شدد شايف عزي صغير-وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية لقطاع القوى العاملة- على أهمية وجود تناغم بين الأداء الحكومي وأداء رأس المال الوطني وأن تكون عملية استيعاب وظائف جديدة للجهاز الإداري للدولة ليست مجرد استيعاب كوادر جديدة، لأن ذلك ليست حلاً، ولا تستطيع الدولة في أي وقت أو أي زمان أو مكان أن تستوعب كل القادمين إلى سوق العمل, والبالغ عددهم سنوياً 216.000 باحث عن عمل, وفي حوار خاص لـ «مال وأعمال» وصف صغير سوق العمل اليمنية بأنها من أدنى الأسواق في المشاركة على مستوى العالم... تفاصيل الحوار:
كم تبلغ الإحصائية الدقيقة للقوى العاملة الموجودة في السوق اليمنية؟
لا توجد إحصائية حتى الآن حول العمالة اليمنية لأن ما تم في اليمن هو عبارة عن إحصاءات تعتمد على عدد السكان أو التعداد السكاني 2004م وعلى المنشآت والقوى العاملة السابقة التي قامت بها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في 1999م, والذي تم إخراجه في 2003م, كل هذه ليست الإحصاءات الدقيقة التي يمكن الاعتماد عليها في أية بيانات حقيقية ولكن هي مؤشرات وأسلوب من أساليب الإحصاءات المتبعة في أنحاء كثيرة من العالم, وبالذات الفقيرة التي لا تستطيع أن تقوم بإحصاءات خاصة بالعمل, ونحن الآن بصدد القيام بمسح للقوى العاملة والمنشآت لتحديد القوى العاملة الموجودة في السوق اليمنية بشكل أٌقرب إلى الصحة.
إعلان الحكومة عن توفير 60 ألف وظيفة.. هل يُعد حلاً لمشاكل الشباب؟
بالنسبة لإعلان الحكومة عن توظيف 60 ألف عاطل عن العمل من المسجلين في وزارة الخدمة المدنية هو عبارة عن حلول لإشكاليات اجتماعية ومعالجات لمواضيع تهم الشباب وهم جزء من المجتمع, خاصة وأن هناك فقرة في الدستور تقول إن العمل حق وواجب لكل مواطن يمني, والـ60 الألف المعلن عنها رغم أنها لا تسد الحيز الكبير من البطالة إلا أنها واحدة من الحلول التي يمكن أن تسهم في تخفيض نسبة البطالة في اليمن.
إضافة كوادر جديدة للجهاز الإداري للدولة هل سيسهم في تطوير الأداء الحكومي الذي يوصف بالمتدني؟
اليمن تعتبر من أكثر البلدان التي نسبة الأداء الوظيفي فيها متدن جدا ولكن الـ60 الوظيفة إذا كانت هناك خطط سليمة فهي ستملأ فراغات ما زالت ناقصة بكوادر في كثير من الوزارات والمؤسسات والمديريات والنواحي الموجودة في اليمن, نحن نقول أن هناك وظائف يمكن أن توجد في كثير من المديريات والنواحي في المجالس المحلية ليتم استيعاب موظفين وكوادر فيها إذا استطعنا أن ندخل إلى هذا فهي ستأخذ جزءا من هذه القوى العاملة, وهناك وظائف في مؤسسات الدولة بحاجة إلى كوادر نوعية فإذا تم التخطيط الممتاز وأرسلت هذه الكوادر النوعية وتم اختيارها من أجل رفع نسبة الأداء الحكومي.
بعض الخبراء يرون أن إضافة 60 ألف وظيفة جديدة سيحمل الاقتصاد الوطني مزيداً من الأعباء.. ما تعليقكم؟
الكثير ينظر إلى أن استيعاب 60 ألف خريج ستحمل الاقتصاد الوطني أعباءً جديدة, لكن في الاقتصاد حاجة تسمى الاقتراض الداخلي أو تحميل الميزانية أعباء اجتماعية من أجل حلول ربما كانت لو لم يتم مثلها لشكلت إشكاليات أكبر وأثقلت الاقتصاد وهذا ما هو حاصل فعلا, وأنا أرى أن الـ60 وظيفة هي حلول اجتماعية وقبول مطالب شبابية واجتماعية والتخفيف من نسبة الفقر, والعائد هذا من التوظيف المحلي سيكون له أثر اقتصادي على الاستهلاك المحلي وزيادة الإنفاق.
ما هو تقديركم لعدد العمال الذين فقدوا وظائفهم بسبب الأحداث الجارية؟
من الطبيعي في مثل هذه الظروف لأي بلد في العالم عندما تحصل مثل هذه الإشكاليات تتوقف الحركة الاقتصادية النشطة, فالدولة تبدأ بتخفيض نسبة الإنفاق في المجال الاستثماري, والتجار والقادمون للسياحة كل هذه مؤثرات على نسبة العمالة التي يمكن أن تستوعب, وليست لدي الأرقام الصحيحة ولكن هناك شركات كتبت إلينا أنها سوف توقف نشاطها وخروج الخبراء إلى الخارج وهذا تسبب في إيقاف الكثير من العمالة, وهي عمالة ليست مع الدولة وإنما عمالة مع القطاع الخاص تتأثر بحركة الاقتصاد ونشاطه.
هل هناك حلول أخرى بمقدور الدولة أن تمتص نسبة البطالة؟ بدل استيعاب 60 ألف وظيفة؟
الحلول كثيرة وموجودة ولكن بحاجة أن يكون هناك تناغم بين الأداء الحكومي وأداء رأس المال الوطني لأن أي عمل من جانب الحكومة على أساس أنها فقط استيعاب وظائف فهذه ليست حلول ولا تستطيع الدولة في أي وقت أو أي زمان أو مكان أن تستوعب كل القادمين إلى سوق العمل, سوق العمل اليوم اليمنية سوق كبيرة جدا يصل إليها كل سنة لو حسبنا فقط خريجي ما بعد الثانوية وأضفنا إليهم نسبة بسيطة من شبه الأميين الذين انقطعوا عن الدراسة سيفد إليها كل سنة 216.000 شاب جديد يبحث عن عمل, فسوق العمل اليمنية من أدنى الأسواق في المشاركة على مستوى العالم, الناس في العالم كله يعتزون بقواهم العاملة ويعتبر الاستثمار في الموارد البشرية من أفضل الاستثمارات لأن مثل هذه الطاقات تحول إلى إنتاج وتضاف إلى قيمة مضافة للاقتصاد الوطني, وفي اليمن نسبة المشاركة 38% من قوة العمل وليس الشعب وقوة العمل هم كل من يصل إلى سن معينة من 18 سنة وما فوق, ويأتي عند 65 سنة سن التقاعد, هذه القوى البشرية نسبة المشاركة فيها 38% يعني هناك 62% من القوى العاملة لم تشارك في الاقتصاد الوطني, وهذا ما يجعل الإنتاج الوطني متدنيا, والإنتاج الوطني كلما زادت نسبة المشاركة زادت القيمة في قوة الاقتصاد الوطني, ثانيا القوى العاملة التي تتجه إلى سوق العمل 216.000 شخص لا يمكن أن توظفها الدولة فحتى تقارير البنك الدولي والأمم المتحدة تقول إنه يجب أن يكون هناك نموا ثابتا من 6-8% حتى تستطيع الاقتصاد الوطني أن يستوعب الـ216.000 شخص, وكان هذا في العام 2008, وحتى نحافظ على نسبة البطالة التي كانت محسوبة من 16-18% هذه النسب غير ممكنة في اليمن خاصة مع الاقتصاد وحجم الموارد المتاحة في الاقتصاد الوطني.
كيف تنظرون لمخرجات الجامعات والمعاهد الفنية والمهنية.. وما مدى مواكبتها لاحتياجات سوق العمل.. وما هي جهود الدولة لتطوير هذه المخرجات؟
رأس المال الوطني لم يبدأ بالفعل المشاركة الفعلية, والتعليم ونوعه وخريجو المعاهد المهنية بعضهم ليس لما تحتاجه السوق المحلية, فمثلا ستجد خريجي الكليات الإنسانية في الجامعات أكثر من خريجي الكليات التطبيقية والحجم الاستيعابي لهؤلاء ضعيف جدا, ولهذا نحن بحاجة إلى إعادة تأهيل وتدريب القوى البشرية ومخرجات التعليم.
عندنا الآن صندوق لتنمية المهارات أضيف إليه جانب تطوير مهارات الداخلين الجدد إلى سوق العمل, لكن لا توجد حتى الآن الدراسة التي تحدد ماهية هذه الوظائف التي يجب التدرب عليها, وإنما هناك اجتهادات, والأهم الآن هو أن يكون هناك تلاحم بين رأس المال الوطني الحكومة وتعاون الدول الخارجية التي نعول كثيرا على تصدير العمالة اليمنية إلى أسواق الأقاليم المجاورة في دول الخليج وبعض الدول المجاورة, لما له من أثر على الاقتصاد الوطني لأنهم يمثلون عاملا مهما لدعم الاقتصاد الوطني من خلال تحويلاتهم وتخفيف الفقر عن أسرهم وتخفيض نسبة الإعانة التي هي الآن مرتفعة.
اتساع ظاهرة البطالة.. هل تعود أسبابها للعمالة القادمة نفسها أم لتقصير الحكومة في إيجاد برامج وحلول سريعة لمثل هذه المشكلة؟
المسألة لا تحسب من خلال ما هي المعطيات التي عندك.. كيف تقدم المعطيات على أساس تبني عليها برامج تأهيل وتدريب وعمل جامعات ومعاهد ومراكز اليوم عندما نقول الحكومة عندها عمل جيد ببناء المعاهد المهنية وانتشارها ولكن نحن بحاجة أولا إلى المدربين, المدرب هو عنصر مهم جدا, هنا لا بد من أن يكون هناك تدريب, سواء داخلي أو خارجي, لإيجاد المدرب الأساسي الذي يقوم بتدريب الأعداد الكبيرة, فلا يمكن أن نرسل نصف القوى العاملة إلى الخارج, ثانيا الدراسات والإحصاءات التي يجب أن تقوم بها لتحديد ما هي الوظائف والأعمال المستقبلية التي يمكن أن تدرب عليها, وأيضا الكثير من المواطنين لا يزال عندهم رؤية أنه يريد أن يكون مهندسا أو طبيبا ظنا منهم بأن هذه الأعمال هي المطلوبة في حين سوق العمل اليمنية تتطور فهناك سوق المعلومات و...و...الخ ونحن نعد لدراسة من المحتمل أن نبدأ بها العام الجاري أو مع بداية العام القادم، وهذه الدراسة هي ممولة من الحكومة اليمنية باعتبارها صاحبة الشأن ومن منظمة العمل الدولية, وقد وافق مجلس الوزراء على أن تكون الدراسة مستقلة.