضوع.

ويرى أنه لا بد من تهيئة المناخ الاقتصادي لا كشرط ، ولكن كمتلازمة لنجاح الحوار على طريقة مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب، أقول لك إن لم يجري تعديل في الأداء الحكومي وإذا لم يجري تعديل في الأوضاع الأمنية وإذا لم يجري ترشيد في القرارات ومساندة على الصعيد الإعلامي والثقافي والمجتمعي للحوار سيكون الحوار في وادي، والواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والأمني يتحرك في وادٍ آخر.

سيترك آثارا على التنمية

ويؤكد السياسي المعروف صالح باصرة أنه إذا نجح الحوار فإنه بكل تأكيد سيترك آثاراً ايجابية على التنمية، لأن الحوار معناه تأسيس دولة جديدة لا مركزية، ربما تكون اتحادية وهو الحل الأفضل لليمن، وأيضا سيوفر فرصاً اكبر للعمل وسيقلل من انتشار الفساد ، وسيعطي هذه الأقاليم فرصا للتنافس فيما بينها على التنمية وليس تنافساً على المناصب.

مشيرا إلى أن الملف الاقتصادي هو احد محاور مؤتمر الحوار الوطني، تقريباً هو المحور الرابع أو الخامس، والمحور الثالث هو مرتبط بالاقتصاد أيضا وهو محور بناء الدولة، والمحور الأول والثاني أيضا مرتبط بالاقتصاد وهو محور القضية الجنوبية وقضية صعده ، فكل المحاور والقضايا نقول إذا عولجت كافة ستنعكس على الاقتصاد ، والعكس إذا لم تعالج ستنعكس سلباً على الاقتصاد والاستثمار.

 ودعا باصرة إلى ضرورة معالجة كل ما يعطل الاستثمار في اليمن وعلى وجه الخصوص الفساد الإداري، فساد الأرض، الفساد في التعامل مع المستثمرين وابتزازهم.. هذه المشاكل كلها تؤدي إلى انعدام الاستثمار مع ملاحظة أن اليمن لم تعد الوحيدة المفتوحة للاستثمار فهناك دول بالمقربة منا توفر فرصاً أفضل للاستثمار، لكن إذا توفرت عوامل الجذب الاستثماري كاملة سيحدث في اليمن استثمار حقيقي، ولا يمكن حل مشاكل التنمية في البلد إلا بالاستثمار الحقيقي، ولا يمكن للدولة أن توفر وظائف للناس وفرص عمل للشباب الخريجين إلا عبر الاستثمار وأقول هنا عبر الاستثمار الضخم الذي يخلق تأثيراً اقتصادياً واجتماعياً بل وحتى الثقافي في حياة الناس، وليس الاستثمار العائلي الصغير.

الشيء الآخر يجب أن يكون لدى الدولة خارطة للاستثمار، ماذا تريد في مجال السياحة، ماذا تريد في مجال الصناعة، ماذا تريد في مجال الزراعة، ماذا تريد في مجال تنمية الثروة السمكية، نحن نلاحظ الآن لا الزراعة فيها استثمارات ضخمة ولا الصناعة ولا الثروة السمكية، ولا السياحة فيها استثمارات ضخمة وواضحة، ولا حتى الاستثمارات النفطية لو لاحظنا أن ما هو موجود من نفط بدلاً من أن يزيد أصبح يقل.

سينعكس على انتعاش الاقتصاد

واعتبر أمين عام مؤتمر الحوار الوطني, الدكتور أحمد بن مبارك, هذا المؤتمر أهم العوامل التي ستحقق استقرارا اقتصاديا مناسبا.. وما سيبعثه من إشارات سياسية حول شكل دولة جديدة وبيئة استثمارية جديدة وحكم رشيد ستنعكس على انتعاش الاقتصاد.. 

وقال: اعتقد أننا ندور في دائرة مفرغة، البعض يسميها الدائرة الجهنمية، بمعنى كيف نبدأ ومتى نبدأ من اجل أن يكون لدينا اقتصاد قوي ومنافس.. يجب أن يكون لدينا مدخلات ممتازة، لكني اعتقد أن الاستقرار السياسي والإشارات السياسية التي سيبعثها مؤتمر الحوار، وما سيتفق عليه من شكل جديد للدولة وبيئة استثمارية جديدة وشكل الحكم الرشيد الجديد، كلها متطلبات ضرورية ولازمة من اجل توفر بيئة استثمارية تساعد في نمو وانتعاش الاقتصاد، فمؤتمر الحوار أهم العوامل الرئيسية الداعمة لتحقيق استقرار اقتصادي مناسب.

توسيع آفاق الاقتصاد

من جانبه يرى عضو تحضيرية الحوار/ ياسر الرعيني أن الإشكالية الأمنية والسياسية تتحكم بالاقتصاد، والحوار كفيل بإنهاء أسباب التوتر وتوسيع آفاق الاستثمار, وأن كل الموضوعات التي ستناقش في الحوار لها علاقة مباشرة وغير مباشرة بالاقتصاد

مضيفا بقوله: الحوار سيفتح آفاقا واسعة للاستثمار والتعافي الاقتصادي، ففي اليمن موارد جاذبة لرؤوس المال العربية والأجنبية وحتى اليمنية التي تركت بلدها بسبب حماقات النظام السابق، ولكن نحتاج إلى إدارة حكيمة ووطنية، وكذا سياسات مالية واستثمارية جاذبة ومتطورة ، وهذا ما سيفرزه الحوار الوطني الشامل"   .

مشيرا إلى أن هناك اهتماما كبيرا بالملفات الشائكة المتعلقة بالاقتصاد وقضايا الاستثمار, وأنه في موضوعات الحوار تم التنصيص على الاقتصاد وقضايا الاستثمار كموضوع رئيس في مصفوفة الموضوعات، وهو التنمية الشاملة والمستدامة، وفي فروعه الاقتصاد ومحور القطاع الخاص، وفي الحكم الرشيد يأتي محور كفاءة الإدارة المالية، وفي الجانب الحقوقي يأتي محور الاقتصاد كحق عام بكل ما فيه من تفرعات".. 

وأبدى الرعيني تفاؤله بأن البدء بمؤتمر الحوار سيفتح كافة الآفاق الاقتصادية وغيرها، وهو رسالة للعالم ورؤوس أمواله بان اليمن خطا وشق  طريقه نحو الأمن والاستقرار والديمقراطية الفاعلة والشفافية والحكم الرشيد الذي سينعكس فعلا على جلب الاستثمارات  المختلفة .

و دعا الرعيني كافة رؤوس الاموال اليمنية وغير اليمنية في الداخل والخارج إلى الإسهام الفاعل في نهضة اليمن وتوجيه موارده في خدمة أبنائه، فهو لا يرى أن غياب الأمن هو السبب وراء غياب الاستثمار كما يعتقد البعض، بل ينظر للمشكلة من زاوية معاكسة مفادها أن ضعف الاستثمار وراء ضعف الاستقرار.. يقول: كم سمعنا من يقول إذا توفر الأمن في اليمن سيأتي الاستثمار ويتحسن الحال، ونحن نقول كذلك، لكننا نؤكد على أن ضعف الأمن ناتج عن ضعف الاستثمار وفرص العمل للناس، فكلما توفرت فرص العمل تحقق الأمن والاستقرار .

سيوفر البيئة المناسبة للاستثمار

إلى ذلك يقول الأكاديمي الدكتور عبد الرشيد عبد الحافظ بأن بناء الدولة الحديثة، سيوفر البيئة المناسبة للاستثمار والنشاط الاقتصادي.

وفيما يخص الملف الاقتصادي في مؤتمر الحواي الوطني يؤكد أنه وفقاً لمصفوفة الموضوعات المقترحة للمناقشة في المؤتمر؛ سيتم مناقشة هذا الملف في محورين على الأقل: المحور الأول عند دراسة الأسس الاقتصادية للدولة التي ينبغي أن يتضمنها الدستور الجديد، والمحور الثاني عند مناقشة موضوع التنمية الشاملة في البلاد ومن أهمها بطبيعة الحال التنمية الاقتصادية.

مشيرا إلى أن الأمل في مؤتمر الحوار أن يضع أسس بناء الدولة اليمنية الحديثة التي ظلت حلم اليمنيين طوال تاريخهم المعاصر، وإذا ما خطونا خطوات حقيقية في اتجاه بناء هذه الدولة، سنوفر بذلك البيئة المناسبة للاستثمار والنشاط الاقتصادي بصورة عامة.

مؤكدا أن هناك قضايا هامة ينبغي أن يحسمها المؤتمر في هذا الجانب، ومنها: الهوية الاقتصادية للدولة، وطبيعة الدور الذي ينبغي أن تقوم به في النشاط الاقتصادي، وأولويات التنمية الاقتصادية، وكيفية تحقيق التنمية العادلة والمتوازنة.

الاستثمار القوي لا يحتاج إلى حوار

وأوضحت الناشطة رضية المتوكل, التي استقالت من عضوية لجنة الحوار الوطني, أن اللجنة الفنية للحوار لم تناقش مواضيع الحوار ولكنها فقط حددت عناوينها مسترشدة في ذلك بالمواضيع التي وردت في قرار رئيس الجمهورية بتشكيل اللجنة الفنية، وبناء على قائمة المواضيع التي أعدتها اللجنة الفنية سيكون هناك اهتماما بالجانب الاقتصادي بشكل عام.

واضافت: لكن الاستثمار القوي لا يحتاج إلى حوار وطني وتنظير بقدر ما هو محتاج إلى خطة من الدولة والحكومة باتجاه تقويته، ولا أظنه يخفى عليكم وأنتم مجلة تهتم بالاستثمار أنه لا يوجد للدولة والحكومة أي خطوة باتجاه استثمار قوي، بل أن الوضع الاقتصادي والأمني يزداد تدهوراً ويعكس نفسه على الاستثمار.

مؤكدة أن هناك تلازمية ضرورية بين بناء الاقتصاد وتحسين الاستثمار ونجاح المرحلة الانتقالية ككل.

صحيفة مال وأعمال العدد 110 أبريل 2013


 

مواضيع ذات صلة :