حوارات نُشر

الفسيل: الاقتصاد اليمني يعاني من اختلالات كاملة إلا أنه صامد إلى الآن كونه اقتصاد غير منظم

الدكتور طه الفسيل –أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء- يناقش في سياق الحوار التالي مع «مال وأعمال» المعالجات الحقيقية التي يتطلبها الاقتصاد الوطني للخروج من دائرة الخطر، ويضع الفسيل مسألة تشكيل حكومة وحدة وطنية وتحقيق الاستقرار الأمني على رأس قائمة المعالجات التي يتطلبها الاقتصاد الوطني، واصفاً الحديث عن أي نشاط اقتصادي في ظل الأوضاع الراهنة أمراً مستحيلاً... تفاصيل الحوار:
كيف تقيمون الاقتصاد الوطني في ظل الأزمة الراهنة؟
الاقتصاد نتيجة الأزمة السياسية الراهنة التي تشهدها البلاد يحتاج إلى العديد من المعالجات, فأول شيء يجب حل الأزمة السياسية بالخروج بحلول من قبل الأطراف السياسية سواء في المعارضة أو السلطة, هذا هو الحل الأول والأهم قبل كل شيء, والخطوة الثانية تشكيل حكومة وحدة وطنية من كفاءات لأن الوضع يحتاج إلى رؤى ومعالجات اقتصادية قوية, والشيء الثالث هو تحقيق الاستقرار الأمني فهذه المتطلبات الأساسية لحل أي مشكلات اقتصادية, وهذه هي الخطوة الأولى إذا تحققت الثلاث الجوانب يمكن أن ننطلق إلى الحلول الاقتصادية وهي أولا توفير سبل العيش الكريم وتوفير الخدمات الأساسية من المياه والكهرباء والسلع الأساسية, وهذه قضية أساسية لأنه لا يمكن الحديث عن أي نشاط اقتصادي في ظل هذه الأوضاع, فالوضع الراهن الاقتصادي هو نتيجة غياب هذه الخدمات والسلع الأساسية
إلى جانب هذه المعالجات ما الدور الذي يلعبه الدعم الدولي في معالجة الوضع الاقتصادي الراهن؟
استقطاب الدعم الدولي مسألة مهمة لمعالجة الوضع الراهن، وهذا يُوجب إعادة انسياب المساعدات والمعونات بحيث تساهم في تحسين الأوضاع, فإعادة فتح المكاتب للمانحين والدول المانحة معناه أن هناك دورة اقتصادية جديدة ستساهم في تنشيط الاقتصاد اليمني, وأعتقد أن هذه هي القضايا الأساسية ومن ثم هناك معالجات أخرى قد تحتاج فترة من سنة إلى سنتين خلال المرحلة الانتقالية لأن الاقتصاد اليمني يعاني من أزمة سابقة فعام 2010م كانت هناك الكثير من المشاكل والإختلالات المالية والنقدية وهناك مشاكل بالنسبة للموازنة العامة نتيجة الاعتماد على النفط وهناك مشاكل بين القطاع الخاص والحكومة خاصة فيما يتعلق بالضريبة العامة على المبيعات وهناك مشاكل تتعلق بصرف الريال وتدهور قيمته, وهذا يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم, فهذه المعالجات تعتمد على حل الأزمة السياسية, وعلى الدول والمؤسسات المانحة أن تساعد اليمن ليس بالشكل الذي حصل في مؤتمر لندن 2006م بمعنى أن تكون هناك مساعدات فورية وعاجلة سواء كانت في الجانب الإنساني أو في جانب الخدمات أو في جانب مشاريع التنمية.
كم تقدر الحقن المالي الذي يحتاجه الاقتصاد حاليا؟
كانت هناك دراسات قدرت بـ26 مليار دولار ولكن الخطوات الأساسية استعادة النشاط الاقتصادي عافيته فهذه هي القضية الأساسية, وما بعد ذلك يمكن أن ننظر في القضايا الأخرى التي أدت إلى ما أدت إليه, كالبطالة.
كم من الوقت الذي يحتاجه الاقتصاد اليمني ليتعافى؟
هذا يعتمد على مدى قدرة الحكومة كحكومة كفاءات، والجانب الثاني مدى الأمن والاستقرار وهذه قضية هامة جدا ثم مدى سرعة المانحين وحجم الاستجابة ويجب أن يكون الدعم كبيرا ويتجاوز الأساليب الروتينية ، لأنه للأسف الشديد الكثير من المانحين في كثير من الأحيان لهم مطالب تعوق إمكانية استفادة اليمن من هذه المنح، فالوقت الآن ليس وقت مطالب وإنما لمواجهة المشاكل الاقتصادية، فإذا ما هناك دعم كبير فأعتقد أنه يمكن في أقل من سنة يمكن أن ينتعش النشاط الاقتصادي.
كم تقدر حجم هذا الدعم؟
هناك عجز في الموازنة العامة لابد من تغطيته وهناك إشكالية أن الناس منتظرة انه سوف تلبى مطالب كثيرة واحتياجات أكثر ولابد من التوعية بأن المرحلة الانتقالية سيكون فيها جزء من التضحية فهناك اختلالات وهناك مشاكل ولا يمكن معالجة المشكلات بأعصاب سطحية ولكن لابد أن نبدأ بمعالجات حقيقية ليست معالجات سطحية أو ظاهرية لا ولكن تعالج الاختلالات الكاملة لأن الاقتصاد اليمني عنده اختلالات كاملة من ضمن هذه الاختلالات الاعتماد على النفط والإيرادات النفطية وعدم وجود تنوع في هيكل الاقتصاد اليمني فالنشاط الزراعي يشكل 50% من العمالة اليمنية وتعتمد على حوالي 70% من سكان اليمن لكن لا يساهم إلا بنسبة بسيطة لكن حجم العمالة ضعيفة فيه، فالقطاع الصناعي معدلات النمو فيه بسيط جدا وهو يشغل الأيدي العاملة ويحول المنتجات الأولية من المنتجات الزراعية إلى المنتجات الصناعية، ولكن هناك مشاكل كثيرة يواجهها القطاع الصناعي ومساهمته ضعيفة في الناتج المحلي الإجمالي ، وفي الوقت نفسه معدلات النمو متدنية وهذا يشير إلى أن هناك اختلالات كثيرة يواجهها القطاع الصناعي،والنشاط الصناعي يحتاج إلى رؤية واستراتيجية ودعم من الدولة، لأنه للأسف الشديد مسألة الانفتاح الواسع الذي شهدته اليمن في مضمار الإصلاح الاقتصادي انعكس بآثار سلبية كبيرة على النشاط الاقتصادي والنشاط الإنتاجي بشكل عام بما فيها الصناعات الحرفية والمتوسط حتى وصل الآن استيراد رؤوس الجنابي ، فهناك مراجعة للسياسات السابقة وتقييمها لكن هذا بعد أن يتم استعادة النشاط الاقتصادي.
حجم الخسائر التي منيت بها اليمن؟ أو القطاع الخاص؟
هذا يحتاج إلى دراسة متأنية و يحتاج إلى إحصاءات ودراسات خلال لجنة متخصصة تعمل على تحديد الخسائر بدقة ، كل يوم هي خسارة ، على سبيل المثال دخل السياحة العام الماضي قدر بحوالي 1,200 مليون دولار فهذا العام لن نحصل على هذا الدخل فقطاع السياحة من القطاعات الأساسية ونسميها صناعة بلا مداخن وليست المسألة في الدخل وإنما في التسويق بمعنى يساهم في قطاعات كثيرة قطاع النقل وقطاع المخابز وفي الوقت نفسه على نطاق واسع في العديد من المحافظات فهناك فقدان دخل كبير، وليست المسألة في الخسائر وإنما أيضا في المشاريع التي كانت ستنفذ والدخول التي كان من الممكن أن تحصل عليها قطاعات مختلفة ، فأعتقد أن التقديرات هذه تقديرات أولية تحتاج إلى دراسة متأنية ولكن لا شك في أن الاقتصاد اليمني تحمل خسائر كبيرة ، الشيء الثاني اعتقد لو كانت الأزمة امتدت في مصر وتونس لنفس الفترة في اليمن لكان انهار الاقتصادان المصري والتونسي مع الفارق لقوة الاقتصادين المصري والتونسي مقابل هشاشة وضعف الاقتصاد اليمني.
لماذا؟
الميزة التي تميز الاقتصاد اليمني الذي مكّنه من الصمود إلى اليوم هي ما نسميه انه قطاع غير رسمي هذا معناه أنه قطاع غير رسمي واسع مكّن الاقتصاد اليمني من الصمود إلى اليوم.
هناك خسائر متوقعة خلال الفترة الماضية على سبيل المثال النحل تأثر إنتاج النحل اليمني هذا العام لارتفاع المشتقات النفطية يمكن أن يفقد بعض الأسواق في دول مجلس التعاون الخليجي التي تعتبر مصدر أساسي ، أيضا إنتاج بعض المحاصيل الزراعية ، وفيما يتعلق بالقطاع السياحي فالتأثير لن يكون العام الحالي وإنما سيمتد خلال الفترة القادمة ، ولهذا لا يمكن حساب الخسائر الحالية وإنما أيضا الخسائر المحتملة التي تنعكس سلبا على عمليات الاستثمار ، فاليمن حققت في خليجي 20 انجازا كبيرا بحيث أعطت للعام صوره مختلفة عن الصورة التي انطبعت في العالم الخارجي وبالذات في دول مجلس التعاون الخليجي عن اليمن لأنه شهد أمنا واستقرارا ونجح في تنظيم الدورة وهذا انعكس مباشرة على تدفق السياح ، والآن انعكست هذه الصورة وتحتاج إلى وقت أكبر حتى يطمئن الناس أن الأوضاع مستقرة في اليمن.
كان هناك توقعات بانهيار الريال أمام الدولار ؟لماذا؟
هناك عوامل كثيرة ويبدوا إنفاق الدولار وناس استخدموا أرصدتهم بالدولار فنحن نعرف أنه كانت هناك أرصدة كبيرة لاحتياجاتهم، ويمكن هناك إنفاق خارجي ، لكن أيضا في الوقت نفسه الطلب على الدولار انخفض لأن عملية السياحة والتنقل والنشاط التجاري انخفض أيضا فعملية فتح الاعتمادات وخاصة للسلع غير الأساسية انخفض بشكل كبير فالطلب على الدولار قل أما ما حدث العام الماضي كانت ظروف غير طبيعية لكن هذا يدل على أن كميات كبيرة في السوق وفي أيدي الناس من الدولار.


 

مواضيع ذات صلة :