جدل وتحقيقات نُشر

الحاوري يحاضر عن مستقبل التنمية الاقتصادية في اليمن

قال الأستاذ الدكتور محمد أحمد الحاوري, استاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء ووكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي لقطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية, إن بلادنا اختطت نهجاً تصحيحيا شاملا من خلال برنامج

الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري على أثر الأزمة الاقتصادية الحادة التي عصفت به في منتصف عقد التسعينات ، وقد قطع شوطاً ناجحاً في هذا المضمار، مكنه من تصويب مسار الاقتصاد الوطني. ونوه الحاوري في المحاضرة التي ألقاها في منتدى منارات الثقافي والفكري التابع للمركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل عصر اليوم بعنوان " مستقبل التنمية الاقتصادية في اليمن", بأن هذه السياسات الاقتصادية المالية والنقدية التي تم تطبيقها خلال السنوات الماضية أسهمت في تحقيق نجاحات اقتصادية ملموسة في جوانب الاستقرار الاقتصادي الكلي تمثلت في توفير بيئة اقتصادية مستقرة خالية من الضغوط التضخمية مع المحافظة على استقرار نسبي في سعر الصرف للعملة المحلية. النمو الاقتصادي وأشار الحاوري إلى أن الجهود التنموية خلال السنوات 2005-2007 قد أسفرت عن تحقيق معدل نمو للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بلغ في المتوسط4.4% حيث ارتفع معدل نمو الناتج المحلي الحقيقي من3.9% عام 2004م إلى 5.6% عام 2005م غير أنه تراجع خلال عامي 2006-2007 إلى 3.2%، و3.6% على الترتيب بينما وصل معدل النمو للقطاعات غير النفطية إلى 4.7%، 5.5% خلال الأعوام 2006 و2007 على التوالي، ويعود تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي خلال عامي 2006، 2007 إلى العديد من العوامل وفي مقدمتها تراجع نمو الناتج المحلي الحقيقي لقطاع النفط والغاز بحوالي 8.3%، 12.2% على التوالي، نظراً لتراجع كميات إنتاج النفط الخام وتدني حجم الاستثمارات الوطنية؛ حيث لم يتجاوز معدل نموها 3.6% خلال عام 2006م، مع أن هذا المعدل قد تجاوز 14.4% في عام 2005م.

وتشير اتجاهات النمو الاقتصادي وتركيبته الهيكلية بأن القطاع النفطي لا يزال يساهم بحوالى 33% من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط خلال الفترة 2005-2007م، مما يوضح بجلاء الأهمية الكبيرة لمساهمة القطاع النفطي في النشاط الاقتصادي. الفقر والنمو الاقتصادي وقال الحاوري إن النمو الاقتصادي الجيد الذي حققه الاقتصاد الوطني خلال الفترة 1998-2006م قد أسهم في الحد من ظاهرة الفقر في اليمن؛ حيث انخفض معدل الفقر من حوالي 41.8% من السكان عام 1998 إلى حوالي 34.8% من السكان عام 2006م، كما تراجعت نسبة الذين يعانون من فقر الغذاء (الفقر المدقع) من 17.6% من إجمالي السكان إلى 12.5% من إجمالي السكان خلال الفترة، وقد تراجعت معدلات الفقر في الحضر من حوالي 32.2% إلى 20.7% من إجمالي سكان الحضر، فيما كان التراجع في معدلات الفقر في الريف محدوداً للغاية؛ حيث تراجع من 42.4% إلى 40.1% من إجمالي سكان الريف. علاقة اليمن بالمانحين وفيما يخص علاقة اليمن بالمانحين أشار الحاوري إلى أن العلاقات شهدت تطورات إيجابية وسارت بوتيرة عالية في إطار تعزيز المقدرة الذاتية للتحديث والتنمية وقد مثل انعقاد مؤتمر المانحين في لندن نوفمبر 2006 نقطة تحول في علاقات اليمن مع مجتمع المانحين وبالذات مع المانحين الإقليميين (دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية)، حيث أسهم المؤتمر وما تلاه من جهود في تغطية حوالي 84%من إجمالي الفجوة التمويلية للمشاريع ذات الأولوية والبالغة 6.3 مليار دولار ، وقد قامت الحكومة ممثلة في وزارة التخطيط والتعاون الدولي وبالشراكة مع المانحين بتخصيص أكثر من 70% من تعهدات المانحين قبل وأثناء وبعد مؤتمر المانحين واستكمال إجراءات التخصيص لجزء كبير من تعهدات المانحين حيث بلغ إجمالي التخصيصات حتى فبراير 2008 مبلغ (3794.83) مليون دولار موزعة على مشاريع البرنامج الاستثماري، وتمثل نسبة 71.4% من إجمالي التعهدات، كما تمثل نسبة 60% من إجمالي الفجوة البالغة (6.3) مليار دولار، في حين بلغ إجمالي المبالغ التي تم توقيع اتفاقيات التمويل لها مبلغ (836) مليون دولار وبنسبة (23%) من إجمالي التخصيصات ، وبنسبة (15.5%) من إجمالي التعهدات.

تحسين بيئة الاستثمار وعن تحسين بيئة الاستثمار أكد الحاوري أن بلادنا خطت خلال العامين 2006 – 2007 خطوات متسارعة في جانب تنفيذ الأجندة الوطنية للإصلاحات الشاملة بمكوناتها المختلفة سعت إلى تحسين البيئة الاستثمارية وتحسين بيئة الأعمال وحفز النمو الاقتصادي ، وقد شكل انعقاد مؤتمر استكشاف الفرص الاستثمارية في الجمهورية اليمنية في إبريل 2007 منعطفا مهما على صعيد الترويج والتعريف بمناخ وفرص الاستثمار في اليمن. حيث حضره ممثلون لما يقرب من 1200شركة الأمر الذي يعني كسر الحاجز النفسي باتجاه الاستثمار في اليمن خاصة في ظل التوجه نحو النافذة الواحدة للتعامل مع قضايا المستثمرين. الموارد الكامنة في القطاعات الاقتصادية وتطرق الدكتور الحاوري إلى الموارد الكامنة في القطاعات الاقتصادية, حيث أشار إلى أن بلادنا تزخر بإمكانيات وموارد اقتصادية كبيرة ومتنوعة وفي مجالات مختلفة, الأمر الذي يعزز من فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية فيها.

- قطاع الزراعة والأسماك . يمتلك القطاع الزراعي قدرات كبيرة وهامة للنمو والتطور توفرها قاعدة كبيرة ومتنوعة من الموارد الزراعية الطبيعية الواسعة نسبياً تتمثل في الأساس في الأراضي الخصبة وعمالة تمتهن الزراعة للآلاف من السنين فضلاً عن تنوع في المناخ يسمح بزراعة وإنتاج مختلف محاصيل المناطق الزراعية الحارة والباردة ، كما تمتلك شريطاً ساحلياً يبلغ أكثر من 2000 كم يوفر الكثير من فرص الاصطياد.

وفي الوقت الحاضر ما تزال هناك إمكانيات كبيرة يتيحها القطاع الزراعي بفروعه الإنتاجية المختلفة (النباتية – الحيوانية – الأسماك ) يمكن أن تساهم في إحداث التطور الاقتصادي المنشود لليمن وتوفير فرص العمل اللازمة للحد من معدلات البطالة

- قطاع السياحة وقال الحاوري إن بلادنا تمتلك العديد من المقومات السياحية بحكم الموقع والمناخ وتنوع طبوغرافية البلاد التي تتراوح بين السهول والشواطئ والجبال والوديان والصحاري، مما يسمح بالعديد من الأنشطة السياحية التاريخية والثقافية والترفيهية والرياضية والدينية والعلاجية وبالعديد من الآثار والفنون المعمارية والشعبية والعادات والتقاليد والصناعات الحرفية, وشواطئ طويلة على البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن ، إضافة إلى شواطئ الجزر البالغ عددها 181 جزيرة توفر فرص للاستجمام والترفيه والغوص. وأظهرت المسوح أكثر من 93 ينبوعاً للمياه المعدنية الحارة والباردة في مناطق مختلفة، إلى جانب الحمامات الطبيعية للاستشفاء والاستجمام، كما يوجد في اليمن 9 محميات طبيعية وساحلية فيها حوالي 2,810 نوعاً نباتياً والعديد من الحيوانات البرية والطيور النادرة، مما يوفر مجالاً لتنمية السياحة البيئية وخاصة في جزيرة سقطرى. وتتوفر مناطق للسياحة الجبلية والسياحة الصحراوية, كما تبين الدراسات وجود حوالي 2,810 نوعاً نباتياً تنتمي إلى 106 جنساً و173 عائلة، منها 2,559 نوعاً طبيعياً، فضلاً عن العديد من الحيوانات البرية.

- قطاع النفط الخام يعد قطاع استخراج وتصدير النفط الخام من أكبر القطاعات الواعدة , ويقدر إجمالي إنتاج النفط الخام بحوالي 148.85 مليون طن, و تشمل الخريطة النفطية 84 قطاعً امتياز منها 9 قطاعات منتجة، و18 قطاعاً استكشافياً، و9 قطاعات قيد المصادقة على اتفاقيات المشاركة في الإنتاج لها، و4 قطاعات تم توقيع مذكرات تفاهم بشأنها، وأخيراً 44 قطاعاً مفتوحاً يجري الترويج لاستقطاب الشركات العالمية للاستثمار فيها، ونوه إلى أن بلادنا تسعى إلى توسيع الاستكشافات النفطية وخاصة في القطاعات المفتوحة والمناطق البرية الحدودية والمياه المغمورة, ويجري الترويج للاستثمار في المناطق التي أظهرت المسوح الجيولوجية الأولية احتياطيات قابلة للاستغلال التجاري، وتوفير التسهيلات لجذب الشركات النفطية من خلال مراجعة الاتفاقيات والتعاقدات وفقاً للمتغيرات ومتطلبات التنقيب والاستكشافات المستقبلية. - قطاع الغاز تمتلك بلادنا احتياطيات جيدة من الغاز الطبيعي تقدر بنحو 16.3 تريليون قدم مكعب لم يتم استغلالها حتى الآن، حيث يتم الاعتماد على الغاز المصاحب بعد فصله ومعالجته، ويقدر الإنتاج اليومي من الغاز المصاحب بحوالي 2.8 مليار قدم مكعب، يستخدم منه حوالي 5% للأغراض المنزلية، ويعاد حقن الباقي في الحقول. وتم في مطلع عام 2005 التوقيع على اتفاقيات أولية مع عدد من الشركات لتصدير حوالي 6.7 مليون طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال إلى السوق الكورية والأمريكية ابتداءً من العام 2009م. - قطاع القالع والمحاجر والتعدين وقال الحاوري إن بيانات المسح الصناعي لعام 2003 تشير إلى أن عدد منشآت قطاع المناجم والقالع بلغ 432 منشأة تتوزع بين كبيرة وصغيرة ومتوسطة، وتنتج ما قيمته 2,186 مليون ريال , تتوفر لليمن إمكانيات مشجعة في قطاع المعادن ومجموعة أوسع من الخيارات لتصنيعها. ويتمتع اليمن بميزة الموقع إزاء الأسواق الكبيرة. وتكشف الدراسات الجيولوجية وجود معادن الفضة والبلاتين واليورانيوم، كما توجد مؤشرات على توفر الذهب والنحاس والحديد والتيتانيوم، بالإضافة إلى الخامات المعدنية والصخور الصناعية والمواد الإنشائية التي يمكن تنميتها واستغلالها في الأنشطة الصناعية المختلفة كالاسمنت والطوب والزجاج والطلاء. - قطاع الصناعة التحويلية يحتوي قطاع الصناعات التحويلية على فرص وإمكانيات واعدة بالنسبة للاقتصاد اليمني من المتوقع أن تمثل أداة مهمة لمساعدة الاقتصاد اليمني على الخروج من مرحلة التخلف والركود التي يعانيها وأهم المزايا التي يحتضنها قطاع الصناعات التحويلية تتمثل في التالي: (1) وجود الموارد الطبيعية التي تمثل المدخلات الرئيسية للعمليات التصنيعية المختلفة سواءً زراعية أو معدنية أو موارد الطاقة. (2) وجود عمالة وفيرة ورخيصة. (3) وجود سوق استهلاكية واسعة نسبياً تتمثل في حوالي 20 مليون مستهلك على المستوى المحلي وقرابة 100مليون مستهلك على المستوى الإقليمي.

وعن أولويات وتوجهات التنمية الاقتصادية والاجتماعية خلال المرحلة القادمة حددها الدكتور محمد الحاوري بالتالي:-

- تعزيز النمو الاقتصادي وتوليد فرص العمل يتمثل تعزيز النمو الاقتصادي وتوليد فرص العمل من خلال تنمية القطاعات الاقتصادية الواعدة لزيادة إسهامها في الناتج المحلي الإجمالي مثل قطاع الزراعة والأسماك والتعدين...الخ وتطوير وتوسيع نطاق برامج المشروعات الصغيرة والأصغر التي تؤدي إلى خلق فرص عمل مدرة للدخل للفئات الفقيرة، وتوظيف موارد الغاز الطبيعي والمسال في زيادة الإنتاج من الطاقة الكهربائية وتوسيع الصناعات المرتبطة به بالإضافة إلى العمل على تهيئة وإنشاء مناطق صناعية وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد اليمني وزيادة حجم الصادرات لتعزيز النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية وتوفير فرص عمل جديدة للتخفيف من البطالة

- تعزيز جوانب الشراكة مع القطاع الخاص من خلال استكمال توفير متطلبات البيئة الاستثمارية الملائمة بما يشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية وتشجع وتوسيع الشراكة مع القطاع الخاص في توفير البنية التحتية من خلال تفعيل الأطر المؤسسية الداعمة للقطاع الخاص وتنمية العلاقة الإيجابية والتكاملية بين فئات وتشكيلات القطاع الخاص من جهة وبينه وبين المؤسسات الحكومية من جهة أخرى تعزيز جوانب الشراكة مع منظمات المجتمع المدني وتأطيرها تتمثل أهم جوانب الشراكة مع منظمات المجتمع المدني في دعم وتعزيز مشاركة المجتمع المدني في وضع السياسات والخطط التنموية وإشراكه بفعالية في بناء وتصميم المشاريع بالإضافة إلى إشراك منظمات المجتمع المدني في إعداد تقارير المتابعة والإنجاز الدورية والسنوية للخطة الخمسية

- تعزيز التعاون الدولي والشراكة مع المانحين تتمثل أهم جوانب تعزيزا لتعاون الدولي والشراكة مع المانحين المستقبلية في تفعيل نظام إدارة المساعدات الخارجية بما يحقق الاستفادة القصوى من هذه المساعدات ووضع خطة تعبئة الموارد الخارجية لتمويل برامج ومشاريع الخطة الخمسية الثالثة للتنمية وبالأخص القروض التنموية الجارية بما من شانه توجيه موارد التمويل الخارجية نحو الأنشطة التي تزيد من مرونة الجهاز الإنتاجي وتسهم في تعزيز سبل التنمية، فضلاً عن ضمان القدرة على مواجهة أعباء تلك القروض وتجنب مخاطرها وتداعياتها المستقبلية والعمل على تفعيل استخداماتها في مواعيدها والاستفادة منها كموارد متاحة ينبغي توظيفها التوظيف الأمثل حتى لا تصبح عائقاً أمام مشاريع التنمية وتحقيق أهدافها مستقبلاً، وإشراك المانحون في مراحل الإعداد والتنفيذ والتقييم والمتابعة للخطط

- تعميق الاندماج الاقتصادي على المستوى الإقليمي والدولي ويأتي تعميق الاندماج الاقتصادي على المستوى الإقليمي والدولي من خلال مواصلة الخطوات الرامية إلى الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية وتكثيف الجهود المطلوبة لحصول اليمن على العضوية الكاملة في منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وتفعيل وتنشيط أجندة تنمية العلاقات الاقتصادية اليمنية الخليجية، بالإضافة إلى تفعيل وأحياء التجمع الاقتصادي الثلاثي ( اليمن – الإفريقي) لتنشيط التبادل التجاري بين دول التجمع وفتح الأسواق البينية

- تعزيز التنمية البشرية وتوسيع مظله الحماية الاجتماعية لتحقيق أهداف التنمية الألفية من خلال: توفير وتطوير خدمات البنية التحتية وخاصة في الريف لكسر العزلة التي يعيشها معظم السكان في المناطق النائية فضلا عن دمج النمو الحضري في سياق التنمية المستدامة وتحسين مستوى الأسر اقتصاديا واجتماعيا وتمكين المراءاة وتعزيز التكافؤ بين الجنسين بما يحقق التوازن بين النمو السكاني من ناحية والنمو الاقتصادي والاجتماعي وتلبية المتطلبات المتنامية للسكان من ناحية ثانية، بالإضافة إلى تعزيز دور المرأة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوسيع برامج شبكة الأمان الاجتماعي بحيث تتجه نحو خلق فرص عمل مدرة للدخل وتساهم في امتصاص العمالة الفائضة في سوق العمل بالإضافة إلى تقديم المساعدة والرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة لتسهيل عملية الاندماج الاجتماعي وتوسيع خدمات التعليم والصحة وخاصة التعليم الأساسي وتعليم الفتاة والرعاية الصحية الأولية والوصول بتلك الخدمات إلى مختلف المناطق الريفية.


 

مواضيع ذات صلة :