ووضعت «فيتش» تصنيف البلاد «AAA» تحت المراقبة السلبية مساء الأربعاء؛ تمهيداً لخفض محتمل إذا فشل المشرّعون في زيادة المبلغ الذي يمكن أن تقترضه وزارة الخزانة قبل نفاد أموالها، وهو ما قد يحدث في الأسبوع المقبل.
وقالت الوكالة في بيان إنّ قرارها هذا «يعكس التوتّرات السياسية المتزايدة التي تعيق حلّ المشكلة عبر رفع سقف الدين العام أو تعليق العمل به، في وقت يدنو فيه بسرعة الموعد النهائي» لبلوغ الدين العام الأميركي السقف المحدّد له قانوناً. ويتعيّن على الكونغرس أن يرفع في أسرع وقت ممكن سقف الدين العام أو أن يعلّق العمل به لتجنّب وقوع الولايات المتّحدة، لأول مرة في تاريخها، في وهدة التخلّف عن السداد.
ويمكن أن يؤثر خفض التصنيف الائتماني على تسعير أدوات دين الخزانة الأميركية التي تقدر بتريليونات الدولارات. وأعاد قرار «فيتش» للأذهان ما حدث في 2011 عندما خفضت وكالة «ستاندرد آند بورز» تصنيف الولايات المتحدة قبل أن تبدأ سلسلة من التخفيضات الأخرى، فضلاً عن عمليات بيع في سوق الأسهم.
وتراجعت الأسهم في آسيا يوم الخميس مع استمرار حذر المستثمرين تجاه الأسهم المحفوفة بالمخاطر؛ تحسباً لتضرر الاقتصاد العالمي إذا تخلفت الحكومة الأميركية عن سداد ديونها. وقال توني سيكامور، المحلل لدى «آي جي ماركتس» في سيدني بأستراليا «هذا ليس بالأمر المفاجئ تماماً في ضوء الفوضى التي تشهدها مفاوضات سقف الدين».
ووصلت إدارة الرئيس جو بايدن والجمهوريون في الكونغرس إلى طريق مسدودة بشأن رفع سقف الديون الاتحادية البالغ 31.4 تريليون دولار، مع اعتبار كلا الجانبين مقترحات الطرف الآخر مبالَغاً فيها بشدة. وبحسب وزارة الخزانة الأميركية، فإنّ الدين العام يمكن أن يبلغ السقف المحدّد له قانوناً في غضون تسعة أيام لا أكثر.
وقالت وكالة التصنيف الائتماني في تقرير «لا تزال (فيتش) تتوقع التوصل لحل بخصوص سقف الدين قبل الموعد النهائي»، ولكنها أضافت «ومع ذلك، نعتقد أن المخاطر زادت إلى حد أنه لن يتم رفع أو تعليق سقف الدين قبل الموعد النهائي، وبالتالي يمكن أن تبدأ الحكومة في التخلف عن سداد بعض التزاماتها».
وقالت «فيتش» إن الإخفاق في التوصل لاتفاق «سيكون مؤشراً سلبياً على الحوكمة الأوسع نطاقاً واستعداد الولايات المتحدة للوفاء بالتزاماتها في الوقت الملائم»، ومن غير المرجح أن يتسق هذا مع تصنيف «AAA».
وأكّدت الوكالة أنّها ستراقب من كثب تطوّرات وضع سقف الدين العام الأميركي، مشيرة إلى أنّه إذا لم تدفع الولايات المتّحدة ديوناً تستحقّ في 1 أو 2 يونيو (حزيران) المقبل، فسيتم اعتبارها متخلّفة عن السداد، وستصبح الديون اللاحقة التي تستحقّ في غضون 30 يوماً «بالغة المخاطر»؛ ما يعني أنّ درجة هذه الديون ستصبح «سي سي سي»… أمّا بالنسبة إلى بقية الديون، فقالت «فيتش» إنّ تصنيفها سيظلّ من دون تغيير؛ إذ إنّ الولايات المتّحدة تمتلك أكبر احتياطي من الأموال في العالم.
ووصف متحدث باسم وزارة الخزانة الأميركية الخطوة التي اتخذتها «فيتش» بأنها تحذير، وقال إنها تؤكد الحاجة إلى التوصل لاتفاق. وقال البيت الأبيض إنه «دليل آخر على أن التخلف عن السداد ليس خياراً مطروحاً».
محادثات مستمرة
وفي أحدث جولات المفاوضات الخاصة بهذا الشأن، عقد مفاوضون ممثلون للرئيس الديمقراطي جو بايدن ورئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي، ما وصفها الجانبان بمحادثات مثمرة يوم الأربعاء، محاولين التوصل إلى اتفاق لرفع سقف ديون الولايات المتحدة. وبعد اجتماع في البيت الأبيض استمر أربع ساعات، قال مكارثي إن المفاوضات شهدت تحسناً وستستمر خلال المساء… وتوقع أن يتوصل الجانبان إلى اتفاق، رغم أن العديد من القضايا لا يزال دون حل.
وقال مكارثي للصحفيين «أحرزنا بعض التقدم… وهذا أمر إيجابي جداً»، وتابع «أريد أن أتأكد من توصلنا إلى الاتفاق الأنسب. وبوسعي أن أرى أننا نعمل في اتجاه ذلك».
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير إن المحادثات لا تزال مثمرة. وأضافت في إفادة صحافية في أثناء المناقشات «إذا استمرت بحسن نية، فسنتمكن من التوصل إلى اتفاق».
لكن البيت الأبيض والديمقراطيين في الكونغرس اتهموا الجمهوريين بأخذ الاقتصاد رهينة للدفع ببرنامج لا يمكنهم إقراره لولا ذلك. وقالوا إن على الجمهوريين تقديم المزيد من التنازلات لأنهم سيحتاجون إلى أصوات الديمقراطيين لتمرير أي اتفاق.
ويسابق المفاوضون الزمن، وسط التحذيرات. ويقول خبراء الاقتصاد إن تعثر الحكومة عن السداد من شأنه أن يؤدي إلى انهيار وول ستريت ودفع الاقتصاد نحو الركود، مع تضرر المواطنين العاديين أيضاً. وقد يكون مقدمو الخدمات الطبية، الذين يعتمدون على المدفوعات الحكومية، من أوائل الجهات المتضررة.
وقال كبار الجمهوريين في مجلس النواب إنهم سيوقفون انعقاد المجلس بدءاً من الخميس من أجل عطلة يوم الذكرى التي تستمر أسبوعاً، لكنهم سيستدعون المشرّعين للتصويت إذا لزم الأمر، بحسب «بانشبول نيوز»… ويصر مكارثي على أن أي اتفاق يجب ألا يتضمن رفع الضرائب ويتعين أن يخفض الإنفاق، لا أن يثبته كما اقترح بايدن.