آراء وأقلام نُشر

أتقوا الله بمكتسبات الوطن..

منذ أن أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عزمه على مكافحة الفساد والرشوة، وعدم التهاون مع هذه الآفات التي انتشرت كالخلايا السرطانية في الجسد السعودي، وملفات الفضائح تتوالى حيث يتم الكشف يوميًّا عن أشخاص أو شركات لا هم لهم سوى الكسب والسرقة والنهب دون وازع أخلاقي، أو رادع وطني مسخّرين إمكانيات البلاد وطاقاتها للاغتناء السريع.

وإذا كنا في مقالات سابقة قد أشرنا إلى بعض حالات الفساد، ونعيد التنويه بذلك اليوم، فليس من موقع أننا نحن مَن كشفنا عن هذه الفضائح، بل من موقع أننا نساهم في التأكيد على ضرورة لفت الأنظار إليها إيمانًا منا بأهمية الخطوة التي أقدم عليها أولياء الأمر لجهة محاسبة كل مرتشٍ أو فاسد مهما كانت رتبته ومكانته ومحسوبيته.

لأنهم بذلك قد رفعوا الغطاء عن أي مخالف، ومنحوا من لديه سلطة المحاسبة أن لا يتوانى عن المساءلة خوفًا من أن تكون هناك محسوبيات أو مداراة، أو استغلال لمنصب، أو موقع.

ليس أدل على ذلك ما كشف مؤخرًا حول إحدى الشركات الخاصة التي تعمل في مشتقات النفط، مستغلة تصاريحها لمزاولة نشاطها لتنهب خيرات البلاد منذ أكثر من 11 عامًا بسرقـة النفط السعودي من مرفأ ينبع، على أنه زيوت محروقة، وتبيعه في الأسواق الأوروبية بتواطؤ ومشاركة عـدد من الموظفين النافذين في المصفاة ذات العلاقة.

ويعتبر كشف هذه الشركة والإمساك بكل خيوط السرقات التي كانت تقوم بها من إنجازات المباحث الإدارية لتضيف بذلك إنجازًا جديدًا إلى سجلها الحافل في مجال مكافحة الفاسدين والمرتشين والمستغلين مناصبهم ومواقعهم. وعملاً بالقول الشائع: “اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد” فقد قام رجال المباحث الإدارية بما هو منوط بهم السهر على حمايـة المال العام، وكشف رجالها كل خيوط وتفاصيل عملية السرقة المنظمة التي كانت تتم على ايدي شركة نفطية منذ 11 عامًا حتى اليوم.. وأحالتهـم إلى الجهـات القضائية المختصة التي يعود اليها مواجهتهم بجريمتهم، وتوقيع العقوبة التي تتناسب وهذا الجُرم.

وبما أن أعمال السرقة والرشوة يصنف فاعلها من المفسدين في الأرض والتي سينال مرتكبها أقصى العقوبات المنصوص عليهـا حدًّا وتعزيرًا.. ثقتنا في قضائنا وصرامته أمام مثل هذه الجرائم لا حدود لها.. إلاّ أنني وكثيرًا من الغيورين على هذا الوطن ومكتسباته لأطـالب بأن يتم الإعلان عن أسماء المدانين والمتورّطين أيًّا كانت أهميتهم ومكانتهم، وكشف حجم الأموال التي سرقوها أو دفعوها كرشاوى؛ لأن معرفة التفاصيل من حق المواطن الذي يجب أن يكون العين الساهرة، والمراقب والمدقق في أعمال مَن تسمح لهم ضمائرهم أن يعتنقوا «المذهب الميكافيللي» في ممارساتهم والسعي لتحقيق طموحاتهم، والانسياق وراء رغباتهم على قاعدة “إن الغاية تبرر الوسيلة”.. فالتشهير في حـد ذاته وسيلة من وسـائل العقـاب؛ لأنه يشكّل رادعًا وقائيًّا لمن قد تسوّل له نفسه الاقتداء بهم..

كما ان التشهير بهم يمنح المواطنين فرصة التعرف عليهم، والحذر من التعامل معهم مستقبلاً فيما لو انتقلوا من موقع سرقة نفط البلاد إلى موقع سرقة العباد.

**رئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي

 

 


 

مواضيع ذات صلة :