اقتصاد يمني نُشر

كيف يؤثر تبدّل المناخ على الدول العربية؟

تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن الآثار الناجمة عن ظاهرة تبدل المناخ والاحتباس الحراري تتسبب سنوياً بموت 150 ألف شخص حول العالم. واعتبرت المنظمة العالمية مناطق جنوب شرق آسيا التي تضم 26 في المائة من سكان العالم، الأكثر عرضةً لتداعيات التبدّل المناخي.
الوطن العربي لن يكون بمنأى عن التأثيرات المتوّقعة لتغيّر المناخ، فبحسب نتائج تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، تعتبر البلدان العربية في طليعة الدول الأكثر تأثراً بهذه الظاهرة، وذلك على هيئة ارتفاع معدل درجات الحرارة، وانخفاض كمية الأمطار مع اضطراب في وتيرتها، وارتفاع مستويات البحار.
فالمنطقة العربية تعاني بالأصل من شح في الموارد المائية، ليكون وقع التغيّر المناخي على المنطقة كارثياً، فعلى سبيل المثال تشير الدراسات إلى أن تدفق المياه من نهر الفرات سينخفض بنسبة 30 بالمئة، بينما ستصل هذه النسبة في نهر الأردن إلى 80 بالمئة قبل نهاية هذا القرن.
ولا يمكن الاستهانة بارتفاع مستويات البحار، إذ أن الغالبية العظمى من النشاط الاقتصادي والزراعي في الوطن العربي يتمركز في المناطق الساحلية، وهي المهدّدة بشكل أكبر بارتفاع منسوب البحار، الأمر الذي قد يؤدي إلى إغراق مناطق بأكملها، وزيادة نسبة الملوحة في التربة والمياه الجوفية.
الجانب الصحي للعرب سيكون من المتضررين جراء الاحتباس الحراري، إذ ستحدث تغيرات في المناطق الجغرافية لناقلات الأمراض كالبعوض، هذا إلى جانب التلوث المحتمل في مياه الشرب والهواء، بالإضافة إلى تزايد احتمالات الإصابة بالأمراض المعدية كالملاريا والبلهارسيا، وبشكل خاص في دول مثل مصر والمغرب والسودان، نظراً لأن ارتفاع درجات الحرارة يقصّر فترة الحضانة ويوسع مجال البعوض الناقل للملاريا ويزيد أعداده.
وكذلك فإن الإنتاج الغذائي سيتراجع بسبب الجفاف، واختلاف امتدادات الفصول، الأمر الذي لا بدّ أن تأخذه الدول الزراعية العربية بعين الاعتبار وتقوم بمواجهته من خلال تطوير أصناف جديدة من المحاصيل ذات حاجة أقل للمياه، والبحث في أساليب جديدة للري.
وإذا استمر ارتفاع الحرارة على هذا النحو، فإن القطاع السياحي الذي يعد عصب العديد من اقتصاديات المنطقة العربية، سيصبح في خبر كان، إذ أن ابيضاض الشعاب المرجانية مثلاً سيؤثر على السياحة في بلدان حوض البحر الأحمر، وبالدرجة الأولى مصر والأردن. كما سيؤثر تآكل الشواطئ وارتفاع مستويات البحار في المراكز السياحية الساحلية، وبالدرجة الأولى في مصر وتونس والمغرب وسورية والأردن ولبنان، خصوصاً في الأماكن حيث الشواطئ الرملية ضيقة والمباني قريبة من الخط الساحلي.
التنوع البيولوجي في البلدان العربية، سيشهد مزيداً من الأضرار، فارتفاع في الحرارة بمقدار درجتين مئويتين سيؤدي إلى انقراض ما يصل الى 40 في المئة من كل الأنواع. وتحوي البلدان العربية كثيراً من التكوينات الفريدة المعرضة على الخصوص لخطر تغير المناخ، مثل غابات الأرز في لبنان وسورية، وأشجار القرم في قطر، وأهوار القصب في العراق، وسلاسل الجبال العالية في اليمن وعُمان، وسلاسل الجبال الساحلية للبحر الأحمر.
يقف العالم اليوم على مفترق طرق تصبح في عملية اتخاذ إجراءات جماعية أمراً ملحاً، وبمشاركة الدول العربية، التي عليها أن تدرك أن بلدانها ستتأثر، وبأن التهديد لا يحتمل التقاعس أبداً.

 

مواضيع ذات صلة :