حوارات نُشر

محمد عبده سعيد : نأمل إتاحة الفرصة للقطاع الخاص ومشاركته في تنمية البنى التحتية والحكومة لا يوجد لديها رؤية واضحة

 
 
أكد انه لابد أن ننظر للجانب الاقتصادي بشكل أساسي، وفي حديثه لـ»الاستثمار»، يدعو محمد عبده سعيد رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية، الأحزاب أن تعطي دوراً وأهمية كبيرة في برامجها وسياساتها للجوانب الاقتصادية والتنموية والاستثمارية.
 
• هل يمكن أن يكون 2014 عام تعافي الاقتصاد والاستثمار في اليمن؟
 
- أولاً عملية الاستثمار هي عملية ليست بالسهولة أو البساطة حتى نقدر نحددها بفترة زمنية قصيرة خلال عام واحد، النهوض بالعملية الاستثمارية تتطلب رؤية، تتطلب برامج، تتطلب بيئة مشجعة وأعتقد كما جاء في سؤالكم أنه خلال عام بأنه سيوجد نوع من النهوض بالاستثمار خلال العام 2014، طبعاً أشك في ذلك، لكن ممكن إذا كان هناك إرادة حقيقية أن تكون بداية للنهوض وليس النهوض، بداية للتفكير في معالجة كثير من الاختلالات بالنسبة للعملية الاستثمارية، فتحديدها في عام أعتقد سيكون فيه قصور كبير جداً، العملية الاستثمارية تتطلب فترة زمنية طويلة،ورؤية واضحة، وبرنامج واضح وإرادة قوية، وبتعاون الكل لإيجاد النهوض الحقيقي للاستثمار.
 
• نسمع في السنوات الأخيرة عن الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، أين وصلتم في هذا الجانب وهل اصبحت الشراكة واقعا أم انها ما زالت مجرد شعار؟
 
- هي دائماً كانت شعار في الماضي وما زالت في الحاضر شعاراً، نتحدث عنها جميعاً من خلال اللقاءات والاجتماعات والصحافة،، لكن للأسف الشديد لم تحقق هذه الشراكة على أرض الواقع ما بين الحكومة والقطاع الخاص، وهي أساسية للنهوض بالوطن، فلا يمكن أن يطير طير بجناح واحد لابد أن يطير بجناحين، وكذلك الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص تكتمل الأجنحة كي نستطيع النهوض بالعملية التنموية بشكل كامل، لذا يجب أن يتم التعاون ما بين القطاع الخاص والحكومي بهذا الجانب. طبعاً هناك مشروع قانون الشراكة لايزال تحت الدراسة، وهو قانون لايزال متعثراً نتيجة لبعض الأفكار الخاطئة التي تطرح من قبل بعض الأجهزة الحكومية والتي لم تصل إلى درجة من الوعي ومن الإحساس بأهمية القطاع الخاص وما زالت تفكر بعقلية قديمة، لذا ترغب بأن يظل مشروع قانون الشراكة فيه قصور كبير، ولن يؤدي إلى تحقيق الشراكة المطلوبة إذا ما أخرج بالشكل الذي يحاولون أن يضعوه فيه. نحن قدمنا رؤيتنا لهذا القانون وتحفظاتنا وأفكارنا، والمواد التي نرغب أن يتضمنها هذا القانون كي تكون بالفعل هناك شراكة حقيقية بين القطاعين الخاص والحكومي.
 
• هل يدل هذا على تجاهل الجهات الحكومية للقطاع الخاص؟
 
- ليس تجاهلاً، وإنما عدم استيعابهم لأهمية هذه الشراكة التي تنظم عملية مشاركة القطاع الخاص في البنى التحتية، في بناء الموانئ، المطارات، في إنشاء محطات الكهرباء والطرقات. العالم كله الآن يعتمد على القطاع الخاص في بناء هذه المرافق، نحن مازلنا للأسف تفكيرنا قاصر بأن الحكومة لابد أن تقوم بكل شيء ولذلك لم نصل إلى شيء، الحكومة عندها مشاكل مالية كثيرة جداً فكان من الأولى لهم أن يكونوا أكثر تحفزاُ لإشراك القطاع الخاص في تنفيذ مثل هذه المشاريع المهمة للوطن كبنى تحتية والتي تساعد على عملية التنمية حيث أنه لا يمكن أن يوجد تنمية حقيقية بدون وجود بنى تحتية قوية، وأشك أن الحكومة قادرة على القيام بهذه المشاريع لوحدها، أقوى الدول في العالم الآن وهي دول غنية جداً تسلم هذه المواضيع إلى القطاع الخاص لأنه أكثر كفاءة في إدارة هذه المرافق ولدية الإمكانيات المادية لتنفيذها. فلماذا نتمنع وفي النهاية هذه المرافق ستوجد داخل اليمن، عندما ننشئ طريقاً، أو نبني مطاراً، أو ميناء أكيد لن نعملها خارج اليمن،في النهاية هي تحت نظر الحكومة والدولة والمواطنين بصفة عامة، فنأمل بالفعل أن نصل إلى درجة من الوعي بإتاحة الفرصة للقطاع الخاص، أن يمد يده في عملية التنمية الحقيقية تنمية البنى التحتية وهي من الأساسيات لإيجاد عملية التنمية الكاملة.
 
• ما هو الدور الجديد المتوقع للقطاع الخاص عقب مؤتمر الحوار الوطني؟
 
- أملنا كبير أن دور القطاع الخاص يتمخض عقب مؤتمر الحوار إذا ما أدى هذا المؤتمر إلى الاستقرار والأمن الذي ينظر إليه القطاع الخاص بأهمية كبرى.وإذا كانت مخرجاته بعيدة عن إلى الوصول الاستقرار والأمن فأعتقد أن القطاع الخاص أيضاً سيكون دوره محدوداً جداً لأن أي قطاع استثماري أو تنموي أو قطاع تجاري أو أي مناشط اقتصادية فإنه يتطلب الأمن والاستقرار، يتطلب تفعيل القوانين بشكل أساسي، فإذا كانت مخرجات الحوار ستوصلنا إلى هذا فالقطاع الخاص سيكون له دور كبير في مرحلة ما بعد الحوار، وإن لم فدور القطاع سيظل منكمشاً كما هو حالياً وبالتالي ننتظر إلى ساعة الفرج التي ستأتي يوماً ما.
 
• ماهي انعكاسات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية على القطاع الخاص؟
 
- تأثرت اليمن بالانضمام من وقت مبكر، أسواقنا فتحت منذ زمن، والتعرفة الجمركية عندنا تم خفضها بشكل كبير، وبالتالي لا أتوقع أنه سيوجد نوع من التغيير الكبير على القطاع الخاص بانضمامنا إلى منظمة التجارة العالمية غير الخوف فقط أن تغرق السوق اليمنية، وهي مغرقة بالفعل لكن نخاف أن تساعد أكثر على إغراق الأسواق بالمنتجات الخارجية بشكل أكبر، ويأتي هذا على حساب المنتجات المحلية التي لن تتاح لها الفرصة أن تنمو بالشكل القوي الطبيعي كي تستطيع أن تنافس المنتجات الخارجية.
 
• كيف نستطيع أن نجعل منتجاتنا وصناعتنا تواجه وتنافس المنتجات الخارجية؟
 
- العالم كله قبل انضمامه للمنظمة ينطلق من منطلق تقوية منتجاته المحلية، وبالتالي عمل سياسات معينة لتقوية وتشجيع المنتجات المحلية، برفع الرسوم الجمركية نوعا ما على المنتجات المشابهة للمنتجات المحلية، نحن عملنا العكس خفضنا الرسوم الجمركية على كل السلع المشابهة للمنتجات المحلية، فكيف نتوقع للمنتجات المحلية أن تنافس وهي لم يقو عودها بعد.
 
• هل هذا يعني أنكم ترون أن انضمام اليمن إلى منظمة التجارة العالمية له تأثير سلبي أكثر من كونه إيجابياً؟
 
- لا أقدر أقول أنه إيجابي ولاسلبي لأننا كما ذكرت أسواقنا مفتوحة من وقت مبكر، لكن هذا لن يساعد على عملية قدرتنا المستقبلية على المنافسة من خلال انشاء صناعات تنافسية قوية، ولازم ندرك أنه بالنهاية النشاط الاقتصادي الوحيد الذي من الممكن أن يستوعب كثيراً من الأيادي العاملة هو النشاط الصناعي فإذا هذا النشاط وجد منافسة قوية من المنتجات المماثلة التي تأتي من الخارج سيحجم كثير من القطاع الخاص عن ممارسة هذا النوع من النشاط الاقتصادي وسيتجه إلى النشاط التجاري وهذا أسهل شيء، لكن الأصعب هو التصنيع، فمن سيتأثر أكثر هو الجانب الصناعي، أما الجانب التجاري فبالعكس سيفرحون لأن السوق انفتحت بشكل أكبر، لكن نأمل أن الاتفاقية التي وقعت بيننا وبين منظمة التجارة العالمية تراعي جانب أننا دولة أقل نمواً كدولة أقل نمواً أن يعطى لنا مميزات معينة لدعم اقتصادنا أولاً حتى ننصل إلى مرحلة النمو.
 
• ماذا يريد القطاع الخاص من الحكومة؟
 
- القطاع الخاص يريد من الحكومة أن توجد البيئة المشجعة والملائمة لكي ينمو الاستثمار، فبالنهاية لا يمكن أن توجد تنمية أو يوجد استثمار مالم تقم الدولة بخلق هذا المناخ، والمناخ هذا يتطلب أول شيء أن يكون لدى الحكومة رؤية واضحة ماذا تريد؟ فحكوماتنا للأسف الشديد إلى يومنا هذا لا يوجد لديها رؤية واضحة كحكومة وكدولة، الشيء الثاني لا بد أن يوجد شيء من الأمن؛ لا يمكن أن يوجد استثمار أو تنمية أو ينشط القطاع الخاص في ظل عدم الاستقرار الأمني،أيضاً عملية نفاذ القوانين، لدينا قوانين ما أنزل الله بها من سلطان، وإذا لم تطبق هذه القوانين ولا تحترم ولا يوجد قضاء فاعل فهذه من الأشياء التي تعتبر محبطة للقطاع الخاص بشكل أو بآخر، الشيء الأخير هو عملية البنية التحتية، لأن البنية التحتية في اليمن ضعيفة جداً، لا يوجد كهرباء فكل مستثمر لا بد أن يكون له محطة لوحده وهذا في العالم كله الحكومة لازم تقوم بهذا الدور، مثل انشاء الطرقات، الموانئ، المطارات،البنى التحتية أساسية بالنسبة للنهوض بعملية التنمية، هذه أشياء القطاع الخاص يتطلب من الحكومة أن تلتفت لهذا الموضوع بشكل جدي ويوجد عندها رؤية للنهوض بالبنى التحتية حتى تتاح الفرصة للقطاع الخاص بأن يلعب دوره بشكل كامل. كذلك رؤيتنا لأسواق المنتجات اليمنية، هل تقتصر أسواقنا على ما هو بالداخل أم لابد أن تخلق الحكومة أسواقاً للمنتجات اليمنية في الخارج كما هو متعارف عليه في دول العالم، كل الدول تحاول أن توجد مصادر لمنتجاتها، تشجيعاً لصادراتها، وللحكومة دور كبير بأنها لابد أن تفتح هذه الأسواق أمام المنتجات اليمنية، سواء الموجودة حالياً، أو التي نأمل أن توجد مستقبلاً عندما يتاح للقطاع الخاص أن يتطور بشكل أو بآخر.
 
• من الجهة المسؤولة عن فتح هذه الأسواق؟ وكيف؟
 
- الحكومة هي التي لازم تفتح هذه الأسواق من خلال قيامها بعمل اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي، مع أمريكا مع الآسيويين، مع كثير من الأسواق العالمية، تقوم بعمل اتفاقيات تبادل سلعي، مثلاً عمل اتفاقيات بيننا وبين دول مجلس التعاون الخليجي، فهي تساعد القطاع الخاص على أن يصدر منتجاته سواء كانت زراعية أو صناعية أو أياً كانت، فالحكومة لها دور كبير.
 
• يقال إن القطاع الخاص متوحش وجشع وانتهازي ويغيب عن الواجب الوطني، ما هو ردكم؟
 
-طبعاً النظرة لهذا القطاع هي نظرة للأنظمة الشمولية، ومن الطبيعي أن أي واحد يعمل أنه يسعى إلى الربح وهذا شيء طبيعي، هل هذا يعتبر جشعاً؟ هل يعتبر انتهازياً لأنه يحاول أن يحقق شيئاً؟ هذا كلام غير صحيح، القطاع الخاص قطاع نابع من الوطن، القطاع الخاص يعل جاهداُ على خلق فرص عمل لكثير من البطالة لموجودة، القطاع الخاص يقوم بدور اجتماعي وعلى الحكومة أن تشجعه وتوجهه على عمله الاجتماعي، كيف يقوم بمساعدة الآخرين، لا أن تنظر له بنظره عدائية. بالعكس أن تأخذ بيده. أن القطاع الخاص يقوم بجانب اجتماعي ببناء المدارس،بمساعدة الأسر، الدولة تساعده بشكل أو بآخر، وفي النهاية كلنا أتينا من البيئة اليمنية، ولم نأت من القمر او من كوكب آخر، فنأمل أن تتغير النظرة تجاه القطاع الخاص.
 
• ما هو الدور الذي قام به القطاع الخاص لتغيير النظرة القاصرة تجاهه؟
 
- لم تتح لنا الفرصة أصلاً بأن نغير هذه النظرة، عقدنا في هذا الجانب الكثير من المؤتمرات بالتعريف بدور القطاع الخاص بالجانب الاجتماعي وغيره، لنا كما قلت دور كبير في تغيير النظرة، لكن القطاع الخاص في اليمن لايزال قطاعاً محدوداً، قطاعاً لايزال محصوراً وغير متوسع نتيجة لما ذكر سابقاً في مطلع الحديث، وسع القاعدة للقطاع الخاص بشكل كبير، مش تشتي كل شيء من القطاع الخاص وهو لا زال محصوراً ومنكمشاً، دعه ينمو ويكبر وبعدها الثمار ستأتي، سواءً على مستوى دخول الحكومة من الضرائب، أو على مستوى نشاطه الاجتماعي، الآن القطاع الخاص لا يقوم بدوره الاجتماعي لأنه ما يزال يحس أن مدخوله محدود حتى أنه يخاف نتيجة لعدم شعوره بالأمان، وأنا آمل أن يكون مؤتمر الحوار قد نظر بجدية كاملة للجانب الأمني، ولن يوجد هناك أمن إلا في حالة واحدة وهي أن يسحب السلاح من كل مواطن يمني، لا يمكن لا يمكن أن نشعر بالأمان أ و الاستقرار والسلاح موجود في كل واحد، لن نشعر بالأمن ورجل الأمن لا يستطيع أن يفرض الأمن والأشخاص الذين أمامه مسلحين أكثر منه، المستثمر لما يروح يستثمر في أرض يوجد من يقاومه وهم مسلحون والأمن لا يستطيع أن يحميه.فمن الأهمية بمكان أن يعطى هذا الجانب رؤية واقعية ليس للحد فأنا لست مع الحد فقط أنا مع المنع،منع حيازة السلاح وليس تنظيمه لأن تنظيمه يعني أنه لايزال هناك سلاح، أنا أرى أنا نريد أن نصل إلى درجة من الوعي أن هذه الظاهرة يجب أن تنتفي من الشعب اليمني وسنشعر بتغير كبير جداً، سترون كيف أن القطاع الخاص سيستثمر بأمان وسيتوسع وينمو ويخلق فرص عمل إلى جانب تفعيل القوانين.
 
• كلمة أخيرة؟
 
- أملي كبير جداً، ولنا فترة طويلة جداً من عام 62 ونحن نأمل بالاستقرار، وآمل أن نخفف من التحدث حول السياسة ونلتفت للتحدث أكثر حول الجانب الاقتصادي والمعيشي والتنموي للوطن، العالم كله أصبح العكس، حيث يعطي نسبة كبيرة جداً من تفكيره وسياسته للجانب الاقتصادي والتنموي، يمكن نحن مضطرون أن نتكلم عن السياسة لأسباب معينة خلال المرحلة هذه، لكن لازم نتغير وننظر للجانب الاقتصادي بشكل أساسي، وعلى الأحزاب أن تعطي دوراً وأهمية كبيرة في برامجها وسياساتها للجوانب الاقتصادية والتنموية والاستثمارية، وأيضاً الشباب يجب أن يعوا أن مستقبلهم مرتبط بالجانب التنموي،وبالتالي يجب أن تكون نوعية تعليمهم بهذا التوجه.
 
 
 
* مجلة الاستثمار العدد "49"
 

 

مواضيع ذات صلة :