اقتصاد يمني نُشر

دول مجلس التعاون أكبر الدول المصدرة إلى كوريا

مع التغيرات السريعة التي تشهدها خريطة الطاقة العالمية، لن تبقى الولايات المتحدة في صدارة الدول الأكثر استيراداً للنفط على مستوى العالم، حيث إن حجم استيرادها للنفط الخام ينخفض تدريجياً في الوقت الذي أصبحت الصين اليوم ثاني أكبر مستورد للنفط الخام وتشهد على عكس الولايات المتحدة زيادة مستمرة في حجم طلبها عليه. وتتوقع إدارة معلومات الطاقة أن تصبح الصين أكبر مستورد للنفط الخام بنهاية العام الجاري. 
ولكن الصين ليست الدولة الوحيدة في آسيا الناشئة التي تتوجه لتكون في صدارة الدول المستوردة للنفط. اليوم، تتبع كل من الهند والاقتصادات الصناعية الحديثة مثل جنوب كوريا وتايوان هذا التوجه أيضاً. فما يقارب نصف الدول التي هي على قائمة أكثر 10 دولا استيراداً للنفط الخام تقع في آسيا الناشئة، وجنوب كوريا تأتي في المرتبة السادسة من هذه القائمة.
وارتفع استهلاك جنوب كوريا للطاقة بشكل منتظم، وبما أن إمكانياتها لإنتاج أي نوع من الطاقة قليلة، ارتفع أيضاً حجم استيرادها للطاقة. ويكون البترول نصف استهلاك جنوب كوريا وهو ما جعل دول مجلس التعاون الخليجي المصدر الأساسي لها لاستيراد الطاقة منذ أكثر من عام إلى اليوم، حيث بلغ حجم السلع التي صدرتها دول الخليج إلى جنوب كوريا في 12 شهراً أكثر من 98 مليار دولار، أي ما يعادل 20% م إجمالي ما تستورده جنوب كوريا وهي أكبر حصة لها منذ أزمة النفط في عام 1979.
ومن دول الخليج، فإن السعودية هي أكبر مصدرة للطاقة إلى جنوب كوريا، وهي الخامسة في ذلك على مستوى العالم. وبلغ حجم صادرات السعودية إلى جنوب كوريا 37.5 مليار دولار في العام الذي انتهى في يوليو الماضي. وتبعتها قطر التي بلغ حجم صادراتها إلى جنوب كوريا ما يعادل 26 مليار دولار، ومن بعدها الكويت التي بلغ حجم صادراتها 18.4 مليار دولار، وتليها الإمارات التي بلغ حجم صادراتها إلى جنوب كوريا 16.2 مليار دولار.
وكانت الكويت قد احتلت المرتبة الثالثة على مستوى الخليج في التصدير إلى جنوب كوريا منذ عام 2011. وبحسب مؤسسة النفط الكورية (KANO)، وصل حجم تصدير الكويت للنفط إلى جنوب كوريا ما يعادل 518 ألف برميل في اليوم في شهر يوليو الماضي، ما يقارب خُمس حجم إنتاج النفط الكويتي في ذلك الشهر وأيضاً خمس استيراد جنوب كوريا من النفط. 
أما في ما يخص القيمة، ارتفع حجم تصدير الكويت إلى جنوب كوريا في شهر يوليو بنسبة 45.1% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وهي أعلى نسبة ارتفاع من بين دول الخليج. 
وجاءت الإمارات ثانياً بارتفاع حجم صادراتها إلى جنوب كوريا بنسبة 44.8% في شهر يوليو مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، في حين لم يرتفع حجم صادارت السعودية إلى جنوب كوريا إلا بنسبة 1.2%، وانخفضت صادرات قطر بنسبة 16.1% في الفترة ذاتها. وعندما ننظر إلى نمو حجم الصادرات العالمية عامةً إلى جنوب كوريا، فهو عادةً ما يكون إلى انخفاض بسبب التباطؤ العالمي.
وتنمو جنوب كوريا بمعدل أقل من أقصى إمكانياتها لأن قطاعيها الصناعي والاستهلاكي تأثرا بشكل سلبي بسبب انكشاف الدولة على مجموعة الثلاثة المكونة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان. ويتأثر قطاع التبادل التجاري لدول الخليج من خلال هذه القناة وليس من خلال تعاملها المباشر مع الدول المتقدمة. وهو أيضاً حال الصين وتايوان والدول الأخرى في آسيا. 
وتصدر دول الخليج إلى دول آسيا الناشئة ضعفي ما تصدره إلى دول مجموعة الثلاثة، كما أن الدول ا
لآسيوية الأقل تقدماً مثل فيتنام وكمبوديا تتجه أيضاً نحو زيادة طلبها على منتجات الطاقة من دول الخليج وذلك لدعم تطور قطاعاتها الصناعية. 
ومن جهة أخرى، تخفض دول مجموعة الثلاثة حجم استيرادها من دول الخليج استجابةً من ناحية لتباطؤ صناعاتها وأيضاً لأنها أصبحت تعتمد أكثر على إنتاجها المحلي من الطاقة. ومع ذلك، فإن الطلب الآسيوي على الطاقة من دول الخليج سيبقى قوياً داعماً لتوسع آسيا المستمر على الرغم من البيئة الاقتصادية العالمية الضعيفة.
وتعتبر جنوب كوريا الشريك الاقتصادي المهم لدول الخليج، ولذلك نجد بعض التنافسية بين هذه الدول لزيادة حجم تصديرها إلى الدولة الآسيوية. 
وتتصدر السعودية دول الخليج في الحجم الذي تصدره إلى جنوب كوريا. لذا على دول الخليج اعتماد استراتيجية التنوع. فثلث استهلاك الطاقة في كوريا الجنوبية هو استهلاك الفحم الذي يأتي من الصين (أكبر منتج للفحم في العالم)، والثلث الثاني هو استهلاك الطاقة النووية والغاز الطبيعي. 
وتعتبر جنوب كوريا هي ثاني أكبر دولة مستوردة للغاز الطبيعي المسال ومازال طلبها عليه يزداد، وهو الأمر الذي يدعم قطر. وبدأت الإمارات بالتنويع في قطاعي التمويل والسياحة بعيداً عن الاعتماد على الطاقة. 
أما الكويت، فمازالت بحاجة إلى تنويع صادراتها من الطاقة لتنتهز الطلب الكوري المتزايد. فالكويت تملك حجم كبير من موارد مؤكدة من الغاز الطبيعي الذي يأتي في المرتبة الثامنة عشرة عالمياً، ولكنها تنتج القليل منه. 
ومع انتقال مركز الاقتصاد العالمي إلى الشرق، على الدولة الخليجية المنتجة للنفط التهيؤ لتلبية احتياجات آسيا من الطاقة وانتهاز حصة من النشاط في الطلب المتوقع. 
 
 
محلل اقتصادي في شركة آسيا للاستثمار
 
 
الخليج

 

مواضيع ذات صلة :