اقتصاد يمني نُشر

الورود عالم من الجمال لا حدود له

للزهور حكايات وللورود روايات حكاها العاشقون ، وسطرها الشعراء والمحدثون  ، إنه اللون الجذاب الذي يأسر العين ويغني عن ألف كلمة ، عندما يُذكر اسمه فقد فتحنا أبواب الجمال والصفاء ، والحب والنقاء ..
 الورد والزهر أجمل ما يعبر عن الجمال الرباني الذي وضعه الله في هذه الوردة أو الزهرة ومدى تأثيرها النفسي والمعنوي على مقتنيها بالإضافة إلى تأثيرها النفسي فإن الورد مصدر دخل للكثير، بل ووجهة استثمارية جديدة يقبل عليها بعض المستثمرين المحليين الذين يرون أن تعدد ألوان الزهور والورود سيجلب لهم ألوانا براقة من الدخل الوفير ، عن مدى إقبال المواطنين على شراء الزهور ، وكذا دخول المستثمرين في مجال استيراد وبيع الورود والزهور قامت صحيفة مال وأعمال بهذا الاستطلاع.

مشاتل ومنتجون


تتعدد المشاتل التي تهتم بإنتاج الشتلات الزراعية المختلفة في اليمن ، وخاصة العاصمة صنعاء  ومن هذه الشتلات التي هي مطلع تحقيقنا شتلات الزهور والورود ، قمنا بزيارة لبعض المشاتل الموجودة في منطقة السبعين والتقينا عددا من أصحابها الذين حدثونا عن بعض أنواع شتلات الزهور والورود التي ينتجونها في مشاتلهم وما هي الصعوبات التي يواجهونها ؟

جابر الصلاحي


جابرمحمد الصلاحي مهندس زراعي في مشتل السبعين يقول إن شتلات الزهور والورد الموجودة لديهم معظمها خارجي ، يتم استيرادها كبذور وبعد ذلك يتم تكاثرها في المشتل كبذور وعقل ، ولها أسماء كثيرة وأشهرها زهرة الفتونيا ، الجزانيا ، الفربينيا ، ومنها ما هو محلي وخارجي ويميزهما أن الخارجي شكله  متقزم بينما المحلي حجمه  أكبر ، ويضيف أنه توجد زهور محلية غير موجودة في الخارج من ضمنها الصباريات وأكثر من يطلبها هم الأجانب حيث يستغربون من شكلها فيطلبونها، ومن المشاكل  التي يواجهونها هي صعوبة توفر المياه التي أصبحت في صنعاء شبه معدومة ، وكذلك الجو يكون في معظم الأحيان في صنعاء غير مناسب فيضطر المنتج أن يزرعها في محافظات أخرى كالحديدة وإب ومنها أشجار الفيكاس التي تستخدم في تزيين الجزر الوسطية كذلك بعض شتلات الزهور التي تحتاج إلى نمو في جو مناسب حيث تستمر فترة نموها من شهرين إلى ثلاثة أشهر وتكون جاهزة للقطف والتسويق.
 وعن الورد الجوري الحبشي الأصل يقول: لو زرع في اليمن فإن حجمه لا يكون كما الورد الذي يأتي من بلد المنشأ ويعود ذلك إلى أن الجو في الحبشة يختلف عنه في اليمن .
يضيف مروان محمد عامل ومنسق شتلات في مشتل كنوز اليمن منذ ثلاث سنوات أن أكثر أنواع الشتلات التي عليها طلب من الزبائن هي الزهور التي يتم بها تزيين الحدائق والشوارع ، والمنتزهات الكبيرة ، وذكر لنا مروان حسب خبرته بعض أسماء الزهور ومنها الجارونيا المداد ، والجارونيا الألماني ، حنك السبع والوينكا الألماني والبلدي ، وكذا عين المها ، والباتونيا  و الريحان البلدي الذي يقول إن عليه طلبا كبيرا لرائحته الفواحة  ، وعن سبب ضعف الإقبال على الزهور المحلية يرى مروان أن التشجيع من الدولة وسوء التسويق يعد سببا من أسباب ضعف الاهتمام بالسلعة المحلية  بالإضافة إلى عدم توفر البيوت المحمية الكافية لإنتاج شتلات الزهور على مدار السنة .
علي زيد ناصر الدعوس مزارع شتلات في مشتل أرض الجنتين  يؤيد زملاءه بأن شتلات الورود الجوري ينتج في اليمن أيام الصيف ولكن ليس بنفس الجودة ، وعن أنواع الزهر والورد التي يطليها الزبائن يقول إنها الجوري والزهور الصغيرة التي تستخدم في حدائق البيوت وأماكن أخرى وأن أمانة العاصمة هي أكثر من تطلب شتلات الزهور لتزيين الشوارع .
أما صاحب مشتل حضرموت يرى أن أبرز المشاكل التي يواجهونها هي تكلفة  البيوت المحمية لتغطية الشتلات والزهور كي تنتج بجودة أفضل لأن الشمس تعمل على تلفها ، كذلك بعض الشتلات تنتهي بعد فترة محددة ولها عمر معين وهذا يعد خسارة على منتجي الشتلات ، ويحتج على أن التنسيق غير موجود حيث أن كل الشوارع الآن تزرع من قبل أمانة العاصمة بالفيكاس فقط ، بينما المفترض أن يكون هناك في الأرض أزهار متنوعة تضفي جمالا على الجزر الوسطية وهي موجودة لدى أصحاب المشاتل ولا تعار أي اهتمام .
 عبد الغني شجاع الدين المدير العام لشركة المروج الخضراء في اتصال هاتفي يؤكد أن أصعب مشكلة تواجه  زراعة الورود وخاصة الجوري هو اختلاف الجو عن موطنه الأصلي كما يشير إلى أن البيوت المحمية ضرورية لزراعة الزهور والورود بجودة عالية وبتكلفة أقل.

قبلة للمستثمرين


لم تعد تجارة الورود قاصرة على فئة معينة دون أخرى ، أو حتى نادرة الانتشار بل غدت  تجارة رائجة ولها مستهلكوها .. حيث بدأت في الآونة الأخيرة  بالتزايد ولوحظ انتشار محلات الورود في مختلف محافظات الجمهورية ، ليس كذلك فحسب بل تستورد معظم الزهور والورود من الخارج ولها تجارها في السوق .

قناف منصر


في محلات حدائق السفير لاستيراد وبيع الورود الطبيعية التقينا قناف منصر وهوشقيق المسئول الأول عن إدارة المحلات حيث أخبرنا  أنهم يعدون من أكبر الموردين للورود الطبيعية
 ويعملون في استيراد الورود والزهور من الخارج وخاصة من الحبشة والمشهورة بالورد الجوري " الروز "  الأحمر والأبيض وهما اللونان الأكثر استيراداً بالإضافة إلى بقية الألوان ، حيث يستوردون  في الأسبوع مرتين لتلبية متطلبات السوق خاصة أنهم يتعاملون مع العديد من المحلات داخل العاصمة وخارجها ، وعن ارتفاع سعر الورود المستورد يقول إن هناك تكاليف تدخل في الحسبة كالجمارك ، وتغليف الورود وغيرها ، وأقصى حد لسعر الوردة الجوري يصل إلى 200 ريال في كل المحلات .
وعن الورد والزهر المحلي ومدى إقبال الزبائن عليه يقول منصر إنه محدود وأبرز الزهور المحلية هي القرنفل والجربيرا ، والقلدونس .. ويضيف أن سبب قلة إنتاج الورود والزهور في اليمن يعود لأن الجو في اليمن متقلب, يوم حار وآخر بارد وبالتالي الإنتاج سيكون فترات وليس بصورة دائمة كذلك, عدم وجود الدعم ، فمرة الديزل ينقطع ومرة العلاج معدوم ، أيضاً البيوت المحمية غير موجودة اللي تحافظ عليها من الأمطار والرياح .
فيما يتعلق  بصعوبة استيراد أنواع أخرى من الورود يقول : لا نستطيع استيراد جميع أنواع الورود لأنها مكلفة كثيرا مثل ، الكالا ، الليليوم ، الجيبيرا .
  في محل أزهار ألف ليلة وليلة ، وجدنا العامل حنيف عبد العزيزالذي حدثنا عن أبرز ما يستورده المحل من ورود وزهورمن  الحبشة وكينيا وهي  الكالا والليليوم والقلدونس ، الجربيرا ويختلف عن اليمني أنه أكبر حجماً ، نادراً من كينيا ، الورود اليمنية القرنفل والجربيرا ، والقلدونس يمني .
ويتميز الكيني بأنه يعيش فترة أطول ،  ويضيف أن القرنفل المحلي يستخدم بكثرة في صناعة العكاوي الخاصة بالعرسان ، ونادراً ما يستخدم للسلال و تزيين سيارات ، وهو يعد زهر القرنفل أرخص من الجوري  حيث أن قيمة  الزهرة الواحدة  تكون ما بين 70 إلى 100 ريال .

وفي سوق الورود للمرأة وجود..

وللمرأة حضورها الملفت في سوق تجارة الورود والذي تنافس فيه شقيقها الرجل فلا فرق سوى الهمة والقدرة على التخطيط وتخطي الصعاب  ، فايدة عبد الرحمن شايف العريقي  بدأت منذ سنوات في التجارة ومنها تجارة  الورود حيث تملك  شركة " رسيل روز " ومقرها صنعاء  شارع الجزائر وهي  عضوة في الغرفة التجارية  ، وتعد من أكبر الموردين والمصدرين للورود  ليس على مستوى اليمن فحسب بل على مستوى الشرق الأوسط  تجيب عن مدى تقييمها لتجارة المرأة للورود وخاصة الاستيراد بأن  " الورد خلق للورد والمرأة تعتبر أجمل وردة بالكون أما بالنسبة لتجارة الورد للمرأة فهي تجارة مناسبة لها وسهلة التعامل للسوق وفي المراكز الحكومية كمطارات وجمارك والأهم حسب قولها  هو التعامل مع المزارع في الخارج فهو يتطلب اللغة لسهولة التعامل والخبرة التجارية ، وعن أبرز أنواع الورود التي تستوردها رسيل روز تقول فدوى العريقي شقيقة فايدة  " إن  الورود التي تستوردها شركة رسيل هي الورد السائد الجوري " الروز " بالإضافة إلى ما يسمى بالسمر فلاور وهي عبارة عن زهور الكالا والليليوم والجبس فيل والهيدرنجا والجلاد يولس والخضار وأنواع كثيرة غيرها لا يستوردها أي أحد  سوى شركة  رسيل روز" وبالنسبة لقبلة استيرادها فهي قبلة الجميع الحبشة، وتضيف أنهم الوحيدون الذين  يستوردون من كينيا أجود أنواع الورود ولا أحد يستطيع استيرادها غير رسيل روز وتقول فدوى العريقي :" نحن أول المستوردين من كينيا  ولا أحد يستطيع استيرادها بحكم أننا وكلاءها باليمن ونصدر أيضا من الدول السابق ذكرها إلى أكبر شركات بدول شقيقة كالسعودية (جدة –الرياض – الدمام –الخبر)، الأردن ولبنان وقطر .
وعن رأي فايدة العريقي صاحبة الشركة  في إمكانية تصدير الورد والزهر المحلي للخارج مستقبلاً تقول العريقي : "بالنسبة للروز فالتربة اليمنية ليست بالجودة المطلوبة ، والزهور الأخرى كالقرنفل وغيرها لا توجد الكمية الكافية للتصدير.
 وفيما إذا كانت تواجه أي صعوبات في السوق كونها امرأة منافسة تقول الحمد لله لا أواجه   صعوبة نهائيا فشركة رسيل للاستيراد قوية داخليا وخارجيا.
وتجيب عن مستوى الإقبال على شراء الورود بأنه جيد جدا وهو في تطور بالنسبة للسنوات السابقة وكتجارة فهي نوعا ما مربحة ولكن في بعض المواسم.

يا ورد من يشتريك ؟

جمال الورد يغري من رآه                   ففيه الحسن قد غطى بهاهُ
وفي ألوانه سحر المعاني                     تفوح إذا يداعبها نداهُ
فذاك الأحمر القاني غرام                   إذا ما انداح في قلبٍ هواهُ
وذاك الأصفر الزاهي غيور               على المحبوب من شيءٍ يراهُ
وذاك الأبيض الصافي وفاءٌ                على دربٍ توسده هداه ُ
وأما باقي الألوان خلط                    من الإحساس ، كلٌ في مداهُ

قصائد قيلت فيه ، وللعشاق قصص لا تنتهي مع الورود ، أما المرضى ، والخريجون ، وكذا العرسان فلهم صداقة حميمة مع أنواع الزهور والورود في مناسباتهم الفرائحية .. لذا نجد أن الإقبال على شراء الورود لم يعد حكراً على طبقة دون أخرى ، أو جنس دون الآخر فالطبيعة ملك للجميع خاصة لو كانت متمثلة بالورود.
 المهندسة ندى التقيناها في إحدى محلات بيع الورود وهي تشتري باقة ورد لصديقتها كي تزورها في المستشفى وتقول إنها تحب الورود وتشتريها دائماً وليس شرطاً ان يكون هناك مناسبة معينة ، وعن أكثر من يشتري الورود تقول بالتأكيد البنات لأنهن أكثر عاطفة  ويشترين باستمرار وبدون مناسبة بينما الأولاد لا يشترون إلا في مناسبات معينة .
إحدى الفتيات صادفناها وهي تشتري باقة ورد لمديرها في العمل ، حيث تقول إن الورد في كل المناسبات وليس عيباً أن تهدي أحداً باقة ورد خاصة لو كانت أخطأت في حقه ، لذا فقد اشترت الباقة اعتذاراً من مديرها لأنها ترى أنها أخطأت في حقه ولذا وجب عليها أن تعتذر ، حيث أن الاعتذار يصفي النفوس وخاصة لو كان الوسيط هو الورد.
العم أحمد عبده الخضر من محافظة تعز كان يشتري شتلات زهور الزينة  بهدف زراعتها في حديقة البيت ، ويقول إن لديه 18 صنفا لأنه يحب الجمال والطبيعة ويرتاح عندما يرى البيت فيه وتشجير خارجي وداخلي ، فهو عامل نفسي مريح في البيت ، وعن عدم اهتمام الكثير بشراء الطبيعة يقول المواطن لا يشتري بسبب عدم معرفته بأهمية الخضرة والزهور.

علي العودي صاحب محل جبريلا للزهور بشارع الجزائر في حديثنا معه عن زبائنه وما مدى اختيارهم لألوان الورود حسب المناسبة يقول إن الغالبية لا يحسنون اختيار الألوان ، ربما بسبب عدم معرفتهم ، أو أنهم لا يهتمون ، وقلة هم الذين يطلبون باقات حسب رغبتهم وذوقهم ، ويضيف أن معظم الزبائن نسألهم  ما هي المناسبة والباقي علينا نحن نجهز لهم الباقة حسب المناسبة ، فمثلاً حفلات التخرج والأعراس يطغي عليها اللونان الأحمر والأبيض ، بينما زيارة المريض تحتاج إلى اللونين الأبيض والأصفر وأحياناً ورود وزهور ملونة .

أمجد نبيل


أمجد نبيل منسق ورود في محل شقائق النعمان في الدايري عن مدى علم الزبائن بأسماء الورود والزهور عند طلب باقات معينة أو حتى ألوانها يقول إن معظم الزبائن لا يفرقون بين الزهور والورود ، بل إن الغالبية لا يعلمون أن الورد هو اسم لورد الجوري أو الروز الحبشي ، وبقية الأنواع هي زهور ، كما أن الكثير لا يجيدون اختيار الألوان حسب المناسبات إلا ما ندر والبعض يخبره بالمناسبة وهو ينسق باقة على ذوقه ،  ويتفق مع من سبقه بأن أكثر من يشتري الورود هن الفتيات وأكثر المناسبات طلباً للورود هي الأعراس وحفلات التخرج وعيد الحب الأكثر بيعا فيه للورود خاصة الجوري الأحمر .
عدنان عبد الله بائع ورود يقول إن الإقبال من الناس موجود ومعظم ما يبيعه من ورد هو الجوري ، حيث يظل معه أسبوع كامل لا يتلف ، الورد رخيص للناس كلهم ، وكل واحد حسب بذوقه وأن أكثر زبائنه من البنات .
تظل الورود والزهور بكافة ألوانها مصدر لتلوين القلوب بالجمال والإحساس ، وعالم الجمال الطبيعي الذي يدل على قدرة الله لا حدود له خاصة وإن كان مصدره الورد دا.. مت حياتكم مليئة بالورود.

18 مشتلا حكوميا و10  تتبع القطاع الخاص
الأستاذ حميد البشاري مدير إدارة البستنة في وزارة الزراعة والري حدثنا عن الاستثمار في مجال إنتاج شتلات الورود والزهور في اليمن حيث أشار إلى أن الاهتمام في هذا الجانب بدأ في السنوات الأخيرة ، حيث زادت عدد المشاتل في اليمن التي تهتم بإنتاج جميع أنواع الشتلات بما فيها شتلات الزهور والورود ، وأكد أن الوزارة تحاول جاهدة التنسيق مع أصحاب المشاتل للتعاون معهم للرفع من جودة منتجاتهم وذلك عن طريق تدريبهم ، ومراقبة سير العمل لديهم من خلال توفير أصحاب المشاتل  لمهندسين  زراعيين  يتابعون  الشتلات والأمور الزراعية وكل ذلك بهدف الحصول على جودة إنتاجية عالية ، ويشدد البشاري على أهمية توفر البيوت المحمية لدى أصحاب المشاتل لما تعطيه من إنتاجية سريعة تصل إلى 45 يوما تكون فيها الثمرة جاهزة تماماً فيما يتعلق بالخضروات والفواكه ، بينما في الزهور والورود تساعد البيوت المحمية على الحفاظ عليها من الرياح وأشعة الشمس ، كما تعد البيوت المحمية اقتصادية وتوفر نسبة كبيرة من المياه ..ولها فوائد أخرى عديدة ، مشيرا إلى أن الوزارة بدأت بتوفير بعض من هذه البيوت المحمية في عدد من المحافظات تشجيعاً من الوزارة لزيادة الإنتاج الزراعي .
يذكر أن عدد المشاتل الحكومية التي تهتم بإنتاج جميع الشتلات بما فيها شتلات الزهور 28 مشتلا  18 منها حكومية و 10 مشاتل تتبع القطاع الخاص وهي موزعة على عدد من محافظات الجمهورية .

 

 

مال وأعمال العدد 126


 

مواضيع ذات صلة :