العالم الآن برمته أصبح قلقاً جداً من مستقبل التغيرات المناخية لكوكب الأرض ، والتي قد تخلق عواقب بيئية واجتماعية واقتصادية وربما سياسية ، واسعة الانتشار ، والتي تتمثل في " خسارة مخزون مياه الشرب ، وتراجع خصوبة التربة وبالتالي المحصول الزراعي ، وتفاقم التعرية ، وانتشار الآفات والأمراض ، وارتفاع مستوى البحار ، وانتشار الحروب والاحتلال ..والعديد من الكوارث التي قد تبدأ بالظهور رويدا .. رويدا بعد خمس سنوات من الآن ..
الزميلة إلهام محمد علي محمد من مصر ، استعرضت وأعدت موضوعا قيما وغنيا بالمعلومات والحلول والأفكار مستنبطةً من تلك العديد من الدراسات والبحوث التي يبدو أنها اجتهدت بشكل كبير حتى تقدم مثل هكذا موضوعا هدية إلى القراء ..
التغير المناخي
عند تسليط الضوء على ( تغير المناخ ) وتأثيراته على جوانب الحياة المختلفه ينبغي التعرف عليه كي توضح لنا الصورة ونستطيع تحليل ما يجري حولنا ؛ فتعريف تغير المناخ هو :
" اي تغير مؤثر و طويل المدى في معدل حالة الطقس يحدث لمنطقة معينة ؛ ( فمعدل حالة الطقس يمكن أن تشمل معدل درجات الحرارة, معدل التساقط, وحالة الرياح) ؛ هذه التغيرات يمكن ان تحدث بسبب العمليات الديناميكية للأرض كالبراكين ، أو بسبب قوى خارجية كالتغير في شدة الأشعة الشمسية أو سقوط النيازك الكبيرة ،ومؤخراً بسبب نشاطات الإنسان ".
كما أشار المعلومات أنه قد أدى التوجه نحو تطوير الصناعة خلال الـ 150 عام المنصرمة إلى إستخراج وحرق مليارات الأطنان من الوقود الاحفوري لتوليد الطاقة (هذه الأنواع من الموارد الاحفورية اطلقت غازات تحبس الحرارة كثاني أوكسيد الكربون وهي من أهم اسباب تغير المناخ ، وتمكنت كميات هذه الغازات من رفع حرارة الكوكب إلى 1.2 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية) ولكم إن اردنا تجنب العواقب الأسوأ ينبغي ان نلجم إرتفاع الحرارة الشامل ليبقى دون درجتين مئويتين.
أسباب وتعاريف
التغير المناخي لم يحدث هباءاً فلابد من وجود أسباب وراء حدوثه ؛ فهو يحدث بسبب رفع النشاط البشري لنسب (غازات الدفيئة) .
مفعول الدفيئة : ظاهرة يحبس فيها الغلاف الجوي بعضا من طاقة الشمس لتدفئة الكرة الأرضية والحفاظ على اعتدال مناخنا.
ويشكل ثاني أوكسيد الكربون أحد أهم الغازات التي تساهم في مضاعفة هذه الظاهرة لإنتاجه أثناء حرق الفحم والنفط والغاز الطبيعي في مصانع الطاقة والسيارات والمصانع وغيرها، إضافة إلى ازالة الغابات بشكل واسع.
غاز الدفيئة المؤثر الاخر : الميثان المنبعث من مزارع الارز وتربية البقر ومطامر النفايات واشغال المناجم وانابيب الغاز.
أما الـ "Chlorofluorocarbons (CFCs)" المسؤولة عن تاكل طبقة الاوزون والاكسيد النيتري (من الاسمدة وغيرها من الكيميائيات) تساهم أيضا في هذه المشكلة بسبب احتباسها للحرارة)..... في الغلاف الجوي الذي بات يحبس المزيد من الحرارة، فكلما إتبعت المجتمعات البشرية أنماط حياة أكثر تعقيداً والإعتماد على ألات تحتاج إلى مزيد من الطاقة، ذلك إلى جانب إرتفاع الطلب على الطاقة يعني حرق المزيد من الوقود الأحفوري (النفط-الغاز-الفحم) وبالتالي رفع نسب الغازات الحابسة للحرارة في الغلاف الجوي؛ بذلك ساهم البشر في تضخيم قدرة مفعول الدفيئة الطبيعي على حبس الحرارة.
مفعول الدفيئة المضخم : ما يدعو إلى القلق، فهو كفيل بان يرفع حرارة الكوكب بسرعة لا سابقة لها في تاريخ البشرية.
الأمر ليس ذلك فحسب فالإقتصاد العالمي سيتأثر نتيجة لهذا؛ فكلما تفاقمت أزمة تغير المناخ كلما زاد حرق المزيد من الوقود الأحفوري ، وهذا سيجعلنا نستنزف الكثير من الأموال لتعويض ما أتلافناه في البيئة بما كسبت أيدينا.
العواقب المحتملة
يأتي لنا سؤال بعد جولتنا الأولى بتعريفنا لتغير المناخ وأسبابه ، وهو ما هي العواقب..؟
تغير المناخ ليس فارقاً طفيفاً في الأنماط المناخية فقط ، فدرجات الحرارة المتفاقمة ستؤدي إلى تغير في أنواع الطقس كأنماط الرياح وكمية المتساقطات وأنواعها إضافة إلى أنواع وتواتر عدة أحداث مناخية قصوى محتملة.
كما أن تغير المناخ بهذه الطريقة يمكن أن يؤدي إلى عواقب بيئية وإجتماعية وإقتصادية واسعة التاثير ولا يمكن التنبؤ بها جميعاً لكن سنعرض بعض العواقب المحتملة و هي التالية:
1. خسارة مخزون مياه الشرب : في غضون 50 عاماً سيرتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص في مياه الشرب من 5 مليارات إلى 8 مليارات شخص.
2. تراجع المحصول الزراعي: من البديهي أن يؤدي أي تغير في المناخ الشامل إلى تأثر الزراعات المحلية وبالتالي تقلص المخزون الغذائي.
3. تراجع خصوبة التربة وتفاقم التعرية: حيث أن تغير مواطن النباتات وإزدياد الجفاف وتغير أنماط المتساقطات سيؤدي إلى تفاقم التصحر، وتلقائياً سيزداد بشكل غير مباشر إستخدام الأسمدة الكيميائية وبالتالي سيتفاقم التلوث السام.
4. الآفات والأمراض: يشكل إرتفاع درجات الحرارة ظروفاً ملائمة لإنتشار الآفات والحشرات الناقلة للأمراض كالبعوض الناقل للملاريا.
5.إ رتفاع مستوى البحار: سيؤدي إرتفاع حرارة العالم إلى تمدد كتلة مياه المحيطات، إضافة إلى ذوبان الكتل الجليدية الضخمة ككتلة غرينلاند، ما يتوقع إن يرفع مستوى البحر من 0,1 إلى 0,5 متر مع حلول منتصف القرن ، هذا الإرتفاع المحتمل سيشكل تهديداً للتجمعات السكنية الساحلية وزراعاتها إضافة إلى موارد المياه العذبة على السواحل ووجود بعض الجزر التي ستغمرها المياه.
6. تواتر الكوارث المناخية المتسارع: أن إرتفاع تواتر موجات الجفاف والفيضانات والعواصف وغيرها يؤثر سلباً على المجتمعات وإقتصاداتها .
وبقول العلماء المتخصصين بتقلبات المناخ إن البشرية لم تواجه أزمة بيئية هائلة من قبل كهذه ، ومن السخرية ان الدول النامية التي تقع عليها مسؤولية اقل عن تغير المناخ هي التي ستعاني من اسوأ عواقبه. كلنا مسؤولون عن السعي إلى وقف هذه المشكلة على الفور. اما اذا تقاعسنا عن اتخاذ الاجراءات اللازمة الآن لوقف ارتفاع الحرارة الشامل قد نعاني من عواقب لا يمكن العودة عنها .
العالم سيموت ببطء..
آثاره على الفرد والمجتمع واقتصاده
الثابت علمياً أن كوكب الأرض آخذ في الإحترار المتسارع بمعدلات تهدد بنتائج كارثية على البشر وعلى الحياة على كوكبنا.
وثبت أيضا أن الأنشطة البشرية هي المسئول الرئيسي، إن لم يكن الوحيد، عن الإحترار العالمي وتغير المناخ؛ ويحذر العلماء من أنه إذا استمرت إتجاهات الإحترار الحالية دون أن يتم كبحها، فإن البشرية ستدفع ثمنا فادحاً للتغير المناخي.
ويخلّف المناخ والطقس، من المناطق الإستوائية إلى منطقة القطب الشمالي، آثاراً مباشرة وغير مباشرة بالغة على حياة الإنسان؛ وعلى الرغم من تكيّف الناس مع الظروف التي يعيشون فيها وتكيّف الفسيولوجيا البشرية مع التغيّرات المناخية الكبرى، فإنّ ثمة حدوداً لتلك القدرة على التكيّف.
ومن المتوقع أن تواجه البشرية المزيد من الإصابات والأمراض والوفيات ذات الصلة بالكوارث الطبيعية وموجات الحرارة وإرتفاع معدلات الإصابة بالأمراض المنقولة بالأغذية والمياه، والأمراض التي تحملها النواقل، والمزيد من الوفيات المبكرة والأمراض ذات الصلة بتلوث الهواء.
وبالإضافة إلى ذلك ففي كثير من أنحاء العالم ستنزح أعداد غفيرة من السكان بسبب إرتفاع مستوى سطح البحر ومن جراء نوبات الجفاف والمجاعات؛ومع ذوبان الأنهار الجليدية ستطرأ تحولات على الدورة الهيدرولوجية وتغيرات على إنتاجية الأراضي الزراعية، وقد بدأنا الآن فحسب نتمكن من قياس بعض هذه الآثار اللاحقة بالصحة.
ويؤكد الخبراء بالقول: يمكن أن تخلّف تقلّبات الطقس القصيرة الأجل آثاراً وخيمة على الصحة، حيث يمكن أن تتسبّب درجات الحرارة القصوى (المرتفعة والمنخفضة على حد سواء) في حدوث أمراض قد تؤدي إلى الوفاة، مثل : (الإجهاد الحراري أو انخفاض حرارة الجسم، وفي زيادة معدلات الوفاة الناجمة عن أمراض القلب والأمراض التنفسية).
كما يمكن أن تتسبّب ظروف الطقس الراكدة، في المدن، في احتباس الهواء الدافئ وملوّثات الهواء، ممّا يؤدي إلى انتشار الضباب والدخان بصورة متكرّرة وحدوث آثار صحية وخيمة.
فالواقع يظهر لنا ذلك ، ويستدل الخبراء بـ" الأمطار الغزيرة والفيضانات والأعاصير،تخلف آثاراً وخيمة على الصحة، قد أشد ما شهدته فترة التسعينيات؛ والتي توفى آنذاك نحو 600 ألف نسمة في جميع أنحاء العالم بسبب كوارث طبيعية ناجمة عن تقلّبات الطقس؛ علماً بأنّ حوالي 95 في المائة من تلك الوفيات وقعت في البلدان الفقيرة.
وتؤثّر الظروف المناخية، بالإضافة إلى تغيير أنماط الطقس، في الأمراض المنقولة بالمياه والنواقل، مثل البعوض، وتُعد الأمراض التي تتأثّر بالمناخ من أكبر الأمراض الفتاكة في العالم.
فالإسهال والملاريا وسوء التغذية الناجم عن إحتياج البروتينات والطاقة هي أمراض تسبّبت وحدها في حدوث أكثر من "3.3 " مليون حالة وفاة في جميع أنحاء العالم في العام 2002، علماً بأنّ 29 في المائة من تلك الوفيات وقعت في إفريقيا.
بعد خمس سنوات ..الفقراء أول من سيتعرض لذلك
للأسف فقراء العالم هم أكثر ضحايا كوارث المناخ فأثبتت الدراسات أنه في كل عام، يسقط 250 مليون إنسان ضحايا للكوارث الطبيعية، 98 %منهم يعانون نتيجة لكوارث مرتبطة بالمناخ، مثل الجفاف والفيضانات.
وكشفت دراسة جديدة أجرتها منظمة أوكسفام الخيرية البريطانية أنه بحلول العام 2015،" أي بعد خمس سنوات من الآن " سيرتفع هذا الرقم إلى أكثر من النصف ليتضرر حوالي 375 مليون شخص سنويا بتغير المناخ وبالكوارث الناتجة عنه. وحذرت الدراسة من أن هذا الإرتفاع سيفوق القدرة الإستيعابية لمنظمات الإغاثة الإنسانية في العالم.
وبحسب دراسة منظمة أوكسفام، التي حملت عنوان "الحق في الحياة.. تحديات العمل الإنساني في القرن الحادي والعشرين» «Right to Survive.. The humanitarian challenge in the twenty-first century»، فإنه على مدى السنوات الست المقبلة، سيرتفع عدد ضحايا الكوارث الطبيعية بنحو 54 في المائة، الأمر الذي قد يقوض النظام العالمي للمساعدات الإنسانية.
وتعود الزيادة المتوقعة إلى اقتران الفقر المدقع والهجرة الواسعة إلى أحياء الصفيح والمناطق العشوائية الكثيفة السكان المحيطة بالمدن، مع الازدياد المستمر للكوارث المناخية. ويفاقم من تأثيرها الإخفاق السياسي في مواجهة هذه الكوارث وفشل نظام المساعدات الإنسانية في التخفيف من تبعاتها.
وتقول الدراسة إن العالم يحتاج إلى إعادة هندسة الطريقة التي يتعامل بها العلم مع الكوارث الطبيعية على مختلف الصعد، بداية من تفادي الكوارث وحتى الاستعداد لوقوعها وتقليل تبعاتها المدمرة.
واستنادا إلى بيانات تم جمعها من 6.500 كارثة مرتبطة بالمناخ منذ العام 1980، تتوقع أوكسفام أن يرتفع العدد الحالي للسكان المتضررين إلى نحو 133 مليون شخص أو 54 في المائة سنويا، ليصل الرقم إلى 375 مليون إنسان في المتوسط بحلول العام 2015. ولا يتضمن ذلك الرقم المتضررين من الكوارث الأخرى، ضحايا الحروب والزلازل والثورات البركانية .
تحدٍ غير مسبوق
وتقول سارة آيرلند، المديرة الإقليمية لمكتب أوكسفام بريطانيا بشرق آسيا: «قد يرى البعض أن هذا مثير للذعر، لكننا ملزمون بتبليغ الرسالة». ووصفت حجم التحدي الإنساني بأنه «غير مسبوق»، مضيفة أن «هذا يشكل تهديدا فعليا لقدرتنا على التعامل مع هذه الكوارث والاستجابة لاحتياجات المتضررين منها».
وستؤدي بعض هذه التغيرات المناخية إلى ازدياد التهديد بحدوث نزاعات، وهو ما يعني المزيد من موجات النزوح، والمزيد من الحاجة إلى المساعدات الإنسانية. وأشارت الدراسة إلى أن هناك 46 بلدا ستواجه «خطرا كبيرا لاندلاع نزاعات عنيفة» عندما يفاقم تغير المناخ التهديدات الأمنية التقليدية. وتشير الدلائل الراهنة إلى أن عدد النزاعات آخذ في الازدياد.
وباختصار، ستقود النزاعات الراهنة والمستقبلية، بالإضافة إلى ارتفاع عدد الكوارث المرتبطة بالمناخ، إلى مستوى غير مسبوق من الحاجة إلى المساعدات الإنسانية سيتجاوز بكثير القدرات الحالية للعمل الإنساني بحلول العام 2015.
وقد فشلت حكومات عديدة بالفعل في الاستجابة السريعة والفعالة على نحو كاف للعواصف، والزلازل، والكوارث المشابهة، أو لتخفيض الوفيات والمعاناة غير الضرورية. وفي يناير 2009، قالت الأمم المتحدة إن الكثير من الـ 235 ألف إنسان الذين ماتوا نتيجة للكوارث في العام 2008 كان من الممكن إنقاذهم من خلال تحرك حكومي أفضل.
والواقع أن تصرفات بعض الحكومات وضعت المهمشين من مواطنيها في موضع شديد الهشاشة في مواجهة الكوارث من خلال التمييز ضدهم، مثل هؤلاء الذين يسكنون في مدن الصفيح التي تعصف بها الفيضانات أو الانهيارات الأرضية.
لعبة قمار كونية
ويقول المدير التنفيذي لمنظمة أوكسفام الدولية جيريمي هوبز: «إن نظام المساعدات الإنسانية الدولي يعمل كلعبة قمار كونية، حيث يتعامل مع المساعدات على نحو عشوائي، وليس استنادا إلى احتياجات الناس. واستجابته عادة ما تكون متقلبة - ضئيلة قليلا، ومتأخرة قليلا ودائما ليست على المستوى المطلوب. وهي تكفي بالكاد لمواجهة المستوى الحالي للكوارث.
وستؤدي أي زيادة كبيرة في عدد الضحايا إلى تقويض النظام كله، ما لم تكن هناك إصلاحات جوهرية للنظام تضع هؤلاء المتضررين في قلب اهتماماته».
وتقول أوكسفام إن نظام المساعدات الإنسانية الدولي يحتاج إلى التحرك بسرعة وتجرد ودون تحيز بعد الكارثة، وإلى استثمار الأموال والجهود بما يتناسب مع مستويات الاحتياجات. وعادة ما تقدم المساعدات على أساس حسابات سياسية، الأمر الذي يجعلها غير عادلة. ففي العام 2004، أنفق ما متوسطه 1241 دولارا على كل واحد من ضحايا كارثة موجات المد العملاقة (التسونامي) التي ضربت شرق آسيا، بينما لم ينفق سوى 23 دولارا في المتوسط على كل واحد من ضحايا الأزمة الإنسانية في تشاد.
وعلى العالم أن يغير الطريقة التي يقدم بها المساعدات حتى يبني على قدرة كل بلد على الاستعداد للصدمات المقبلة ومواجهتها. وتحتاج الحكومات الوطنية، بمساعدة المجتمع الدولي، إلى استثمار أكبر في تخفيض مخاطر الكوارث.
50 بليون دولار سنويا
ومع تصاعد وتيرة تغير المناخ، فإنه من المرجح أن يستمر هذا الاتجاه في الازدياد إلى ما بعد 2015. وهنا يجب على البلدان الغنية أن تلتزم فورا بتخفيض انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري لإبقاء ارتفاع درجة حرارة الأرض تحت حاجز الدرجتين المئويتين المرعب، وتوفير 50 بليون دولا سنويا على الأقل لمساعدة البلدان الفقيرة للتكيف مع الآثار والتداعيات السلبية لتغير المناخ.
ويذكر أنه لكي يَتفادى العالم تغيرا كارثيا في المناخِ، فإنه يجب الإبقاء على سقف ارتفاع متوسط درجة الحرارة على مستوى الكوكب دون حاجز الدرجتين المئويتين. وهذا يتطلب من البلدان الصناعية كمجموعة أن تخفض انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري بنسبة 40 في المائة تحت مستويات العام 1990 بحلول العام 2020. ويجب أن يعلن هذا الالتزام على أقصى تقدير عندما يجتمع قادة هذه الدول في كوبنهاجن في نهاية العام الحالي.
ويقول جيريمي هوبز: «بينما كانت هناك زيادة مستمرة في الحوادث المرتبطة بالمناخ، فإن الفقر واللامبالاة السياسية هما اللذان يحولان العاصفة إلى كارثة».
والواقع أن أعدادا متزايدة من الناس تعيش الآن في أحياء الصفيح وأحزمة العشوائيات الكثيفة السكان المحيطة بالمدن الشديدة الهشاشة، والعاجزة عن الصمود في مواجهة تقلبات المناخ الحادة والكوارث الطبيعية.
ويعيش أكثر من نصف سكان مدينة مومباي الهندية، على سبيل المثال، في أحياء الصفيح، التي شيد العديد منها على أراضي مستنقعات تم تجفيفها. وفي العام 2005، أدى فيضان اجتاح المدينة إلى مصرع أكثر من 900 من سكان هذه الأحياء، قتل معظمهم بسبب الانهيارات الأرضية وانهيارات المباني المشيدة في هذه المناطق.
وفي الوقت نفسه، يزداد الجوع، الناجم عن موجات الجفاف، والكثافة السكانية، وازدياد الطلب على اللحوم ومنتجات الألبان في الاقتصادات الناشئة. ويتواصل إجبار الناس على ترك بيوتهم. تشير التقديرات إلى أن أكثر من بليون إنسان سيضطرون إلى هجران منازلهم بسبب تغير المناخ، وتردي الظروف البيئية، والنزاعات. ويضاف إلى هذا وذاك فقدان المزيد من الناس لوظائفهم بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية.
ومع ذلك، فإن بعض البلدان، مثل كوبا وموزمبيق وبنجلادش، استثمرتْ، رغم فقرها، بكثافة لحماية مواطنيها من العواصفِ. فبعد إعصارِ 1972 الهائل الذي قَتلَ رُبع مليون شخص، خصصت بنجلادش اعتمادات مالية هائلة للاستثمار في إجراءاتِ منع حدوث الكوارث والحماية منها. وأصبحت حصيلة الوفيات نتيجة الأعاصير الكبيرة في بنجلادش منخفضة وتقدر بالآلاف.
وبالرغم من أنها لاتزال عالية مقارنة بالمستويات العالمية، فإنها على الأقل أصبحت أقل تدميرا.وتثبت تجارب كوبا وموزمبيق وبنجلادش أنه بالمساعدات الكافية، يصبح بوسع أفقر بلدان العالم أنْ تُوفر حماية أفضل لمواطنيها.
أحداث وأرقام
وللتذكير، فقد وقعت في العام الماضي وحده عدة كوارث طبيعية كبرى تعد نموذجا حيا لتأثيرها على البشر وحياتهم في البلدان الأفقر بشكل عام، وتقويضها لإنجازات التنمية بشكل خاص. ففي شهر مايو، تسبّب الإعصار الاستوائي «نرجيس» في حدوث موجة عاصفة في دلتا نهر «إيراوادى» المنخفض والكثيف السكان، أفضت إلى خسائر في الأرواح قدرت بحوالي 140 ألف نسمة في «ميانمار».
وفي شهر مايو ذاته، أدى أقوى زلزال ضرب الصين منذ العام 1976، والذي أثَر في أقاليم سشوان وأجزاء من «تشونج كنج» و«جانسو» و«هوبى» و«شانزي» و«يونان» إلى مقتل ما لا يقل عن 87556 نسمة وإصابة ما يزيد على 365 ألفا آخرين، كما أثّر الزلزال في أكثر من 60 مليون نسمة في عشرة أقاليم ومقاطعات صينية. وقد انهار ما يقدر بـ 536 مليون مبنى ودمّر أكثر من 21 مليون مبنى.
وفي أغسطس 2008 ، دمَر نهر «كوزي» أحد السدود في ولاية بيهار بالهند ومرَ من خلاله، ثم غير مساره مسافة 120 كم باتجاه الشرق، مما جعل أكثر من 300 كيلو متر من حواجز الفيضان والتي بنيت لحماية المدن والقرى عديمة الفائدة، وبمرور فيضان النهر خلال مناطق يفترض أن تكون آمنة من أخطار الفيضان، أدى إلى تأثر 3.3 مليون نسمة في 1598 قرية واقعة في 15 مقاطعة، وقد وصف الفيضان بأنه أسوأ فيضان في المنطقة خلال 50 عاماً، مما دفع رئيس وزراء الهند مانموهان سينج لإعلان «كارثة قومية».
للموضوع بقية >> الجزء الثاني