اقتصاد يمني نُشر

اليمن.. أمام اشتراطات قاسية للبنك الدولي

man_faqrلدى اليمن فرصة كبيرة للحصول على دعم اضافي من البنك الدولي، اذا استمر في تطبيق اصلاحاته الاقتصادية بالشكل المطلوب.. هذا الاشتراط كان قد اكده «بنسون انتغ - مدير مكتب البنك الدولي في اليمن».. مما يوضح ان للشراكة مع البنك الدولي استحقاقات ينبغي على اليمن أن تقدمها. ولذا فإن الإصلاحات الاقتصادية التي شرعت الحكومة وبمساعدة البنك وصندوق النقد الدوليين بتنفيذ برنامج التثبيت الاقتصادي والتكييف الهيكلي والأمان الاجتماعي جاءت عقب الانهيار المالي للحكومة بعد حرب صيف 1994م وزيادة الإنفاق المالي للحكومة لما تطلبه مؤسساتها عقب دمجها بعد اعلان الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990م. وتركزت الاصلاحات في مسالك معينة حيث اكدت على معالجة الاختلال الاقتصادية والتكييف الهيكلي والأمان الاجتماعي، وذلك من خلال معالجة الاختلالات الاقتصادية وتحقيق التوازن والاستقرار الاقتصادي في المتغيرات الكلية للاقتصاد.. كما تبنت مسألة تحرير الاقتصاد اليمني وإبعاد مؤسسة الدولة عن النشاط الاقتصادي.. والعمل على تشجيع المنافسة الاقتصادية وتحرير التجارة الداخلية والخارجية، وكذا إتاحة المجال للقطاع الخاص لكي يقوم بدوره في التنمية، وخصخصة القطاع العام وتعويم صرف الريال أمام العملات الأجنبية، ورفع الدعم المقدم للاستهلاك وخصوصاً السلع الأساسية والرفع الجزئي لدعم المشتقات النفطية والوقود. يضاف الى ذلك التوجه رفع أسعار الفائدة واعتماد أذون الخزانة للتقليل من المعروض النقدي للريال في السوق المحلية. وبرغم التفاؤل الكبير بالمناخات الاقتصادية الدولية الملائمة والتحولات الاقتصادية وعولمة السوق، إلا أن المحللين الاقتصاديين يرون أن عوائد هذه السياسة لم تكن بالمستوى المطلوب، بل أن صحة نتائج هذه الإصلاحات كانت بعضها مضرة على الاقتصاد وغير فاعلة في جذب الاستثمارات.. والوقوف على نتائج برنامج الإصلاحات الاقتصادية تظهر مدى تواضع مردوداتها الايجابية وخاصة في ظل استمرار الاختلال في الموازين الاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي يشير الى ان هذا البرنامج تركز على معالجة مظاهر الأزمة دون معالجة أسبابها الحقيقية.. وبحسب تحليلات المختصين فإن النتائج السلبية هي الأكثر والأشد خطورة. وتذهب بعض التحليلات الى تزاوج الازدواج في خطوات الحكومة بدءاً من تحويل التحكم بإدارة النشاطات الاقتصادية من قبل الدولة، الى تطبيق برامج التثبيت ونتائج الإصلاح الهيكلي والاقتصادي.. والسير الاعمى باتجاه تنفيذ إملاءات البنك الدولي دون تمحيص يعد تنازلاً كبيراً عن المهمة الاجتماعية وولدت آثاراً اجتماعية ووسعت من استفحال الفقر والبطالة.. ورغم حرص الحكومة على بدء خطوات من الإصلاح الاقتصادي بالتحرير الاقتصادي إلا أنه كان غير مكتمل ولم يمنح السوق المنافسة الاقتصادية الكاملة، إذ لم تتمكن الحكومة من تحقيق نجاح كبير ومأمول في دعم وتهيئة القطاع الخاص لتمكينه من اداء دوره التنموي المناط به وقراءة عجلى لإسهامه الانمائي والاستثماري، توضح أن معدلات استثمارات القطاع الخاص قد شهدت تراجعاً من 40 الى 36٪ في 2009م بحسب تقرير البيان المالي للحكومة المقدم الى البرلمان. كما لم يعد خافياً أن السلبيات المتراكمة للإصلاحات الاقتصادية قد قادت إلى اختلال الهيكل التنظيمي من ارتفاع كلفة أداء الجهاز الإداري للدولة.. وهو الاختلال الذي تسبب ومازال يتسبب في اهدار إمكانيات وموارد مادية وبشرية إضافية، وتدني مستوى الخدمات المالية التي تقدمها الدولة للمجتمع، وقد ترتب على ذلك إضعاف لمكانة الدولة وتفاعل المجتمع معها.. اذ تحت مسمى ودعوى اعادة ترتيب الوظيفة الاقتصادية والاجتماعية للدولة ومؤسساتها، نشأت اشكالية إضعاف الدور الإشرافي والرقابي للدولة، مما نتج عنه تهاون في الأداء، ومساهمته في خلق مناخ مناسب لبروز مختلف مظاهر الفساد واتساع مساربه وأدواته. وإذا كان يحسب لبرنامج الإصلاح الاقتصادي نجاحاً محدوداً في منع تدهور الوضع الاقتصادي وتجلى ذلك من خلال تحسن المؤشرات الاقتصادية خاصة في المرحلة الأولى مقارنة بما كانت عليه مؤشرات قبل تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، إلا أنه بالمقابل من هذا التفاؤل الضئيل قد ولد آثاراً سلبية اخرى على المستويين السياسي والاجتماعي، من خلال تصاعد ظاهرتي الفقر والبطالة، وتراجع مستويات التعليم والصحة، وقد أدت تلك الآثار السلبية إلى نشوء الاضطرابات والاحتجاجات الشعبية، وساهمت في تنامي المعارضة السياسية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، وعدم شعبية تلك الإصلاحات خاصة في ظل غياب إصلاحات إدارية جادة، وبالرغم من ذلك وفي ظل عدم فاعلية الاحزاب السياسية وضعف البرلمان فإن تلك التداعيات السلبية على المستويين السياسي والاجتماعي لم تحل دون استمرار الحكومة في إقرار الإجراءات الاقتصادية المرحلة من السنوات السابقة.

 

مواضيع ذات صلة :