إستيقظ عمال المزارع في غزة فجر يوم الاحد 28 نوفمبر تحيط بهم رائحة أطنان الفراولة (الفريز) المعلبة ليشهدوا بدء أنشطة
التصدير إلى أوروبا والتي يأملون أن تكون نواة لتوسع أكبر لتجارتهم.
وتحمل الصناديق التي تضم عبوات فراولة معدة بعناية تزن كل منها 250 جراما بطاقات تحمل اسم الفاكهة باللغات الانجليزية والفرنسية والالمانية. ويأمل سكان غزة أن يصدروا ألف طن الى أوروبا مع تخفيف اسرائيل الحصار المفروض على القطاع جزئيا الاسبوع الحالي.
وقال رائد فتوح مسؤول تنسيق امداد البضائع من اسرائيل الى غزة "يوم الاحد سنقوم بتصدير شاحنتين من الفراولة على صعيد التجربة وعدد الشاحنات سيزيد الى عشر شاحنات في اليوم الى أن يتم تصدير كامل الشحنة."
وذكر أحمد الشافعي رئيس جمعية غزة التعاونية للتوت الارضي ان الانتاج الفلسطيني سيصل الى هولندا أولا ثم يصدر الى بلجيكا وفرنسا.
وقال "نحن جاهزون. منتجنا من التوت الارضي يطابق المواصفات العالمية لجلوبال جاب" . ويهدف مشروع جلوبال جاب لتحسين قدرة المزارعين على زراعة محصول وفق المعايير العالمية.
وتحاصر اسرائيل قطاع غزة منذ عام 2007 لتضييق الخناق على حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي تسيطر على القطاع منذ ثلاثة أعوام.
وهذه ليست المرة الاولى التي تسمح فيها اسرائيل بتصدير الفراولة والزهور من القطاع ولكنها تتزامن مع التوسع في مركز امداد وتموين عند معبر كرم أبو سالم في الجنوب تأمل الشركات في غزة أن يكون بمثابة احياء لتجارة أوسع في العام المقبل.
وبداية اتفقت اسرائيل والسلطة الفلسطينية والاتحاد الاوروبي على تواجد موظفي السلطة في كرم أبو سالم. ورغم أن حماس خارج المعادلة فهي تسمح بالتنفيذ ضمنيا.
وقال مسؤول اسرائيلي ان طاقة كرم أبو سالم ستزيد الى 300 شاحنة يوميا في نهاية العام الجاري وترتفع الى 400 في عام 2011.
وقال "ستكون لدينا الطاقة" ولكن ترتيبات الامن أهم لاسرائيل ومن السابق لاوانه الحديث عن تغيير السياسة وتابع قائلا "بعد أن نسوي هذا الامر يمكن أن نبدأ الحديث عن صادرات (على نطاق واسع)."
والصادرات محل اشتباه رئيسي لدى اسرائيل منذ مارس اذار 2004 حين تسلل مراهقان فلسطينيان لميناء أسدود الاسرائيلي مختبئين في حاوية شحن. وفجر الاثنان نفسيهما وقتلا عشرة اشخاص.
وشنت القوات الاسرائيلية هجوما على غزة استمر ثلاثة اسابيع في اوائل عام 2009 لارغام حماس على وقف الهجمات الصاروخية على البلدات الجنوبية. وقيدت الواردات لمنع وصول السلاح الى حماس واضعاف قبضتها على 1.5 مليون نسمة يقطنون القطاع.
وعقب موجة الغضب الدولي اثر قتل قوات كوماندوز بحرية اسرائيلية تسعة من النشطاء الاتراك المؤيدين للفلسطينيين على متن قافلة بحرية تحاول خرق الحصار على غزة خففت اسرائيل القواعد الخاصة بالواردات الى القطاع.
وقال كريستيان برجر ممثل الاتحاد الاوروبي في الاراضي الفلسطينية يوم الأحد "المتاجر مملوءة بسلع استهلاكية لم تكن متاحة قبل ستة أشهر. ولكن هذا غير كاف لتغيير نوعية الحياة كثيرا."
وينفق الاتحاد الاوروبي الملايين لدعم القطاع الخاص في غزة من خلال وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) والسلطة الفلسطينية.
البحث على الإستقلال الإقتصادي
ويقول الاتحاد الاوروبي انه ينبغي أن تقوم غزة بالتصدير في نهاية المطاف كي تحقق استقلالا اقتصاديا أكبر.
وقال برجر ان الفلفل والطماطم (البندورة) قد ينضما لقائمة الصادرات المقررة للعام الحالي مع الفراولة والازهار. ولكن استئناف تجارة السلع المصنعة يتطلب مزيجا سليما من الواردات يشمل الات جديدة للشركات الفلسطينية.
وقال برجر "كما يحتاجون لاستئناف الاتصالات والتعريف بأن بوسعهم تسليم (الصادرات) في الموعد المتوقع."
وأضاف ان غزة كانت تصدر نحو 60 في المئة مما تنتجه قبل الحصار الاسرائيلي وان نحو 40 الف فلسطيني كانوا يعبرون الحدود الى اسرائيل يوميا للعمل هناك.
وقد يعالج احياء الصادرات المصاعب الاقتصادية جزئيا ويتيح فرص عمل لما يصل الى 40 الفا في القطاع شريطة أن تبدأ اعمال البناء التي تأجلت طويلا.
ويعتمد أكثر من نصف السكان في الوقت الحالي على المعونات الغذائية من الامم المتحدة وتحصل غزة على امدادات منتظمة من زيت الوقود الثقيل ممولة من الخارج عبر خط أنابيب من اسرائيل لتشغيل مولدات الكهرباء الى جانب شحنات من البنزين والغاز.
وانسحبت اسرائيل من قطاع غزة في 2005 ، وقبل سيطرة حماس على القطاع في 2007 افتتح في القطاع مطار دولي جديد تحول لانقاض وكانت هناك خطط لانشاء ميناء بحري.
وقال برجر "ليس هناك تفش للامراض وليس هناك مجاعة في الشوارع" ولكن بالنسبة للمؤشرات الاجتماعية مثل الرعاية الصحية والعمالة والمياه والتعليم والفقر "ثمة تدهور مستمر في الوضع الانساني."
وفي العام الماضي تكبد زراع الازهار والفراولة في غزة خسائر ضخمة حين اخرت اسرائيل تصريح التصدير لمدة شهرين.
آمال كبيرة
والامال كبيرة هذه المرة بان يتم التصدير في الموعد المحدد. وتم تعيين المزارع عماد أبو سمرة وهو أب لاحد عشر ابنا وأحد ابنائه لتعبئة الفراولة بأجر خاص لموسم التصدير يبلغ 10 يورو يوميا.
وقال انه توجد "وعود بتصدير التوت الارضي. نأمل أن يكون العام أفضل من العام الماضي ان شاء الله."
ورفيق ابو سمرة أحد 25 مزارعا تم قبولهم كمصدرين ضمن هذا البرنامج وعنصر مؤثر في تنفيذ الشحنات. وقد استأجر ارضا لزراعة المحصول الذي تصدره شركة اجروكسكو الاسرائيلية تحت اسم كوربال وتصفه بانه منتج فلسطيني.
ويقول "سعر التوت الارضي حاليا جيد ولا يوجد توت أرضي حاليا في الاسواق الاوروبية سوى المنتج الفلسطيني."
واذا سار كل شيء على ما يرام تأمل غزة أن تبيع 30 مليون زهرة الى هولندا في ديسمبر كانون الاول بسعر 8 سنتات أوروبية للزهرة الواحدة. ويجري شحن الزهور من مطار بن جوريون الاسرائيلي الدولي الى امستردام لتباع في مزاد، وتأمل غزة ان تكون تلك بداية لخطوات اكبر.
وذكر الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني ان قيمة صادرات القطاع في 2005 بلغت 41 مليون دولار وهوى الرقم الى 30 ألف دولار في 2006 و20 الفا في عام 2007 ولم يكن هناك حركة تجارة تذكر في 2008.
وقال أشرف مرتجى المسؤول في اتحاد الصناعات الخشبية "بلغ عدد العمال في مجال الصناعات الخشبية والاثاث 6000 عامل قبل الحصار وانخفض العدد الى النصف."
وأضاف ان صادرات الاثاث كانت تجلب نحو 30 مليون دولار سنويا.
وقال ان المصانع الفلسطينية لم تعد تجد المواد الخام ثم انقطعت عنها الكهرباء وأخيرا لا تجد الاسواق. كانت الورش تعتمد على الاخشاب باهظة التكلفة التي تهرب من مصر عبر انفاق.
وتابع "الان وبعد أن سمحت اسرائيل باستيراد الاخشاب فان السوق تتجه نحو الاستقرار. عندما يكون الامر قانوني فان الامور دائما تكون أفضل."