
رؤية إستراتيجية وخطط مدروسة
وأشار تقرير "إنتاج النفط والغاز.. الواقع والمستقبل" الصادر عن اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى في فبراير 2010 إلى أن هناك رؤية استراتجية وخطط مدروسة ينبغي على الحكومة ممثلة بوزارة النفط والمعادن اتباعها بهدف الوصول إلى رفع إنتاج النفط والغاز في المدى المنظور, كإستغلال النفط الثقيل, معالجة الآبار قليلة الإنتاج والناضبة منها والبحث عن مواقع استكشافية جديدة في مكامن النفط والغاز غير المألوفة, وغيرها، موضحا بأن التجربة اليمنية في مجال الاستكشاف والإنتاج عن النفط والغاز ليست بالهينة وهي كفيلة بالحفاظ عليها وتنميتها من خلال البحث عن المعارف ومواكبة الجديد ورفع مدارك المشتغلين وتنمية مهاراتهم, وأن اليمن لا يستطيع أن يرتقي بالصناعة النفطية إلا بوجود الكادر الوطني المهتم بالتطور العلمي والعالمي في هذا المجال, "فبه نستطيع الوصول إلى مكامن الثروة ورفع الإنتاج بأقل الكلف ودون الحاجة لتشغيل العدد الكبير من الأجانب".
المصدر الرئيس للدخل
وبيّن التقرير أهمية النفط بالنسبة لليمن باعتباره المصدر الرئيس للدخل وتمويل الموازنة العامة، حيث يشكل أكثر من 70 بالمائة من الموازنة العامة ويلعب دورا هاما في التجارة والتنمية حيث يشكل النفط 90 – 92 بالمائة من قيمة الصادرات.
كما تضمن التقرير خلفية تاريخية إضافية عن الدراسات الجيولوجية، وكذا الاستكشافات النفطية والغازية التي نفذت من خلال الأفراد والشركات، مشيرا إلى أن إنتاج النفط في اليمن بدأ في عام 1986 من قطاع مأرب – الجوف، حيث وصل الإنتاج السنوي حينئذ 2.650.000 برميل نفط، ازداد في العام التالي مباشرة لأكثر من الضعف ليصل إلى ما يقارب 6.920.000 برميل. إما أعلى معدلات الإنتاج التي فقد سجل عام 2001 حيث وصل إلى 160.053.018 برميل إلا انه ومنذ العام 2006 بدأ الهبوط الحاد في الإنتاج حيث بلغ في تلك السنة 133.487.409 براميل نفط، ووصل معدل الهبوط في الإنتاج للسنوات اللاحقة حتى اليوم أكثر من 10 بالمائة (هذا مع العلم أن عدد الشركات الإنتاجية المشغلة في12 قطاعا إنتاجيا إلى اليوم عشر شركات منها عالمية وواحدة وطنية "صافر قطاع 18"), في حين بلغت عدد الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها مع مختلف الشركات العالمية إلى يومنا هذا يقارب 90 اتفاقية تقاسم.
إتفاقيات تتصف بالمرونة واللإعتدال
وأكد التقرير أن اليمن من المناطق الجاذبة للاستثمارات النفطية، كونه يقع بجانب أغنى حقول البترول وأكبر احتياطياته في العالم وكذلك موقعه الجيوغرافي المطل على البحرين الأحمر والعربي, أما من الناحية الجيولوجية فهي من المناطق ذات الآفاق النفطية الجيدة, حيث يتواجد في أحواضها الرسوبية نظام بترولي متكامل.
وأضاف: "كما أن اتفاقيات المشاركة في الانتاج في اليمن تتصف بالمرونة واللإعتدال وتحافظ على حق جميع الأطراف وبوجه مرضي مقارنة بغيرها من الاتفاقيات في العالم، وذلك وفقاً لتقارير المحللين الاقتصاديين العالميين وميزتها أنها تراجع من فترة إلى أخرى وهناك أجيال منها, ففي الجيل الأخير تم التغير في بند الغاز حيث أعطي للمشغل حق في تقاسم الغاز المكتشف من قبله وليس النفط فقط كما كان يتم في العادة، وجاء هذا التغيير بناء لدراسة جملة من الآراء والملاحظات من قبل بعض الخبراء المحليين والعالميين وكذا خبرات وتجارب الدول المختلفة كمصر وغيرها, والهدف تشجيع المقاول للبحث الجدي والتنقيب على هذه الثروة والتي ثبت وجودها في كثير من الأحواض الرسوبية في اليمن".
واقع الإستكشافات النفطية
وأوضح التقرير أن إجمالي عدد الآبار التي تم حفرها حتى ديسمبر 2009، وصل إلى 2095 بئراً، منها 474 بئراً استكشافيا، و1585 بئراً تطويرياً إنتاجيا، فيما بلغ طول خطوط المسوح الزلزالية التي تم تنفيذها أكثر من 174 ألف كيلومتر ثنائي الأبعاد وأكثر من ثمانية آلاف كيلومتر ثلاثي الأبعاد، مشيرا إلى أن عدد القطاعات النفطية الإنتاجية 12 قطاعاً بمساحة كلية تقدر بـ21 ألفاً و957 كيلومترا مربعا، فيما بلغ عدد القطاعات الاستكشافية 37 قطاعاً بمساحة تقدر بـ195 ألفاً و780 كيلومترا مربعا، كما يوجد قطاع واحد قيد المصادقة عليه بمساحة 731 كيلومترا مربعا، فيما تبلغ القطاعات المفتوحة 50 قطاعاً بمساحة تقدر بـ396 ألفاً و932 كيلومترا مربعا.
إحتياطي الغاز يزداد
وأشار إلى أن الغاز يوجد عادة في المكامن في باطن الأرض إما حرا وإما مصاحبا للنفط (مذابا في السائل الهيدروكربوني) وفي اليمن معظم الغازات تكون مصاحبة للنفط التي تراكمت وحبست في طبقات صخور المكامن الرسوبية أو في الصخور الصلبة ذات التشققات الدقيقة والمعروفة باسم صخور الأساس.
وزاد أن "احتياطي الغاز اليمني يزداد بدون شك بل ويتسع إنتشاره الجيوغرافي والجيولوجي, فمنذ أن اكتشف الغاز في مأرب إلى نهاية 2006 تمت عدة اكتشافات أخرى متلاحقة للغاز وتوجد الكمية الكبيرة منه مختبئا في صخور الأساس في محافظة حضرموت شبوة المهرة. وبالرغم من الاكتشافات الكبيرة والانتشار الواسع للغاز في اليمن إلا أن الجهات الرسمية لا تستطيع الإعلان عن الاحتياطيات الجديدة إلا من خلال طرف ثالث (شركة خاصة) يقيم المخزون الغازي القابل للاستخراج، بكلام آخر، يطلب من هذا الطرف شهادة رسمية بذلك".
ولفت إلى أن الغاز يتكون من الميثان, الإيثان, البروبان, البوتان والبنتان. غاز الميثان عادة ما يطلق علية الغاز الطبيعي ويتم تصدير جزء منه ويستخدم الجزء الآخر لتوليد الكهرباء اليوم وفي المستقبل إن شاء الله, وقد بدأ إنتاجه بشكل تجاري قبيل تدشين مشروع تصدير الغاز المسيل إلى السوق الكوري و الذي تم في يوم السبت 7 نوفمبر 2009 من قبل فخامة رئيس الجمهورية, حفظه الله، أما البوتان, فهو الغاز المنزلي المستخدم عادة في الطبخ و كوقود للسيارات أحيانا, الجدير بالذكر إنه قد تم استخراج هذا الغاز من حقول مأرب لتغطية السوق المحلي في العام نفسه الذي تم فيه إنتاج النفط 1986.
العوائق الإقتصادية والإجتماعية
وذكر التقرير العوائق الفنية والاقتصادية التي تواجه نمو الإنتاج النفطي والغازي منوها بأن التدني الكبير في إنتاج النفط يعود إلى عدة أسباب أهمها انه يسحب من مكامنه الجيولوجية كل يوم دون ظهور اكتشافات كبيرة نسبيًا على أرض الواقع، يعوض المسحوب, وزيادة إنتاج الماء المصاحب من حقول المسيلة الواقعة في حوض سيئون- المسيلة و ذلك على حساب إنتاج النفط حيث يعادل إنتاج البرميل النفطي الواحد ما يقارب من25 برميل من الماء المصاحب.
وبينت اللجنة في تقريرها أن النفط المنتج حالياً من خزانات الصخور الرسوبية وصخور الأساس من حوضي السبعتين (مأرب، شبوة، الحجر) وسيئون – المسيلة يقارب 280 ألف برميل يوميا فقط وهذا الإنتاج يشكل رقما صغيراً مقارنة بما كان في عام 2003 الذي بلغ إلى ما يقارب 450 ألف برميل يوميا.
ولم يغفل التقرير الانخفاض المطرد لأسعار النفط العالمية خلال الفترة القليلة الماضية، كنتاج رئيسي للأزمة المالية العالمية وصل إلى أقل من 40 دولارا للبرميل في فبراير 2009 بعد أن وصل إلى 147 دولارا للبرميل في يوليو 2008, ثم عاود النهوض ليراوح حول 70 دولارا للبرميل إلي يومنا، وهو ما أدى إلى إرباك الموازنات والخطط والمشاريع التنموية لكثير من بلدان العالم بما فيها بلادنا".
بالإضافة إلى المشاكل الاجتماعية والبيئية أبرزها التفجيرات التي كانت ومازالت أخرها ما حدث في يناير 2009 حيث قام مجهولون بتفجير خط الأنبوب بين صافر ورأس عيسى وبلغت الكمية المتسربة من النفط ما يقارب 800 برميل.
توصيات
وأوصى التقرير بضرورة إصدار قانون لوزارة النفط والمعادن، وحث الشركات على الإسراع في إجراء عمليات المسح الجيوفيزيائي وخاصة الزلزالي في القطاعات التي تعمل بها، وتطوير وتوسيع الفقرة القانونية المتعلقة بالحفاظ على البيئة بحيث تكون واضحة والعمل الرقابي الصارم في مجال الحفاظ على البيئة من التلوث الناجم عن العمليات النفطية والغازية.
كما أوصى بالعمل على تقليل كميات الغاز التي تحرق في الحقول النفطية، وخاصة في قطاع العقلة (s2) في محافظة شبوة وكذلك في قطاع شرقي شبوة، 10، محافظة حضرموت ومعالجتها إما بحقنها مرة أخرى إلى المكامن في طبقات الأرض، أو الاستفادة منها في توليد الكهرباء, والإسراع في دراسة الاحتياطيات النفطية والغازية، وإلزام بعض الشركات النفطية بسرعة مد الأنابيب بدلا من نقل النفط بواسطة الناقلات التي تقلل الانتاج وتضر بالبيئة معا.
ودعا إلى ضرورة دعم هيئة استكشاف وإنتاج النفط والإسراع في إنشاء قانون خاص بشركة صافر، إعادة بناء الكوادر المحلية وتدريبها خاصة في المجالات التي تحتاجها المرحلة القادمة كالاقتصاد النفطي وإدارة العمليات والقانون النفطي والهندسة الميكانيكية البترولية والجيولوجيا البحرية... وغيرها, والبحث على التمويل اللازم لذلك, وحل القضايا الاجتماعية المختلفة للمواطنين, وذلك من خلال الاجتماعات الدورية مع مدير عام الوزارة في المحافظات, السلطة المحلية والمواطنين الذين يشتكون من مشاكل متعلقة بالنشاط النفطي في المحافظات وذلك وفقا لخطط وآليات عمل مقبولة تتابع بشكل مستمر.
صحيفة السياسية