حوارات نُشر

أربعة أعضاء يمثّلون القطاع الخاص في مؤتمر الحوار الوطني

 

 

عبد السلام الأثوري لـصحيفة "مال وأعمال": الشراكة بين القطاع الخاص والحكومة تحتاج إلى رؤية وإرادة

شدّد أمين عام المجلس اليمني لرجال الأعمال والمستثمرين ورئيس المنتدى الاقتصادي والاجتماعي عبد السلام الأثوري على أنه لكي يتطور القطاع الخاص ويكون شريكاً فاعلاً مع الحكومة في النهوض بالبلد اقتصادياً وتنموياً فإنه يجب أن تتطوّر السياسات الحكومية وفقاً لحاجات تطوير المناخ الاستثماري ومناخ الأعمال، يضاف إليه وبشكل أساسي تحديث البنية المؤسسية للمؤسسات والأجهزة الحكومية المكلّفة بالعلاقات الاقتصادية والاستثمارية ودورها في تطوير البنى التحتية والخدمات وتنمية القدرات والمؤهلات البشرية التي تحتاجها الاستثمارات.

وقال الأثوري في حديث لـ "الاستثمار" إن إقرار دور القطاع الخاص كفاعل أساس في الفعل الوطني بجوانبه السياسية والاقتصادية يمثّل محور الوعي والفهم لمتطلبات الدولة المنتجة فعندما نقيّم الواقع ومعيار الإدراك لهذا البعد نقيس حالة القناعات لدى السياسيين والسلطة بأهمية القطاع الخاص من خلال إشراك القطاع الخاص في مؤتمر الحوار الوطني الحالي حيث حدّد مستوى التمثيل للقطاع الخاص بأربعة أعضاء. معتبراً أن "هذا يعكس أن إدراك القوى السياسية للدور المطلوب من القطاع الخاص ما زال محكوماً بالعقلية الشمولية الموروثة من الفترة الماضية التي تعاملت مع القطاع الخاص كحالة استثنائية دون أن تعمل على تحقيق قواعد البناء والنهوض لهذا القطاع الذي يمثّل ركيزة الدولة في الإنتاج والتوظيف. ونتيجة لهذا التفكير تم تشكيل قطاع طفيلي توالد من رحم السلطة وفسادها وهذا القطاع الطفيلي أصبح يشكّل عبئاً وقيداً مكبّلاً للقطاع الخاص الحقيقي الذي فقد الإمكانية على التطور والنهوض".

وانتقد الأثوري السياسات الاقتصادية اليمنية القائمة ومستوى الكفاءة المؤسسية الحكومية التي "لا تساعد على نمو قطاع خاص منتج. فاتجاهات السياسات الاقتصادية تعمل على نشوء قطاع خاص مشوّه يعمل في مجالات الوكالات والاستيراد والتهريب والتهرّب الضريبي والمضاربات في الأراضي والعقارات والعملات الصعبة والأنشطة الربحية السريعة والقائمة على استنزاف الموارد ليتحول القطاع الخاص وفقاً لهذا الواقع إلى مشكلة تتطلّب معالجات تجعله قاطرة للنمو وليس قطاعاً طفيلياً يعمل خارج العصر، وللأسف فإن السياسات الحكومية وطبيعة توجّهاتها وعقلية القائمين عليها لن تسمح بشكل أو بآخر بتوليد قطاع خاص إنتاجي يعمل في حقول الاستثمارات الإنتاجية والتشغيلية التي يحتاجها الاقتصاد الوطني".

وفي معرض إجابته على سؤال حول المتطلّبات التي يراها لتحقيق الشراكة الفاعلة بين الحكومة والقطاع الخاص، أجاب الأثوري "إن التوجّه لتحقيق شراكة فاعلة تتطلّب توفير الآليات القانونية وضمانات الواقع الآمن لنشاط القطاع الخاص ليقوم بدوره التنموي في المشاركة في صنع السياسات والقوانين الملائمة وفي إطار منظومة البناء المؤسسي للسياسات والبرامج والإستراتيجيات التي تتبنّاها الدولة وتخطّط لها ومن ضمنها المشاريع التي يمكن أن توكل إلى القطاع الخاص للقيام بها وخاصةً تلك المشاريع الإستراتيجية التي كانت تحتكرها الدولة مثل مشاريع البنية التحتية والخدمية والطرق والكهرباء والاتصالات والمطارات والموانئ وغيرها من المشاريع التي لم تستطع الدولة إقامتها بسبب ضعف مواردها ومحدوديتها واتساع قواعد الالتزامات السياسية والاجتماعية عليها فيكون دور القطاع الخاص الاستثمار في هذه المجالات من خلال توفير التمويلات التي تحتاجها تلك المشاريع تأكيداً للشراكة".

وأضاف "هنا تظهر قيمة وأهمية الشراكة في تنمية البلاد واقتصادها، التي لا يمكن أن تتحقّق إلا بتوفّر الرؤية والإرادة والتنظيم لعلاقة الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص وفقاً لرؤية واضحة يستند إليها المستثمر حينما يتّجه للاستثمار في مثل هذه المشاريع ومرجعية للحكومة في تنظيم علاقاتها مع المستثمرين ودعوتهم لتنفيذ المشاريع حتى لا تظل تجتهد بعيداً عن المعايير السليمة فتتسبّب في مخالفات وإخفاقات وفشل وضياع الفرص وهدر للأموال والموارد وينتهي غالب أدوارها إلى الفشل".

ولفت الأثوري في جانب آخر إلى أن الشراكة تتطلّب تطوير فاعلية منظّمات الأعمال طبقاً للاتجاهات السائدة في الدول المتقدمة وغيرها من الدول التي نجحت في النهوض بالاستثمار والصناعة وخدمات الأعمال، كما ترتبط بضرورة أن تعمل هذه المنظّمات في حرية وشفافية وبإمكانيات وأدوات تطوير لصالح تطوير القطاع الخاص عموماً وبدون أنانية أو محسوبية أو احتواء أو تسييس أو سيطرة. وأوضح أن عملية تطوير هذه المنظّمات تشترط توفّر الأدوات والإمكانات والقدرات البشرية والتخطيطية التي تتمكّن من تحقيق قاعدة الشراكة مع الحكومة والمجتمع المدني والمحلي والدولي ولا يمكن لهذه المنظّمات أن ترقى بوظيفتها الهادفة لتطوير القطاع الخاص ومناخ الأعمال إذا لم يكن المناخ العام يساعد على توسّع مصالح القطاع الخاص وتوسّع المستفيدين. أما إذا كان القطاع الخاص يحتكم إلى نفوذ قوى النخبة والتحيّز والاستثناءات، فإن المستفيد من السياسات والإجراءات والتشريعات سيكون الفئات القادرة على حماية مكاسبها ومصالحها لذاتها بعلاقاتها الخاصة ونفوذها وقربها من مراكز القرار والحكم في البلاد، وبالتالي تستطيع التفرّد بالامتيازات واحتواء أدوات التأثير لمنظّمات الأعمال بعيداً عن وظيفتها ومسئوليتها الهادفة إلى تعزيز الشراكة والنهوض بفاعلية قطاع الأعمال والاستثمار وخدمتها.

وأشار إلى أن تحديث القطاع الخاص كفاعل أساس في تحقيق النمو الاقتصادي يتطلّب تطوير فضاءات المناخ الاستثماري والإنتاجي المدعوم بسياسات وتوجّهات جادة ومؤسّسات اقتصادية وإدارية كفؤة تعمل وبصورة دائمة على تطوير وتحديث كل الأدوات والإجراءات المناسبة والمساعدة على تقليص كل الإشكاليات والعوائق وتوليد الحافز سواء على مستوى السياسات أو على مستوى التشريعات والقوانين والإجراءات السهلة والمرنة والبنى التحتية والخدمية وقواعد حماية الملكية ونزاهة القضاء وكفاءته.

واعتبر أمين عام المجلس اليمني لرجال الأعمال والمستثمرين أنه "رغم مرور 17 سنة من الإصلاحات التي تبنّتها الدولة في إطار برنامج الإصلاحات السياسية والاقتصادية وتبنّي مفهوم اقتصاد السوق لم يتحدّد مفهوم الشراكة وطبيعتها بين القطاع الخاص والحكومة والمجتمع المحلي والمدني، وما زال هذا المفهوم مجرّد خطاب إعلامي أجوف يدلي به الطرفان كمحاكاة للآخرين، نستنتج من الواقع أن الحكومة والقطاع الخاص لم يستوعباه كتوجّهات مؤسّسية وتنظيمية وهذا يعكسه طبيعة التشوّه القائم في تكوين هيكلية القطاع الخاص وخاصيته، فأغلب المنتمين إلى القطاع الخاص إما أسر تجارية تقليدية نمت وكبرت بين قدرتها على التكيّف والتنظيم السليم وحماية مصالحها عبر بناء علاقات وترابط مع السلطة، أو أبناء مسئولين وأبناء نفوذ استفادوا من علاقات النفوذ والسلطة فأسّسوا أعمالاً وحازوا على الوكالات التجارية ومارسوا أنشطة مختلفة وتمكّنوا من خلالها ونفوذ آبائهم وأقربائهم وعلاقاتهم داخل كيان السلطة من الاستفراد بامتيازات نوعية جعلتهم من أصحاب الثروات والأعمال الكبيرة وهؤلاء لا يدركون وظيفة القطاع الخاص كشريك أساس في تنمية البلاد والنهوض به ولن يكونوا محل ثقة في قيادة استثمار الأموال والمدّخرات في المشاريع الرأسمالية المنتجة ذات المساهمة العامة.

ورأى الأثوري أن مفهوم الشراكة ليس مجرّد فكرة عشوائية يفهمها البعض بأنها مجرّد ترفاً فكرياً ومظاهر تتمثّل في اللقاءات والاجتماعات مع الحكومة ومسئوليها أو دعوة استعراضية يريد البعض منها تسجيل مواقف بعيدة عن الرؤية والموضوعية بعيداً عن فهم حقيقة التحول المطلوب لمعالجة الاختلالات والإشكاليات المعيقة لحركة النهوض الاقتصادي والاستثماري ومسئولية القطاع الخاص.

وأردف "فالشراكة تمثّل قاعدة لتنمية الدور الرئيس للقطاع الخاص في النهوض الاقتصادي والإنتاجي ترتكز بالأساس على توظيف ادّخارات المجتمع وتوسيع مجالات المبادرات. والشراكة ليست عبارة ومصطلح حملته سياسات التحول ودون أن يكون محمولاً بمحتواه المؤسّسي فالشراكة تعني أن يكون القطاع الخاص فاعلاً وقاطرة للنمو والنهوض الاقتصادي والاجتماعي وتتطلّب تحقيقها عوامل عديدة وشروط مهمة وتحول علاقة القطاع الخاص مع المجتمع والدولة إلى علاقة تكامل وترابط وتعزيز علاقة الثقة والانتماء المتبادل وفقاً لمعايير المسئولية الوطنية التي تفرض مسئولية على الحكومة تجاه القطاع الخاص وإزالة كل العقبات والعراقيل التي تفقده دور المبادرة كطرف قائد للعملية التنموية في البلاد وقيام القطاع الخاص بمسئوليته الاجتماعية والتنموية تجاه الدولة بدفع الضرائب وتجاه المجتمع بتبنّي دعم برامج التنمية الاجتماعية والبشرية ودعم مجالات التعليم والمعرفة.

وخلص الأثوري إلى أن "الأمل معقود على منظومة التحول والتغيير نحو دولة مؤسّسية قانونية تمثّل دولة المجتمع بخياراته وطموحاته. نحن نأمل أن يكون مؤتمر الحوار هو من سيحدّد طبيعة الخيار الذي قامت من أجله الثورة الشبابية الشعبية".

 

صحيفة مال وأعمال العدد"111"


 

مواضيع ذات صلة :